إشارة: الحجة الإسلام والمسلمين محمد دانشفر، من أساتذة المستويات العليا في الحوزة العلمية بقم، وخريج مدرسة الإمام محمد الباقر (ع) الفقهية في هذه المدينة. وقد ركز خلال السنوات الأخيرة على البحث في فقه التربية، ويسعى في هذه المقالة الحصرية إلى بيان حدود فقه التربية مع الأبواب والمفاهيم المشابهة الأخرى بشكل دقيق.
الملخص
في هذا العمل، ومع الأخذ بعين الاعتبار سياق نشأة العلوم والضرورات التي تحكمها، وبالنظر إلى أنماط الاستنباط المختلفة في الفقه، وكذلك الاهتمام بعنصر الاعتبار في صياغة العلوم، تم تقديم مخطط لتحديد حدود الوضع المطلوب لعلم “فقه التربية”. كما تمت دراسة متطلبات الوضع الحالي لعلم الفقه عند دخوله إلى مجال التربية، مع النظر إلى نمطي الاستنباط الواقعي والحجية.
بناءً على الاحتياجات والأهداف التي تحكم مجال فقه التربية، فإن الوضع المطلوب في تحديد حدود هذا العلم هو صياغة علم يتناول مباشرة دراسة العمليات التغييرية من الوضع الحالي إلى الوضع المطلوب، مستندًا إلى مصدري الكتاب والسنة بأسلوب الاستنباط الواقعي. في العلوم المضافة، فإن مجرد التوسع أو التغيير في موضوع العلم الأصلي، مع الحفاظ على الأسلوب ووحدة المصادر في العلم المضاف، لا يلغي الحسن العقلائي في اعتبار العلم المضاف فرعًا من العلم الأصلي. في حالة عدم قبول هذا الأمر والإصرار على عدم التوسع أو التغيير في موضوع الفقه، فإن كلمة “فقه” في عنوان “فقه التربية” تُستخدم بمعنى غير اصطلاحي (أي ليس بمعنى العلم بالأحكام الشرعية العملية من الأدلة التفصيلية)، كما هو الحال في استعمال “فقه الحديث” الذي يعني الفهم العميق للدين، وهذا الاستعمال لا يختلف في الأسلوب والمصدر عن الفقه الاصطلاحي. ولكن، بالنظر إلى الضرورات والأهداف التي تحكم فقه التربية، لا ينبغي إطلاق هذا العنوان على الأحكام الشرعية لسلوك المربي والمتربي (في كلا نمطي الاستنباط الواقعي والحجية). بل إن مجموع هذه الأحكام يُطرح كباب ضمن أبواب الفقه الأخرى (كتاب الصوم، كتاب التربية، وليس فقه الصوم، فقه التربية)، مع الفرق أن كتاب التربية في أسلوب الاستنباط الواقعي يُعد أحد مصادر علم فقه التربية في استنباط عمليات التغيير، على عكس كتاب التربية بأسلوب الاستنباط الحجية الذي لا يمتلك هذه القدرة.
الكلمات المفتاحية
فقه التربية، الاستنباط الواقعي، الاستنباط الحجية، الفقه، التربية، الأخلاق، التربية الأخلاقية.
المقدمة
اعتبارية صياغة وتحديد حدود العلوم
إن صياغة العلوم وتحديد حدودها أمر اعتباري يتم بناءً على معايير مثل الموضوع والهدف والأسلوب. وبما أن هذه الحدود اعتبارية[١]، يمكن تقييمها بناءً على الاحتياجات والأهداف التي يسعى البشر إلى تحقيقها من خلال تصنيف وصياغة العلوم[٢].
وعادةً ما لا تكون هذه الحدود مفاجئة، بل هي عملية تدريجية تتأثر بعوامل مثل التحولات الفكرية، وتطور الأدوات والتكنولوجيات الحديثة، والتحولات السياسية والتاريخية، والعوامل الثقافية والاجتماعية، والمؤسسات التعليمية، والتبادلات العلمية بين المجتمعات، وغيرها.
سياق نشأة العلوم المضافة وتكامل العلوم
إن الضرورة للإجابة على الأسئلة الجديدة وحل المشكلات المعقدة التي لا يستطيع علم واحد الإجابة عليها بمفرده تؤدي إلى تداخل مجالات العلوم المختلفة، وهذا أحد أهم أسباب نشأة العلوم المضافة.
قد تتم الإجابة على الأسئلة الجديدة أحيانًا من خلال تداخل عدة علوم مع الحفاظ على أركانها الأساسية دون تغيير أو توسع في موضوعاتها. على سبيل المثال، الفيزياء الطبية[٣] تشكلت فقط من خلال تطبيق علم أساسي في مجال جديد، بحيث تُستخدم مبادئ الفيزياء لحل المشكلات الطبية (مثل استخدام الأشعة لعلاج السرطان)، لكن الفيزياء تظل علم دراسة قوانين الطبيعة والقوى الأساسية مع التركيز على المادة والطاقة، والطب يظل علم التشخيص والعلاج والوقاية من الأمراض[٤].
