إشارة: حجة الإسلام والمسلمين علي فاضلي هيدجي درس ودرّس لسنوات طويلة في الحوزة العلمية بقم، ثم ترك قم قبل عدة سنوات وانتقل إلى تبريز. أستاذ درس الخارج في الفقه والأصول في حوزة تبريز يقدّم في هذه المقالة الحصرية لـ«الفقه المعاصر» تحليلاً للنهجين الأدنوي والأقصوي في الفقه، ويصل في النهاية إلى نتيجة مثيرة للاهتمام. نص المقالة كاملاً على النحو التالي:
نعلم أن مجال حياة الإنسان واسع جداً. جسمه ونفسه يثيران قضايا كثيرة لا تُقاس بقضايا السماء والأرض أو حياة الحيوانات. لذا فإن العلوم التي تناولت الإنسان متنوعة جداً: من الطب والفيزياء والكيمياء إلى الاقتصاد والإدارة والعلوم الاجتماعية، ومن علم النفس والحقوق والأخلاق إلى الفلسفة والعرفان. والنقطة المهمة أن هذه العلوم مشتركة بين المؤمن والملحد؛ فقد طوّرها المؤمنون والملحدون على حد سواء، وهذا يدل على حاجة مشتركة وأصل مشترك.
السؤال المهم إذن: في أي من هذه العلوم أمسك الأنبياء بيد الإنسان؟ هذا السؤال مهم من عدة جهات:
- يتعلق بطبيعة الهدف الإلهي في حياة الإنسان وفلسفة بعثة الأنبياء.
- إجابته تؤثر تأثيراً كاملاً في تفسير النصوص الدينية.
- الإنسان المعاصر، بسبب نمو العلوم البشرية، صار شديد الحقوقية ويهرب من التكليف؛ فلا يقبل التكليف إلا إذا كان له بيان واضح. يجب أن يفهم لماذا وأين لا يجوز له الاعتماد على علمه الخاص.
في الجواب عن هذا السؤال ظهرت نظريات متعددة. بعضها من داخل الأديان واستناداً إلى الكتب المقدسة، وبعضها نظرة خارجية تحدد نطاق الأديان بناءً على توقعات الإنسان من الدين أو بناءً على العلوم الحديثة، فيقال: إن اكتشافات العلوم الحديثة في مجال الروح والنفس واسعة جداً، فلا يجوز أن يحدث تلاقٍ أو تعارض بين الاكتشافات البشرية وما جاء به الأنبياء. وهناك آراء متنوعة أخرى، والتنوع في هذه الآراء كبير إلى درجة تتطلب دراسة كل منها على حدة.
نحن في هذا المقال نركز على إحدى هذه الآراء التي جاءت من الداخل والخارج معاً. سنشرح النظرية أولاً ثم نناقشها. المهندس الراحل الدكتور مهدي بازرگان في محاضرة ألقاها يوم ١/١١/١٣٧١هـ.ش أمام الجمعية الإسلامية للمهندسين، انتقد بشدة من يرون الإسلام مجرد وسيلة لتنظيم الحياة الدنيا في مواجهة الهجمة الفكرية الغربية، فقال:
«القرآن يكرر انتقاد الحياة الدنيا ويحث الناس على الحياة الآخرة. الدين يسعى للقضاء على استبداد الإنسان ودفعه نحو العالم الأعلى. الدين يؤكد: اتركوا الحياة الزائلة وفكروا في الحياة الباقية». ثم انتقد من أدخلوا الدين في مجال الحكم وسائر العلوم، وجاءت عناوين رأيه كالتالي:
- ما الداعي أن يشغل دين يسعى لهدف عالٍ نفسه بحياة الإنسان الفردية والاجتماعية المحدودة؟ ثورة الأنبياء أرفع من الانشغالات المحدودة بهذه الحياة، ونوعها مختلف عن الثورات العلمية لنيوتن وغيره من العلماء البشريين، وخلط الهدفين غير منطقي، كالفيل والفنجان.
- الأئمة المعصومون (عليهم السلام) لم يروا الحكم لازمة للإمامة. سيرة علي وحسن وحسين وصادق (عليهم السلام) واضحة في ذلك: جاؤوا بالشورى ومجيء الناس، ولم يتعرضوا للحكم عند عدم مجيئهم.
- القرآن نفسه رسم صورة واضحة: بعثة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كانت لله والآخرة. لا توجد آية تقول إن النبي جاء ليؤسس حكومة أو ينظم تغذيتكم واقتصادكم.
- القرآن حين يتحدث عن أحكام الزواج والطلاق والخمر لا يقول: الله أراد أن لا تتضرر معدتكم أو تستمتعوا أكثر جنسياً، بل يقول: الله يريد ألا تسلكوا طريق الشيطان، وألا تتفاقم ضغائنكم… إلخ.
