نحن لا نفهم ولا نستخدم الدراسات متعددة التخصصات٠ أول خطوة في فن الفقه هو الفهم المشترك بين الفقيه والمستخدم للمشكلة

عضو هيئة التدريس بجامعة المصطفى

الحوزة العلمية تشبه الأرض التي يجب إعدادها. ويجب أن نعرف ما هي الثروة التي لدينا وبأي خطة يمكن معالجة مشاكل هذه الثروة ووضعها في الوضع الأكثر فعالية وكفاءة لإنتاج المنتجات كعملية منهجية، مع المراقبة المستمرة والاعتراف بالقوى الإكليريكية. وإذا تم هذا التحليل الدقيق، فإن المنتج الذي يتم إنتاجه بهذه الثروة سيكون منتجًا شعبيًا ولن يكون هناك أي تحدٍ من قبل المستخدمين. وفي رأيي أن هذا الاستحواذ على الأرض لم يتم على أرض تسمى الحوزة وأموالها، ولن يتم ابدا٠

ملاحظة: تحديات الفقه الفني هي إن لم تكن أكثر من تحديات الفقه الناشئ الآخر فنحن لن بالغنا. وإن تأثير موضوع الفن ومداه كبير لدرجة أن كل فتوى في هذا الجانب يواجه العديد من ردود الفعل الاجتماعية. ولذلك يبدو أن من أهم المهام التي يجب القيام بها في هذا الفقه الجديد والبالغ الأهمية هو دراسة التحديات التي تواجه البحث وإدارة البحوث والأفتاء في هذا الفقه. وبنفس الذريعة تحدثنا مع حجة الإسلام والمسلمين محمد عشايري منفرد، عضو هيئة التدريس في جامعة المصطفى بقم. وقد انخرط في الفقه الفني لسنوات عديدة وله عدة مقالات في هذا المجال. وتفاصيل الحوار الصريح والجذاب لهذا الأستاذ والباحث في حوزة قم العلمية هو كما يلي٠

ما هي تحديات الباحثين في الفقه الفني في مجال المصادر؟

الأستاذ عشايري: إن المكتبات الموجودة حاليا ليست كافية، رغم أنه تم اتخاذ خطوات جيدة وتم القيام بأعمال جيدة أخرى وخاصة في مسألة الفن، والقضايا النظرية للفن، وطبيعة الفن، وبعض قضايا فلسفة الفن، وحتى مسألة التواصل الاجتماعية، فقد جرت مناقشات جيدة في هذا المجال ولكن يجب تحديث الكتب وإضافة أعمال وموارد جديدة إليها. و يوجد مصدر آخر مهم يجب مناقشته في مناقشة المصادر الفنية هو الفتوى والافتاء، ففي هذا الباب يوجد العديد من المسائل لكن لم يتم عرضها أو إذا طرحت لم يتم الرد عليها٠

ما هي تحديات الباحثين في الفقه الفني من حيث الأدلة والأسس والقواعد؟

الأستاذ عشايري: التحدي المنهجي المهم الآخر الذي نواجهه في مجال الأسس والأدلة هو أننا لا نفهم بشكل كامل الدراسات متعددة التخصصات ولا نستخدمها في مكانها. والحقيقة هي أن الدراسات متعددة التخصصات هي دراسات يدخل فيها مجموعة من خبراء أو أكثر إلى مجال متعدد التخصصات لتغيير فهم مشكلة ما والتأثير على الفرضيات، لكننا لن نوفق للغاية في هذه الأمور. فعندما يحين موعده؛ على سبيل المثال، لمناقشة دور تمثيل وجه المعصوم أو المعصومين عليهم السلام في السينما وبشكل عام تمثيل المفاهيم المقدسة مثل القرآن في السينما، ما هو فهمنا و فهم الآخرين للتمثيل؟ هل نعرف النظريات التمثيلية؟ وإذا لم توضع النظريات الخاصة بالتمثيل في فقه الارتباطات إلى جانب وجهات النظر والأساليب والأسس الفقهية، فهل تكون مفيدة؟ هل نعرف شكل القضايا ومضمونها؟ وما هو فهمنا للقضايا المعاصرة؟ إذا تغيرت هذه المفاهيم حقًا بسبب المشاركة الجماعية للباحثين من مجالات مختلفة في مشكلة واحدة، وأثر هؤلاء الباحثون على بعضهم البعض، فسيتم إنشاء عمل فعال متعدد التخصصات بدونه لا يمكننا فهم المشكلات، ولذلك، فإن إحدى مشكلاتنا هي أننا إما لا نقوم بعمل متعدد التخصصات أو لا نقوم بعمل فعال متعدد التخصصات. لذلك هذا الأمر يؤدي إلى ابتعاد الأبحاث المتعلقة بالفن عن المشكلات الحقيقية والحلول الحقيقية للمشاكل٠