لكن في بعض الأحيان، قد تكون هناك حاجة لتغيير أو توسيع موضوع أحد العلمين أو كليهما لحل المشكلات الجديدة، بحيث تنشأ نظريات ومفاهيم جديدة لم تكن موجودة سابقًا في أي من العلمين. على سبيل المثال، في علم التكنولوجيا الحيوية[٥]، تم دمج علمي الأحياء والتكنولوجيا، لكن الأحياء في هذا الدمج الجديد تتجاوز دراسة الكائنات الحية والعمليات البيولوجية لتشمل التلاعب والتغيير المباشر في الجينات الوراثية للكائنات الحية[٦].
في الحالات التي يخضع فيها موضوع علم ما لتغيير أو توسع، إذا لم تتغير طريقة حل المشكلة أو المصادر بشكل جوهري، فإنه يُعتبر عقلائيًا في تصنيف العلوم أن العلم المضاف الناشئ يُعد فرعًا من العلم الأصلي.
فقه التربية
إن التعقيدات والتغيرات الاجتماعية والثقافية وظهور قضايا تربوية جديدة تجعل الفقه يواجه مسائل جديدة تتطلب صياغة علم جديد يُسمى “فقه التربية”.
بالنظر إلى ما ذُكر حول تكامل العلوم، ولتحديد حدود فقه التربية بدقة، يجب النظر إلى ما إذا كان دمج علم الفقه وعلم التربية[٧] بموضوعاتهما وحدوها السابقة كافيًا لحل الأسئلة والمشكلات التي يُفترض أن يجيب عنها علم يُسمى فقه التربية، أم أن هناك حاجة لتغيير بعض حدود هذين العلمين، أم أن علم التربية الحالي لا يمتلك الأهلية للتكامل مع علم الفقه، وبالتالي يجب دراسة متطلبات دخول الفقه إلى القضايا التربوية بشكل مستقل؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة تعتمد على أمرين:
أ) التعريف المقدم لوضع العلمين الحالي وتحديد حدودهما.
ب) معرفة الاحتياجات الموجودة للإجابة على الأسئلة الجديدة. في الواقع، هذا هو المسار الرئيسي للوصول إلى الحدود الصحيحة للعلوم والمعيار الأساسي لتقييم صحة اعتبار العلوم.
الهدف الرئيسي من هذه المقالة هو بيان الوضع المطلوب في تحديد حدود فقه التربية. في هذا المسار، سيتم الإشارة أولاً بشكل موجز إلى الوضع الحالي لعلمي الفقه والتربية، ثم من خلال دراسة الاحتمالات المختلفة في تحديد حدود فقه التربية، وبالنظر إلى الاحتياجات والضرورات التي تشكل سياق نشأة علم يُسمى فقه التربية، سيتم بيان الوضع المطلوب في تحديد حدوده.
الوضع الحالي لعلمي الفقه والتربية
علم الفقه
الفقه لغة يُستخدم بمعنى الفهم مع الدقة والتأمل[٨]. في صدر الإسلام، لم يكن الفقه مختصًا بالفهم العميق للأحكام الشرعية، بل كان يُطلق على الشخص الذي وصل إلى فهم عميق في مطلق المعارف الدينية[٩]. مع مرور الزمن، وبسبب ضرورة تفكيك العلوم الإسلامية، قدم الشافعي (ت ٢٠٤ هـ) تعريفًا حظي بقبول المسلمين من الشيعة والسنة، حيث عرف الفقه بأنه: “العلم بالأحكام الشرعية العملية التي تُستنبط من الأدلة التفصيلية”[١٠].
في هذا التعريف، الفقه هو علم خاص بالأحكام الشرعية (سواء كانت تكليفية أو وضعية[١١]) العملية. وبإضافة قيد “العملية”، يُستثنى الأحكام العلمية للدين مثل العقائد والعلوم الوصفية مثل الأخلاق. كما أن قيد “الاستنباط من الأدلة التفصيلية” يشير إلى منهجية الفقه، حيث يُستثنى العلم من خلال الوحي أو الجفر وغيره (بقيد الأدلة)، وكذلك علم المقلدين بالأحكام الشرعية (بقيد التفصيلية)[١٢].
موضوع الفقه في هذا الاصطلاح هو سلوك المكلفين، والذي يشمل سلوكياتهم الجوارحية والجوانحية[١٣].
