نظرة على كتاب «فقه وحقوق العقود (الأدلة العامة القرآنية)»:

مبادئ فقه الاقتصاد/11

من المثير للدهشة أن بعض الفقهاء الكبار، مثل الشيخ مرتضى الأنصاري، بدأوا كتابهم «المكاسب» بحديث تقسيم المكاسب، المعروف بحديث «تحف العقول»، وبعض الأحاديث الضعيفة الأخرى، وامتنعوا عن تقديم مناقشة عامة حول الآيات المقبولة لدى الجميع، والتي يستخدمونها في عشرات الحالات، بينما الحديث المنقول من تحف العقول مرسل، مضطرب، منقول بالمعنى، وبعض فقراته محل إعراض الأصحاب.

إشارة: كتاب «فقه وحقوق العقود (الأدلة العامة القرآنية)» هو بحث فقهي أجراه آية الله أبو القاسم عليدوست، أستاذ دروس الخارج في الحوزة العلمية بقم وأستاذ في معهد الثقافة والفكر الإسلامي، ضمن قسم الفقه والحقوق في معهد أنظمة الإسلام، ونشرته المعهد المذكور في شكل كتاب. تسعى هذه المقالة إلى تقديم تقرير محتوائي عن هذا العمل.

معلومات الكتاب: فقه وحقوق العقود (الأدلة العامة القرآنية)، عليدوست، أبو القاسم، طهران: منشورات معهد الثقافة والفكر الإسلامي، ٦٢٠ صفحة، الطبعة السابعة، ١٤٠٢ هـ.ش (٢٠٢٣ م).

تم تأليف هذا الكتاب بهدف دراسة وبيان الأدلة العامة القرآنية لفقه وحقوق العقود. والمقصود من ذلك هو دراسة الأدلة العامة القرآنية التي استخدمها الفقهاء في استنباط أحكام المعاملات والعقود، ولكن لم يتم تناولها في بحث مستقل وشامل. وبالتالي، فإن موضوع الكتاب هو «الأدلة العامة القرآنية للعقود»، ودافع البحث هو «دراسة وتوضيح الجوانب المختلفة والمبهمة لهذه الأدلة».

وكما أقر المؤلف، فإن المقصود بالأدلة العامة القرآنية ليس كما تناولها غالبية الفقهاء في متون الفقه في قسم المعاملات. كما أن موضوع البحث ودافعه (على التوالي) هما «القواعد والضوابط العامة للعقود» و«بيان صحتها، مضمونها وتطبيقاتها».

ضرورة البحث

يوضح المؤلف ضرورة هذا البحث كما يلي:

نظراً لعدم دراسة دلالات ومدى الآيات المعنية، كانت مواقف الفقهاء تجاهها مختلفة للغاية، بل إن بعض الفقهاء اتخذوا مواقف متعددة تجاه دليل واحد. ولا شك أن تقديم مناقشة شاملة ومستقلة يمكن أن يوضح العديد من الغموض المحيط بهذه الأدلة، ويقرب بين الآراء المختلفة، ويكون بحثاً شاملاً وجاهزاً للباحثين، وأساتذة المستويات العليا ودروس الخارج في الحوزات العلمية والجامعات، والكتاب والطلاب. من المثير للدهشة أن بعض الفقهاء الكبار، مثل الشيخ مرتضى الأنصاري، بدأوا كتابهم «المكاسب» بحديث تقسيم المكاسب، المعروف بحديث «تحف العقول»، وبعض الأحاديث الضعيفة الأخرى، وامتنعوا عن تقديم مناقشة عامة حول الآيات المقبولة لدى الجميع، والتي يستخدمونها في عشرات الحالات، بينما الحديث المنقول من تحف العقول مرسل، مضطرب، منقول بالمعنى، وبعض فقراته محل إعراض الأصحاب. بل إن هذا الحديث يشبه النص الفقهي أكثر من كونه حديثاً من معصوم. وبعض الروايات الأخرى التي نقلها لها وضع مشابه لرواية تحف العقول. كان من المناسب أن يساهم الشيخ الأنصاري وغيره من فقهاء الإمامية، في بداية مناقشة أحكام المعاملات، بإشارة شاملة إلى هذه الأدلة، في تحقيق الأهداف المذكورة.

