عضو الهيئة العلمية لمركز آخوند الخراساني في حوار خاص مع فقه معاصر:

تحليل الفقه المعاصر استناداً إلى نهج أدنى في الفقه/3

إذا كانت نظرتنا إلى الفقه نظرة فردية، فسوف تواجه العديد من قطاعات الحكومة مشكلات وصعوبات، ليس جميعها بالطبع، ولكن الكثير منها سيكون عاجزاً. عندما نعتبر الفقه فردياً، فلن يكون له الحق في التدخل في مسائل النظم. كذلك، وفقاً للنهج الأدنى، يسعى الفقه فقط إلى تحقيق التنجيز والتعذير الفردي، ولا علاقة له بمسائل تشكيل الحكومة وإدارتها بكفاءة.

إشارة: حول الفقه الأدنى والأقصى، وخاصة في العقود الأخيرة، قيلت أقوال كثيرة، لكن قلة من الناس تناولوا المعنى الدقيق لهذين المفهومين والفرق بينهما وبين النهج الأخرى بتحليل دقيق. الدكتور بلال شاكري، عضو الهيئة العلمية للمركز التخصصي آخوند الخراساني، في حوار خاص مع فقه معاصر، تناول تعاريف الفقه الأدنى والأقصى المختلفة ومبانيها وآثارها. وهو يعتقد، خلافاً للتصور الشائع، أنه لا يوجد تعريف موحد للفقه الأدنى، بل يمكن تصور أربعة تعاريف على الأقل له.

فقه معاصر: ما المقصود بالفقه الأدنى؟ وهل تم تعريفه بشكل رسمي وصريح من قبل المتعاملين به؟

شاكري: بناءً على الدراسات التي أُجريت والتعاريف التي قُدمت للفقه الأدنى والأقصى، يمكننا تصنيف التعاريف المقدمة ضمن ثلاث فئات.

البعض عرف الفقه الأدنى والأقصى بناءً على الأدلة، والبعض بناءً على المكلف، والبعض الآخر بناءً على دائرة الشمول بالنسبة للموضوعات المختلفة.

أولئك الذين عرفوا الفقه الأدنى والأقصى بناءً على الأدلة، اعتبروا الفقه الأدنى متعلقاً بالأدلة النقلية، والفقه الأقصى متعلقاً بالأدلة العقلية والنقلية معاً. أما الذين جعلوا مناط التعريف هو المكلف، فقد اعتبروا الفقه الأدنى متعلقاً بالفرد، والفقه الأقصى متعلقاً بالمسائل الاجتماعية والسياسية. وأولئك الذين قسموه بناءً على دائرة الشمول بالنسبة للموضوعات المختلفة، اعتبروا الفقه الأقصى شاملاً لجميع أبواب الفقه، بينما الفقه الأدنى يقتصر على بعض الأبواب الفقهية مثل العبادات.

هذه هي التعاريف التي قُدمت حتى الآن بناءً على مناطات مختلفة لتقسيم الفقه إلى أدنى وأقصى. لكن يبدو أنه يجب تقسيم الفقه إلى أدنى وأقصى بناءً على الحجية؛ بحيث إذا عرفنا الحجية بالتنجيز والتعذير، يصبح الفقه أدنى، ويسعى فقط إلى ألا يُعاقب المكلف، دون الاهتمام بجوانب أخرى من حياته، بينما الفقه الأقصى يهتم أيضاً بأبعاد أخرى غير العقوبة.

فقه معاصر: هل النهج الأدنى للفقه يحمل معنى موحداً، أم أنه يشمل طيفاً من النظريات التي تتفق جميعها على رفض النهج الأقصى للفقه؟

شاكري: إن اختلاف التعاريف التي قُدمت للفقه الأدنى والأقصى يعود إلى الخلفيات والافتراضات المسبقة التي تسبق هذه التعاريف. أحد هذه الافتراضات هو مسألة كون الدين أدنى أو أقصى. إذا عرفنا الدين بأنه أدنى، فسيكون الفقه أدنى أيضاً، وإذا اعتبرناه أقصى، فإن الفقه، كجزء منه، سيكون أقصى أيضاً.

