تحليل وتفحص فقهي للإعلانات التجارية الموجهة للأطفال في معهد دراسات الفقه المعاصر

تم نقد وتفحص الأبعاد الفقهية والقانونية والاجتماعية للإعلانات الموجهة للأطفال بحضور أساتذة من الحوزة والجامعة في معهد دراسات الفقه المعاصر بقم.

عُقدت جلسة علمية-ترويجية بعنوان «دراسة الجدوى الفقهية لتوجيه الإعلانات التجارية للأطفال» بجهود معهد العلوم الإنسانية الإسلامية بجامعة قم وبالتعاون مع معهد دراسات الفقه المعاصر. في هذه الجلسة، تناول الدكتور سعيد مسعودي‌پور الأبعاد الفقهية للموضوع، وقام الناقدون بتفحص ونقد دقيق لجوانبه المختلفة.

إشارة: أُقيمت الجلسة العلمية-الترويجية بعنوان «دراسة الجدوى الفقهية لتوجيه الإعلانات التجارية للأطفال» مساء يوم الأربعاء ٩ مهرماه ١٤٠٤ هـ.ش، بجهود معهد العلوم الإنسانية الإسلامية بجامعة قم وبالتعاون مع مجموعة فقه الثقافة والفن والإعلام في معهد دراسات الفقه المعاصر.
في هذه الجلسة، تناول الدكتور سعيد مسعودي‌پور الأبعاد الفقهية للإعلانات التجارية الموجهة للأطفال، وقام الناقدون بمناقشة وجهات النظر والتحديات القانونية والاجتماعية لهذا الموضوع. تمت مناقشة أهمية دور العقلانية في معاملات الأطفال، والفرق بين الفقه الفردي والحكومي، والآثار النفسية والتربوية للإعلانات. كما تم تقديم مقارنة بين القيود القانونية للإعلانات الموجهة للأطفال في إيران وبعض الدول الأوروبية. شكلت هذه الجلسة خطوة فعالة في تطوير الدراسات الفقهية الحديثة وتعزيز التعاون العلمي.

وفقًا للموقع الإلكتروني لمعهد دراسات الفقه المعاصر

عُقدت هذه الجلسة في إطار تطوير التعاون العلمي بين المراكز البحثية وبهدف تسليط الضوء على القضايا الفقهية الناشئة، بحضور الدكتور سعيد مسعودي‌پور، الأستاذ المساعد في قسم الإدارة بجامعة قم كمقدم، وحجة الإسلام والمسلمين الدكتور سيد حميد ميرخندان، عضو المجلس العلمي لمجموعة فقه الثقافة والفن والإعلام في معهد دراسات الفقه المعاصر، وحجة الإسلام والمسلمين مهدي سجادي أمين، عضو هيئة التدريس في مجموعة الفقه والقانون بمعهد المرأة والأسرة، كناقدين علميين. وقد تولى حجة الإسلام والمسلمين الدكتور مهدي داودآبادي، أمين معهد فقه الاجتماع والثقافة والصحة في معهد دراسات الفقه المعاصر، إدارة الجلسة العلمية.

في بداية الجلسة، هنأ حجة الإسلام والمسلمين الدكتور مهدي داودآبادي الحضور بمناسبة ذكرى ولادة الإمام الحسن العسكري (ع)، وقدم تعريفًا موجزًا بأهداف معهد دراسات الفقه المعاصر، مشيرًا إلى أن التعاون العلمي مع المؤسسات والمراكز الجامعية الأخرى يُعد من الاستراتيجيات المهمة لهذا المعهد.

وأشار إلى سياق نشأة موضوع الجلسة، قائلاً: «في النظام الرأسمالي، تلعب الإعلانات التجارية دورًا رئيسيًا في تطوير الأعمال، وتُستخدم أدوات إعلامية متنوعة للتأثير على الجمهور. لكن ما نواجهه في السنوات الأخيرة هو توجيه الإعلانات نحو جمهور لا يمتلك الشروط العرفية والفقهية للبلوغ، أي الأطفال والصغار. هذه المسألة تثير أسئلة مهمة في مجالات فقه المعاملات، فقه الإعلام، وحقوق الطفل».

وفي سياق متصل، بدأ الدكتور سعيد مسعودي‌پور، المقدم، عرضه بتسليط الضوء على الأبعاد الفقهية للموضوع.

