الاستاذ ياسر امينيان

إن إحدى المشاكل التي تؤثر على فنون الدراما في الدول الإسلامية، بما فيها إيران، هي تظاهر النساء سيئات الحجاب الإيرانيات وغير الإيرانيات. فمن ناحية يطالب المجتمع الديني بعدم بث هذه الصور، ومن ناحية أخرى فإن متطلبات السيناريو وغيرها علی العکس تقتضي بث مثل هذه الصور. وهنا يحاول حجة الإسلام والمسلمين ياسر أمينيان، أستاذ المراحل العليا في الحوزة العلمية في قم، في هذه المذكرة الخاصة، أن يعبر عن فقه هذه المسألة بالتفصيل كمايلي٠

المقدمة

حسب اتفاق الفقهاء إن النظر إلى بدن وشعر المرأة الأجنبية حرام. وهذا الحكم واضح بحيث اهتم قليل منهم في الكتب الاستدلالية، بل أكثروا في حدوده وثغراته واستثناءاته. وبالطبع فإن حرمة النظر إلى الوجه والكفين فيها فرق: فأكثر العلماء القدامة اعتبروا النظر إلى الوجه والكفين حراماً كسائر أجزاء البدن الغريبة، لكن أكثر المعاصرون يرون جوازه إذا كان بدون متعة وريبة. وفي هذا الباب توجد أدلة كثيرة، ويعتبر من يقينيات الفقه والدين، وإجماع الفقهاء ولذلك، فإنه لا يحتاج إلى التحقيق٠

جواز النظر إلى المرأة المسلمة التي لاحياءلها

لم يحرم بعض الفقهاء النظر إلى النساء قليلة الحياء. وأهم توثيقاتهم رواية نقلها المرحومان الكليني والشيخ الصدوق عن الامام الصادق (ع) مفادها أنه لا مانع من النظر إلى شعر النساء من تهامة والعرب واهل السواد والكفار، لأنهم إذا حرموا فلن يعملوا٠

شكل الحجة: لم يرد في هذه الرواية ذكر لبس المرأة المسلمة الحجاب وقليلة الحياء، لكن السبب المذكور في الحديث يجعل حكم الجواز يشملهم أيضاً، لأنه عندما ينص الشرع على سبب الحكم، فإن الحكم يخضع لهذا السبب٠

نقد السبب: وبالنظر إلى هذا الاستدلال يمكن القول: ان كان المظهر الأولي لهذه التفسيرات هو بيان السبب، ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن معظم التفسيرات في الخطابات الشرعية هو من نوع الحكمة والأصل والسبب. والمظهر الثانوي لهذه الأقوال هو الحكمة ولذلك لا يمكن اعتبار الحكم قطعياً٠

ثم إن رواية المرحوم الصدوق فيها ثلاثة اختلافات مع رواية المرحوم الكليني: 1. وبدلاً من عبارة “رؤوس نساء أهل تهامة” جاء فيها “شعور نساء أهل تهامة”. 2. وبدلا من عبارة: “أهل السواد”، تمت إضافة “أهل البوادي” و3. وقد أضيفت عبارة “من أهل الذمة”. وأما الفرق بين الأول والثاني فاحتمال قوي أن يكون أحدهما في هجاء الآخر. لكن الاختلاف الثالث مهم للغاية؛ لأنه على شرط «من أهل الذمة» في رواية الصدوق، فإن حكم الرأي الإباحي خاص بنساء الذمة والكفار. كما أن هناك إشكاليات توثيقية قد أثيرت في هذه الرواية، لكن بما أن دلالة الرواية ليست مكتملة في رأينا، فلا داعي لدراسة تلك الإشكاليات٠

حكم النظر الى الصورة

وباعتبار أن السينما والتصوير الفوتوغرافي من اختراعات الإنسان في العصر الجديد، فليس لدينا أي معلومات واضحة وصريحة من المصادر الدينية أو آراء الفقهاء المتقدمين للحكم في هذه المسألة، ولكن ربما تتضمن بعض الأدلة أو العناوين هذه المسألة بشكل ما. . الأدلة المحتملة على الاحترام هي

أ. أدلة حرمة النظر إلى الاجنبية: بالطبع، في فيلم يتم بثه على الهواء مباشرة، مثل هذا لايخلو من الوجه، كما اعتبره بعض الفقهاء. لكن فيما يتعلق بالصورة، يرى البعض أن النظر إلى صورة الشخص ليس في الواقع نظرًا إليه٠