- الأوامر السماوية ليست غريبة عن حياة الإنسان، بل تنظم جزءاً مهماً منها، لكن هذا هدف ثانوي. القرآن كما لم يعطِ تعليمات طبخ لم يعطِ تعليمات حكم واقتصاد.
- إضافة إلى أن تدخل الدين في حياة الإنسان يجلب أضراراً: فشل الحكام يُنسب إلى الدين، حكم البابوات والأمويين أضرّ بالإيمان كثيراً، والإيمان لا يقبل الإكراه أصلاً.
من هذه النقاط الست، الأولى والأخيرة نظرة خارجية، وأربع منها كلام داخل ديني. في مناقشة هذه الأقوال يجب الانتباه إلى الملاحظات الست التالية:
- التفريق بين الحياتين في حياة الإنسان حق وواجب تماماً. الله منح الإنسان حياتين ليختار إحداهما. القرآن ذكر الحياتين قرابة ١١٥ مرة. المؤمن والملحد لا يختلفان فقط في العلم والأخلاق والسلوك، بل هما شخصيتان مختلفتان تماماً بعواطف وأحلام مختلفة. الدنيا والآخرة حياتان. المؤمن بالإيمان ينال روحاً جديدة. الفرق بينهما هو الفرق بين الملك والملكوت تماماً.
لذلك من يقدم الدين فقط لتنظيم الدنيا ظلم الإنسان ظلماً كبيراً. كثير من العوام يعتقدون أن الأنبياء جاؤوا لتنظيم المجتمع أو الأخلاق، فإذا رأوا مجتمعات نظمت هذين الأمرين ظاهرياً اهتز إيمانهم. القرآن فصل الفرق بين الحياتين: إحداهما باقية والأخرى فانية، إحداهما مع الفطرة والأخرى ضدها، إحداهما ستصل حتماً والأخرى ستبقى في منتصف الطريق. لذلك الحياة الدنيا عاجزة عن حل المشكلات نهائياً. يجب دراسة «الحياة الطيبة» بالتفصيل في هذا المجال.
- الحياتان متداخلتان. الآخرة تمر من بوابة الدنيا. الملكوت باطن هذا الملك. الإسلام بدأ كل برامجه التربوية من تفاصيل الحياة. هذه الحياة يجب أن تنتج حياة الآخرة. الآخرة مولود الحياة الدنيا. المحقق فيض كاشاني يقول: الطعام أول وأقوى ميل يظهر في الطفل. الإسلام بدأ أول برنامج تربوي من الطفولة بآداب الطعام. الطعام من أعظم لذائذ الدنيا، وحتى الحروب دارت عليه. من الحلال والحرام إلى آداب المائدة، كلها تحمل مئات البرامج التربوية. كل أدب على المائدة يحمل رسالة كبرى. الأسرة، الجلسات الحيّية، المدينة، الدولة، كلها تحمل مئات الأحكام الشرعية لتحويل الملك إلى ملكوت.
- هاتان الحياتان، مع تداخلهما، تتعارضان في مواضع. تضاد وتنافر. علي (عليه السلام) يقول: الدنيا والآخرة طريقان متباينان وعدوان، فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة وعاداها، وهما كالمشرق والمغرب، كلما اقترب من أحدهما بعد عن الآخر، وهما ضرتان. في الحياة الدنيا المحور هو هوى النفس وحلمها، واللذة والقوة من مبادئها المحورية. من يحدد هذه التعارضات وطرق الخروج منها؟ العقل أم الشرع؟ الطعام مثالنا السابق يناسب هنا أيضاً. بأكل الطعام يمكن الوصول إلى الله، وبأنواع من الطعام وطرق الأكل يمكن أن يفسد الصحة النفسية. أحياناً طعام الجسم ضد طعام الروح أو عائق له. يمكن بالأكل الابتعاد عن الله. النبي (صلى الله عليه وآله) قال مراراً: الجوع نور القلب والحكمة. من أكل لقمة حرام أفسد إيمانه.
- غيبية العالم الأعلى جعلت علاقته بهذا العالم مبهمة ومجهولة بالنسبة لنا. الأنبياء هم الذين يهدوننا إلى هذا الجسر. هذه النقطة تنطبق على مسألة التعارض أيضاً. مواضع التعارض وكميته وطرق الخروج من التعارض كلها مخفية.
