هناك نقاش أساسي وجوهري هو مسألة العلاقة بين الفقه والقانون، والذي ينبغي توضيحه، كيف يجب إدراج ما ورد في الاجتهاد و القانون؟ أي أن المبدأ الذي نطرحه موجود في الدستور، فهل هو صحيح بشكل عام؟ لذلك لدينا أحكام في الفقه قد تكون لها عوائق في أن تصبح قانونا. فهل يمكن القول بشكل عام أن المبدأ والقاعدة الأولى هي أن ما ورد في الفقه يجب أن تصبح قانونا؟ وكذلك إذا أقرت قوانين غير متضمنة في الفقه، فكيف تصبح هذه القوانين شرعية ودينية؟ أو أن نطاق بعض القوانين لا تطلب من الدين الحديث عنه، مثل الأمور التي أقرتها الحكومة، مثل عطل نهاية الأسبوع، أو قوانين المرور٠
هنا قد ناقش آية الله فاضل لنكراني عضو مجلس أمناء مركز الدراسات الفقهية المعاصرة، خلال لقائه مع المدير الجديد لمركز البحوث الإسلامية التابع للمجلس الإسلامي، المسائل التي سنعرض تفاصيلها فيما يلي
هناك نقاش أساسي وجوهري هو مسألة العلاقة بين الفقه والقانون، والذي ينبغي توضيحه، كيف يجب إدراج ما ورد في الاجتهاد والقانون؟ أي أن المبدأ الذي نقره موجود في الدستور، فهل هو صحيح بشكل عام؟ لذلك لدينا أحكام في الفقه قد يكون لها عوائق في أن تصبح قانونا. فهل يمكن القول بشكل عام أن المبدأ والقاعدة الأولى هي أن ما ورد في الفقه يجب أن يصبح قانونا؟ وكذلك إذا أقرت قوانين غير متضمنة في الفقه، فكيف تصبح هذه القوانين شرعية ودينية؟ أو أن نطاق بعض القوانين لا يتطلب من الدين الحديث عنه، مثل الأمور التي أقرتها الحكومة، مثل عطل نهاية الأسبوع، أو قوانين المرور٠
في مثل هذه الحالات يريد قائل أن يقول إن هذا هو موقف الفقه، ولكن ينبغي الإشارة إلى نقطة أعلى، وهو أنه لا ينبغي للدين أن يتدخل في هذا المجال. وكأننا نريد أن نقول ما هو الموقف الفقهي من ساعات عمل الناس في المجتمع؟ ولم يقل أحد من الفقهاء أن لدينا سبباً في أن تكون سبع ساعات أو عشر ساعات. وهذه الأمور هي من سلطة الحاكم والمسؤولين التنفيذيين ومديري البلاد٠
لذلك يجب أن نفصل بين الحالات التي ليس لها علاقة بالدين، ولا يجوز أن يتدخل الدين فيها، وحالات مثل مسألة قصاص الوالدين، حيث إذا قتل الأب الطفل فلا قصاص عليه، أما إذا قتلت الأم ولدها فيقام عليها القصاص، أو مسألة ميراث الزوجة، التي يجب على الفقه أن يبدي برايه في هذه المسألة. كان يسألني بعض المواعين هل الدين يتدخل في عطل أيام الأسبوع؟ كنت أقول بوضوح أن الدين لم يتدخل في هذا الموضوع ولا سوف يتدخل، فالحكومة هي التي تقرر ما إذا كانت هناك عطلة أو يومين إجازة أو أي أيام من الأسبوع يجب أن تكون عطلة، ففي الأساس، ليس لدينا شيء من هذا القبيل كعطلة دينية لنقول ما هي الأيام التي يستحب تعطيلها، نعم، حتى فيما يتعلق بيوم الجمعة، ليس لدينا سبب للتوصية بعطلته، ولم نذكر سوى سلسلة من الممارسات والعادات الخاصة بيوم الجمعة٠
أين و في اي مكان تظهر أطر الدين و الفقه؟ وينبغي آن تدون و تتحول إلى قانون و تتعرف الحوزات على اطرها٠
