حجة الإسلام محمدرضا محمودي في مذكرة خاصة تناول:

اصول الفقه الإعلام/7

على الرغم من أن الإعلام الإسلامي يؤكد على العقلانية، إلا أن هذا التأكيد لا يؤدي إلى ضعف في جاذبية الرسالة. من بين المسائل التي أكد عليها الله في القرآن الكريم، واعتبرها من خصائص الإعلام الإسلامي، التنوع في نقل الرسالة الإعلامية إلى الجمهور (سورة النحل، الآية 88). هذا التنوع يشمل الأدوات الإعلامية، وأساليب وفنون الإقناع، وكذلك محتوى الرسالة الإعلامية.

إشارة

حجة الإسلام محمدرضا محمودي، من الباحثين الشباب في الحوزة العلمية، والذي درس إلى جانب الفقه في التخصصات الجامعية كالحقوق والإعلام. في هذه المذكرة الخاصة، يبين خصائص الإعلام الإسلامي للتواجد في الساحة الدولية. يرى أن التركيز على خمس خصائص مهمة للإعلام الإسلامي يحقق رضا الشارع ويجذب اهتمام الجمهور الدولي. نص هذه المذكرة الخاصة يأتي كما يلي:

الهدف الأساسي للإعلام هو استمالة الجمهور وإقناعه. كل وسيلة إعلامية تسعى إلى استمالة الجمهور لخلق أرضية لتوسعها الكمي والنوعي. في هذا السياق، يعتبر التواجد في الساحة الدولية وإقناع الرأي العام على المستوى العالمي من أهم الأهداف لأصحاب وسائل الإعلام الجماهيرية. بعض الوسائل الإعلامية تحقق حضوراً ناجحاً وملحوظاً في الساحة الدولية، وفي الوقت نفسه تستخدم كل السبل والوسائل لاستمالة الجمهور. عند الحديث عن الإعلام الإسلامي، فإن المقصود هو الإعلام الذي يرتبط بثقافة إسلامية بطريقة ما، ويستند في سياساته إلى المبادئ والأسس الدينية. لقد بيّن الله في القرآن الكريم خصائص للإعلام الإسلامي، وتطبيقها في العصر الحاضر لا يشكل عائقاً أمام نمو الإعلام الإسلامي، بل يمهد للتنافسية ونجاح حضور الإعلام الإسلامي في الساحة الدولية. أهم الخصائص التنافسية للإعلام الإسلامي في الساحة الدولية هي كالتالي:

التأكيد على العقلانية والعلمية

من أهم مزايا الإعلام الإسلامي للتواجد في الساحة الدولية، التأكيد على العقلانية والعلمية. إحدى إشكاليات وسائل الإعلام الجماهيرية حالياً هي عدم التزامها بمبدأ العقلانية، وتركيزها الأكبر على المقبولية. الهدف الأساسي للإعلام هو أن يراه الجمهور، وعندما لا يتم الالتزام بالعقلانية والعلمية لهذا الهدف، يصبح الإعلام خالياً من المعرفة، مما يمهد لتضعيف الجمهور وتضعيف الإعلام نفسه. التأكيد على العقلانية والعلمية يعزز وعي الجمهور، ويرفع من شأن الإعلام ويحميه من أضرار التواجد في الساحة الدولية. هذه الحقيقة أُشير إليها مرات عديدة في القرآن الكريم، ويمكن القول بجرأة إن الدعوة إلى التعقل والتفكر في القرآن الكريم هي من أكثر خطابات القرآن. لقد نهى الله عن التواجد في الساحات التي تفتقر إلى التعقل والعلمية (سورة الإسراء، الآية ٣٦)، وهذا يشمل اتباع وسائل الإعلام التي تفتقر إلى الالتزام بهذا الأمر. التأكيد على العقلانية والعلمية يوفر أرضية لقبول الاستدلال للإعلام الإسلامي، مما يحمي الإعلام من أضرار التواجد في الساحة الدولية، ومن ناحية أخرى هو أمر إلهي في القرآن الكريم كخصائص للإعلام الإسلامي (سورة العنكبوت، الآيتان ٥٠ و٥١؛ سورة يوسف، الآية ١٠٨).

