جلسة علمية لمركز دراسات الفقه المعاصر حول الهرمنيوطيقا المنهجية في الفقه السياسي

عقد مركز دراسات الفقه المعاصر يوم الخميس ١٠ مهر ١٤٠٤ (١ أكتوبر ٢٠٢٥) جلسة بعنوان "تطبيق الهرمنيوطيقا المنهجية في الفقه السياسي" بحضور الدكتور مسعود فياضي والدكتور سيد صادق حقيقت.
تناولت هذه الجلسة المتخصصة دراسة النهج الحديثة لتفسير النصوص الفقهية وأهمية الاهتمام بالسياق (Context) في فهم أدق للنصوص الدينية والسياسية.
في هذه الجلسة العلمية، استعرض الدكتور فياضي تاريخ وفلسفة الهرمنيوطيقا، موضحًا أهمية فهم "فردية المؤلف" وضرورة الاهتمام بالسياقات التاريخية والثقافية في تفسير النصوص الدينية. كما أكد الدكتور حقيقت على ضرورة النظرة النظامية للفقه، مشيرًا إلى الدور الحيوي للسياق في تفسير الآيات الفقهية، خاصة تلك المتعلقة بالجهاد.

إشارة: في هذه الجلسة العلمية، استعرض الدكتور فياضي تاريخ وفلسفة الهرمنيوطيقا، موضحًا أهمية فهم “فردية المؤلف” وضرورة الاهتمام بالسياقات التاريخية والثقافية في تفسير النصوص الدينية. كما أكد الدكتور حقيقت على ضرورة النظرة النظامية للفقه، مشيرًا إلى الدور الحيوي للسياق في تفسير الآيات الفقهية، خاصة تلك المتعلقة بالجهاد.

نظمت مجموعة الفقه السياسي والعلاقات الدولية بمركز دراسات الفقه المعاصر، ضمن سلسلة جلساتها المتخصصة في مجال الفقه السياسي والعلاقات الدولية، يوم الخميس ١٠ مهر ١٤٠٤ (١ أكتوبر ٢٠٢٥) جلسة علمية بعنوان “تطبيق الهرمنيوطيقا المنهجية في الفقه السياسي”. كانت هذه الجلسة الثالثة ضمن سلسلة “تطبيق الطرق الهرمنيوطيقية في الفقه السياسي”، وقدّمها الدكتور مسعود فياضي، عضو هيئة التدريس بمركز الثقافة والفكر، بمشاركة الدكتور سيد صادق حقيقت، عضو هيئة التدريس بمركز الإمام الخميني (ره) كناقد، وتولى الدكتور عبد الوهاب فراتي إدارة الجلسة.

في هذه الجلسة المتخصصة، شرح الدكتور فياضي بالتفصيل “الهرمنيوطيقا المنهجية”، وميّزها عن الهرمنيوطيقا المنهجية (Methodical Hermeneutics). وأشار إلى التاريخ والفلسفة الهرمنيوطيقية، خاصة نظرية شلايرماخر، موضحًا دور هذا النهج في فهم عميق للنصوص الدينية والسياسية. وأكد أن الهرمنيوطيقا المنهجية تتجاوز طرق التفسير البحتة، وتعمل على إعادة إنتاج “فردية المؤلف” في ذهن المفسر، مما يتيح فهمًا دقيقًا لمراد المؤلف رغم الفواصل التاريخية والثقافية.

من النقاط الرئيسية في العرض، التفريق بين نوعين من الهرمنيوطيقا:

  • الهرمنيوطيقا المنهجية: تعتمد على مجموعة من الطرق والتقنيات التفسيرية.
  • الهرمنيوطيقا المنهجية: تتناول فلسفة المنهج وتقدم نظرية متكاملة لتقييم صحة النهج التفسيرية.

شرح عضو هيئة التدريس بمركز الثقافة والفكر قانونين مهمين لتفسير شلايرماخر: القانون النحوي والقانون النفسي، اللذان يؤديان معًا إلى فهم أعمق لمراد المؤلف. كما أشار إلى “الدور الهرمنيوطيقي بين الجزء والكل”، مؤكدًا على ضرورة التردد المستمر بين أجزاء النص وكليته لفهم دقيق للمؤلف.

من المباحث التي طُرحت في الجلسة، الاختلاف بين رؤية شلايرماخر وغادامر حول إمكانية فهم مراد المؤلف بالكامل؛ حيث يؤمن شلايرماخر بإمكانية الفهم، بينما يعتقد غادامر بعدم إمكانية الوصول إلى فهم قطعي. كما تمت مناقشة تطور نظرية الهرمنيوطيقا حتى القرن العشرين ودور مفكرين مثل إميليو بيتي وإريك دونالد هيرش، الذين حاولوا تقديم الهرمنيوطيقا كعلم بمعايير صحة.