بناءً على التعاريف التي ذُكرت، تبين أن هناك أربعة نهج لتقسيم الفقه إلى أدنى وأقصى؛ لذا لا يمكن اعتبارها تحمل معنى موحداً، بل إن لكل منها معنى مختلف عن الآخر، مما يجعل نطاقها مختلفاً أيضاً.

فقه معاصر: هل نهج المفكرين مثل محمد مجتهد شبستري، مصطفى ملكيان، والجابري، الذين يقدمون أموراً أخرى مثل الأخلاق على الفقه، يندرج ضمن النهج الأدنى للفقه؟

شاكري: بناءً على التفسيرات المختلفة، يختلف الجواب على هذا السؤال. إذا اعتبرنا، بناءً على التعاريف التي ذُكرت للفقه الأدنى، أن دائرة شمول الفقه الأدنى من الناحية الموضوعية صغيرة، يمكننا القول إن هذه الآراء تندرج ضمن الفقه الأدنى. لكن إذا اعتبرنا مسائل مثل الأخلاق خارجة موضوعياً عن علم الفقه، وقُلنا إن الأخلاق علم مستقل عن الفقه ولا علاقة له به، فإن هذه الآراء، على الأصل، لا تندرج ضمن الفقه الأدنى.

لذلك، للإجابة على هذا السؤال، يجب توضيح العلاقة بين الفقه والأخلاق؛ إذا اعتبرنا الأخلاق جزءاً من الفقه، فإن هذه الآراء تندرج ضمن الفقه الأدنى، أما إذا اعتبرنا الأخلاق علماً مختلفاً عن الفقه، فإن هذه الآراء لن تندرج ضمن الفقه الأدنى.

فقه معاصر: ما هي أهم القيود الإيجابية والسلبية للنهج الأدنى للفقه؟ وما هي الافتراضات والمباني التي أدت إلى القول بنظرية النهج الأدنى للفقه؟

شاكري: أكبر تأثير في تعريفنا للفقه الأدنى والأقصى يأتي من المباحث الكلامية؛ مثل مسألة شمولية الدين، فإذا كانت نظرتنا في هذه المسألة، مثل آراء أكاديمية العلوم الإسلامية، أقصى، فسيكون الفقه أقصى أيضاً، وإذا كانت نظرتنا في شمولية الدين أدنى، فإن الفقه، كجزء من الدين، سيكون أدنى أيضاً.

مبنى آخر له تأثير كبير في هذا الموضوع هو نظرتنا إلى العلاقة بين العبد والمولى، أو بمعنى أدق، بين المكلف والشارع. بعضهم اعتبروا المكلف مجرد فرد شخصي، وبالتالي اعتبروا الفقه أدنى، بينما إذا اعتبرنا المكلف يشمل، إلى جانب الفرد، المجتمع والمنظمة أيضاً، فسيكون الفقه أقصى.

فقه معاصر: هل يمكن تصور تشكيل حكومة إسلامية وصياغة قوانين بناءً على الفقه الإسلامي وفقاً للنهج الأدنى للفقه؟

شاكري: إذا كانت نظرتنا إلى الفقه نظرة فردية، فسوف تواجه العديد من قطاعات الحكومة مشكلات وصعوبات، ليس جميعها بالطبع، ولكن الكثير منها سيكون عاجزاً. عندما نعتبر الفقه فردياً، فلن يكون له الحق في التدخل في مسائل النظم. كذلك، وفقاً للنهج الأدنى، يسعى الفقه فقط إلى تحقيق التنجيز والتعذير الفردي، ولا علاقة له بمسائل تشكيل الحكومة وإدارتها بكفاءة.

Source: External Source