محمد صادق ابراهيمي
آراء الفقهاء في الفرق بين البث المباشر وغير المباشر في أحكام النظر
ملحوظة: لقد اختلف كثير من الفقهاء في حكم النظر إلى غير المحارم والنظر إلى صورهن، وفرقوا بين الأمرين. ومع ظهور تقنية البث المباشر ظهرت قضية جديدة بين الأمرين السابقين، فالبث المباشر ليس هو النظر إلى غير المحارم مباشرة ودون وسيط، ولا النظر إلى صورهن الميتة الجامدة القديمة، بل هو جزء من الأمرين. وفي هذا التقرير قام حجة الإسلام محمد صادق ابراهيمي بتحليل آراء الفقهاء في الفرق بين البث المباشر وغير المباشر في أحكام النظر٠
اما من القضايا التي يعاني منها المكلفون في العالم المعاصر حكم النظر إلى صور غير المحارم في وسائل الإعلام. و السؤال الذي يطرح على المكلفين هو هل يجوز النظر إلى هذه الصور من الناحية الفقهية أم لا؟ وهل هناك فرق بين الصور الحية وغير الحية، أم أن حكمها واحد؟ والنتيجة التي توصلنا إليها من خلال البحث في مؤلفات الفقهاء المعاصرين تشير إلى أن هناك ثلاثة آراء عامة بين الفقهاء في النظر إلى الصور، سواء كانت صامتة أو متحركة، حية أو غير حية، وسأتناولها فيما يلي؛
إن النظر إلى الصور الحية لا يختلف جوهرياً عن النظر إلى الصور غير الحية، وبالتالي فإن حكمهما واحد. ويمكن تقسيم هذا الرأي إلى اتجاهين رئيسيين
أ) إن حكم النظر إلى الفيلم، سواء كان بثاً حياً أو غير حي، ليس حكم النظر إلى شخص، بل هو حكم النظر إلى صورة فوتوغرافية، وبالتالي بدون قصد التلذذ فلا إشكال. “على سبيل المثال، يُستشهد بفتويين عن مرجعين معاصرين
١. آية الله مكارم شيرازي: ما لم يترتب عليه فساد خاص أو انحراف أخلاقي فلا إشكال٠
٢.الايات العظام بهجت و صافي كلبايكاني: رؤية الأجانب في التلفاز وسماع أصواتهم حرام إذا كان متعلقاً بالفساد والريبة
ب) حكم مشاهدة الفيلم سواء كان مباشراً أو غير مباشر إذا كان صاحب الصورة مجهولاً للمشاهد أو كان شخصاً مستهتراً، كحكم النظر إلى الصورة الفوتوغرافية، أي يجوز ذلك بدون قصد التلذذ، أما إذا كان الشخص معروفاً فهو كحكم النظر إلى الشخص نفسه، أي أنه لا يجوز النظر باستثناء الوجه والكفين، ولو لم يقصد التلذذ٠
٣. فمثلاً كتب آية الله تبريزي رداً على السؤال المذكور: إذا لم يعرف المرأة فلا مانع [من النظر بدون قصد التلذذ]، وإذا عرف المرأة فحكم النظر إلى صورة المرأة أو فيلمها كالنظر إلى المرأة نفسها أي لا يجوز النظر إلى أي شيء غير وجهها وجسمها ولو بدون قصد التلذذ٠
كما كتبا الآياتان العظيمتان منتظري وفاضل لنكراني في هذا الصدد: لا حرج في النظر إلى صورة أو فيلم المرأة الأجنبية إذا كانت طائشة أو مجهولة٠
الصور غير الحية لها نفس أحكام الصور الفوتوغرافية، والصور الحية لها نفس أحكام البشر. ويرى أصحاب هذا الرأي أن حكم النظر إلى الفيلم غير الحي هو نفس حكم النظر إلى الصورة، لكنهم يقولون: إن النظر إلى فيلم البث المباشر له نفس حكم النظر إلى صاحب الصورة؛ وهذا يعني أن من اتصل بشخص أجنبي عن طريق الفيديو كأنه ينظر إليه شخصيا، ويجب عليه مراعاة جميع أحكام النظر إلى جسد الأجنبي، أما إذا سجل نفس الصور وشاهدها بعد دقائق قليلة، فيجب عليه مراعاة أحكام النظر إلى صورة الأجنبي، وهو أيسر من وجهة نظرهم إلى حد ما٠
فمثلا فتوى الإمام الخميني هي كالتالي: الفيلم الذي يبث على الهواء مباشرة حكمه الإنسان، أي لا يجوز للرجال النظر إلى غير وجوه وأكفان النساء الأجنبيات، ولا يجوز للنساء النظر إلى أجساد الرجال، وأما الفيلم الذي يبث بطريقة غير مباشرة فحكمه الصورة الفوتوغرافية، أي إذا كان مجهولا فلا حرج في النظر إليه من دون لذة أو فساد٠
الصور غير الحية، وأحكام الصور الفوتوغرافية والصور الحية، على الأحوط وجوباً، حكمها الإنسان؛ ولذلك لا يجوز للرجال النظر إلى غير وجوه وأكفان النساء الأجنبيات، مراعاة لعدم خوف الفتنة والفساد٠
“لا فرق في الحكم بين الفيلم المذاع على الهواء والصورة الفوتوغرافية، لكن النظر إلى الفيلم الحي على الأحوط وجوباً حكم النظر إلى الشخص ويختلف عن الصورة الفوتوغرافية٠
١. مكارم، كتاب النكاح، ج 1، ص 41
٢. الاستفهام؛ ص كلبايكاني، جامع الأحكام، ج 2، ص 174
. ٣. جواد تبريزي، الاستفهام، ج 1، ص 3
٤. حسين علي منتظري، الاستفهام، ج 3، ص 512.؛ فاضل لنكراني، جامع المسائل، ج 1، ص 455
[5]. ٥. الإمام الخميني، أحكام المرأة، ص 32؛ السيد علي الخامنئي، أجوبة الاستفتاءات، ص ٠259
٦.السيد علي الخامنئي، أجوبة الاظتفتائات، ٢٥٩
هذه المذكرة جزء من المجلة الإلكترونية “أصول فقه الدراما” التي صدرت بالتعاون مع
مدرسة الفقه الفني وموقع شبكة الاجتهاد٠