التاريخ، الهيكلية، ومنهجية البحث

يرى مؤلف الكتاب أن فقهاء الإمامية تناولوا مناقشة أحكام المعاملات بطريقتين: ١) بيان مسائل وفروع جزئية المعاملات (مسألة بمسألة)؛ ٢) بيان الضوابط والقواعد العامة للمعاملات. وفي هاتين الطريقتين، تمت الإشارة عَرَضاً إلى الأدلة العامة الشرعية للمعاملات، ولم يصادف المؤلف حتى وقت كتابة هذا البحث نصاً يتناول الأدلة بشكل شامل ومستقل. حتى إن بعض الفقهاء المعاصرين الذين انتقدوا منهج الشيخ الأنصاري في «المكاسب»، واعترضوا على بدايته بنقل حديث تحف العقول بدلاً من مناقشة آيات القرآن، اكتفوا بالإشارة غير الشاملة إلى أحد الأدلة العامة للمعاملات، وهي آية «لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ» (النساء: ٢٩).

محاور المناقشات وفصول الكتاب

يتناول هذا البحث خمسة أدلة من الأدلة العامة القرآنية للعقود. يتم تناول كل دليل في فصل مستقل وفي إطار عدة مباحث؛ وبالتالي يشمل البحث خمسة فصول وستة عشر ملحقاً. ويجدر بالذكر أن هذا البحث قُدّم أولاً في إطار تدريس دروس خارج الفقه في الحوزة العلمية بقم على مدى عامين من قبل المؤلف، ثم تم العمل البحثي حوله لما يقرب من عقد من الزمان ليُقدم بالشكل الحالي.

الفصل الأول: آية الوفاء بالعقود

يحتوي هذا الفصل على ثلاثة مباحث رئيسية:

المبحث الأول: يتعلق بمناسبة النزول وأسانيد تفسير الآية.

المبحث الثاني: يهدف إلى بيان مفردات الآية، أي صيغة «أوفوا»، وباء الجر، والألف واللام، و«عقود»؛ والإجابة على أسئلة مثل:

  1. هل «أوفوا» تدل على حكم تكليفي، أي وجوب الوفاء بمقتضى العقد؟ أم على حكم وضعي، أي لزوم المعاملات؟ أم على كليهما؟
  2. ما معنى «عقد» وما الفرق بينه وبين «عهد» و«وعد»؟
  3. هل إطلاق «عقد» يشمل المعاملات المنعقدة بنحو «المعاطاة» التي تفتقر إلى صيغة جامعة للشروط الشرعية عند الإنشاء، وكذلك على الاتفاقات السابقة للعقد التي يُبنى عليها العقد (المقاولات)؟

كيف هو وضع هذا الإطلاق بالنسبة للإيقاعات والإيجابات الملزمة، وهل يمكن الاستفادة من الآية والاتكاء عليها في استنباط أحكام هذه الظواهر الحقوقية؟

المبحث الثالث: يتولى تحديد نطاق الآية ومداها، والإجابة على أسئلة مثل:

  1. هل العقود التي أُسست بعد نزول الآية وعصر التشريع تدخل في دلالة الآية، أم أن هذه العقود خارجة عن نطاق الآية، ولا يصح الاستدلال بها في هذه العقود؟
  2. هل يمكن الاستفادة من الآية في حال الشك، واستنباط صحة العقود التي يحتمل فقدانها لشرط أو وجود مانع محتمل فيها، أم أن الآية تنطبق فقط على العقود الجامعة للشروط الشرعية؟
  3. هل العقود الجائزة مثل عقد الوكالة والعارية تدخل في نطاق الآية، وهل يمكن أن تكون الآية مصدراً لاستنباط أحكام فيها، أم أن العقود اللازمة فقط هي التي تدخل في نطاق الآية؟
  4. هل العقود التي تصبح جامعة للشروط الشرعية بعد انعقادها، مثل عقد الرهن والفضولي، بعد إجازة المرتهن والمالك، تدخل في نطاق الآية؟
  5. هل عقد البيعة والانتخابات (تمثيل البرلمان، الرئاسة، وغيرها) تدخل في نطاق الآية؟

الفصل الثاني: آية النهي عن أكل الأموال بالباطل وتنفيذ التجارة بالتراضي

فيما يتعلق بالآية المدروسة في هذا الفصل، هناك أربعة مباحث رئيسية:

المبحث الأول: يتناول القراءة، الإعراب، الروايات الواردة في تفسير الآية، وأقوال المفسرين حولها.