الفقه الشيعي ونمطان مختلفان في استنباط الأحكام
في الفقه الشيعي، هناك نمطان رئيسيان في استنباط الأحكام الشرعية من مصدري الكتاب والسنة. ورغم أن هذين النمطين لم يتم تحديد حدودهما بدقة بعد، فإن الفرق بينهما واضح في أسلوب استنباط الفقهاء، بحيث أصبح اليوم الفرق بين أسلوب استنباط آية الله الخوئي (ره) وآية الله البروجردي (ره) مثالاً معروفًا لهذا الاختلاف. ونظرًا لأن النظرية المقترحة في هذه المقالة مرتبطة في بعض الجوانب بهذين النمطين، سيتم الإشارة بشكل موجز إلى بعض خصائص هذين النمطين[١٤]:
نمط الاستنباط الحجية
في هذا النمط من الاستنباط، المعروف بـ”الحجية” أو “مكتب النجف” أو “الأسلوب الصناعي”، الهدف الأساسي هو تحقيق المنجزية والمعذرية، وليس السعي الأساسي لاكتشاف الواقع.
النهج العام في هذا الأسلوب يعتمد على قواعد محددة مسبقًا توفر إطارًا منضبطًا للفقيه في مسار الاستنباط الفقهي. يُعد النهج “السندي” في التعامل مع الروايات أحد المؤشرات المهمة لهذا النمط. كما أن قواعد التعادل والتراجيح والرجوع إلى الأصول العملية، نظرًا لكثرة التعارضات التي تظهر في الروايات في هذا النمط[١٥]، تكتسب أهمية كبيرة. لا يحظى تتبع آراء القدماء والاهتمام بالرأي المشهور وتلقي الأصحاب بمكانة خاصة، ولا يوجد حرج في معارضة المشهور أو حتى الإجماع (إذا كان هناك احتمال أن يكون مدعومًا بدليل). يركز هذا المنهج الفقهي أكثر على الاسمية والتوقف عند الألفاظ المستخدمة في النصوص. في هذا المنهج، يصعب استنباط نظام من الاستنباطات الأولية. ونظرًا للنهج الرياضي للفقيه والقيود المفروضة على الأسانيد المستخدمة في الاستنباط، غالبًا ما يواجه الفقيه نصوصًا متعارضة[١٦].
هذا النمط من الاستنباط هو في الواقع نموذج داخلي ديني[١٧]، ولا يمتلك قدرة كبيرة على الدخول إلى مجال العلوم الإنسانية. لأنه في هذا النمط، ليس تحقيق الأحكام الواقعية التي تهدف إلى تنظيم حياة الإنسان بناءً على المصالح والمفاسد الواقعية هو الهدف الأول، بينما تتطلب موضوعات العلوم الإنسانية النظر إلى بنية الإنسان والقوانين التي تحكمه. فكما لا يمكن إصدار حكم لآلة دون مراعاة كليتها والبنية التي تحكمها، أو إجراء تغييرات في بعض أجزائها، فإن موضوعات العلوم الإنسانية هي كذلك، ولا يمكن للأحكام أن تنظم علاقات الإنسان إلا إذا كانت ناظرة إلى المصالح والمفاسد الواقعية بناءً على بنية الإنسان وعلاقاته الداخلية والخارجية[١٨].
نمط الاستنباط الواقعي
في هذا النمط من الاستنباط، المعروف بـ”الواقعية” أو “مكتب قم” أو “الأسلوب القناعي” أو “اكتشاف الشواهد” وغيرها، الهدف الأساسي للفقيه هو الوصول من خلال تداخل الشواهد وتعاضد القرائن إلى اكتشاف الأحكام الواقعية التي أقرها الشارع بناءً على المصالح والمفاسد الواقعية.
في هذا النمط، يتم الاستظهار من الروايات مع مراعاة مجموع الروايات المتعلقة بالموضوع والنظر إلى السياق التاريخي والاجتماعي لصدور الروايات. كما أن الجمع النهائي للأدلة لا يعتمد على النهج السندي، بل يُعتبر السند أحد العناصر في الاستنباط، وتتم جمعية الفقيه بناءً على تداخل وتعاضد جميع القرائن بهدف اكتشاف الواقع. في هذا المكتب، نادرًا ما يتم اللجوء إلى الأصول العملية، ويحظى تتبع آراء القدماء والشهرة وتلقي الأصحاب بمكانة خاصة، حتى إن مبنى الأصول المتلقاة[١٩] يُعد من السمات البارزة لأسلوب آية الله البروجردي. في هذا النمط، يُحاول الفقهاء تجنب معارضة الشهرة قدر الإمكان. وعادةً لا يرى الفقيه في هذا المكتب ضرورة التمسك بدليل محدد قطعي. بناءً على هذا المكتب الفقهي، يمكن الوصول بشكل أفضل إلى وجود نظام كلي وأنظمة جزئية في الاستنباط السيستيمي. وبسبب اتساع المكونات المتداخلة في الاستنباط، نادرًا ما يواجه الفقيه نصوصًا متعارضة، وتجد الاستثناءات تبريرًا منطقيًا وتندرج ضمن عملية الاستنباط الطبيعية[٢٠].
