محمد رضا فلاح تفتي

تلميح: كما يوحي اسمهم، فإن الفقهاء الناشئين الجدد ليس لديهم الكثير من التاريخ. وبطبيعة الحال، قد تكون بعض قضاياها قديمة، ولكن عناوين هذه الفصول جديدة. وقد أدى هذا إلى عدم وضوح المعنى الدقيق لهذه العناوين والاختلاف الدقيق بينها وبين الفصول المماثلة. وأحد هذه الفصول هو “فقه الفن”. وللفهم الدقيق لمعنى فقه الفن، لا بد أولا من توضيح الفرق بينه وبين فصول مماثلة، مثل “فقه الإعلام”، و”فقه الاتصال”، و”فقه الفضاء الافتراضي”، و”فقه الثقافة”. حجة الإسلام، د. محمد رضا فلاح تفتي، مدير قسم فقه الإعلام سابقاً بالإدارة العامة لبحوث الإعلام الإسلامي والأمين الحالي لقسم “الثقافة والفنون وفقه الإعلام” بمعهد البحوث الفقهية المعاصرة ، يحاول معالجة هذه المشكلة في هذه المذكرة٠

الثقافة والفن والإعلام والتواصل والفضاء الافتراضي هي كلمات تُسمع هذه الأيام أكثر بكثير مما كانت عليه في الماضي، وفي الوقت نفسه، يُعتقد أن هذه الكلمات لا لبس فيها من الناحية المفاهيمية وعلاقتها ببعضها البعض واضحة، ولكن في ومن حيث التحليل والتفسير العلمي، فقد جرت مناقشات جادة للتعرف على طبيعة هذه المفاهيم وطرحت أسئلة لم تتم الإجابة عليها بعد، أو تعددت الإجابات وتنوعت بحيث بقي الجمهور في حيرة من أمره بين كثرة المناقشات والتساؤلات. الإجابات، وفي الوقت نفسه، لا مفر من قبول بعض هذه الآراء والأفكار؛ لأن هذه المفاهيم ارتبطت بالعديد من مجالات العمل الأخرى٠

على سبيل المثال، وفقاً للأنظمة والملاحظات المتعلقة بالمادة 139 من قانون الضرائب المباشرة، فإن الأنشطة الثقافية والفنية المرخصة من قبل وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي معفاة من دفع الضرائب بنسبة 100%. لذلك، فمن الطبيعي أن يتم تحديد مهمة الثقافة والفن في مكان ما حتى يتمكن النشاط الذي له طابع ثقافي أو فني من استغلال هذه الفرصة، وإذا لم يحدث ذلك، فحتى الشركات المصنعة لوعاء المرحاض قد تدعي ذلك بسبب نافورة المرحاض لمارسيل دوشامب [1] تُعرف بأنها عمل فني وحتى أكثر الأعمال تأثيراً في الفن الحديث، لذا فإن منتجاتها هي أيضاً أعمال فنية ومعفاة من الضرائب.

إن الغموض في هذه المفاهيم، بالإضافة إلى هذا الأثر القانوني، الذي قد يكون أثرًا بسيطًا، له آثار وعواقب أكثر خطورة؛ على سبيل المثال، عندما تدخل هذه المفاهيم مجال العلم ويفترض أن تكون فعالة في تكوين فرع علمي وتدخل في بنية العلم، فإن الباحثين في ذلك العلم يواجهون تحديات خطيرة[2] تحديات مثل الغموض تحديد مكانها في بنية العلم، والغموض في تحديد الطريقة والإطار المناسبين لحل المشكلات المتعلقة به، والغموض في تحديد المتطلبات العلمية لحل المشكلات، وما إلى ذلك هي أمثلة على هذه التحديات، ووجود هذه التحديات يجعل الباحثين أقل على استعداد للدخول لديهم مشاكل في هذه المجالات٠

بناءً على النقاط المذكورة، أصبح من الممكن الآن أن نفهم بشكل أفضل لماذا لم تجد القضايا المتعلقة بالثقافة والفن والإعلام والاتصال والفضاء الافتراضي، على الرغم من اتساع المجتمع وحاجته الكبيرة، مكانها بعد في الفقه، وفي الفقه. البنية القائمة للفقه، فصول الفقه ليس لها علاقة بهذه المجالات٠

الاعتقاد السائد بين علماء الدين هو أن الفقه هو المسؤول عن تحديد الواجبات العملية والسلوكية للمكلفين، وباعتبار أن نطاق سلوك الملتزمين في المجالات المذكورة، بما في ذلك الثقافة والفن والاتصال وغيرها، واسع جدا. وهي من أكثر اللحظات سرية وخصوصية، وتشمل لحظات وسلوكيات الملزم أكثر سلوكياته عمومًا، فلا بد أن يكون لعلم الفقه بنية مناسبة حتى يتمكن الملزمون من الرجوع إلى هذا العلم وتلقي الأجوبة بحسب ما يناسبهم. الاحتياجات في المناطق المذكورة٠