ما هي تحديات الباحثين في الفقه الفني لفاعلية الفتوى في الساحة الاجتماعية؟

الأستاذ عشايري: في البداية أود أن أشير إلى أن فقهنا له تاريخ عريق في التركيز على الكفاءة والتركيز على نتائج الفتاوى. وسواء في الأدلة وفي الفقه الناشئ عن تلك الأدلة، فإن هناك مسألة خطيرة وهي أن الفقه لا يبالي بنتائج الفتوى والآثار التي تحدثها الفتوى فيما بعد. وفي الادلة على تحريم زواج المتعة، مثلا نحن لدينا في الروايات أن أهل البيت، عليهم السلام، نهوا بعض الطلبة عن زواج المتعة بحجة أنهم إذا قاموا بهذا الزواج في وقت لا حاجة فيه إلى زواج المتعة فإن ذلك سيجعل أزواجهم في المستقبل يعاملوهمة ببرودة، و لذلك صرحنا بكراهية المتعة، وبغض الإمام لهذا الحكم يؤدي إلى الكفر، فلا تفعلوا هذا. أي: نهي الزواج بالمرأة الذي يؤدي إلى كفر الزوجة الدائمة٠

اما في أدلتنا، في الأحكام التي تؤدي في النهاية إلى ضرر أو حرج، قد ظهرت النتيجة بالفعل، وتم حذف هذه الأحكام الضارة والحرجة. وهذا هو رأي فقهنا. بل أبعد من ذلك، لدينا في فقهنا حالات كثيرة يرى فيها الفقيه ضرورة وجود دليل للفتوى، لكن الفقيه يشعر أنه إذا أصدر فتوى فسيصبح مستعمل الفتوى وسواسي. ولذلك فإنه بمراعاته لعاقبة الأمور يمنع ضرورة السبب مع هذا الاهتمام، أي أن الفقهاء قد اهتموا بكفاءة الفتوى إلى هذا الحد٠

أي أن الفقيه لم يرد أن ينظر إلى مقتضيات الدليل ويكتفي بالفتوى بحسب مقتضيات الدليل، دون الالتفات إلى ما يترتب على هذه الفتوى. وهذا هو الوضع العام في فقهنا، لكن فيما يتعلق بفقه الفن، يبدو أننا إذا أردنا أن يكون لدينا فقيه يفتي بالفعل في الفن وتكون فتواه فتوى فعالة، فالشرط الأول هو أن يكون بين الفقيه والمستخدم للفتوى فهم مشترك للفن. وهذه هي القضية. وإذا لم يوجد هذا الفهم المشترك، فلن تحظى هذه الفتوى باحترام وموثوقية أصحاب الفتوى٠

اما من الأمور الأخرى التي يمكن أن تساعد على كفاءة الفتوى وجود فهم مشترك بين الفقيه والملزم بضرورة ذلك الفن. فإذا كان الفقيه لا يتقبل حقاً ضرورة البطولة الرياضية، وليس الفن فقط، فيمكنه أن يفتي بالحرمة بأقل قدر من الفساد، لكن إذا علم الضرورة، فلا يجوز له أن يفتي بالحرمة، ولو على افتراض أن رياضة البطولة فيها فساد. ولذلك يجب على الفقيه أن يفهمها بالقدر المطلوب أو بما يتناسب مع الفهم المطلوب لضرورة الفن٠

النقطة الثالثة التي يمكن طرحها كتحدي في مناقشة الكفاءة هي أن الفتوى هي مشكلة الالتزام الحقيقي. وأحياناً نتفقه في أمر ما ونفتي به، وهذا ليس واجباً على الإطلاق. فإذا كانت المسألة التي يتناولها الفقيه مسألة واجبة حقيقية، وكان فهم الفقيه لأصل ذلك الفن متفقا مع فهم صاحب الفتوى، ستقل تحديات الفتوى٠

ما هي تحديات إدارة البحث في مجال الفقه الفني؟

الأستاذ عشايري: تحديات إدارة البحث في مجال الفقه الفني هي نفس تحديات إدارة البحث في المجالات الأخرى ولا تختلف كثيراً. ويبدو أن أحد أسباب عدم تركيزنا بشكل كافٍ على حل المشاكل الحقيقية في أبحاثنا، بما في ذلك أبحاث فقه الفن، هو أن الإدارة الجادة، المبنية على تقييم الاحتياجات والبحث المستقبلي، وإقامة علاقة بين المشاكل الحقيقية للفن وعقول الباحثين سواء في المجال لم يتم إعداد الموقع، سواء في مجال التدقيق وإنتاج المحتوى، أو في مجال التجارة والحقوق الفنية، أو في الجوانب الإعلامية للفن٠

