الحجة الإسلام والمسلمين ياسر أمينيان في مذكرة:

عناوین الحرمة فی فقه الفنون/19

رغم أن حرمة اللَهو بمعنى كل عمل لا يتبع غرضًا عقلائيًا محددًا ويُؤدى بقصد اللذة تُعتبر فتوى شاذة، إلا أنه إذا أُضيف إلى هذا التعريف قيد «الارتباط بفرح وبهجة شديدين»، فإن هذه الفتوى ليست فريدة، بل يمكن أن تنطبق على الرقص والموسيقى أو غيرها من الفنون التي تولد مثل هذه الحالة النفسية.

الفتاوى الفقهية حول الأعمال الفنية لها تاريخ طويل، وقد ذُكرت في كتب الفقه عناوين فقهية تؤدي إلى حرمة عمل فني. ومع ذلك، لم تُجمع هذه العناوين أبدًا في نص واحد بشكل منسجم وشامل. الحجة الإسلام والمسلمين ياسر أمينيان، أستاذ المستويات العليا في الحوزة العلمية بقم، حاول في هذه المذكرة الحصرية أن يجمع هذه العناوين ويضعها في تصنيف مبتكر. وفيما يلي نص المذكرة لهذا الأستاذ والباحث في الحوزة العلمية بقم:

يمكن استقصاء العناوين المحرمة التي قد تنطبق على عمل فني في التصنيفات التالية:

أ. العناوين الأولية

  1. عزف بعض الآلات الموسيقية وردت في الروايات أسماء بعض الآلات مثل الطبل والني [١]، وقد نُهي عن الاشتغال بها؛ لذا قد يرى فقيه أن لهذه الآلات خصوصية، فيحرم عزفها دون أن يحرم الموسيقى بشكل عام.
  2. الموسيقى حرمة الموسيقى، أو بتعبير آخر، حرمة آلات اللَهو، هي فتوى مطروحة منذ زمن بعيد بين فقهاء الشيعة، وإن كان الرأي الغالب بين المجتهدين المعاصرين هو عدم حرمة الموسيقى المطلقة، بل تخصيص الحرمة بالموسيقى المطربة أو اللهوية [٢].
  3. الغناء الغناء أو الأوازة كذلك من العناوين المحرمة منذ القدم. ومع ذلك، هناك اختلافات جدية ومؤثرة بين الفقهاء في تفسيره وماهيته [٣].
  4. التصوير والنحت حرمة كل أنواع التصوير أو النحت، أو حرمة النحت خاصة، أو حرمة التصوير والنحت إذا كان الموضوع جاندارًا، وما شابه ذلك من الفتاوى، كانت مطروحة منذ زمن بعيد بين فقهائنا [٤].
  5. الرقص لا يوجد اختلاف كبير بين الفقهاء في هذا الصدد. لم يتناوله الفقهاء المتقدمون كثيرًا، بينما أفتى غالب الفقهاء المتأخرين بحرمته.