كل مبنى يمكنه أن يكشف عن أبعاد أوسع من قدرات جهاز التشريع في إدارة العلاقات الفردية والاجتماعية يتناسب مع هذا النمط من الاستنباط[٢١].
علم التربية
التربية في اللغة الفارسية تعني “التنشئة، تعليم الآداب والأخلاق لشخص ما، تعليم وتنشئة الطفل حتى يصل إلى مرحلة النضج”[٢٢].
في اللغة العربية، يمكن أن تُشتق كلمة التربية من كلمتي “ربّ” (بمعنى الرعاية والإشراف) و”ربو” (بمعنى النمو والزيادة)[٢٣].
تم تقديم تعريفات متعددة للتربية، وتكمن النقطة المشتركة بينها جميعًا في التغيير التدريجي. وقد عرف البعض التربية بأنها: “عملية إحداث تغييرات تدريجية في إحدى ساحات الوجود الإنساني بواسطة إنسان آخر بهدف إنماء المواهب من خلال إجراءات إيجابية وسلبية”[٢٤].
إن عنصر “التغيير” في تعريف التربية يستلزم معرفة الوضع الحالي والوضع المطلوب، لأن التربية تتولى عملية التغيير من الوضع الحالي إلى الوضع المطلوب. لذلك، تشكل الساحات المختلفة لوجود المتربي ساحات التربية المختلفة (التربية البدنية، التربية الجنسية، إلخ)، حيث تتولى التربية في كل ساحة التغيير من الوضع الحالي لهذه الساحة إلى الوضع المطلوب لها.
الفرق بين الأخلاق والتربية
بناءً على هذا البيان، يمكن توضيح الفرق بين الأخلاق والتربية. الأخلاق تتولى بيان القيم والصفات والأفعال الاختيارية للإنسان وبيان حسنها وقبحها، بينما التربية تتناول دراسة عملية التغيير. ويمكن أن تكون الأخلاق ساحة من ساحات التربية (التربية الأخلاقية)، حيث تُدرس فيها عملية ترسيخ القيم والصفات في الإنسان. لذلك، فإن الفرق بين الأخلاق والتربية في الموضوع هو فرق جوهري وليس صوريًا مثل التمييز بين التربية الذاتية (الأخلاق) والتربية الآخرية (التربية)، كما ذُكر في بعض الأقوال[٢٥].
الوضع الحالي لعلم التربية
الأسلوب السائد في العلوم التربوية، كما هو الحال في العلوم الإنسانية الغربية الأخرى، هو الأسلوب التجريبي. ما يُعرف اليوم بعلم التربية ليس علمًا واحدًا، بل مجموعة من العلوم المتنوعة التي تبحث في التربية.
يرى غاستون ميالاري، الباحث التربوي الفرنسي، أن العلوم التربوية هي مجموعة المعارف التي تدرس شروط وجود ووظيفة وتحول الوضع والأحداث التربوية[٢٦]. وهو يحدد للعلوم التربوية ستة عشر تخصصًا ضمن ثلاث فئات عامة:
- الفئة الأولى: العلوم التي تدرس الشروط العامة والمحلية (تاريخ التربية والتعليم، علم اجتماع التربية والتعليم، الأنثروبولوجيا التربوية، الديموغرافيا المدرسية، اقتصاد التربية والتعليم، الإدارة التعليمية، التربية والتعليم المقارن).
- الفئة الثانية: العلوم التي تدرس الأوضاع التربوية كما تحدث (الفسيولوجيا التربوية، علم النفس التربوي، علم النفس الاجتماعي للمجموعات الصغيرة، الاتصالات، طرق التدريس وتخطيط المناهج، التكنولوجيا التعليمية، علوم التقييم).
- الفئة الثالثة: العلوم التي تفكر في التربية ومستقبلها (فلسفة التربية والتعليم، التخطيط التعليمي).
لذلك، نظرًا لأن هذا التخصص لم يحقق بعد تكاملًا اتحاديًا، فمن الأفضل استخدام تعبير “العلوم التربوية” بدلاً من “علم التربية”.
علم فقه التربية
كما ذُكر في المقدمة، تُصاغ العلوم المضافة بناءً على الاحتياجات المتعلقة بالإجابة على المشكلات الجديدة التي لا يستطيع علم واحد الإجابة عليها بمفرده. لذلك، لتحديد الوضع المطلوب لفقه التربية، من المناسب أولاً دراسة الاحتياجات والضرورات التي تشكل سياق نشأة هذا العلم[٢٧].
