قال بعض الفقهاء: إن الشعر الذي يلحق بها إذا كان من شعر امرأة أخرى وجب تغطيته وحرم النظر إليه، أما إذا كان من شعر رجل أو شعر حيوان أو ألياف صناعية فلا حرمة عليه. ولم أجد من يعتقد بذلك، ولكنه ورد في كتب الفقه المختلفة، وفي الغالب نفاه٠
ملاحظة: من طرق تصوير المرأة المسلمة التي تلعب دور المرأة بدون حجاب استعمال الشعر المستعار. وطبعاً استعمال الشعر المستعار او الباروكة ليس خاصاً بهذه الحالة، وهناك دوافع مختلفة لتصوير المرأة بالشعر المستعار؛ دوافع مثل الجمال، وإظهار عدم الالتزام بالدين، وإظهار سيدة غير مسلمة، وغير ذلك. وهنا يثار السؤال هل يجوز للمرأة أن تلبس الشعر المستعار وهي في نظر الرجال غير المحارم؟ في هذا التقرير، قام حجة الإسلام محمد صادق إبراهيمي، طالب الدكتوراه في جامعة المصطفى، بدراسة آراء الفقهاء في هذه المسألة٠
بتتبع فتاوى الفقهاء، نجد أنهم اختلفوا في حكم استعمال المرأة المسلمة للشعر المستعار أمام غير المحارم؛ مع فارق أن بعض الفقهاء قالوا قطعاً بأن الشعر المستعار زينة ولذلك فهو محرم، وبعضهم الآخر قال: إذا كان زينة فهو محرم. وبطبيعة الحال، قال بعض الفقهاء أيضاً بأن الشعر المستعار زينة خارجية ولذلك لا يحرم استعماله٠
قد أثار المرحوم السيد يزدي في كتابه العروة الوثقى هذه المسألة وأصدر الفتوى التالية: “والظاهر أن تغطية الشعر الذي يتصل بشعر المرأة واجب والنظر إليه محرم، سواء كان شعر امرأة أو رجل. “ولكن وجوب التغطية وتحريم النظر إلى الباروكة المصنوعة من غير الشعر، وكذلك الحلي، إذا لم يكن جلد الجسم مكشوفًا، مشكوك فيه، وإن كان الاحتياط يقتضي تغطيتها.”1
كتب المرحوم السيد محمد محقق داماد، في شرحه لقول المرحوم السيد يزدي: “استخدم القول بأن تغطية الشعر الملحق، مثل الشعر الأصلي، واجب والنظر إليه محرم. والحجة النهائية التي يمكن تقديمها لذلك هي أن وجود شعر كثيف وطويل على النساء كان شائعًا ومشهورًا بين العرب. ولهذا السبب، نظم الشعراء قصائد تصفه وتمتدحه. في مثل هذه البيئة، يجب أن يكون من الشائع ارتداء وصلات الشعر والشعر المستعار، ويجب أن تكون جودة الشعر بحيث يعتقد المشاهد أن الشعر الأصلي ووصلات الشعر متماثلان. “والآيات الواردة في وجوب النظر (تحريم النظر – سورة النور، 31) وتحريم إظهار الشعر تشمل الشعر (الأصلي والممتد)” 2
“يعتقد المرحوم السيد الخوئي أيضاً أن تسمية “الشعر الأجنبي” التي وردت في رواية حكم وجوب التغطية وتحريم النظر ليست صحيحة بالنسبة للشعر الطويل، ولذلك فإن الدليل على تحريم النظر إلى “الشعر” غير كاف، بل قد يكون محرماً كزينة. 3
قد قال بعض الفقهاء: إن الشعر الذي وصل من شعر امرأة أخرى يجب تغطيته ويحرم النظر إليه، أما إذا كان من شعر رجل أو شعر حيوان أو ألياف صناعية فلا يحرم. ولم أصادف أحداً يعتقد بذلك، ولكنه ورد في كتب فقهية مختلفة ونُفي في أغلبها. فمثلاً المرحوم محقق داماد وهو يقترح هذه الفتوى يكتب في شرحها واستدلاله عليها: “والحجة التي قد يقام عليها الاستصحاب؛ “مع بيان أن تغطية هذا الشعر كان واجباً سابقاً (حين كان شعر امرأة أخرى) وكان النظر إليه محرماً، ولذلك حكم الاستصحاب بتحريمه الآن أيضاً. ثم أجاب بأن الاستصحاب لا ينطبق هنا؛ لأن الاستصحاب هو الأصل ويستعمل حيث لا دليل له؛ أما هنا فقد قطعنا بعدم وجوب تغطية الشعر المنفصل. والدليل على ذلك أنه في ذلك الوقت كان حتى الشعر الذي ينتف من شعر المرأة أو يحلق ويترك ولا يؤمر بتغطيته، كدفنه مثلاً. ورأينا مثل ذلك في الحج، حيث يحلق ويقصر، ولا يجب دفنه٠
