ناقش آية الله السيد مجتبى نور مفيدي الإطار المفاهيمي للتركيب المعجمي لـ “الفقه المعاصر” في لقاء باحثي معهد أبحاث الفقه المعاصر الذي عقد بمناسبة أسبوع الابحاث.

مؤكدا على أن طبيعة الفقه المعاصر سؤال مهم داخل وخارج مجال علم الكلام، فقد أورد سماحته المحاور الخمسة الرئيسية في هذا البحث، موضحًا المفردات والأسس والمتطلبات ومجال البحث، إلخ.

لقد أكد آية الله السيد نور مفيدي على ضرورة ربط الفقه المعاصر بالفقه الاعتيادي في الإطار الموجود حتى الآن، واعتبر معايير قياس هذا المشترك في المحاور الأربعة وهي الأهداف والأسس والموارد والمناهج وأضاف أن هذا المعيار هو وجوهها المشتركة وجوانب الامتياز ومن حيث التوجهات والأهداف المشتركة؛  لأن الفقه المطلق له نفس أهداف الفقه المعاصر، وكلاهما يسعى إلى استنتاج أو اكتشاف حكم الشريعة.  وبطبيعة الحال، فإننا في الفقه المعاصر نسعى إلى هدف محدد بالإضافة إلى الفقه التقليدي، وهو التطوير في العمليات أو المعرفة الاستدلالية.  وعندما نطوّر مجال الحياة الإنسانية الفردية إلى حياة اجتماعية، وتظهر الشخصية الاعتبارية، سوف يتطور نطاق الاستدلال أيضاً؛  ولذلك يجب أن نأخذ نطاق الاستدلال في عمق الحياة الإنسانية.

صرح في كتاب شرح الأصول ایضا: إن هذه الأصول لها قواسم مشتركة في الفقه المعاصر والفقه التقليدي، أحدها من حيث العلم. و إن الفقه يقوم على قواعد، ولكن عندما يوضع في المجال المعاصر تتطور المعرفة والمناهج.  الإتجاه الآخر هو من حيث الموارد. و مصادر الفقه هي نفس المصادر الأربعة، وفي الفقه المعاصر هي أيضا محفوظة، ولكن تبذل الجهود لتصحيح الخلل بين الأدلة، وعلى سبيل المثال، يتم وضع القرآن والعقل في مستواهما الخاص. .

أكد سماحته أن هذا الامر قد حدث في بعض فترات الفقه، وهذا المنهج يتجلى بوضوح في بعض الاستدلالات على الشهيد الأول أو صاحب كتاب الجواهر.  فمثلاً، في مناقشة مطالبة المرأة مهرها، يأخذ الشهيد الأول في قرار تقديم مطالبة الرجل للشروط المعرفية عند الرواية، وهي أن يدفع الرجل المهر كاملاً في بداية الزواج.

وأضاف: وأما الروايات فينبغي النظر في كيفية التعامل معها، وبيان مسائل مثل مراجعة المناط، واستقراء الأخلاق، وملاءمة الحكم والموضوع، والأولويات، ونحو ذلك، لأن هناك جدلاً على ان هل هذه الحالات هي في الأساس تعبيرات لفظية أم لا؟  و الآن ينبغي علينا تحديد حدود وتوثيق هذه المصادر.

ان أستاذ البحث الخارج في حوزة قم اضاف قائلا: كذلك العقل والروايات نفسها.  فمثلا من الشائع الإشارة إلى ذوق الشرع، مثلا المحقق الخوئي في مناقشة أدلة سلطة المرأة، بعد رفض كل الحجج، يرى أن ذوق الشرع مخالف سلطة المرأة.  أو في حكم نفي السبيل، يقول بعض الفقهاء، بعد رفض جميع الأدلة، مستشهدين برأي الفقهاء، إن رأي الفقهاء لا يقنع بأن للكافر على المسلم سبيلا.  ومن المثير للاهتمام أن استشهاداته هي أيضًا آيات وأحاديث في ذوق صاحب الشريعة.

أكد سماحته قائلا: من هذا المنطلق فإن الفقه المطلق والفقه المعاصر، وإن كانا معًا في مناهج عامة، إلا أنهما يختلفان في مناهج محددة.

وتحدث رئيس معهد الدراسات الفقهية المعاصرة عن أولوية الفقه المعاصر على الفقه الإضافي الآخر قائلا: إن جميع المصطلحات التي تتناول الفقه الجديد مثل الفقه الحكومي، والفقه الاجتماعي، والفقه الحضاري وغيرها، تدعي أنها تختلف عن الفقه تماما. فإن الفقه المعاصر هو أشمل و هو مزيج من كل هذه العلوم.  والفقه المعاصر يعني فقهاً يستعين بعلم جديد ويستعين بأساليب جديدة، ويتعامل مع القضايا الجديدة والناشئة، ويعيد قراءة القضايا القديمة ويفحصها بمنهج جديد. . و الفقه الذي يجب أن يتناول قضايا العالم المعاصر ومن بين هذه القضايا عمليات الإدارة الاجتماعية وكذلك عرض النظام الفكري.

وأشار سماحته: بهذا المنهج يكون التركيب المعجمي الأشمل في الفقه الناشئ اي “الفقه المعاصر”.  فعلى سبيل المثال، الفقه الحضاري هو الفقه الذي يتعامل مع العمليات التي تؤدي إلى عرض الحضارة، ويعتبر هذه العملية، وليس الإجراءات الجزئية والقطاعية، كما يرى المدافعون عن الفقه الحكومي أساس الحكم في مجتمعنا اليوم، لأن أساس التربية والأخلاق والسياسة والمجتمع في يد الحكومة والأساس أيضا يجب أن يكون في أيدي الحكومة.

وأكد سماحته إن المدافعين عن الفقه الاجتماعي يبحثون عنه من منطلق أن حياة الفرد في الوقت الحاضر ليس لها معنى إلا في بعض الأمور الأساسية والمجتمع الان أصبح إنسانيا والإنسان يجد معنى في التفاعل مع المجتمع و يجب التحقق من هذا الرأي في الأفعال الواجبة.

قال سماحة آية الله السيد نور مفيدي: لقد تقدم في فقه النظام ستة أو سبعة تعريفات وهي مختلفة.  فمن ناحية، هناك الفقه القانوني، الذي يقول الشهيد الصدر إنه يعني النظم الفقهي؛  ومن جهة أخرى فإن الادعاء الذي يقدمه البعض اليوم بأن الفقه المنهجي يعني فقهاً نظامياً لا يتعارض أي من مكوناته مع بعضها البعض ولن يتم عمل شيء صحيح حتى نفعل هذا فهذا لن ينتج حضارة، ولن تنجح حكومة، ولن نتمكن من منافسة الأفكار المتنوعة في العالم.  وبطبيعة الحال، فإن البعض أيضاً يختزل فقه النظام إلى فقه النظام السياسي، وهو ما لن يختلف عن الفقه الحكومي.

وأكد: أن الفقه المعاصر يشمل كل ذلك؛  لأن الفقه المعاصر هو فقه يستفاد۰ من المعرفة الجديدة ويستخدم أساليب جديدة ويعيد قراءة القضايا القديمة ويعيد قراءة القضايا بمنهج جديد.  وبهذا المنهج يرصد الفقه المعاصر قضايا العالم المعاصر وعمليات العالم الجديد ويسعى إلى تقديم منظومة فكرية متماسكة تقوم على ذلك.