- بين تعاليم الإسلام الكثير مما يتعلق مباشرة بالحياة الدنيا. الإسلام لم يكتفِ بتنظيم معنوية الإنسان، بل تناول مادياته أيضاً. حيث يعدد حكم التكاليف يتحدث عن الجانبين معاً. مثلاً في أكل الدم يقول: يورث القسوة، يسلب القلب رحمته، يعفّن البدن، يغير اللون، وهو أكثر سبب للجذام. في حجاب النساء يقول: الحجاب أفضل لنمو النساء وطهارتهن، أفضل للنظام الاجتماعي، يديم الأسر، يزيد جمال المرأة.
الشيخ الحر العاملي الكبير في «وسائل الشيعة» تناول إلى جانب الأحكام الفقهية آداب الحياة: آداب اللباس في ٧٣ باباً بـ١٤٣ حديثاً، آداب الشراء والسكن في ٢٩ باباً بـ١٤٧ حديثاً، آداب السفر في ٦٨ باباً بـ٢٩١ حديثاً، حقوق الحيوانات وآدابها في ٥٣ باباً بـ٢٢١ حديثاً، آداب العيش مع الناس في ١٦٦ باباً بـ٨٨٩ حديثاً، آداب البيع والشراء وحقوق الزبون ومقدار الربح في ٦٠ باباً بـ٢١٧ حديثاً، آداب النكاح في ١٥٧ باباً بـ٦٧٧ حديثاً، آداب الأولاد في ١٠٩ أبواب بـ٤٣٤ حديثاً، الأطعمة الحرام في ٦٦ باباً بـ٣٤٧ حديثاً، آداب الأكل في ١١٢ باباً بـ٥٦٤ حديثاً.
القوانين التجارية المتعددة، أنواع الملكية، أكثر من خمسين نوعاً من العقود والعهود وأحكامها، التفاصيل الدقيقة في الميراث، أحكام الخصومات والقصاص والديات، كلها جزء من الأحكام الشرعية.
تنوع هذه المسائل مختلف جداً: أحياناً يصل إلى أدق التفاصيل، وأحياناً يكتفي بالكليات، أحياناً أحكام حقوقية، وأحياناً أخلاقية أو آداب فقط. صاحب الجواهر عدّ خمسين قانوناً للربح في المعاملات.
- من أهم قضايا السؤال الأول مكانة العقل عند الإسلام. واضح أن مهمة العقل فتح باب العالم الأخير وهداية الإنسان إلى عالم الملكوت، فهو رسول وحجة الله. دوره لا يضاهى، حتى الرسالات السماوية تحمل على كاهله. الأنبياء يخاطبونه ولا يعرفون غيره. لكن للعقل قدرات هائلة لتعمير عالم الملك: يكتشف عالم المادة ويسخره للإنسان. الإسلام اعترف بهذه القدرة وأكد عليها. الإنسان يجب أن يتغلب على المشكلات ويعمر هذا العالم. المفسرون فسرّوا الآية ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ بأن الله أراد أن يعمر الإنسان العالم وحياته.
علي (عليه السلام) قال: العقل قوة وثمرته السرور، لا يُستعان على الدهر إلا بالعقل، العقل أقوى أساس، فضل حظ الرجل عقله: إن ذل أعزه، وإن سقط رفعه، وإن ضل أرشده، وإن تكلم سدده.
وقال: اكتسبوا العلم يكسبكم الحياة. كل علم بشري يتولى جزءاً من الحياة. صحة البدن جزء تتولاه الطب، السفر جزء تتولاه علوم صناعة الآلات، كل علم يقوي جزءاً من الحياة، وهذا ما أكده الإمام.
في هذه الحالة يمكن أن يكون كل علم رسولاً من الله لتعمير الحياة وتطويرها. إذا دمرت الأرض بسبب سوء استهلاك الإنسان فهو مسؤول، إذا مات حيوان في الجبال بسبب ذلك فهو مؤاخذ، يجب أن يتغلب على الزلازل، يجب أن يدير كل الأرض. العلم عند الإسلام ليس قوة فقط بل مسؤولية أيضاً. علماء الفلسفة والنفس والطبيعة جميعهم مسؤولون عن قضايا العالم الثقافية وغير الثقافية. علي (عليه السلام) قال: اتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم.
النتائج المثبتة حتى الآن:
- للإنسان والعالم بعد معنوي وملكوتي خارج عن متناول العلم البشري.
- البعد المادي والمعنوي للإنسان طبقات لحقيقة واحدة متداخلة، لا يمكن فصلهما تماماً.
- البعد المادي أحياناً باب للمعنوي، أحياناً عائق له، أحياناً محايد.
- الإسلام لم يترك شيئاً في البعد المعنوي، وله تعاليم كثيرة في البعد المادي.
- العقل بقدراته العجيبة رسول الله ومأموره، مهمته إبقاء طريق المعنوية مفتوحاً، وتوفير البعد المادي للإنسان بإنتاج العلوم البشرية.