ب. العناوين الثانوية

  1. اللَهو رغم أن حرمة اللَهو بمعنى كل عمل لا يتبع غرضًا عقلائيًا محددًا ويُؤدى بقصد اللذة تُعتبر فتوى شاذة، إلا أنه إذا أُضيف إلى هذا التعريف قيد «الارتباط بفرح وبهجة شديدين»، فإن هذه الفتوى ليست فريدة [٥]، ويمكن أن تنطبق على الرقص والموسيقى أو غيرها من الفنون التي تولد مثل هذه الحالة النفسية.
  2. تهييج الشهوة وفقًا للعديد من الفتاوى، كل عمل يؤدي إلى إثارة الشهوة للنفس أو للآخرين، خارج إطار العلاقة بين الزوجين، هو حرام [٦]. يمكن أن ينطبق هذا العنوان على الفنون التمثيلية مثل المسرح والسينما، وكذلك على الروايات والشعر وغيرها.
  3. التشبه بالجنس الآخر وفقًا لبعض الفتاوى، استخدام ملابس وزينة الجنس الآخر محرم. ومع ذلك، يرى العديد من الفقهاء المعاصرين أن هذه الحرمة خاصة بحالة ارتداء الشخص لملابس الجنس الآخر كزي وغطاء له [٧]. بعض الفنون التمثيلية قد تندرج تحت هذا العنوان.
  4. هتك العرض والسمعة إذا هتكت في فن مثل الشعر عرض وسمعة مؤمن، فإن هذا العمل يُحكم بحرمته؛ لذا اعتبر العديد من الفقهاء التشبيب (وصف جمال امرأة معينة) وذكره في الشعر حرامًا [٨]. هتك سمعة فئة أو قومية قد يكون من هذا القبيل أيضًا ويُحكم بحرمته.
  5. الإضلال إذا كان الفن يحمل في الأفكار الأساسية والكلية رسالة أو مضمونًا فاسدًا مثل الكفر والإلحاد والمذاهب المنحرفة، أو يسعى إلى إضعاف الدين وإثارة الشبهات في العقائد الحقة، أو يدمر المبادئ والقيم الأخلاقية الفطرية بحيث ينطبق عليه عنوان «المضل»، فإنه يُحكم بحرمته؛ لأن «إضلال الآخرين عن طريق الحق» محرم بلا شك [٩].
  6. إشاعة الفحشاء إذا تسبب عمل فني في ترويج المنكرات في المجتمع، فإنه يُعد مصداقًا لإشاعة الفحشاء، وإشاعة الفحشاء محرمة [١٠].
  7. إثارة الفتنة إذا تسبب عمل فني في إثارة فتنة في المجتمع، مثل أن يؤدي شعر أو فيلم إلى خلق انقسام وخلاف بين أقوام بلد ما، أو يغذي شبهة سياسية وما شابه، ويؤدي إلى اضطرابات في الشوارع، فإنه يُحكم بحرمته [١١].
  8. هتك المقدسات إذا تسبب عمل فني في كسر حرمة المقدسات مثل شخصيات الأنبياء والأولياء، فإنه يُحكم بحرمته من باب الهتك والإساءة للمقدسات. في رأي بعض المراجع، عرض وجوه المعصومين في الفنون التمثيلية يُعد مصداقًا لهذا العنوان.
  9. إضعاف النظام الإسلامي يمكن أن يؤدي عمل فني، من خلال تضخيم نقاط الضعف أو ما يُسمى اليوم بالتسويد، أو بتضخيم نقاط قوة أعداء النظام الإسلامي، إلى إضعاف النظام، وفي هذه الحالة يمكن أن يُحكم بحرمته.

ج. العناوين الحكومية

ترويج اللَهو

قد لا يُحكم بحرمة اشتغال المكلفين بفن معين (مثل الموسيقى)، لكن إذا تصرفت الحكومة بطريقة تؤدي إلى ترويج هذا الفن في وسائل الإعلام الرسمية أو استخدمت الموارد المالية والبشرية للبلاد لترويجه، فإنه يُحكم بحرمته. الفرق بين هذا العنوان والعناوين السابقة هو أن الأخيرة تنطبق على العمل الفني نفسه، بينما هذا العنوان يتعلق بدخول الحكومة في فن معين وإنفاق الموارد عليه.

في النهاية، نذكر أن ذكر هذه العناوين لا يعني تأييدها، بل كان الهدف هو استقصاء العناوين التي قد يطبقها فقيه على عمل فني. كما يجب ملاحظة أنه في حال قبول حرمة أي من هذه العناوين، يجب تطبيق كامل موضوع‌شناسي عند تطبیقها على الأعمال الفنية، وعدم التسرع بأي حال.

[١] الكافي، ج٦، ص٤٣٢

[٢] مجمع الفائدة والبرهان، ج١٢، ص٣٤٣؛ مسائل جديدة من وجهة نظر العلماء والمراجع، ج٣، ص٩٥

[٣] المكاسب، ج١، ص٢٨٥

[٤] المكاسب، ج١، ص١٨٣

[٥] البدر الزاهر في صلاة الجمعة والمسافر، ص٢٩٨

[٦] المكاسب المحشى، ج٢، ص٢٠٢؛ مباني منهاج الصالحين، ج٧، ص٢٠٢

[٧] العروة الوثقى، ج٢، ص٣٥١

[٨] المكاسب، ج١، ص١٧٧

[٩] مصباح الفقاهة، ج١، ص٢٥٥

[١٠] المكاسب المحرمة للإمام الخميني، ج١، ص٢٠٣

[١١] إيصال الطالب، ج٣، ص٢٩٠

Source: External Source