مع تقدم العلوم الإنسانية الغربية ونمو الأفكار العلمانية في مجال التربية والتعليم من جهة، ومواجهة المجتمعات لتأثير الثقافة الغربية وأزمة انخفاض القيم الروحية من جهة أخرى، أصبحت الحاجة إلى صياغة علم يجيب على القضايا التربوية الجديدة ضمن إطار الفقه، ويقدم مبادئ وأساليب تربوية (عمليات التغيير) تتفق مع المبادئ والقيم الإسلامية، ويحدد حدود التربية الإسلامية والعلمانية، أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
علم يُسمى فقه التربية، بناءً على الفرضية بأن الإسلام يقدم برنامجًا شاملًا لحياة الإنسان في أبعاده المادية والروحية المختلفة، يتولى الإجابة على هذه الضرورة.
الآن، يجب معرفة ما إذا كان ينبغي للفقه، للإجابة على هذه القضايا، أن يتكامل مع علم آخر؟ أم أن هناك متطلبات أخرى لدخول الفقه إلى مجال القضايا التربوية؟
يبدو أن علم التربية، إذا كانت مبادئه التربوية (بما في ذلك المبادئ الإنسانية والوجودية والمعرفية) مستمدة من المدارس الغربية، ومن الناحية المنهجية يركز فقط على الأسلوب التجريبي، لا يمكنه في وضعه الحالي أن يحقق تكاملًا فعالًا مع الفقه للإجابة على الضرورات والاحتياجات المذكورة، وإن كان من الممكن استخدام بعض نتائجه التجريبية تحت ضوابط معينة في فقه التربية.
أما بالنسبة لعلم الفقه، فهناك أفكار مختلفة حول كيفية دخوله إلى القضايا التربوية:
أ) دخول الفقه بوضعه الحالي إلى مجال التربية
في الوضع الحالي لعلم الفقه، الذي يناقش الأحكام الشرعية لسلوك المكلفين، يمكن الدخول إلى مجال التربية بطريقتين:
- الدخول إلى مجال التربية بأسلوب الاستنباط الحجية
في هذه الحالة، يتولى فقه التربية بيان الأحكام الشرعية لسلوكيات المربي والمتربي في جميع المجالات التي ترتبط بطريقة ما بالتغيير التدريجي في المتربي. في هذا الأسلوب، بما أن استنباط الأحكام الشرعية لا يهدف إلى الوصول إلى أحكام تتولى إدارة حياة الإنسان بناءً على العلاقات الواقعية والنفس الأمرية، بل يكون الهدف الأساسي هو تحقيق المنجزية والمعذرية أمام المولى، لا يمكن حتى في نظرة متجاوزة للعلمية الوصول إلى العمليات التربوية. وإن كان من الممكن العثور على بعض المقولات بشكل جملي. - الدخول إلى مجال التربية بأسلوب الواقعي
في هذه الحالة أيضًا، يتولى فقه التربية بيان الأحكام الشرعية لسلوكيات المربي والمتربي، لكن مع الفرق أنه يمكن استنباط العمليات التربوية في نظرة متجاوزة للعلمية من هذه الأحكام، واعتبارها مصدرًا لعلم فقه التربية (دراسة عمليات التغيير). لأن في هذا النمط من الاستنباط، تكون غالبية الأحكام المستنبطة بشأن سلوك المربي والمتربي تتولى تنظيم العلاقات بناءً على المصالح والمفاسد الواقعية. ومع ذلك، قد لا يتمكن الفقيه في بعض القضايا، بعد استفراغ الوسع، من تحقيق هذا الهدف، وفي هذه الحالة، لا يمكن استخدام هذه المقولات في نظرة متجاوزة للعلمية.
النقطة المشتركة بين الطريقتين هي أنه لا يمكن اعتبار فقه التربية علمًا مضافًا منشعبًا من الفقه، بل من المناسب استخدام عنوان “كتاب التربية” (مثل كتاب الصلاة وكتاب الصوم، وليس فقه الصلاة وفقه الصوم) بدلاً من فقه التربية، حيث يشمل هذا الباب القضايا المتفرقة المتعلقة بالمربي والمتربي في أبواب الفقه المختلفة، إلى جانب بعض القضايا الجديدة في هذا المجال.
ب) الوضع المطلوب لدخول الفقه إلى مجال التربية
بالنظر إلى الضرورات والاحتياجات المذكورة في مجال التربية، من المناسب صياغة علم يتناول مباشرة دراسة عمليات التغيير من الوضع الحالي إلى الوضع المطلوب، مستندًا إلى مصدري الكتاب والسنة بأسلوب الواقعية.
وفي الوضع المطلوب لدخول الفقه إلى جميع مجالات العلوم الإنسانية، إلى جانب الاهتمام بأسلوب الاستنباط الواقعي، من الضروري صياغة مبادئ أصولية تتناسب مع هذا الأسلوب[٢٨].