التبيين الشفاف وبساطة الرسالة

من الخصائص التي أُكدت في الإعلام الإسلامي، والتي ذكرها الله في القرآن الكريم كخاصية للقرآن (سورة الزمر، الآية ٢٨)، هي البساطة والشفافية في إرسال الرسالة. لقد أُمر الأنبياء عبر التاريخ بهذا الأمر (بحار الأنوار، ج٧٧، ص١٤٠). هذا الأمر يمهد لجذب أكبر عدد ممكن من الجمهور وكسب ثقتهم بالإعلام الإسلامي؛ لأن الإعلام المستدل والذي يتمتع بالعقلانية والشفافية يمكنه بالتأكيد جذب ثقة الجمهور، والثقة هي العنصر الأهم في تطوير وسائل الإعلام في الساحة الدولية.

العدالة ودعم المظلومين

كما أُكدت هذه الخاصية المهمة في الإسلام، وأشار إليها الله في القرآن الكريم (سورة النساء، الآية ٧٥)، فإنها أيضاً مؤكدة في وسائل الإعلام الإسلامية. يميل الرأي العام دائماً إلى دعم المظلومين، ويمكن للإعلام الإسلامي من خلال تبيين حقيقة المظلومين في الساحة الدولية ودعمهم أن يوفر أرضية لجذب المزيد من الجمهور العالمي. إحدى عوامل ضعف وسائل الإعلام المحايدة والخنثى في الساحة الدولية هي هذا الأمر بالذات. التركيز على المظلوم ودعمه يعطي للإعلام الإسلامي هوية غير محايدة ويوفر أرضية لتربية جمهور نشط؛ وهو أمر من أهم مزايا حضور الإعلام الإسلامي في الساحة الدولية والتنافس مع وسائل الإعلام الأخرى.

التنوع في الرسالة

على الرغم من أن الإعلام الإسلامي يؤكد على العقلانية، إلا أن هذا التأكيد لا يؤدي إلى ضعف في جاذبية الرسالة. من بين المسائل التي أكد عليها الله في القرآن الكريم، واعتبرها من خصائص الإعلام الإسلامي، التنوع في نقل الرسالة الإعلامية إلى الجمهور (سورة النحل، الآية ٨٨). هذا التنوع يشمل الأدوات الإعلامية، وأساليب وفنون الإقناع، وكذلك محتوى الرسالة الإعلامية. يولي الإعلام الإسلامي اهتماماً مضاعفاً بتنوع أذواق الجمهور في الساحة الدولية، ومن خلال التنوع في إرسال الرسالة، يوفر أرضية لجذب الجمهور بأذواق مختلفة.

الصدق

يعتبر أرسطو أن إقناع الجمهور يعتمد على ثلاثة أركان أساسية، أحدها هو ثقة الجمهور بالإعلام (Ethos). العامل الأهم في سلب ثقة الجمهور من الإعلام هو عدم صدق الإعلام في تبيين رسائله. التأكيد على الصدق في الإعلام الإسلامي عامل مهم في كسب ثقة الجمهور بالإعلام، ويوفر أرضية لتنافسية أكبر للإعلام الإسلامي في الساحة الدولية.

بالتأكيد، التأكيد على هذه المحاور الخمسة المذكورة سيمهد لتنافسية الإعلام الإسلامي في الساحة الدولية. في الوقت الحاضر، أسباب سقوط وسائل الإعلام وتضعيف مكانتها في الساحة الدولية تعود إلى فقدان أحد هذه المحاور التي أُكدت في المبادئ الدينية ومعترف بها في علم الاتصالات.

[١] نحن معاشر الأنبياء نكلم الناس بقدر عقولهم.

Source: External Source