ب. الاستدلال على الآية الكريمة “وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن”: لقد استخدم البعض هذه الآية الشريفة بحيث يحرم النظر إلى المرأة مطلقا ويستبعد أي نوع من النظر ويحكم علية بالحلية، بسبب ان هناك حاجة خاصة وممكن أن يكون مقتضى هذا التصور أن النظر إلى صورة المرأة وفيديوهاتها محرم أيضاً على الأصل الأول. وأصل الحجة في الآية هو قاعدة “حذف المتعلق مفيد للعموم”، أي لأن الشرع قد أزال خاصية غض البصر، فمعنى ذلك أنهم يجعلون غض البصر من كل شيء. وإذا صحت هذه القاعدة، فهي حيث يكون المتكلم في مقام الإعراب، لا في مقام الإيجاز. لذلك يتعين علينا إجراء تخصيص في هذا العام. ولذلك يصبح الأمر غامضاً هل هو جسد المرأة أم عورة المرأة أم “ما حرم الله” أم…؟ وإذا لم نتمكن من إثبات خاصية معينة بالأدلة، فإن الآية المذكورة مختصرة في هذا الصدد، ولا يمكن الاعتماد عليها في حرمة الفيلم والصورة الأجنبية٠

ج. الحجة بوحدة المناط: وهذا يعني أن المعيار نفسه الذي دفع الشرع إلى تحريم النظر إلى الأجنبية، موجود أيضاً في النظر إلى صورتها. وقد تم انتقاد هذه الاستدلال بحيث أنه على الرغم من وجود نفس المفاسد في النظر إلى الصورة، إلا أن شدة التحفيز وقوته تختلف كثيرا بين الاثنين، وهذا الاختلاف الملحوظ يجعلنا غير قادرين على القول بأن نفس المناط هو صعود نزول. كما أنه لا يتبين أن ما ورد في هذه الرواية هو سبب تعميم الحكم وتسريه٠

د. هتك الحرمة والإهانة: النظر إلى الصورة التي تكون فيها المرأة المسلمة لا ترتدي الحجاب الديني وواضحة فيها التي يجب ظترها، فهو إهانة لتلك المرأة وإيذاء لها، فهو حرام. و يمكن أيضًا تقويض هذا السبب، لأنه أولاً وقبل كل شيء، فإن النظر إلى صورة شخص غريب لا يسبب دائمًا سوء المعاملة. ثانياً: رغم أنه لا إشكال في تحريم سب المسلم، إلا أن صدق هذا العنوان وامتثاله يعتمد كثيراً على الظروف والأذواق. كما أنه ليس لدينا أي دليل على حرمة هذا الفعل المطلق، وأن أي عمل يسبب الأذى للمسلم فهو حرام. وعلى سبيل المثال، إذا دخل شخص ما في عمل تجاري، فقد يتعرض أولئك الذين يشاركون في هذا العمل للمضايقة، ولكن تصرف ذلك الشخص ليس حرامًا بالتأكيد٠

حكم النظر الفقهي الى المرأة الإيرانية وغير الإيرانية

السؤال المطروح في هذا القسم هو: هل كونك إيرانياً أو غير إيراني يشكل فرقاً في الأحكام التي قلناها حتى الآن؟ وبتحليل وفحص أدلة الفتوى ومصادرها يتبين أن العرق والجنسية ليس لهما أي تأثير على الحكم٠

حكم سيئة الحجاب

اختلاف الفتوى التي وردت في حكم العرض نافذ تماما. وبحسب الفتوى بجواز الصورة مطلقاً، فإن عرض تلك الصورة، على القاعدة الأساسية، لا ينبغي أن يكون فيه أي إشكال، أما إذا كانت تثير الجمهور، فقد تكون محرمة تحت عنوان ثانوي وهو مساهمتها في المعصية. وكذلك الفقيه الذي لا يرى جواز التعليق على الصورة إذا كان صاحب الصورة معروفا، ولأنها تعتبرها مثالاً للإساءة أو التحرش، فيجب منع بث مثل هذه الصورعلى هذا النحو. كما أن الأساس الذي لا يسمح بمشاهدة صور البث المباشر قد يعتبر البث المباشر حراماً أيضاً، لأن هذا الفعل يقع تحت عنوان ثانوي وهو المساهمة في الإثم٠

فمن خلال هذه المقدمة، أصبح من الواضح أن العناوين الثانوية، في الجملة التي تمت مناقشتها، يمكن أن يكون لها تأثير كبير. وهذه الألقاب الثانوية هي: المتعة والريبة، لأن الفقيه في كل مكان يفتى بجواز الرأي، مثل جواز النظر إلى الوجه والكفين، والإذن في النظر إلى النساء المسلمات، والإذن في النظر إلى الصور، والإذن في النظر إلى النساء الكافرات، ونحو ذلك. ونتيجة لعدم جواز الرأي بالمتعة أو الريبة فقد سمي “مفروغ عنه” و”متسالم عليه” و”مجمع عليه٠”

هذه المذكرة جزء من المجلة الإلكترونية “مبادئ فقه الدراما” التي تم إصدارها بالتعاون مع المدرسة الفقهية الفنيةو موقع شبكة الاجتهاد٠