صرح عضو المجلس العلمي لقسم الفقه والسياسة والعلاقات الدولية بمركز أبحاث الفقه المعاصر؛

صرح عضو المجلس العلمي لقسم الفقه و

إن الفقه الأدنى لا يعترف بأي شيء يسمى مواطناً على الإطلاق؛ لأن المواطن هو الشخص الذي له حقوق ويتخذ القرارات ويشارك ويتواجد في المجتمع، في حين أن الفقه الأدنى لا يعترف بمثل هذه المكانة للإنسان على الإطلاق ولا يعترف بأي شيء يسمى المشاركة السياسية والانتخابات وما شابه ذلك٠

ملاحظة: ولد حجة الإسلام الدكتور محسن مهاجرنيا في أنديمشك، خوزستان، إيران عام 1964. بالإضافة إلى دراسته الحوزوية، حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والدكتوراه في الفكر السياسي من جامعة باقر العلوم في قم. لديه أكثر من مائة مقال والعديد من الكتب في مجال العلوم السياسية. بسبب الارتباط الوثيق بين العلوم السياسية وحقوق الإنسان، لديه الكثير من المعرفة حول هذه الفئة. عضو المجلس العلمي لمجموعة الفقه السياسي والعلاقات الدولية في مركز أبحاث الفقه المعاصر. في هذه المقابلة الحصرية، يحاول شرح فقه الحقوق المدنية ومتطلباتها وأسسها. المقابلة الصريحة مع عضو الهيئة الأكاديمية لمركز أبحاث الثقافة والفكر الإسلامي هي كما يلي؛

ما هو فقه الحقوق المدنية وما متطلباته؟

الاستاذ مهاجرنيا: قبل الدخول في المناقشة، من الضروري الإشارة إلى نقطة حول الحقوق المدنية نفسها. القانون يعتبر في الواقع أحد العلوم التي تعتبر علمًا كليًا؛ أي أنه لا يندرج في نفس فئة العلوم الأخرى. كل العلوم مرتبطة بطريقة ما بالقانون، والقانون هو البنية التحتية لجميعها. على سبيل المثال، المناقشات القانونية في الفقه وعلم الاجتماع والفلسفة٠

فئة المواطنة هي ظاهرة من ظواهر العالم الحديث. في الماضي لم يكن هناك شيء مثل المواطنة. المواطنة هي وضع اجتماعي يمنح لمن يعيش في بلد أو مجتمع أو أمة، فعندما ينتمي الأفراد إلى مجتمع ويعتبرون جزءًا من هوية المجتمع، يعترف لهم المجتمع بحقوق وامتيازات، وفي المقابل، يكون لديهم سلسلة من الواجبات تجاه المجتمع٠

في عصر الحياة التقليدية، لم يكن هناك شيء يسمى المواطن؛ لذلك لم يكن للناس حقوق أو امتيازات، وكان عليهم فقط الواجبات؛ أي كان عليهم دفع الضرائب للملوك، وفعل كل ما يُقال لهم، والذهاب للقتال من أجل الملوك؛ ولكن لم يكن لديهم حقوق أو امتيازات. كانت هذه الحقوق باطلة ولاغية لدرجة أن الحزب نفسه لم يطالب بأن يكون للشخص أي حقوق، ولا هو نفسه لم يعترف بأي حقوق لنفسه ولم يمنحه أحد أي حقوق؛ بل كان لديه فقط واجبات يجب أن يؤديها٠

لهذا السبب، في الماضي، لم يكن هناك شيء يسمى المواطن. بالطبع، لدينا شهريار، الذي هو أيضًا في وضع السيادة وليس له علاقة بالشعب٠

إن كلمة الرعاية تشير أيضاً إلى حال المجتمعات السابقة، فالرعية تعني قطيع الغنم، والراعي يعني راعي الغنم! أي أن الناس كانوا قطيعاً راعيه الملك، قطيع لا يطالب بأي حقوق ولا يطلب الحرية ويظل أسيراً. لذلك في الماضي كان للمواطنة هذا المعنى٠

أما في العالم الحديث فقد ولدت المواطنة، فالمواطن هو من له حقوق، وبعض هذه الحقوق فطري وليس ممنوحاً، مثل الحق في الحياة، والحق في الحرية، وما شابه ذلك٠

كما أن هناك حقوقاً تُعطى للأفراد وفقاً للعقود الاجتماعية؛ مثل حق الاختيار، وحق الانتخاب، والتي تُعطى للأفراد وفقاً للعقود الاجتماعية٠

كما أن هناك حقوقاً أعطيت للإنسان من خلال الدين؛ مثل حق العبادة وحق الطاعة٠

في الوقت نفسه يدرس علم الفقه، بمساعدة الأحكام الخمسة، هذه الحقوق ويحدد أيها مشروع وأيها غير مشروع. إن الفقه الإسلامي لا يكتفي بهذه الحقوق بل يفرض على الحكومة والمواطنين واجبات مثل ضرورة المشاركة في الانتخابات وضرورة المشاركة في الجهاد وغير ذلك٠

إنه يحكم. إنه يمارس علم الإنسان. يقول الفقه إن هذا الشخص من المطيعين والمخلصين لحكم العدل الأعلى وبالتالي فهو شخص صالح٠

إذن فإن الفقه يتعامل مع الإنسان في واقع الأمر ويحكم على أنواع البشر من المقاتلين والمقيمين والحاضرين والغائبين وكل أنواع التقسيمات البشرية ويعلق عليها، وهو يستطيع ذلك بالطبع٠

إذن الآن وقد أصبح الأمر كذلك فإننا نحتاج إلى علم الإنسان الواسع في الفقه. إن الإنسان موضوع لأحكام فقهية وقانونية مختلفة؛ لذلك يجب تحليله وفحصه بعناية في الفقه٠

في الماضي كانوا يقولون إن دراسة الموضوع ليست من عمل الفقه والفقهاء، بل يجب على الآخرين دراسة الموضوع وعلى الفقهاء أن يصدروا أحكامهم عليه فقط؛ ولكن كما قال الإمام الخميني الراحل في تلك الرسالة الشهيرة: إن دراسة الموضوع اليوم من عمل الفقيه، والفقيه الذي لا يعرف الموضوع لا يستطيع أن يصدر حكماً صحيحاً فيه. ومن الضروري أن يتناول الفقهاء فئة البشر كقضية فقهية مهمة؛ لأن أهم قضية خطيرة في الأنشطة السياسية والاجتماعية والمدنية هي فئة البشر. والبشر من القضايا التي تحتاج بالتأكيد إلى دراسة جادة ومتخصصة للموضوع في مجال الفقه حتى يتمكن الفقه من إصدار حكم بشأنها٠

هذا الحوار جزء من المجلة الإلكترونية “مبادئ فقه حقوق المواطن” التي تم إنتاجها بالتعاون مع موقع شبكة الاجتهاد٠