المسألة الثانية: أن كل ما ورد في الفقه حتى الآن يجب أن يصبح قانوناً بنفس الطريقة، أم ينبغي أن يدخل فيه جوانب الحكم؟ لقد كان والدنا المرحوم رضوان الله عليه يقول في مناقشاته الفقهية في المناسبات. أما في هذه المناقشة كان ينبغي للإمام الخميني أن يصدر فتوى أخرى بشأن تلك المسألة، لأن الفتوى المكتوبة كانت قبل الوصول إلى نظرية الخطابات القانونية. فكثير من الفتاوى الموجودة في فقهنا اليوم هي في الأساس مستقلة عن الحكومة، ولا أقول أن هذه لا ينبغي أن تكون، ولكن اتجاه الحكومة لا يؤخذ في الاعتبار، فإذا أردنا تقديمها كعنوان قانوني، علينا أن نصرح بشيئًا آخر٠
أذكر أنني عندما كنت أدرس البحث الخارج عن البيع ذكرت أن البيع في الفقه صحيح ويمكن تصحيحه وإتمامه بإذن المالك. ولكن هل يمكن للمشرع أن يقترح ذلك كقانون ويكتب في القانون أنه إذا باع شخص منزل شخص آخر فهو بيع فضولي إذا سمح المالك بذلك فلا مشكلة في رأيي أن هذه جريمة في القانون الحاضر يعتبر جرما، وهذا هو الصحيح. أي أن هذا الحكم الفقهي هو حكم فردي بغض النظر عما إذا كان يعيش في ظل نظام حكومي. ونحن الآن في نظام حيث إذا أراد شخص أن يبيع منزل شخص ما، يجب عليه الحصول على إذن وتوكيل من المالك ويجب أن يكون مستندًا وأمور أخرى ايضا٠
أو في فقهنا نقول: لا إشكال في التورية لأنها ليست كذبا ولا صدقا، لكن عندما توضع في نظام الحكم هل يستطيع الحاكم الإسلامي أن يقوم بالتورية؟ لا، ليس له الحق في القيام بالتورية، فالتوريه يمكن أن تكون مسألة شخصية بين اثنين، لكن الحاكم الإسلامي، الذي بحسب “تمت كلمة ربك صدقا وعدلا”، ينبغي أن يرتكز خطابه وسلوكه على الحقيقة والعدل٠
هذه أيضاً المسألة الثانية أن هناك جملة من المسائل الفقهية إذا أردنا أن تطرح في إطار الحكومة فإنها تجد فروقاً واتجاهات أخرى، أما الآن فقد تغير موضوعها كثيراً فالقضايا الفقهية تغير موضوعها عندما يتعلق الأمر بالحكومة، أي لا يمكن حتى القول إنها وجدت عنوانا ثانويا، بل أصبحت موضوعا. ولذلك ينبغي النظر إلى الأحكام من وجهة نظر الحكومة، ولا ينبغي لهذه الشورى الفقهية أن تمضي قدماً في المر الفقهي الذي يطرح الآن على شكل اجتهاد وأحكام فردية في ساحة المجتمع، بل ينبغي النظر فيها بعناية قانون٠
النقطة الثالثة هي أنه يجب استخدام الطاقة الحالية في الحوزة كثيرًا، لأن الآن هناك وضع يمكن أن تأتي فيه الحوزة إلى الساحة لكي تظهر قدرة وطاقة الفقه في إدارة المجتمع. بما أن الدين يجب أن يتكلم، يقدم مجال خطاب الدين، وبعد كل شيء، نظامنا إسلامي، لا ينبغي أن يصدر قانون في هذا البلد وبعد عشر سنوات يقولون أن هذا القانون لا يتوافق مع الدين، وهذا سبب ويجب على مركز البحوث الإسلامية التابع لمجلس صيانة الدستور أن يتأكد من أن القوانين المقترحة في المجلس متوافقة مع أحكام الإسلام، وهذا يعد مساعدة كبيرة لمجلس صيانة الدستور٠
