السيد محمد صادق الابراهيمي

13/اصول الفقه الدراما

 اما بعد، خلافاً لقاعدة إظهار أجساد النساء، فإن قواعد إظهار أو "إظهار أجساد الرجال إعلامياً" حظيت باهتمام أقل في الفقه الإسلامي.  و ان "إظهار جسد الرجال نصف العاري" في وسائل الإعلام ممكن سواء في شكل فنون الأداء مثل الأفلام والمسلسلات والمسارح والسينمات، وفي شكل عرض المسابقات الرياضية؛  مثل السباحة والمصارعة ورفع الأثقال.  وقد حاولت في المقالة التالية تلخيص آراء الفقهاء في هذا المجال٠

 الخلفية

 ان تاريخ عرض “جسد الرجل نصف عاري” قصير جداً، خلافاً لحكم جواز النظر إلى الجسد أو عدم جوازه؛  لأنه لم يمض وقت طويلا منذ ظهور الإعلام المرئي وانتشاره بين المجتمعات الدينية والإسلامية.  والسؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو: ما الحكم الفقهي في إظهار (عدم النظر) جسد الرجل نصف العاري في وسائل الإعلام المرئية والعامة؟  هو ما عرض للجمهور من الرجال والنساء.  ومن ناحية أخرى، فإن العلاقة بين الفنانين والمشاهدين قد تكون خصوصية أو غير خصوصية٠

 أما في حالة النظر المباشر وليس عبر وسائل الإعلام، مقارنة بجسد الرجال نصف العاري، فيختلف الحكم باختلاف المشاهد وصاحب النظرة.  فمثلاً إذا كان الناظر رجلاً، حسب فتوى الفقهاء المشهورة، يجوز للرجال النظر إلى كل ابدان الرجال، ما عدا العورة، بشرط ألا يكون هناك قصد المتعة أو الربا.  أما إذا كان الناظر امرأة، حسب الفتوى المشهورة، فإنه يحرم على المرأة أن تنظر إلى ابدان الرجال الأجانب، إلا ما لا يستره الرجال عادة٠

 أما في حالة المشاهدة غير المباشرة أو مشاهدة ذلك في  الوسائط، فإن الأمر يختلف قليلاً.  وبحسب الفتوى المشهورة، فلا بأس بالنظر إلى صور الرجال إذا لم تكن بدافع الشهوة.  و إن النظر إلى الافلام، إذا تم بثها على الهواء مباشرة، له حكم النظر إلى الجسد، وإذا لم يتم بثها على الهواء مباشرة، فله حكم الصورة.  بعبارة أخرى؛  ولا حرج على النساء في مشاهدة الأفلام الرياضية التي تبث عن طريق التلفاز، بينما الرجال غير متسترين، إذا لم يكن ذلك خوفاً من الفساد، أو بقصد المتعة. و يرى أغلب الفقهاء أنه يحرم على المرأة أن تنظر إلى جسد الرجل نصف العاري إذا كان ذلك يسبب شهوة.  أما فيما يتعلق بعرض أجساد الرجال نصف العراة، فإن أغلب الفقهاء يذهبون إلى أنه إذا كان “العرض” يسبب نوعاً من الشهوة لدى الناظرين، فإنه يحرم إظهاره، وإلا فلا يمكن الحكم بحرمته٠

 ٢. حرمة إظهار أجساد الرجال نصف عارية حية

اما حسب رأي بعض الفقهاء المعاصرين، إذا تم بث الفيلم بشكل مباشر، فإن النظر إليه كالنظر إلى شخص حي، وإذا تم بثه بشكل غير مباشر، فهو بمثابة الصورة الفوتوغرافية (الإمام الخميني، أحكام المرأة، ص32).  وبحسب هذه الفتوى، فمن الخطأ إظهار أجساد الرجال نصف عارية حية.  لأن الرجال لا يستطيعون النظر إلى سائر بدن النساء الأجنبيات، ولو بدون نية الريبة، ولا تستطيع النساء النظر إلى أجساد الرجال في المسابقات الرياضية ونحوها، إذا تبث على الهواء مباشرة٠

 ٣. الحذر في عرض أجساد الرجال نصف العارية  

 انما يحرم بعض الفقهاء المعاصرين مشاهدة الاجنبي عبر التلفاز ووسائل الإعلام إذا كان ذلك يجر إلى الفساد والريبة (الشيخ بهجت، توضيح المسائل، المسائل المتفرقة، الرقم 2).  بناء على هذه الفتوى يمكن القول: بما أن عرض أجساد الرجال نصف العراة يسبب الضريبة والفساد للنساء، فالأحوط ترك العرض.  ويمكن إضافة آراء الفقهاء التالية أسماؤهم إلى هذا الرأي: الشيخ الأراكي، و فاضل اللنكراني، والكلبايكاني، ومكارم الشيرازي (الاستفتاآت).  والأكثر من ذلك أنهم لا يفرقون بين العروض الحية وغير الحية، بل يعتبرون غياب الريبة والفساد هو المعيار، وهو ما يظهر عادة الخوف من الربا في عرض أفلام الرجال نصف العراة.  فلذلك يرجع إليهم الحذر من عدم إظهار أجساد الرجال نصف العارية٠

 ٣.٣. من الاحتياط الواجب، لا يجوز في البث المباشر، ويجوز في البث غير المباشر

 اما بعض الفقهاء المعاصرين، مثل آية الله الخامنئي، لا يرى جواز النظر إلى صورة أجنبية عن محرم في البث المباشر للأحوط وجوباً؛  لكنه يرى أنه من المقبول مشاهدته في بث مباشر (الخامنئي، أجوبة الاستفتاءات، ص 259). و بناء على هذه الفتوى يمكن القول أنه بما أنه لا يجوز النظر إلى العراة في البث المباشر للأحوط وجوباً، فلا يجوز إظهار أجساد الرجال نصف عارية في وسائل الإعلام بشكل البث المباشر بسبب الاحتياط الوجوبي، لكن لا مشكلة في البث غير المباشر٠

 بالنتيجة أنه إذا كان تمثيل جسد الرجل نصف العاري في وسائل الإعلام، من حيث المظهر وطريقة العرض والمونتاج للمشهد وغيرها من العوامل، بشكل يثير الشهوة لدى بعض الناس العاديين، فإنه فلا يجوز عرضه، أما إذا لم يكن كذلك فيمكن القول بجوازه إذا لم يتبعه أي نوع من الأعمال٠

 هذه المذكرة جزء من المجلة الإلكترونية “ مبادئ فقه العرض” التي تم إصدارها بالتعاون مع المدرسة الفقهية الفنية وموقع شبكة الاجتهاد٠