إذا تم صياغة علم بهذه الخصائص، يمكن تسميته فقه التربية، حتى لو كان موضوع الفقه في وضعه الحالي هو سلوك المكلفين، لأنه، كما ذُكر في المقدمة، في العلوم المضافة قد تتوسع أو تتغير حدود موضوع العلم السابق، ولكن إذا كان الأسلوب والمصادر هي نفسها في الفقه الاصطلاحي، فإنه يُعتبر عقلائيًا في تصنيف العلوم أن هذا العلم فرع من العلم الأصلي.
في حالة عدم قبول انشعاب هذا العلم كأحد فروع علم الفقه، يمكن أيضًا إطلاق اسم الفقه عليه في تطبيق آخر، مع الحفاظ على المعنى اللغوي، كما هو الحال في استعمالات مثل فقه القرآن أو فقه الحديث، حيث يعني الفقه في هذه الحالة الفهم العميق، ولا يُقصد المعنى الاصطلاحي، وإن كان فقه التربية في هذا الاستعمال لا يختلف من حيث الأسلوب والمصادر.
الخلاصة
بناءً على الاحتياجات والضرورات التي تحكم علم فقه التربية، فإن الوضع المطلوب هو صياغة علم يتناول مباشرة دراسة عمليات التغيير من الوضع الحالي إلى الوضع المطلوب، مستندًا إلى مصدري الكتاب والسنة بأسلوب الواقعية. ومع أن موضوع الفقه في هذا العلم قد تغير من سلوك المكلفين إلى عمليات التغيير من الوضع الحالي إلى الوضع المطلوب، إلا أنه بالنظر إلى الحفاظ على الأسلوب ووحدة المصادر، فإن الحسن العقلائي يكمن في اعتبار هذا العلم فرعًا من العلم الأصلي. أما الفقه الذي يقتصر موضوعه على سلوك المربي والمتربي، فمن المناسب أن يُطرح فقط كباب من أبواب الفقه، وليس كفرع منه. إذا استُنبطت أحكام هذا الباب بأسلوب الواقعية، يمكن أن تكون مصدرًا لعلم فقه التربية (الذي يتناول عمليات التغيير).
المصادر
- آخوند خراسانی، کفایه الاصول، ط١، مؤسسة آل البیت، ١٤٠٩هـ.
- ابن فارس، أحمد، معجم مقاییس اللغة، مصر، ١٣٩٠هـ.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار الصادر، ١٤١٤هـ.
- اعرافی، علیرضا، فقه تربیتی، قم، مؤسسة إشراق وعرفان، ١٣٩٥ش.
- دانشفر، ماجد، «اعتبار و بازخوانی مفاهیم حق و حکم و ملک بر اساس آن»، رسالة المستوى الرابع، أغسطس ١٤٠١.
- دهخدا، علیاکبر، لغتنامه دهخدا، طهران، جامعة طهران، ١٣٧٢ش.
- زهيلی، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته، ج١، ط١، دمشق، ١٤٠١هـ.
- عليدوست، أبوالقاسم، روششناسی اجتهاد، طهران، انتشارات پژوهشگاه فرهنگ و اندیشه اسلامی، ١٤٠٣ش.
- غزالي، أبوحامد، إحياء علوم الدين، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر.
- مصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، طهران، بنكاه ترجمه ونشر كتاب، ١٣٦٠.
- ميالاري، غاستون، معنا وحدود علوم تربيتي، ترجمة محمدعلي كاردان، طهران، جامعة طهران، ١٣٧٥.
[١] لكن القول بأن لكل علم موضوع يُبحث فيه عن العوارض الذاتية لهذا الموضوع، وبالتالي يكون كل علم متميزًا ذاتيًا عن غيره بسبب موضوعه، غير صحيح. لأن تطبيق هذه القاعدة، حتى لو قُبلت أصلًا، محل إشكال في العلوم الاعتبارية. إضافة إلى أن تصنيف العلوم أمر عقلائي حتى لو كان هناك موضوع واحد، لأن العقلاء هم من يعتبِرون المسائل تحت موضوع معين كعلم واحد. بل قد لا تكون خصائص الموضوع معروفة، ويقوم العقلاء بتحديد حدود العلم بناءً على أغراضه. انظر: المحقق الخراساني، بداية كفاية الأصول، بحث موضوع العلم.
