فقه الأخلاق وتحليل الأفعال الجوانحية

عُقدت الجلسة الحادية والثلاثون بعد المئتين لمجموعة فقه الاجتماع والأخلاق والتربية في مركز بحوث الدراسات الفقهية المعاصرة يوم الإثنين 21 مهر 1404 (13 أكتوبر 2025). تناولت الجلسة موضوع دراسة إمكانية تعلق الحكم الشرعي بالأفعال الجوانحية مثل الأفعال الفكرية والهيجانية، وتمت مناقشته بحضور الحجة الإسلام والمسلمين محمد عالم زاده نوري ونقد الحجة الإسلام والمسلمين محمدهادي فاضلي بابلي.

إشارة: إن مناقشة تعلق الحكم بالأفعال الداخلية من المسائل الناشئة والمعقدة في فقه الأخلاق، وقد تمت دراستها في هذه الجلسة العلمية من خلال تقديم أمثلة فقهية ونقود دقيقة. كان المحور الرئيسي هو ما إذا كانت الأفعال الباطنية مثل النية والمحبة والقصد مشمولة بالأحكام الشرعية أم لا.

وفقاً لتقرير الموقع الإخباري لمركز بحوث الدراسات الفقهية المعاصرة، عُقدت الجلسة العلمية الحادية والثلاثون بعد المئتين لمجموعة فقه الاجتماع والأخلاق والتربية في المركز يوم الإثنين ٢١ مهر ١٤٠٤ (١٣ أكتوبر ٢٠٢٥) تحت عنوان «دراسة إمكانية تعلق الحكم بالأفعال الجوانحية في فقه الأخلاق».

عُقدت الجلسة حضورياً وعبر الإنترنت، وحضرها الحجة الإسلام والمسلمين محمد عالم زاده نوري، نائب رئيس قسم التهذيب والتربية في الحوزات العلمية، كمقدم، والحجة الإسلام والمسلمين محمدهادي فاضلي بابلي، عضو المجلس العلمي لمجموعة فقه الاجتماع والأخلاق والتربية، كناقد علمي. تولى أمانة الجلسة العلمية الحجة الإسلام والمسلمين مهدي داودآبادي، أمين مركز بحوث الفقه الاجتماعي والصحة.

في بداية الجلسة، أشار الحجة الإسلام والمسلمين داودآبادي إلى رسالة مركز بحوث الدراسات الفقهية المعاصرة العلمية، وتناول أهمية مناقشة الأفعال الجوانحية في فقه الأخلاق وقال: «إحدى المسائل المعقدة والناشئة في فقه الأخلاق هي كيفية تعلق الحكم الفقهي بالأفعال الجوانحية؛ لأن التصور الشائع يقصر موضوع الفقه على الأفعال الظاهرية والجوارحية التي تظهر فيها إرادة واختيار الإنسان بشكل ملموس».

في استمرار الجلسة، طرح الحجة الإسلام والمسلمين عالم زاده نوري السؤال الأساسي: «هل يمكن أن تكون الأفعال الباطنية أيضاً متعلق الحكم الشرعي؟» وعرض المبادئ والأسس والأمثلة الفقهية في هذا المجال. وفي جزء من حديثه قال: «علم الفقه يهدف إلى تنظيم السلوكيات الاختيارية للإنسان. في تعريف هذا العلم، لم يُصرح أبداً بأنه يتناول الأفعال الظاهرية والجوارحية فقط. لذا، فإن الأفعال الجوانحية، سواء كانت فكرية أو هيجانية، إذا كانت اختيارية، فإنها تخضع للحكم الفقهي».

وأشار نائب رئيس قسم التهذيب والتربية في الحوزات العلمية إلى أمثلة فقهية متعددة، معتبراً تعلق الحكم بالأفعال الداخلية أمراً واقعاً في الفقه، وأضاف: «وجوب النية في العبادات، محبة أهل البيت (ع)، قصد الإنشاء في العقود، الرضا القلبي في المعاملات، وحتى الإيمان والنفاق، كلها أمثلة على الأفعال الجوانحية التي أصدر الفقه حكماً بشأنها».

وأكد مع الإشارة إلى معيار تعلق الحكم، على اختيار وإرادة الإنسان قائلاً: «كلما وجد الاختيار والإرادة البشرية، يتعلق الحكم الشرعي. إذا كان الفعل غير اختياري، سواء كان جوارحياً أو جوانحياً، فإنه يخرج من نطاق التشريع، وليس المعيار باطنياً أو ظاهرياً».

في استمرار الجلسة، قدم الحجة الإسلام والمسلمين فاضلي بابلي نقده للآراء المقدمة وطرح أسئلة طالب فيها بتوضيح أساس طرح هذا الموضوع. وقال: «كنت أتصور أن هناك نظرية في هذا المجال أو شعوراً بغياب شيء ما في العقل الفقهي دفع إلى طرح هذه المسألة؛ لكن يبدو أن الأمر لم يتضح بعد لمقدم العرض نفسه لماذا اعتُبرت هذه المناقشة ضرورية».

وأكد على ضرورة التفريق الدقيق بين الأفعال ومقدمات الأفعال، مشيراً إلى: «كل فعل اختياري، سواء كان خارجياً أو قلبياً، يمكن أن يندرج ضمن نطاق الفقه ويكون متعلقاً بأحكام الوجوب والحرمة. لكن في تحديد المصاديق، يجب بذل مجهود أكبر لتمييز الأفعال الجوانحية عن مجرد الحالات النفسية والمقدمات».

في سياق الجلسة العلمية، إلى جانب المحور الرئيسي للنقاش، تم طرح موضوعات مهمة أخرى، من بينها ضرورة توسيع نطاق الفقه ليشمل مجالات ناشئة مثل الأفعال الذهنية والهيجانية. كما كانت التحديات الموجودة في تحديد اختيارية الأفعال الجوانحية من المباحث الرئيسية التي تم تناولها.

من النقاط التي حظيت بالاهتمام، دراسة تأثير التقنيات الحديثة والفضاء الافتراضي وتغيير أنماط الحياة على طريقة تشكل الأفعال الداخلية والمعنوية للإنسان، مما تم إبراز أهميته في الدراسات الفقهية الأخلاقية.

في جزء آخر من النقاش، تمت دراسة إمكانية صياغة رسائل عملية جديدة في مجال فقه الأخلاق والأفعال القلبية، والتي يمكن أن تكون خطوة فعالة في الرد على المسائل الفقهية المعاصرة.

كما تم نقد ودراسة الأساس الفقهي لتعلق الأحكام بالصفات الأخلاقية، خاصة من منظور اختيارية مقدماتها، كأحد الموضوعات المهمة.

وأكد عضو المجلس العلمي لمجموعة فقه الاجتماع والأخلاق والتربية في مركز بحوث الدراسات الفقهية المعاصرة في الختام، أن «كل فعل اختياري، سواء كان قلبياً أو خارجياً، يمكن أن يكون متعلقاً بالأحكام الشرعية، لكن يلزم بذل مجهود أكبر لتوضيح المصاديق وحدود هذه الأحكام».

أظهرت جلسة مركز بحوث الدراسات الفقهية المعاصرة أن كل فعل اختياري، سواء كان ظاهرياً أو داخلياً، يمكن أن يكون متعلقاً بالحكم الفقهي، لكن لتحديد المصاديق وحدودها بدقة، هناك حاجة إلى دراسات وبحوث أكثر. كما كانت ضرورة الانتباه إلى تغيرات أنماط الحياة والتقنيات الحديثة في فهم الأفعال الجوانحية من النقاط الرئيسية في هذا النقاش.

Source: External Source