أكد الأستاذ المساعد في قسم الإدارة بجامعة قم في البداية أن الهدف من هذا العرض هو دراسة الجدوى الفقهية، وأن إصدار حكم فقهي نهائي يتطلب اجتهادًا متخصصًا، مشيرًا إلى أن مناقشة الإعلانات التجارية للأطفال لا ينبغي أن تُنظر إليها فقط من زاوية رفض إنجازات الغرب بالكامل.

وأشار إلى نهجين رئيسيين في العلوم الإنسانية الإسلامية: الأول نهج سلبي ومناهض للغرب يرفض جميع إنجازات الحضارة الغربية، والثاني يرى العلوم الإنسانية كظاهرة تجريبية وبشرية، ويعتقد أن التعاليم الدينية يجب أن تُطبق في بعض الظواهر والإطارات. وأكد مسعودي‌پور أن نهجه في هذا النقاش نقدي ولكنه منفتح، ويعتقد أن بعض التجارب البشرية في مجال الإعلانات يمكن قبولها واستخدامها.

وذكر الأستاذ المساعد في قسم الإدارة بجامعة قم في المقدمة أهمية الإعلانات التجارية للأطفال، مشيرًا إلى أن هناك في الولايات المتحدة أكثر من ٥٢ مليون طفل دون سن ١٣ عامًا يؤثرون على مشتريات الوالدين بقيمة تصل إلى ٨٨ مليار دولار. وفي إيران، أكثر من نصف جمهور الإعلانات التلفزيونية هم أطفال. كما أشار إلى القيود القانونية على الإعلانات الموجهة للأطفال في بعض الدول الأوروبية مثل السويد واليونان، بينما في إيران توجد فقط تعليمات لإنتاج الإعلانات، ويتم الاعتراف بالإعلانات الموجهة للأطفال.

تعريف المفاهيم الرئيسية: الجمهور، المستهلك، والمشتري

أوضح الدكتور مسعودي‌پور الفرق بين مفاهيم «المستهلك»، «المشتري»، و«الجمهور» في الإعلانات، موضحًا أن المستهلك هو من يستخدم السلعة، ولكنه ليس بالضرورة المشتري؛ على سبيل المثال، في حالة حفاضات الأطفال، الوالدان هما المشتريان والطفل هو المستهلك. أما الجمهور فهو الفرد الذي يُصمم الإعلان للتأثير عليه، وقد يكون له تأثير في عملية الشراء.

وأشار إلى الأدوار المختلفة في الشراء داخل الأسرة، والتي تشمل جامع المعلومات، المؤثر، ومزود التمويل، مؤكدًا أن الإعلانات قد تستهدف واحدًا أو أكثر من هذه الأدوار. كما أن الطفل، من الناحية الفقهية، هو الفرد الذي لا يمتلك شروط البلوغ والنضج اللازمين للعقد والمعاملة.

وفي سياق عرضه، شرح الدكتور مسعودي‌پور أسباب مؤيدي ومعارضي الإعلانات التجارية للأطفال كالتالي:

أسباب مؤيدي الإعلانات التجارية للأطفال

  1. الدور في الدورة الاقتصادية والرأسمالية: الإعلانات للأطفال ضرورية كجزء من دورة الإنتاج والاستهلاك في النظام الرأسمالي لتوسيع السوق الاستهلاكية واستمرار حركة الاقتصاد.

  2. التنشئة الاجتماعية للأطفال: يساعد الاستهلاك الأطفال على تشكيل هويتهم الاجتماعية وشعورهم بالانتماء إلى المجتمع.

  3. فهم معاني العلامات التجارية: يتعرف الأطفال من خلال الإعلانات على مفهوم العلامة التجارية والتجارة، وهو جزء من تعلم الحياة الاجتماعية.

  4. وعي الأطفال بأهداف الإعلانات: تُظهر بعض الأبحاث أن الأطفال على دراية بأهداف الإعلانات ولا يُخدعون بها.

أسباب معارضي الإعلانات للأطفال

  1. ظاهرة «قوة الإزعاج» (Pester Power): يصر الأطفال على الشراء بعد رؤية الإعلانات، مما يسبب نزاعات وضغوطًا على الوالدين، خاصة في الأسر ذات الدخل المنخفض، مما يؤدي إلى آثار سلبية.

  2. الآثار النفسية والتربوية السلبية: يمكن أن تؤدي الإعلانات إلى زيادة حزن الأطفال، وتعزيز السلوكيات العنيفة، وعدم الاحترام.