نقول بمعنى آخر، الحوزة العلمية تشبه الأرض التي يجب إعدادها. يجب أن نعرف نوع الثروة التي تمتلكها وبأي برنامج يمكن معالجة هذه الثروة ووضعها في الوضع الأكثر فعالية وكفاءة لإنتاج المنتج كعملية منهجية، مع المراقبة المستمرة والاعتراف بقوى الحوزة. إذا تم هذا التحليل الدقيق، فإن المنتج الذي يتم إنتاجه بهذه الثروة سيكون منتجًا شعبيًا ولن يكون هناك أي تحدٍ من قبل المستخدم. وفي رأيي أن هذا الاستحواذ على الأرض لم يتم على أرض تسمى الحوزة وأموالها، ولا يمكن أن يتم، ولن يتم. لذلك، ليس لدينا تقييم للاحتياجات، ولا ندرب الباحثين، ولا ندرب المستقبليين وفقًا للمتطلبات٠

هذه هي الركائز الأساسية لإدارة البحوث. فمن المهام المهمة لإدارة البحث ملاحظة المشاكل ونقلها إلى مكتب البحث الخاص بالباحثين بحيث تصبح المشاكل فرضيات والفرضيات حلولاً والحلول تحل المشكلات. هذه هي الأمور التي ينبغي القيام بها في إدارة البحوث. لكن الهيكل الإداري للحوزة يجعلنا لا نعرف مدى نجاح تنفيذ مثل هذه الأحداث. وإذا تم ذلك بالفعل، فلا يتم الإخطار به. ولكن من المتوقع أن تكون مثل هذه الظروف موجودة. أي ما دام جدول أبحاث الباحثين الحوزويين والباحثين الفقهيين بعيدًا عن تحديات ومشكلات احكام الفن، وتحديات ومشكلات الحضارة الفنية، وتحديات ومشكلات مستهلكي الفن، وحقوق مستهلكي الفن ومنتجيه. فإن الباحثين سوف يتجهون نحو القضايا المجردة والخيالية ومقابل ذلك ستبقى الإشكاليات في مجال الفن الأدائي وفي مجال الإنتاج الفني٠

إن إدارة البحث في مجال الفقه الفني، كما هو الحال في المجالات الأخرى، يجب أن تراعي حقيقة المشاكل الحقيقية والفعلية وتتعامل معها. وفي هذا المؤتمر الفقهي الفني الأخير، فكرت أمانة المؤتمر في هذه المسألة إلى حد ما. وكان للفنانين أنفسهم حضور جدي في المؤتمر، وطرحوا همومهم أمام الباحثين في فقه الفن، وكتبت مقالات عن بعض المشكلات الحقيقية في مجال فن السينما، ولكن هنا مرة أخرى توجد مشكلة خطيرة وهي أنه من المتوقع من إدارة البحث توفير الظروف والمجالات للدراسات البينية بالإضافة إلى مراقبة المشاكل وتحويلها إلى مكتب البحث الخاص بالباحثين٠

إن تكوين دراسات فنية متعددة التخصصات هو في الواقع نشاط هادف، بحيث يجلس خبيران من مجالين مختلفين ومن تخصصين علميين مختلفين معًا لخلق فكرة ثالثة. إذا تم منع سلوك أو إجراء فني، فهو عمل جاد متعدد التخصصات بحيث يتم اقتراح إجراء فني بديل بدلاً من ذلك. لذلك يجب أن يكون صراع الأفكار بين اثنين أو أكثر من التخصصات المشاركة في بحث متعدد التخصصات فعالاً لدرجة أنه يؤدي إلى حل مشكلة حقيقية، ويعني سد خط ملتوي واقتراح خط مستقيم٠

الحقيقة هي أن الدراسات متعددة التخصصات الآن ليست اختيارًا أو ذوقًا، بل هو مأزق لا مفر منه، ولا سبيل غير هذا. ولذلك ينبغي أن يحدث في مجال إدارة البحوث أن نتجه نحو الدراسات البينية الجادة والفعالة، وليس الدراسات البينية القائمة على النشاط والتي لا تسعى إلى هدف حقيقي٠

هذه الحوار هو جزء من المجلة الإلكترونية عنوانها “أصول فن الفقه” التي تصدر بالتعاون مع مدرسة الفقه الفني وموقع شبكة الاجتهاد٠