كما تمت مناقشة تأثير الرومانسية والجماليات على تشكيل نظرية الهرمنيوطيقا المنهجية وأهمية تطبيق هذا النهج في فهم نصوص الفقه السياسي بالتفصيل. استخدم الدكتور فياضي تشبيهًا دقيقًا، واصفًا “السياق” للنص كاللوحة الأم في الحاسوب التي تلعب دورًا حيويًا في نقل وفهم المعلومات بدقة.

من النقاط البارزة الأخرى في الجلسة، شرح مباني الإنسانيات والعالميات لنظرية شلايرماخر، التي تشير إلى ثلاثة أنواع من “الكل”: كل شخصية الكاتب، الكل البيئي الذي يعيش فيه المؤلف، والكل العالمي لذلك العصر. التفاعل بين هذه الأكلال الثلاثة مهم جدًا في فهم مراد المؤلف، ويظهر أن المؤلف يمكن أن يتحدث بما يتجاوز عصره، لكنه يبقى دائمًا ضمن “سياق” عصره.

في القسم الأخير، تناول الدكتور فياضي النقد الموجّه لنظرية شلايرماخر، مشيرًا إلى تحديات مثل مجهولية المؤلف أو وجود مؤلف أعلى مثل الله، وأكد على أهمية ظهور الكلام والاعتماد عليه كمحور رئيسي في عملية التفسير. كما ذكّر بضرورة تدريس طرق فهم “السياق” وأسلوب المؤلف في علوم أصول الفقه لتوسيع دائرة فهم معنى النصوص الفقهية.

وأكد أن الهرمنيوطيقا المنهجية، بنهجها الفلسفي والعلمي، يمكن أن تكون أساسًا لفهم أعمق وأكثر علمية للنصوص الدينية والفقه السياسي، وأن الاهتمام بمبانيها وطرقها ضروري لباحثي الفقه المعاصر.

في استمرار الجلسة، قال الدكتور سيد صادق حقيقت، مؤكدًا على دور السياق في تفسير النصوص الدينية: “مع ذلك، السياق هو أحد العوامل المؤثرة في التفسير فقط. إذا قيل في نظرية ما إن هناك عشرة عوامل تلعب دورًا في التفسير، فلا ينبغي إهمال أي منها لصالح الآخر.”

وأضاف عضو هيئة التدريس بمركز الإمام الخميني (ره): “النظرة النظامية للفقه (فقه النظام) نهج صحيح. لكن عيب فقهنا ليس في غياب النظرة النظامية، بل في قلة الاهتمام بالسياقات وبيئات إصدار الأحكام. تظهر الهرمنيوطيقا أن النص يمكن تفسيره فقط ضمن سياق، وهذه نقطة رئيسية لتحويل علم الأصول.”

أشار الدكتور حقيقت إلى رأي العلامة الطباطبائي حول آيات الجهاد، وقال: “في مناقشة الجهاد الابتدائي والدفاعي، يذكر أن هناك آيات مطلقة ومقيدة حول الحرب في القرآن. وفقًا للقاعدة الأصولية، يُحمل المطلق على المقيد؛ لذا الحرب جائزة فقط في حالة الدفاع. هذا المبدأ يتشكل بناءً على التفريق بين المطلق والمقيد؛ بينما يرفض بعض الفقهاء هذا التفريق أساسًا ويقولون بنظرية الفرد الأعلى.”

وأضاف: “إذا دُرست الآيات المتعلقة بالحرب مع مراعاة سياق إصدارها، فقد نجد أن آية ‘قاتلوا’ جاءت في سياق معين، وآية ‘إذا هُوجمتم فقاتلوا’ في سياق آخر. هذا يعني أن القواعد الأصولية التقليدية بحاجة إلى إعادة نظر، ويجب إدخال السياق كعنصر رئيسي في قاعدة حمل المطلق على المقيد.”

وأكد: “يجب أن تصبح هذه النظرة عنوانًا في تدريس علم الأصول؛ لأن المطلق والمقيد قد ينتميان إلى سياقين مختلفين، وبالتالي قد يكون حملهما على بعضهما غير صحيح.”

تُظهر المناقشات التي جرت في هذه الجلسة أن النهج الهرمنيوطيقية الحديثة يمكن أن تساعد في فهم أعمق وأكثر علمية للنصوص الدينية والفقه السياسي. التركيز على أهمية السياق ودمجه مع النهج النظامي يُعتبر خطوة فعالة في تطوير علم الأصول والفقه المعاصر، وتظهر الحاجة إلى تدريس هذه الطرق لباحثي الفقه المعاصر بشكل أكبر.

Source: External Source