[٢] هذا الأمر صحيح في جميع الأمور الاعتبارية، لأن كل اعتبار يتضمن ثلاثة عناصر: “الاحتياج” و”الهدف” و”القيمة”. فالمعتبِر، بعد التعرف على العلاقات الواقعية بين الأهداف وحاملات القيمة (الأمور التي تمتلك القدرة على تحقيق الأهداف، مثل الماء بالنسبة للعطش)، يقوم بتوجيه حاملات القيمة نحو الأهداف من خلال الاعتبار. وبالتالي، فإن الاعتبار هو أداة لتوجيه حاملات القيمة نحو الأهداف. لذا، فإن كل معتبِر يمتلك فهمًا أشمل لهذه العلاقات يمكنه أن يقوم بتشريع واعتبار أفضل، وبناءً على هذه الأمور يتم طرح تقييم صحة الأمور الاعتبارية. لمزيد من الدراسة، انظر: دانشفر، ماجد، «اعتبار و بازخوانی مفاهیم حق و حکم و ملک بر اساس آن»، رسالة المستوى الرابع، أغسطس ١٤٠١.
[٣] الفيزياء الطبية (Medical Physics).
[٤] https://www.webcitation.org/6Ofsj3bRR?url=http://medicalphysics.duke.edu/medical_physics.
[٥] التكنولوجيا الحيوية (Biotechnology).
[٦] https://www.techtarget.com/whatis/definition/biotechnology.
[٧] إن تعبير “علم التربية” صحيح فقط إذا كانت العلوم التربوية الحالية قد حققت تكاملًا اتحاديًا (وفي هذه الحالة تكون أكثر أهلية للتكامل مع علم الفقه)، وإلا فإن تعبير “العلوم التربوية” هو الأنسب. في هذه المقالة، تم استخدام كلا التعبيرين.
[٨] مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن، ج١، ص١٢٣.
[٩] الغزالي، إحياء علوم الدين، ج١، ص٥٥.
[١٠] الزهيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج١، ص١٤. وأيضًا لتعاريف علماء الشيعة، انظر: العلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، ج١، ص٢، والشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج١، ص٣٠، والمحقق الثاني، جامع المقاصد في شرح القواعد، ص٥، وغيرها.
[١١] هناك اختلاف حول الأحكام الوضعية، فبعضهم مثل الشيخ الأنصاري لا يعتبرون الأحكام الوضعية قابلة للجعل المستقل أصلًا، ويرونها منتزعة من الأحكام التكليفية، بينما قبل آخرون أصل قابلية الجعل المستقل وأوردوا تفصيلات خارجة عن نطاق هذه المقالة. لكن يبدو أن الأحكام الوضعية، وإن كانت بشكل غير مباشر، تنظر إلى أفعال المكلفين، وبالتالي تدخل ضمن التعريف.
[١٢] لمزيد من التوضيح، انظر: الشهيد الثاني، تمهيد القواعد الأصولية والعربية، ص٣٣-٣٦.
[١٣] لمزيد من الدراسة حول أقسام سلوكيات الإنسان وشمول التعريف للأفعال الجوانحية، انظر: اعرافی، فقه تربیتی، ج١، ص٤٤.
[١٤] من الواضح أن المقصود هو بيان الخصائص المناسبة لطبيعة كل نمط، وإلا فقد لا يلتزم فقيه في الواقع بجميع خصائص نمط معين، بل قد يكون له توجه عام يتماشى مع أحد النمطين.
[١٥] إن مصدر العديد من هذه التعارضات هو أسلوب الاستظهار من الروايات من جهة، والافتراضات المسبقة حول بعض المبادئ الكلية مثل طريقة تشريع الشارع من جهة أخرى. في بيان أسلوب استنباط مكتب قم، يُشار إلى هذين الأمرين.
[١٦] لجدول مقارنة بين مكتبي القناعة والصناعة، انظر: عليدوست، أبوالقاسم، روششناسی اجتهاد، ص١٤٧.
[١٧] النموذج (Paradigm).
[١٨] من الضروري التنبيه إلى أن المصلحة والمفسدة ليستا أمرًا نقطيًا، بل يتم تشخيصهما بناءً على فهم البنية التي تحكم شيئًا معينًا وفهم العلاقات الداخلية والخارجية له. على سبيل المثال، إذا أردنا معرفة ما هو مصلحة المعدة الإنسانية، ننظر إلى البنية التي تحكم المعدة ومكانتها في جسم الإنسان، وما هي الأغراض التي تسعى المعدة إلى تحقيقها، وما الذي يؤدي إلى كفاءتها الأكبر، وهكذا. بعد النظر إلى هذه البنية وفهم علاقاتها الداخلية والخارجية، يمكننا القول إن أكل الحجارة ليس في مصلحة المعدة. هذا الفهم يعتمد على فهمنا للنظام والبنية التي تحكم المعدة. لذا، فإن المصلحة تعني التوافق مع النظام الذي يحكم شيئًا معينًا، والمفسدة تعني الخروج عن هذا النظام. في هذا المنظور، وبما أن جميع أحكام الشريعة تعتمد على المصالح والمفاسد، يمكن القول (كما نُقل عن الميرزا حبيب الله الرشتي) إن جميع أحكام الشريعة إرشادية بطريقة ما، والأحكام الخمسة تعبر بطريقة ما عن متطلبات النظام الذي يحكم الإنسان. لمزيد من الدراسة: دانشفر، ماجد، «اعتبار و بازخوانی مفاهیم حق و حکم و ملک بر اساس آن»، رسالة المستوى الرابع، أغسطس ١٤٠١، ص٧٩.