المبحث الثاني: مخصص لبحث مفردات الآية (المفاهيم التصورية) وهيئتها التركيبية (المفهوم التصديقي). يتناول هذا المبحث دلالة الآية على الضمان، معيار شرعية بطلان المعاملات، وعلاقة أكل المال بالباطل بالسفه في المعاملة.

المبحث الثالث: يركز على نطاق دلالة الآية وحدود كفاءتها السندية والاستقلالية في استنباط الأحكام. يناقش هذا المبحث، بشكل مفصل، مسألة أهلية حضور آيات القرآن في استنباط الأحكام عند الشبهة والشك (الشبهة الحكمية)، ودلالة الآيات على الإطلاق وعدم هذه الأهلية والدلالة.

المبحث الرابع: مخصص لتطبيق العقد المستثنى والمستثنى منه في الآية على بعض الحالات المثيرة للجدل والتأمل.

الفصل الثالث: آية إحلال البيع وحرمة الربا

تشمل مباحث هذا الفصل ما يلي:

  1. هل فقرة «وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا» قول الله، أم استمرار كلام المخالفين الذين فصل بين البيع والربا في الحكم؟
  2. هل الآية تهدف إلى بيان التشريع (إحلال البيع وحرمة الربا)، أم أن التشريع قد تم وأُعلن من قبل، وهذا الكلام مجرد رد على اعتراض غير مبرر من المخالفين للربا، موضحاً الفرق في حكم البيع والربا؟
  3. ما هو المفهوم التصوري والتصديقي لـ«وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا»؟ يشمل هذا المبحث خمسة مباحث فرعية:

أ) هل الآية متضمنة لبيان حكم تكليفي فقط؟ أم وضعي وقانوني؟ أم كلاهما معاً؟ أم كلاهما استغراقاً؟ أم جامع الوضع والتكليف؟

ب) ما معنى البيع في الآية؟ هل هو السبب والآلة، أم المسبب وذو الآلة، أم لا هذا ولا ذاك؟

ج) ما معنى الربا؟ هل هو الزيادة نفسها أم المعاملة الربوية؟

د) هل الآية تتعلق بحرمة الربا المعاملي أم القرضي أم كليهما؟

هـ) هل الآية تدل على حرمة الربا المطلق؟ أم الربا الفاحش وذي الفائدة العالية؟

  1. مناقشة نطاق الآية، وتشمل قولين:

أ) شمول الآية للعقود التي ظهرت بعد عصر التشريع.

ب) ما المراد بـ«البيع»؟ هل هو البيع العرفي أم البيع الجامع للشروط الشرعية؟ وهل يصح التمسك بالآية في حال الشك؟

  1. مناقشة بعض التطبيقات المثيرة للجدل وإثباتها أو نفيها.

الفصل الرابع: آية النهي عن التعاون على الإثم والعدوان

يشمل هذا الفصل المباحث التالية:

  1. دراسة مفردات الآية المباركة («لا»، «تعاون»، «إثم»، و«عدوان») ومناقشة مفهومها التصديقي.
  2. هل الآية مبينة لحكم شرعي، أم مبينة لأحد مقاصد الشريعة العامة دون أن تكون دالة على حكم شرعي يمكن الاستفادة منه في إثبات قضية من الشريعة؟ وإذا كانت الأولى، فهل تدل على حكم تكليفي فقط أم توجه أيضاً إلى حكم وضعي ببطلان؟
  3. ما علاقة الآية بمؤسسات مثل «سد الذرائع إلى الحرام» و«حرمة مقدمة الحرام»؟ هل يمكن اعتبار الآية، إذا دلت على حرمة التعاون على الإثم والعدوان، دليلاً على إثبات سد الذرائع إلى الحرام وحرمة مقدمة الحرام؟
  4. ما علاقة الآية بقاعدة الإلزام والنصوص الداعمة أو المتسقة مع هذه القاعدة، وبقاعدة التسلط والنصوص مثل «أوفوا بالعقود» وأدلة إمضاء العقود؟ هل مضمون الآية متعارض مع هذه القواعد والنصوص؟ وإذا كان كذلك، فهل يُقدم مضمون الآية على هذه القواعد والنصوص أم العكس؟
  5. تدقيق بعض الحالات والتطبيقات المتعلقة بالآية.

