محمد صادق ليراوي

في الفقه الناشئ حديثا، فإننا لم نتكلم كثيرا في هذا المجال. وإن جاذبية فئة الفن ومدى تأثيرها بين الناس كبيرة لدرجة أنه يمكن القول إن جميع البشر ينخرطون فيه ويتفاعلون معه بطريقة أو بأخرى. وفي هذا الصدد، فإن أحد المواضيع التي أصبحت تحديا في فقه الفن لسنوات عديدة هي هذه المواضيع. ويرى بعض الفنانين أن بعض الفتاوى الفقهية تعود إلى عدم إلمام المفتي بالمسائل، وإلا لو كانت المسائل واضحة له لما أصدر مثل هذه الفتاوى. وعلى سبيل المثال، يعتقدون أن كتابة المسرحية أو السيناريو في الأساس هي عبارة عن تشدق كلامي لعدم واقعية القصة. لذلك لا يجوز الكذب في المسرحيات والسيناريوهات. كما أن وجود عدة عشرات وأحيانًا مئات الأشخاص في مشهد التصوير جنبًا إلى جنب مع كاميرات متعددة وأشخاص مختلفين يشاركون في المشهد بطريقة ما، يستغل بشكل أساسي فرصة الممثلين لنية جدية للتعبير عن تصريحات رومانسية. ولذلك فإن حكم حرمة قول الجمل الرومانسية بين الممثلين الأجانب لن يكون ذا أهمية. في هذه الأثناء، تحدث عن هذه القضية هو حجة الإسلام محمد صادق ليراوي، مدير مركز بحوث الإعلام الإسلامي. كما أنه حاضر في هذا المركز لسنوات عديدة في مسؤوليات مختلفة، وبالطبع قبل أن يصبح رئيسا كان أيضا مسؤولا عن مكتب البحوث الأساسية لهذا المركز، حيث تتركز جميع الأنشطة الفقهية في هذا المكتب. وفيما يلي الحوار الحصري لشبكة الاجتهاد مع مدير مركز أبحاث الإعلام الإسلامي٠

ما هو دور المواضيع في فقه الفن؟

الأستاذ ليراوي: في كل باب من أبواب الفقه، يوجد لكل موضوع أهمية كبيرة. ولأن الأحكام تابعة للمواضيع والأسماء، وما لم يتم تحديد المبتدأ والأسماء بشكل دقيق، فإن الحكم ليس في موضعه الصحيح. ولذلك، في فقه الفن، يجب تحديد المسائل الفنية بدقة والعمل عليها حتى تكون الأحكام التي يعبر عنها في مكانها الصحيح تماماً. والآن، فإن كثيرًا من الاختلافات الموجودة بين الفقهاء والفنانين ترجع إلى أن الفنانين لا يعرفون الموضوعات الفقهية وعناوين الفن، والفقهاء لا يعرفون الموضوعات بدقة. ولذلك فمن الممكن أن نقول أحكاماً غير صحيحة. لأنه لم يتم تحديد موضوعاته. وهذه مهمة يجب أن يتابعها الفنانون والقانونيون على السواء. ولذلك فإن موضوعات الفقه الفني لها أهمية كبيرة كغيرها من الفصول٠

يبدو أن كثيراً من فتاوى الفقهاء، كوجود الباطل في الأدب، وجدية القصد من الجمل الرومانسية المتبادلة بين ممثلي دور الزوج والزوجة، وغيرها، سببها عدم صحة مواضيع الفن الدقيقة. وهل تتفق مع هذا البيان؟ وما الذي يجب فعله لحلها؟

الأستاذ ليراوي: نعم بالضبط، أتفق مع مقولة أن القضايا لا تشرح بشكل جيد وأن القضايا لا تحل بشكل صحيح. ويجب فحصها من قبل خبراء ملتزمين ثم إخبار الفقيه ويجب على الفقيه التصرف في مثل هذا الحكم. وما لم يتم شرح المواضيع، فإن الأحكام ليست في موضعها الحقيقي. ولذلك ينبغي العمل الجاد في هذا المجال حتى يتم حل المشاكل٠

