الجلسة العلمية التاسعة والأربعون لمركز دراسات الفقه المعاصر

عُقدت الجلسة التخصصية بعنوان "منهجية تحويل الأمر النظري إلى أمر عملي، مع التطبيق على علم الفقه" بجهود مركز دراسات الفقه المعاصر وبالتعاون مع مكتب تطوير وتمكين العلوم الإسلامية التابع لمؤسسة التبليغ الإسلامي، وذلك بشكل افتراضي. تناولت الجلسة، التي شارك فيها الدكتور سيد حسين الشهرستاني، عضو الهيئة العلمية لمركز دراسات الثقافة والفن الإسلامي، تحليل وتفسير العلاقة بين النظر والعمل في الفلسفة الإسلامية، وبحضور الدكتور عبد المجيد المبلغي، عضو الهيئة العلمية لمركز دراسات العلوم الإنسانية والثقافية كناقد، تمت مناقشة جوانب مختلفة لهذا الموضوع.

إشارة: في الجلسة العلمية التاسعة والأربعين ضمن سلسلة برامج “أيام الأحد المنهجية”، عُقدت الجلسة التخصصية بعنوان “منهجية تحويل الأمر النظري إلى أمر عملي، مع التطبيق على علم الفقه” بجهود مركز دراسات الفقه المعاصر وبالتعاون مع مكتب تطوير وتمكين العلوم الإسلامية التابع لمؤسسة التبليغ الإسلامي، وذلك بشكل افتراضي.

في هذه الجلسة، قام الدكتور سيد حسين الشهرستاني، عضو الهيئة العلمية لمركز دراسات الثقافة والفن الإسلامي، بتحليل العلاقة بين النظر والعمل في تاريخ الفلسفة، خاصة في الفلسفة الإسلامية وتطوراتها المعاصرة. وأكد على ضعف الاهتمام بالحكمة العملية في تقليد الفلسفة الإسلامية وضرورة إعادة تعريفها، وتناول جوانب هذا الموضوع في أربعة محاور رئيسية: دمج الفلسفة والتقليد الديني، نظرية الاعتباريات، مشاركة الفلاسفة المعاصرين، ونظرية الفطرة.

كان من المقرر أن تُعقد هذه الجلسة في الأول من يوليو/تموز ٢٠٢٥، لكنها أُجلت بسبب ظروف غير متوقعة إلى يوم الأحد ١٩ أغسطس/آب، وأُقيمت بشكل افتراضي بمشاركة الباحثين والمهتمين.

بدأ الدكتور الشهرستاني حديثه بتتبع المسار التاريخي والنظري للعلاقة بين النظر والعمل من الفلسفة اليونانية، ثم تناول مكانة هذه العلاقة في تقليد الفلسفة الإسلامية. وأشار إلى تأثيرات العصر الحديث وانعكاسات هذه المسألة في الثورة الإسلامية في إيران، وانتقد أولوية الحكمة النظرية على الحكمة العملية في الفلسفة الإسلامية، وأبرز ضعف الاهتمام بالحكمة العملية في هذا التقليد الفلسفي.

وأضاف أن أرسطو يُعرف في الفلسفة الإسلامية بـ”المعلم الأول” والفارابي بـ”المعلم الثاني”، وأن تقسيم العلوم إلى حكمة نظرية وحكمة عملية يشكل المحور الأساسي لهذا التقليد الفلسفي. وأشار إلى أن أولوية الحكمة النظرية على الحكمة العملية كانت سمة بارزة في الفلسفة الإسلامية واستمرت حتى عصر الميتافيزيقيا. كما أن الفلسفة الإسلامية، رغم أهمية الحكمة العملية في مجالات مثل السياسة والاقتصاد والثقافة، ركزت بعد الفارابي بشكل أكبر على الأمور النظرية، وقل الاهتمام بالحكمة العملية، وهذا النقص كان ملحوظًا ومؤثرًا بشكل خاص في العصر المعاصر.

وفي سياق الجلسة، أشار الدكتور الشهرستاني إلى الفجوة والأزمة في الفلسفة الحديثة، مضيفًا: “إن الفلسفات الحديثة مثل فلسفة ماركس والوجودية أعادت تعريف العلاقة بين النظر والعمل وابتعدت عن التقليد السابق.”

وتناول الفلسفة الإسلامية المعاصرة من خلال أربع نقاط رئيسية:

  1. دمج الفلسفة والتقليد الديني: أكد أنه لا ينبغي الفصل بشكل صارم بين الفلسفة والتقليد الديني، واعتبر الفلسفة أداة لفهم الدين عقلانيًا وتفسير المعارف الدينية، مع مراعاة إطارها ولغتها الخاصة في التقليد الفلسفي الإسلامي.
  2. نظرية الاعتباريات: أشار إلى النظريات التي طُرحت في الفلسفة الإسلامية المعاصرة والتي تهتم بدور المعارف الاعتبارية في العمل والاتجاهات العملية، حيث يمكن أن تكون هذه النظريات وسيطًا بين النظر والعمل.
  3. مشاركة الفلاسفة المعاصرين: من بينهم العلامة الطباطبائي وتلامذته المميزين مثل الدكتور المبلغي والدكتور داودي، الذين أولوا اهتمامًا خاصًا بمسألة العلاقة بين النظر والعمل وسعوا إلى إعادة تعريفها وتفسيرها. وتُعد الفلسفة السياسية والفلسفة العملية من الهموم الأساسية لهؤلاء المفكرين.
  4. نظرية الفطرة: هذه النظرية، التي طرحها بعض مفكري الفلسفة الإسلامية المعاصرة، تتجاوز كونها نظرية بحتة، وتوفر إمكانية إعادة تعريف العلاقة بين النظر والعمل، وتُعتبر من الإبداعات المهمة في الفلسفة الإسلامية المعاصرة.

كما اعتبر الدكتور الشهرستاني الثورة الإسلامية في إيران نموذجًا فريدًا لتحقيق الارتباط بين النظر والعمل، وأشار إلى أن: “الفعل السياسي للإمام الخميني، المبني على الفكر الديني والفلسفي، فتح آفاقًا جديدة للإجابة على هذه المسألة الأساسية.” وتُعد هذه الثورة رمزًا لفتح أفق جديد في الإجابة على مسألة العلاقة بين النظر والعمل، وتظهر قدرة تقليد الفلسفة الإسلامية على تقديم إجابة ذات معنى لهذه العلاقة في العصر الحديث.

وفي ختام حديثه، أشار إلى مفهوم الإسلام الاجتماعي الذي طرحه آية الله شاه آبادي وغيره من المفكرين، مؤكدًا أن هذا المفهوم يعبر عن الجهود المبذولة لربط النظر بالعمل، والفلسفة بالسياسة، والدين بالمجتمع. كما شدد على ضرورة تعزيز الحكمة العملية وإعادة تعريف دور العمل في الفلسفة الإسلامية لتتمكن من الاستجابة للقضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية في العالم المعاصر.

اختُتمت الجلسة بالتأكيد على أهمية إعادة قراءة وتعزيز الحكمة العملية في الفلسفة الإسلامية، وأُكد أن الفلسفة الإسلامية قادرة على لعب دور فعال في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية من خلال الاستجابة للقضايا العملية المعاصرة.

Source: External Source