الفصل الخامس: آية نفي السبيل

في هذا الفصل، تمت دراسة المباحث التالية:

  1. دراسة مفردات الآية المباركة («لن»، «يجعل»، «لـ»، «كافرين»، «على»، «مؤمنين»، «سبيل») ومناقشة مفهومها التصديقي.
  2. هل يمكن إلغاء الخصوصية من المفاهيم المستخدمة في الآية، أي مفهوم «الكافرين» و«المؤمنين»، واعتبار نفي السبيل باستناد إلى الآية في غير المجال المذكور في الآية؟
  3. من هو الجهة المختصة بتشخيص «السبيل والسلطة» وعدمهما؟ هل للزمان والمكان دور في تحقق السبيل أو عدم تحققه؟ كيف؟ ما هي الحقائق التي تُعتبر في العصر الحاضر مصداقاً أو أرضية للسبيل والسلطة؟ في أي أشكال يتحقق السبيل والسلطة؟ هل قبول المعاهدات والمواثيق الدولية والقوانين الوضعية في الدول غير الإسلامية يُعتبر مصداقاً للسبيل السلبي؟
  4. ما علاقة الآية (وقاعدة نفي السبيل) بباقي الأدلة المبينة للأحكام؟ هل نفي السبيل من الأحكام الشرعية القابلة للتخصيص، أم لا مجال للاستثناء في مضمون هذه القاعدة؟ ما حكم السبيل والسلطة في حال تعارضها مع معاهدة أو معاهدات مقبولة؟
  5. ما هو موقع قاعدة نفي السبيل في قوانين إيران وغيرها من الدول؟

الملحقات

الملحق الأول: معيار تكوين العقد في القانون المدني وبعض الأنظمة الحقوقية.

الملحق الثاني: الإطلاق المقامي وتقدمه على الأصول العملية، ويشمل:

  1. ضرورة الالتفات إلى الإطلاق المقامي في المعاملات.
  2. تقدم الإطلاق المقامي على الأصول العملية في المعاملات.

الملحق الثالث: أصل اللزوم وجريانه في الشبهات الحكمية، ويشمل:

  1. الموقع الشرعي والفقهي لأصل اللزوم.
  2. أصل اللزوم في قوانين إيران وبعض الدول.
  3. أصل اللزوم في أنواع مختلفة من الشبهات الحكمية.

الملحق الرابع: مفهوم الرضا والقصد وانفصالهما عن بعضهما.

الملحق الخامس: الإثراء غير العادل وبلا مبرر ومقارنته بأكل المال بالباطل في النظام الحقوقي الإيراني، ويشمل:

  1. ماهية قاعدة الإثراء غير العادل.
  2. أساس قاعدة الإثراء غير العادل.
  3. أكل المال بالباطل في القانون.
  4. عناصر الإثراء غير العادل ومقارنتها بأكل المال بالباطل.

الملحق السادس: ظهور الإطلاق في الآيات والأحاديث المبينة لكليات الشريعة، ويشمل:

  1. البحث عن الآراء، والسلوكيات، والنقد:

أ) رأي النفي.

ب) رأي الإثبات.

ج) النقد.

  1. البحث وبيان الرأي المختار.

الملحق السابع: حصرية أو عدم حصرية عناوين العقود في الشريعة، ويشمل:

  1. دراسة الروايات، والنصوص الفقهية، والتطبيقات الفقهية.
  2. البحث.

الملحق الثامن: دراسة فقهية للسرقفلي، ويشمل:

  1. البحث في النصوص الفقهية.
  2. النقد والبحث.
  3. المشكلات الفقهية للسرقفلي والحلول:

أ) بيع المنفعة في السرقفلي.

ب) شراء المنفعة من قبل المستأجر مع كونه مالكاً.

ج) إشكالية انتقال المبيع في بعض حالات السرقفلي.

الملحق التاسع: بيع وشراء الأوراق النقدية وما شابهها.

الملحق العاشر: تدخل العناصر البديلة في المفاهيم.

الملحق الحادي عشر: رصد دوافع إصدار الأدلة الشرعية.

الملحق الثاني عشر: الدفاع غير الناجح عن تصحيح المعاملات المعنونة بـ«التعاون على الإثم».

الملحق الثالث عشر: الإعانة على الإثم والعدوان في النظام الحقوقي الإيراني.

الملحق الرابع عشر: التمسك بآيات القرآن بمعزل عن مراعاة السياق.

الملحق الخامس عشر: قاعدة نفي السبيل خارج نطاق آية نفي السبيل.

الملحق السادس عشر: قاعدة نفي السبيل في قوانين إيران وغيرها من الدول.

Source: External Source