لماذا لا يهتم الحقوقيون بآراء الفنانين فيما يتعلق بطبيعة وأبعاد فنهم، رغم الوعد برأي الخبراء؟

الأستاذ ليراوي: بالطبع قد يكون لذلك أسباب مختلفة. ولكن قد يكون السبب الرئيسي هو أن كل فنان ليس بالضرورة أن يمتلك القدرة على التحليل. وهذا يعني أن شخصًا ما فنان، لكنه ليس فنانا. ويجب على الفنان أن يشرح هذه المسائل ويعدها للحكم الفقهي، ولكي يكون لهذا الفنان تفاهم جدي مع الفقهاء، يجب أولا أن يثق الفقهاء بهؤلاء الخبراء ويجب أن يكون لدى الفنانين التزام بدراسة المسائل بدقة. فإذا وثق الفقهاء بالفنان، وكان لدى الفنان الخبرة الكافية في هذا المجال، وإذا دار بينهما حوار وتفاهم، فسوف تحل الكثير من المشاكل، وتتحقق الثقة فيما بينهم. ومشكلتنا الحالية هي أن الحقوقيين لا يثقون في الفنانين ولا يعتبرون هؤلاء الفنانين فنانين. فإذا تحقق فقه الفنان والتزامه ودينه، فلا مانع من أن يثق الفقهاء في مثل هذا الفقه، وهذا لا يكون إلا بالفهم.

هل من الضروري أن يحصل الفقيه على معلومات عن الفن بنفسه ليعرف موضوعات الفن، أم يمكنه أن يعتمد فقط على رأي الفنانين الملتزمين؟

الأستاذ ليراوي: إذا كان الفقيه نفسه لديه القليل من الإلمام بالموضوعات الفنية، فهذا بالتأكيد سيساعده في التعرف على القضايا، والحد الأدنى هو أنه سيفهم لغة كلام الفنان ويعرف ما هي نقطة البداية عندما يتحدث الفنان ويفهم المحتوى والموضوع بشكل كامل. ولذلك فإن إلمام الفقيه بالمواضيع الفنية سيساعده في مناقشة المواضيع وفي النهاية على إصدار الأحكام. وإذا كان الفقيه لدينا، الذي لديه القليل من الإلمام بالموضوعات الفنية، فسيكون لديه لغة تفاهم مع الفنان.

كيف تقيم الإجراءات التي اتخذها الفقهاء تجاه موضوعات القضايا الفنية؟

الأستاذ ليراوي: ربما لم يحدث الكثير بشأن الفقهاء. وبطبيعة الحال، لقد عقد مؤتمر في السنوات القليلة الماضية في موضوع فقه الفن، حيث تمت مناقشة مواضيع جيدة وتوالت هذه المواضيع الواحد تلو الاخر. وإلى جانب هذا المؤتمر، هناك مركز آخر يسمى المركز الموضوعي للأحكام الفقهية، والذي يقوم بالعمل الموضوعي في مختلف أبواب المسائل الفقهية، لكن في رأيي، ونظرًا لانتشار المسائل الفقهية في مجال القضايا الفقهية الفنية، ونظرًا للعلاقة التي كانت تربطنا بهم، لم يتم القيام بأي عمل خاص في هذا المجال حتى الآن. ويبدو أن الإذاعة وخاصة المديرية العامة للبحوث الإسلامية للإذاعة التي تعتبر مركز التواصل بين الحوزة العلمية وجمهورية الإذاعة الإسلامية، يمكن أن تلعب دوراً في هذا المجال وتدرس القضايا الفنية وكل ما يتعلق بالفنون والآداب. جعلها متاحة للفقهاء.

هذه المقابلة جزء من المجلة الإلكترونية “أصول الفقه الفني” التي تصدر بالتعاون مع مدرسة فقه الآداب وموقع شبكة الاجتهاد.