[١٩] علماء العصر القريب من الغيبة الصغرى مثل الشيخ المفيد (المقنعة)، سلار (المراسم)، الحلبي (الكافي)، الصدوق (الهداية والمقنع)، ابن براج (المهذب)، وحتى الشيخ في كتاب النهاية، كانوا يذكرون نصوص الروايات في كتبهم الفتوائية. وقد أشار الشيخ الطوسي في مقدمة المبسوط إلى هذا الأمر. في كتب القدماء، إذا كان بداية الكتاب يتناول أصول العقائد ثم الفقه، كان هذا الكتاب فتوائيًا. وبعض كتب الفقه الأخرى لعلمائنا كانت تفریعیة، مثل كتاب الشيخ في الخلاف. في منهج الشيخ البروجردي، كان النظر إلى الأصول المتلقاة (كتب الفتاوى القديمة) من أهم السمات. لذا، في الحالات التي قد لا تكون فيها رواية أو حتى تكون هناك رواية معارضة، كانوا يعملون بالأصول المتلقاة. لمزيد من الدراسة، انظر: المنتظري، حسين علي، البدر الزاهر في صلاة الجمعة والمسافر، ص١٩.
[٢٠] لجدول مقارنة بين مكتبي القناعة والصناعة، انظر: عليدوست، أبوالقاسم، روششناسی اجتهاد، ص١٤٧.
[٢١] يرى الكاتب أن مناقشة الاعتبار والحكم من أهم المبادئ الكلية التي تتولى هذه المهمة. وقد درس الكاتب هذه المبادئ ضمن نظام منسجم. انظر: دانشفر، ماجد، «اعتبار و بازخوانی مفاهیم حق و حکم و ملک بر اساس آن»، رسالة المستوى الرابع، أغسطس ١٤٠١.
[٢٢] دهخدا، لغتنامه دهخدا، ج٤، ص٥٧٧٦.
[٢٣] ابن فارس، معجم مقاییس اللغة، ج٢، ص٤٨٣، ابن منظور، لسان العرب، ج١، ص٤٠١ و٣٠٤. لمزيد من الدراسة، انظر: مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج٤، ص١٩.
[٢٤] اعرافی، علیرضا، فقه تربیتی، ج١، ص١٤٠.
[٢٥] اعرافی، علیرضا، فقه تربیتی، ج١، ص٢٢٠. على الرغم من الاهتمام بعنصر التغيير في تعريف التربية، فقد اقتصر على اعتبار الفرق الأساسي بين موضوع الأخلاق والتربية على التمييز بين التربية الذاتية والآخرية.
[٢٦] ميالاري، معنا وحدود علوم تربيتي، ص٢٢.
[٢٧] قد يُعترض بأنه يجب أولاً معرفة تعريف فقه التربية لتحديد الضرورات المتعلقة به. الجواب هو أنه في مقام الثبوت، تأتي الاحتياجات والضرورات بالتأكيد قبل اعتبار العلم، لأن صياغة العلم تتم لهدف يحقق هذه الاحتياجات. لكن في مقام الإثبات، يمكننا من خلال مسائل العلم التعرف على الأهداف التي يحققها العلم. ومع ذلك، في العلوم الحديثة التي لا تزال بعيدة عن الوضع المطلوب، لا يمكن أن يكون هذا الأسلوب مجديًا. في هذه الحالات، يجب من خلال نظرة لمّية إلى الضرورات والاحتياجات التي تشكل سياق نشأة العلوم، تحديد الوضع المطلوب للعلم.
[٢٨] في هذه الأصول، إلى جانب تنقيح المبادئ مثل الحكم والاعتبار التي لها دور مباشر في فهم قدرات جهاز التشريع، يجب إعادة النظر في الحجج المذكورة في علم الأصول، والإجابة على أسئلة مثل:
- هل يمكن، بدعم من سيرة العقلاء، جعل حُجية الأمارات مرنة بحيث تكون للأمارة الأقرب إلى الواقع في كل زمان؟
- هل هناك أصول تتناسب مع أسلوب الواقعية في مقام التحير؟ على سبيل المثال، هل يمكن في حالة استنباط نظام من أحكام الشارع، في الحالات المشكوك فيها، إعطاء الحجية للحكم الأكثر انسجامًا مع النظام المذكور (ولو من باب دلالة النظام المستنبط التزامًا على ذلك الحكم)؟ (هذا الموضوع مشابه للنقاش الذي طرحه الشهيد الصدر في كتاب اقتصادنا، ج١، ص٤٢).