ولكن من ناحية أخرى، فمن المتعارف عليه أيضا أن البناء السليم للفقه هو البناء الذي يقوم على بناء منطقي وله مبرر منطقي، وبعبارة أخرى، هذا البناء يقوم على معيار منطقي. 2- يمكن بسهولة استيعاب جميع الأمثلة والمجموعات الفرعية لسلوك الملتزمين و3- يتم وضع المواضيع المناسبة بجانب بعضها البعض؛ ولذلك، إذا كانت الفصول الفقهية المقابلة للمجالات المذكورة غير متوفرة في الفقه، فليس ذلك لأن المجال قد أهمل هذه المسائل؛ بل إنه بسبب الغموض الذي يكتنف هذه المفاهيم، فقد تم اقتراح ضرورة إنشاء فلسفة الفن الإسلامي وتطويرها قبل دخول المجال إلى مجال الفقه الفني، بل تم ذكرها كأمر لا بد منه قبل التعامل مع الفقه الفني قيل: بما أن الفقه الفني ودراسة الفقه الفني يقومان على فلسفة الفن وأسسه، حتى يتم العمل العلمي في هذا المجال ولا يتم إنتاج الأدبيات العلمية اللازمة، فإن التعامل مع الفقه الفني لن يكون مثمرا جدا، ولكن لن يكون ممكنا [3

ومع هذه الشروحات قد لا يمكن تقديم تعريف دقيق لفقه الثقافة، وفقه الفن، وفقه الإعلام، وفقه الاتصال، وفقه الفضاء الافتراضي، وربما إذا أردنا تسمية هذه الفصول وفق المتعارف عليه فصول الفقه التي تشير إلى الأفعال الواجبة، يكون من الأنسب أن نستخدم مثلاً بدلاً من فقه الفن الجمع بين فقه الأنشطة الفنية، لكن باختصار يمكننا القول أنه بما أن الفن جزء من الثقافة ومن الطبيعي أن يتناول في فقه الثقافة عمومية الثقافة؛ أما في فقه الفن فقد تخصص في الفن نفسه وما يشير إليه اسم الفن. كما ينبغي في فقه الإعلام الاهتمام بعملية نقل الرسالة والعوامل المؤثرة في نقل الرسالة. وبطبيعة الحال، تقع مسؤولية نشر الفن على عاتق وسائل الإعلام؛ لكن وسائل الإعلام ليس بالضرورة أن تنشر الأعمال الفنية ولا توصلها إلى الجمهور؛ بل إن عمل وسائل الإعلام (سواء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة) هو خلق التواصل، وهذه النقطة تسبب الفرق بين فقه الإعلام وفقه الفن. كما أنه بما أن وسائل الإعلام هي سبب الاتصال وليس الاتصال نفسه، فإن فقه الاتصال يمكن أن يكون فقهاً مستقلاً. في العصر المعاصر، يمكن للباحثين بشكل مستقل ملاحظة الفضاء الافتراضي، الذي يعد منصة لإنتاج الأعمال الفنية وأداة للنقل ومكانًا للتواصل، باعتباره أحد العوامل الفعالة في خلق الثقافة. بالإضافة إلى ذلك، فإن وظائف الفضاء الافتراضي لا تقتصر على الأنشطة الثقافية وقد طغت على جوانب أخرى من حياة الإنسان وتتطلب اهتماما خاصا.

ومع نظرية مجموع النقاط المذكورة، يقترح أنه نظرا للارتباط الواسع القائم بين هذه المفاهيم، على الأقل في مجال البحث والفقه والثقافة والفن والاتصال، والإعلام والفضاء الافتراضي، ينبغي أن تكون أن يكون لديهم هوية موحدة في البحث حتى يمكن فهم المفاهيم المتعلقة بهذه المجالات بشكل صحيح٠

هذه المذكرة جزء من المجلة الإلكترونية “أصول الفقه الفني” التي تصدر بالتعاون مع مدرسة فقه الآداب وموقع شبكة الاجتهاد٠

الهوامش

“النافورة” لمارسيل دوشامب، الرسام والنحات الفرنسي، كانت في الواقع مرحاضًا قدمه دوشامب كعمل فني عام 1917 تحت اسم مستعار لشخص آخر، والآن توجد إحدى نسخه في متحف تيت للفنون، وهو واحد من أرقى المتاحف في العالم. وفقًا لاستطلاع رأي فني، تم اختيار وعاء المرحاض الخاص بمارسيل دوشامب كأكثر الأعمال الفنية الحديثة تأثيرًا في العالم على الإطلاق. [⤤]

2. على سبيل المثال، اعتبر الدكتور عزام روضراد، عضو هيئة التدريس بجامعة طهران، في مؤتمر علم اجتماع الفن في إيران، أن أحد أهم المشكلات في مجال علم اجتماع الفن هو عدم وجود تعريف محدد لمفهوم الفن من وجهة نظر اجتماعية، وقال: لدينا تعريفات كثيرة للفن في الكتب، لكن هذا التعريف أكثر معرفية، وله جانب فلسفي، وبما أن هذا التعريف الفلسفي مجرد، وفي رأيي، فهو يتحرك في السماء، ولا يعطينا على الأرض معيارًا موضوعيًا لمعرفة الفن والفنان. ونتيجة لذلك، في مجال علم الاجتماع، لا يمكننا أن نفحصه بشكل موضوعي وملموس. المصدر: https://vista.ir/w/a/16/c5sut [⤤]

3. علي أكبر رشاد، قائمة متطلبات “فقه هنر”، موقع الاجتهاد.

[⤤]