  3. عدم وعي الأطفال بأهداف الإعلانات الترغيبية: على عكس رأي المؤيدين، يرى المعارضون أن الأطفال عادة لا يدركون الأهداف والمقاصد الإعلانية، وبالتالي يكونون عرضة للخداع.

وفي الجزء الأخير، قدم الدكتور مسعودي‌پور نظرية وحلًا فقهيًا يعتمد على «مبدأ ضرورة إزالة العوائق أمام تطبيق العقلانية في الإعلانات التجارية». وأكد أن الإعلانات يجب ألا تُشكل عائقًا أمام عقلانية المشتري، ويجب أن يكون المشتري قادرًا على اتخاذ القرار بعقل معاشي. هذه النظرية حدية وواقعية، وتسعى إلى تقديم إطار إسلامي قابل للتنفيذ للإعلانات التجارية دون رفض إنجازات الحضارة الغربية بالكامل.

وفي سياق هذه الجلسة العلمية-الترويجية، قدم حجة الإسلام والمسلمين الدكتور ميرخندان، الناقد الأول، نقدًا للآراء التي ترفض الإعلانات التجارية بشكل مطلق، مشيرًا إلى دراسته لكتاب الدكتور مسعودي‌پور في مجال الإعلانات. وأوضح أن بعض معارضي الإعلانات التجارية يرونها أمرًا رأسماليًا بحتًا ويرفضونها بسبب آثارها السلبية، بينما يمكن تحقيق الآثار الإيجابية مثل التنشئة الاجتماعية، التعرف على العلامات التجارية، والمسؤولية الاجتماعية بطرق أخرى. وبالتالي، بحسب رأيه، فإن أسباب المؤيدين للإعلانات غير مكتملة وتتطلب مزيدًا من الدقة.

كما تناول عضو المجلس العلمي لمجموعة فقه الثقافة والفن والإعلام مفهوم العقل في الروايات، وفرّق بينه وبين العلم. وأكد أن العقل في الروايات له معنى وتطبيق مختلف عن العلم، وأن شرط «العاقل بودن» لصحة المعاملة لا يعني مجرد امتلاك العلم، بل يعني القدرة على التقييم، التحليل، والتحكم في السلوك. هذه النقطة ذات أهمية كبيرة، لأن الأطفال، بسبب افتقارهم إلى هذه القدرة العقلانية، لا يمتلكون القدرة على إجراء معاملات صحيحة. وأشار أيضًا إلى أن شرط العقل في الفقه يحتاج إلى توسيع وتفصيل أكثر لتوضيح ما إذا كان يجب أن يُعتبر العقل شرطًا في مقدمات المعاملة أم لا.

وأضاف حجة الإسلام والمسلمين ميرخندان، في سياق مناقشة الآثار السلبية للإعلانات وتأمل قاعدة الضرر، أن قضية الضرر والإضرار المحتمل في الفقه تستحق التأمل والبحث، ويجب توضيح مدى إمكانية إثبات الآثار السلبية للإعلانات على الأطفال من الناحية الفقهية ومواجهتها. ويرى أن هذه المناقشات يمكن أن توفر معايير أكثر دقة لقبول أو رفض الإعلانات الموجهة للأطفال.

أما حجة الإسلام والمسلمين مهدي سجادي أمين، الناقد الآخر في الجلسة، فقد أشاد ببحث الدكتور مسعودي‌پور، وأكد على ضرورة التفريق بين الفقه الفردي والفقه الحكومي. فالفقه الفردي يتناول واجبات وأحكام المكلفين وأفراد المجتمع، مثل شروط العقل والبلوغ في المعاملات، بينما الفقه الحكومي يتعلق بالسياسات والمصلحة العامة.

وأكد عضو هيئة التدريس في مجموعة الفقه والقانون بمعهد المرأة والأسرة أنه إذا كان الهدف مناقشة الإعلانات التجارية للأطفال من منظور حكومي، فيجب المضي قدمًا بناءً على معايير المصلحة والمفسدة والبيانات الإحصائية والبحثية، ولا يُطرح موضوع شرط العقل والبلوغ في المعاملات. وأشار إلى أن الهدف في الفقه الحكومي هو اكتشاف الحكم الحكومي، الذي قد يختلف عن الفتاوى الفردية.

Source: External Source