إشارة: حالما يُذكر العنف ضد الزوج يتجه الذهن فوراً إلى عنف الزوج ضد الزوجة؛ فهل ذلك لأن عنف الزوجة ضد الزوج غير متصور أصلاً أم أنه أقل؟ حجة الإسلام والمسلمين حسين بستان، أستاذ درس خارج فقه الجنسية، يرى أن انصراف العنف ضد الزوج إلى العنف ضد الزوجة يرجع إلى الدعاية الفيمينستية؛ وإلا فالعنف ضد الزوج متصور وغير قليل، خاصة إذا عددن العنف شاملاً للعنف البدني والكلامي. عضو المجلس العلمي لمجموعة فقه المرأة والأسرة في معهد دراسات الفقه المعاصر، له رأي مثير للاهتمام أيضاً حول «اغتصاب الزوجة». تفاصيل الملاحظة الشفهية لعضو الهيئة العلمية في معهد البحوث للحوزة والجامعة حول العنف ضد الزوج، فيما يلي:
مسألة عنف المرأة ضد زوجها ليست خارجة عن مسألة العنف لا مفهوماً ولا مصداقاً؛ أي أن مسألة العنف تشمل عنف الرجل ضد المرأة وعنف المرأة ضد الرجل على السواء مفهوماً ومصداقاً. وفي هذا الاجتماعية مثل علم الاجتماع وكذلك في البحوث التجريبية ذُكرت أمور متنوعة، وبمقارنة الإحصاءات يتضح أن العنف موجود في النساء كما في الرجال؛ لكن سبب أن يبدو أن الشق الثاني أي عنف المرأة ضد الزوج أقل اهتماماً أو طرحاً يرجع أكثر إلى المسائل الدعائية والإعلامية وصناعة الجو والثقافة والتيار، وليس له أصل علمي أو معرفي كبير.
العنف ضد الزوجة تم تضخيمه لأن الفيمينستيات يدافعن عن حقوق المرأة فتم النشاط الإعلامي حوله؛ لكن هذا لا يعني أن العنف من الجانب الآخر غير موجود أو أن أحداً ينكر هذا النوع من العنف.
في مسألة العنف ضد الزوج هناك عناوين عامة تشمل النوعين من العنف ضد الزوج وضد الزوجة، وعناوين خاصة خاصة بكل واحد منهما. كما أننا عندما نتحدث عن عنف الرجال ضد النساء نطرح المباحث في إطار العناوين العامة والخاصة ثم نبين أحكامها. العناوين العامة مثل حرمة الإضرار؛ فإذا أضر أحد بالآخر تترتب عليه أحكام قاعدة لا ضرر. المشهور أن لا ضرر نفي للحكم الضرري، لكن بعضهم مثل المرحوم الإمام الخميني وآية الله السيستاني يرون أن لا ضرر يعني وجوب تدخل الحاكم لدفع الإضرار، وعلى هذا المبنى تكتسب قاعدة لا ضرر ثمرة مهمة، وبناءً عليها إذا وقع عنف في الأسرة سواء ضد الرجل أو ضد المرأة يمكن منع ذلك باستناد إلى هذه القاعدة وأخذ الحق وجبران الضرر.
العناوين الخاصة بعضها يجري في عنف النساء ضد الرجال وعنف الرجال ضد النساء معاً، وبعضها يجري في أحدهما فقط. أحدها استعمال اللفظ الركيك، والآخر الشتم، ويمكن وضع هذين تحت عنوان «عدم الاحترام» أيضاً.
أدلة هذه العناوين مختلفة بعضها يثبت الحرمة وبعضها لا يفيد أكثر من الكراهة. مثلاً مجرد الغضب والحدة قد لا يكون حراماً لكن إذا أدى إلى إطلاق ألفاظ فحش ركيكة صار حراماً.
هذا كان العنف الكلامي. وفضلاً عنه يوجد العنف البدني الذي طبعاً حكمه أشد من العنف الكلامي.
هذه عناوين يتصور فيها العنف من الرجل ضد المرأة ومن المرأة ضد الرجل على السواء. لكن هناك حالات تتصور فقط من الرجل ضد المرأة؛ مثل الجماع بالإجبار. في مسألة إجبار الرجل على الجماع: إذا كانت للمرأة عذر شرعي فطبعاً لا يحق للرجل إجبارها، أما إذا لم يكن لها عذر شرعي فالإجبار غير متصور، بل هذا الفعل من حقوق الرجل. نعم، الفيمينستيات يعددن هذا اغتصاباً ويستقبحنه، لكن الحقيقة أنه من الناحية الفقهية لا يمكن إطلاق حكم الاغتصاب عليه؛ لأن الاستمتاع المعتاد وفي غير حالات العذر الشرعي من حقوق الرجل ومن شروط العقد. نعم، قد نعدّ هذا الإجبار نوعاً من سوء الخلق لكنه ليس اغتصاباً. وربما يمكن تصور شيء مشابه لهذا الفعل من جانب المرأة بصورة أخرى يسمى «الإخافة» وقد يأخذ حكم الحرمة أيضاً. وهذه المسألة متصورة من الرجل أيضاً فيخيف المرأة ويجبرها بهذا الطريق على فعل ما.
من حالات العنف الكلامي القذف الذي بيّن حكمه في القرآن أيضاً: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (النور: ٤).
والهجر أيضاً مذكور في القرآن. القذف والهجر كلاهما نوع من العنف ضد الزوج ولهما أحكام مختلفة؛ أحياناً يصل إلى درجة الحرمة وأحياناً إلى درجة الكراهة.
[١] في القذف يشترط أن يكون باللفظ الصريح أو الظاهر الموثوق حتى يعتمد عليه؛ مثل قول القاذف: «زنتِ» أو «لوطتَ» أو «أنت زانية» أو «أنت لوطي» أو «لوط بك» أو «دخل في دبرك» أو «يا زاني» أو «يا لوطي» وما أشبه من الألفاظ التي تؤدي هذا المعنى صراحة أو بظاهر موثوق. ويشترط أن يكون القائل عارفاً بما وضع له اللفظ وبمعناه في اللغة التي يتكلم بها؛ فلو قال أعجمي أحد هذه الألفاظ (بالعربية) وهو لا يعرف معناها فليس قاذفاً ولا حد عليه ولو كان المخاطب يعرف المعنى. والعكس: إذا قال من يعرف معنى اللفظ لمن لا يعرفه فهو قاذف وعليه الحد.