مشيئة الله أن يرضى الله والإنسان معاً في النهاية: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
نتيجة هذه المقدمات الخمس: تعاليم الأنبياء والعلوم البشرية متداخلة إلى درجة لا نملك صورة واضحة عن علاقتهما، لأن ملكوت هذا العالم مخفي عنا. الإسلام حرم بعض العلوم (مثل السحر والجادو والغناء)، أبدى عدم رضاه عن بعضها (مثل الموسيقى غير الحرام وكل ما يتعلق باللهو)، تدخل جزئياً في بعضها (مثل الطب والطب النفسي: لا يجوز للطبيب استعمال أي دواء أو أي أسلوب)، اعتبر بعضها غير نافع وأعطى رأياً إرشادياً (مثل أجزاء من التاريخ أو الفلسفة أو الكلام)، ترك بعضها لعقل الإنسان وأمر به (مثل علم الزراعة)، وتولى بعضها بنفسه أكثر (مثل علم الحقوق).
لذلك يبدو أن على المسلم في الجواب عن السؤال الأول أن يملك نظرة داخل دينية. هنا تحكم قاعدة منطقية: كلما كان مقام الثبوت يحتمل احتمالات كثيرة وجب الرجوع إلى مقام الإثبات. بسبب جهلنا بعالم الآخرة وارتباط الدنيا به ارتباطاً عميقاً، كل شيء محتمل: كل عمل قد يكون طريق الآخرة أو عائقاً لها أو مزاحماً. حزن داخلي قد يدفع الإنسان إلى الله أو يبعده عنه. طعام، سفر، رياضة، صيد، رواية، غضب، جليس، إدارة مدينة أو دولة، نموذج تخطيط مدن، تجارة… كلها كذلك.
يجب أن نرى ما رأي الأنبياء في الحكومة والاقتصاد والسياسة والحقوق وسائر العلوم. يجب الرجوع إلى النصوص الدينية بالأدلة الأربعة. من يُسند الحكم كلياً أو جزئياً إلى العلم البشري عليه أن يأتي بدليل من داخل الشرع، ومن يُسنده كلياً أو جزئياً إلى الشرع عليه أيضاً أن يأتي بدليل من داخله. العقل البشري هنا أداة استنباط فقط، وليس عقلًا سابقًا مستقلاً. لا يجوز الخوض في الموضوع بطرح قضايا مثل حقوق الإنسان، بلوغ العلوم البشرية، تاريخية فهم الدين، عدم ارتباط الدنيا بالآخرة، حقوقية الإنسان المعاصر، بشرية الأنبياء، التعددية الدينية، ظهور مسائل جديدة، تعطيل العقل أو تعارض العلم والدين؛ لأن هذه النظريات لم تقدم قولاً واضحاً يقينياً. بالطبع يجب دراسة كل منها على حدة. أصلاً مجيء الأنبياء كان بسبب مجهولات البشر. الإنسان يكتشف طبقته المادية ومادية العالم، لكنه جاهل بتبعاتها المعنوية؛ لذا العلوم الحديثة، لعدم نظرتها الداخلية الدينية، لم تؤدِ إلا إلى الاستبداد وانحدار الأخلاق وانحدار الكرامة والبعد عن الله.
بكل هذا الكلام لا يمكن إثبات النظرية الأدنوية ولا الأقصوية. يبدو أن مصطلحي «الأدنى» و«الأقصى» غير مناسبين هنا، ولا يمكن الجواب بنفس الشكل عن كل العلوم. في كل مسألة من كل علم يجب الدراسة منفردة لفهم مقدار الترابط أو التلازم أو التضاد أو التنافي أو التقابل مع الدين.
نعم، علم مصدره الله، وملهمه الله، وقوته من الله، ويسعى لاكتشاف مخلوقات الله، فلماذا لا يضع الإنسان في طريقه؟ أليس لأنه لم ينتبه إلى تصوير الله، وتجاوز المناطق المحرمة؟ لم يكن لديه دافع طاهر ولم يكن هدفه كشف الحقيقة، بل طلب القوة والرفاهية. نعم، على الفيزيائي والكيميائي أن ينظر دائماً إلى الوحي. إذا صار جزء من علمه آلة فساد وانتهى إلى قنبلة ذرية فعليه أن يترك ذلك الجزء. عليه أن يعرف الفرق بين الآلات الحرام والآلات المشتركة. حيث يصبح علم ما وسيلة فساد عليه أن يتركه، وحيث يصبح وسيلة للفساد والصلاح لا يحق له أن يتركه بيد الفاسدين. طبعاً تفصيل الكلام الأخير خارج عن موضوع هذه المقالة.