في زمن ما صدر قانون في هذا البلد للتحكم في السكان، قانون ضد الدين تماما، وقتها جاء الناس وفعلوا ما فعلوا، وأذكر أننا أعترضنا على هذا القانون إلى لجنة الصحة ولم يكن أعضاء البرلمان مستعدين لقبول هذا القانون ومراجعته، حتى صرحت القيادة إن هذا القانون يخالف للشريعة، والحمد لله أوقفوه، رغم فوات الأوان٠
أو قانون الدعم الحكومي هذا وهو من القوانين التي هي ضد الدين. لذلك أرجو من سماحتكم العمل عليه في نفس العام ٢٠١٠ عندما كان الرئيس يتحدث كثيرا بشأن الدعم وكانت الإذاعة والتلفزيون والإعلام والوزارات تساعده أيضا في برنامج مباشر تحت عنوان “هذه الليالي” عندما كنت أتحدث عن الربا قلت: لماذا لم تتشاوروا مع الحوزة قبل إقرار قانون الدعم الحكومي؟ قلت عندنا رواية أن الشخص الذي يستيقظ الصبح وينظر إلى شخص آخر يتوقع ان يعطيه شيئا، يعتبر كلا على المجتمع وسيكون ماعون. قلت إنكم بهذا القانون وضعتم ٦٠ مليون شخصا كله على الحكومة كلها، لماذا؟ هذا لا يتوافق مع منهجنا الديني٠
من بين الأمور الأخرى التي أطلب منكم معالجتها مسألة سوق الأوراق المالية أو البورصة التي لا تتوافق مع اقتصادنا الديني. فالركائز الأساسية للاقتصاد الإسلامي هي التجارة٠
في أيام الكورونا عقد مؤتمراً عن الطريقة الاقتصادية لأمير المؤمنين، عليه السلام، في مدينة أراك الايرانية، ودعوني كمتحدث. وبعد أن نقلت كلاماً عن أمير المؤمنين بخصوص التركيز على التجارة والتوظيف والأعمال، قلت إنني الآن أريد أن أطرح السؤال: هل سوق الأوراق المالية تجارة؟ هل هو تبادل عمل؟ هل كلام امير المؤمنين متوافق مع البورصة؟ إذا سألتني كطالب، سأقول أنه لا يتطابق بأي شكل من الأشكال مع ديننا. طبعا هذا الموضوع كان في الوقت الذي أكد فيه رئيس الجمهورية والحكومة والجميع على الناس أن يستثمروا أموالهم في البورصة، وللأسف أزالوا هذا الجزء أثناء البث، و بعدها عندما أرسلوا الفيلم إلى إذاعة قم والتلفزيون، كانت الخطابة بدون هذا الجزء٠
لا بد من أن يعمل مركز البحوث الإسلامية على هذه الأمور، فقد يكون لسوق الأوراق المالية بعض الفوائد في بعض البلدان التي اقتصادها له ألف جذر، ولكن في بلادنا كم أهلك رأس المال من الناس؟ كم من الناس دمرت حياتهم من باع منهم ذهب زوجته وأولاده أو اقترض واستثمر؟ وعلى هذا المركز البحثي أن يكون حذراً للغاية وأن يعقد اجتماعاً علمياً عاجلاً في منطقة قم حول ما إذا كان سوق الأوراق المالية متوافقاً مع الأسس الدينية أم لا. بالنسبة لي، من الواضح أنه لا يتوافق مع أمورنا الدينية٠
منذ ذلك الحين، أي حكومة تصل إلى السلطة اول ماكانت تفكر به هو مقدار الدعم الذي يجب أن تدفعه في بداية كل شهر. وقد سبب هذا القانون أضرار كبيرة بالنسبة للشعب والبلد، ولا يزال مستمرا، رغم صعوبة إزالته. بل إنه من مصاديق هذه الرواية “اتق شر من أحسنت إليه”. إذا أعطى الإنسان مالاً لشخص مرة واحدة، أو عشر مرات، أو سنة، أو سنتين، فإن قاطعه في السنة العاشرة، يصبح ذلك الشخص أكثر عدو للشخص الذي كان يبذل اليه المال٠