قد ورد في رواية أن الإمام الصادق (ع) سئل عن لبس المرأة الباروكة فقال (ع): لا بأس أن تكون من شعر الحيوان أو من شعر المرأة نفسها، ولكن لبس شعر غيرها مكروه. والكراهية في هذه الرواية ـ على الأرجح ـ لا تعني المنع، بل معنى اللفظ، وهو أولوية الترك.”وفي هذه الحالة يجوز لزوج هذه المرأة أن ينظر إلى شعر الأجنبي، وهذا دليل على أنه لا حرج في النظر إلى شعر المرأة المنتزع من الأجنبي”4٠
كما رد آية الله اشتهاردي على هذا الشرح بقوله: إن تحريم النظر إلى شعر الأجنبية قبل قصه كان من باب تحريم النظر إلى الأجنبية، أما بعد الفراق فلا حرج فيه. 5
من مراجعة حواشي وتعليقات العروة يتبين أن جمهور الفقهاء قد عبروا عن آراء في نطاق الرأي المذكور أعلاه، ولكن من أجل الوضوح نذكر بعض هذه الآراء؛
يرى الإمام الخميني وجوب تغطية الشعر الذي وصل، وكذلك الباروكة والحلي، احتياطاً٠
يرى آية الله الكلبايكاني أيضاً تركه على الأحوط، وإن كان يرى عدم وجوب تغطيته٠
يرى آية الله الخوئي أنه إذا كان من الزينة ـ سواء في الشعر أو الباروكة أو الحلي ـ فلا يستبعد وجوبه٠
يرى آية الله مكارم شيرازي أنه إذا كان من الزينة الداخلية وجب تغطيته. 6
يرى آية الله الشيخ محمد رضا ال ياسين عدم وجوب تغطيته٠
يرى بعض العلماء مثل السيد أحمد الخونساري والسيد أبو الحسن الأصفهاني والحكيم والكلبايكاني أن وجوب تغطيته مشكوك فيه، وإن كانوا يرون أن من الحكمة اجتنابه. 7
آية الله موسوي اردبيلي: لا حرج في استعمال المرأة للشعر المستعار العادي، ولكن يجب ستره عن الأجانب، لأن الشعر المستعار يعتبر عادة من زينة المرأة، ويجب ستر زينة المرأة عن الأجانب. 8
الآيات السبحاني والمنتظري: الشعر الصناعي أنواع، كالشعر المستعار أو زرع بصيلات الشعر التي تأخذ شكل الشعر الطبيعي، وربط خصلات الشعر الصناعي بجذور الشعر، ولذلك لا يجوز للرجل المحرم أن يغطي رأسه بالشعر المستعار أو ربط الشعر الذي يغطي الرأس أو جزء منه، ولكن إذا كان الزرع بحيث يصبحان من جسم الإنسان وينموان ويتطوران مثل شعر الإنسان فلا حرج، وإذا كان لا بد من استعمال المحرمات وجب عليه الكفارة. [9] [10
[1] 1.١. العروة الوثقى (للسيد يزدي)، المجلد الأول. 1، ص. ٠550
[2] ٢.كتاب الصلاة (محقق داماد)، المجلد الأول. 2، ص. ٠88
[3] ٣. موسوعة الامام الخوئي، المجلد الرابع. 12، ص. ٠85
[4] ٤. كتاب الصلاة (محقق داماد)، المجلد الأول. 2، ص. ٠88
[5] ٥. وثائق الأروى (اشتهاردي)، المجلد الأول. 12، ص. ٠533
[6] ٦. العروة الوثقى بالتعليقات، ج٢. 1، ص. 452
[7] ٧. العروة الوثقى (المحشي)، المجلد الأول. [8] موسوي الأردبيلي، شرح المسائل، العدد: ٠3026
٨. موسوي اردبيلي، توضيح المسائل، مسأله ٣٠٢٦
[9] ٩. سبحاني، مناسك الحج، العدد: 390
[10] ١٠. منتظري، توضیح المسائل، العدد: 2565