اما قضية البنوك انا قلت في نفس الوقت، إن مجلس صيانة الدستور صحح هذه العقود المصرفية في عهد الإمام الخميني ووقع عليها الإمام الراحل، ووقع عليها القائد المعظم أيضاً، ومن بين المراجع كان ابي وبعض السادة كانوا قد قبلوا هذا والبعض الآخر يقول هذه سرقة. رحمه الله أول من صرح بهذا هو السيد مصباح، التي هي من الناحية الفقهية تبدو مثل المضاربة. انا ايضا حينها سالت الدكتور شيباني. ماذا تفعلون بودائع الناس؟ قال: أكثرها تنفق في العمران، قلت: انت تشهد على ذلك؟ قال: نعم. عند ذلك ارتاح بالنا٠
لكن الآن الناس يسألون موظفي المصارف ما هو دور الحوزة العلمية وما هو دور النظام؟ يقول النظام الاسلامي أن هذه الودائع صحيحة والبنوك تلتزم أمورها أيضًا، لكن بعض الحوزويون يقولون أن هذه البنوك لصوص من كبيرهم إلى صغيرهم. هذه القضايا يجب أن تحل عن طريق مركز الأبحاث، وعقد اجتماعات علمية قوية في هذا المجال، ومن ذلك السيد الكريم الذي يقول إنها سرقة اسألوا ماهو الدليل على أنها ربا؟ يرسلون ممثلهم مع ادلة، ففي المقابل يقولون نريد أن نعلن رأيك في مجلس الشورى الاسلامي، لكن بأدلة. لم يعد اليوم كالماضي إذا قال فيه باحث شيئًا في الحوزة العلمية، فإنه يصبح تصريح الحوزة، فالأدلة يجب أن تكون واضحة تمامًا وعلينا أن نتقدم بهذه الأدلة في ساحة العمل٠
على أية حال، هذا المركز يعزز الحوزة ويضمن القوانين، ويحرص على اتباعها بقوة٠
الأمر الرابع هو أن المركز الفقهي للأئمة الأطهارعليهم السلام في خدمتكم. ونحن على استعداد لتعزيزهذه المناقشات. والحقيقة أن مجلس الشورى الإسلامي أو مجلس صيانة الدستور يقدر الآن نتائج أبحاث هذه السلسلة أمر واعد للغاية وموضع ثناء، ونحاول إثارة هذه القضايا بشكل أكثر دقة وعمقًا ونصدر قوانين قوية في هذا المجلس، والتي سيتم الموافقة عليها وعندما يصل الأمر إلى مجلس صيانة الدستور، فإننا لا نريد أن نرى القضية التي يقول مجلس صيانة الدستور إنها مخالفة للشريعة، وعليهم أن ينظروا فقط في القضايا المخالفة للدستور٠
أتمنى من الله تبارك وتعالى أن ينعم على الحوزة. العلمية وهذا النظام بأكمله وأن نتمكن من استخراج أبعاد الدين وإظهار خفايا الدين لأبناء مجتمعنا ودول العالم. ولا ينبغي لهذا المركز فقط أن يكون مركزاً يعترف فقط بمطابقة القانون للفقه والدين٠
في الختام أقترح عليكم استغلال الفرصة للتواصل مع الاتحاد البرلماني الدولي ومطالبة رئيس البرلمان بعرض منتجات هذا المركز أو على الأقل بعض منتجاته على برلمانات العالم المختلفة حتى يعرف ممثلوها ما يقوله البرلمان الإيراني وما نتوقعه من السلطة القضائية للأسف لم يطبق بعد، ونأمل أن يتم تنفيذه خلال فترة ولاية السيد “اجه اي” إن شاء الله، لكنه الأهم بالنسبة للسلطة التشريعية معرفة القوانين المتعلقة بتنظيم الأسرة والاقتصاد والتعليم وغيرها من القضايا.