الأستاذ والباحث في الحوزة العلمية بمشهد، ايران

الانفصال المعرفي له طرق وأساليب ويختلف عن الانفصال النفسي. وكل مواردنا تهدف إلى الوصول إلى القطعية المعرفية، لكن الانفصال النفسي هو الاكتشاف والحدس. ولذلك فلا منهج والحدس دليل على الإنسان، ولكن ليس هناك مبرر للآخرين. ويجب توثيق طريقة فهم الدين في الظاهر للوصول إلى المعرفة، لكن الانفصال النفسي غير قابل للمنهجية على الإطلاق، ولا يمكن نقله إلى الآخرين٠

ملحوظة: من أهم الأدلة في عمليات الاستدلال الفقهي هو العقل. ورغم أن هذه النقطة قد تكرر التأكيد عليها في علم الأصول، إلا أنه من النادر أن تجد مسألة فقهية سببها العقل فقط. ولحل المسائل الفقهية الناشئة التي قلّت النصوص الصريحة بشأنها، لكن أحد الاقتراحات هو الرجوع إلى حكم العقل. ولقد ناقشنا هذا الأمر مع حجة الإسلام الدكتور علي شفيعي، الأستاذ بجامعة مشهد، ايران. ويعتقد أنه لا فرق بين الاستنتاج والشبهة الناجمة عن حكم العقل، وبالتالي، كما أن الاستنتاج هو برهان، فإن الشك سيكون أيضا برهانا. وعبّر في هذا الحديث عن نقاط جديدة لم يتم التطرق إليها حتى الآن. تفاصيل الحوار مع هذا الأستاذ في محافظة خراسان، إيران هو كما يلي؛

ألا تؤدي صحة القرار المسبب إلى عدم الانضباط في الفقه؟

الأستاذ شفيعي: يبدو أن التقليل من قيمة العقل في الاستدلالات الفقهية أدى إلى عدم الاهتمام الجدي به. وبمعنى آخر، نحن نقدر السرد كثيرًا لدرجة أن العقل قد ضل طريقه. ولكن بالنسبة لهذا السؤال فجوابي إيجابي، لكن هذا لا يعني هبوط العقل والسردية. وبما أنه في العصر الحديث، مثل المرحوم الشيخ، طرح هذه المسألة بشكل جدي وتحدث عن القطع، فقد نشأ تحدي خطير في نظامنا الفقهي. ورأى البعض أن القطع يمكن أن يكون دليلا، لكن ما يوضع في دائرة الشبهة ليس حجة، في حالة عدم التمييز بين اليقين والشبهة، ويجب تدبير كليهما، قائلين إن اليقين والشبهة لا يختلفان وينقسمان إلى قسمين؛

الانفصال النفسي أو الشك

القطع والظن المعرفي

الانفصال النفسي له مشاكل كبيرة وهو جامح لأنه شخصي. وهذا القرار الذي يجده كل إنسان ويؤخذ من نفسيته هو قرار شخصي وليس دليلاً. ولعل السبب في أن العقل يقيني ويجلب المعرفة هو أن نتاجه كان عملاً نفسياً وأمراً شخصياً، وبالتالي لا ينظم. ومن وجهة علم أصول الفقه، فمن توصل إلى نتيجة فهو حجة لنفسه، وليس حجة لغيره، ويجب أن يكون دفاعا لغيره. أما بالنسبة لمقلديه فلا يجوز للفقيه أن يجعل هذا القطع مصدرا لفتواه، وإذا أراد أن يكون له فتوى بناء على القطع فإنه يكون من الصنف الثاني٠

اما في رأيي أن الدليل هو الجزء الثاني، يعني الانفصال المعرفي. ومن المؤكد أنه حجة للإنسان وأمثاله من أتباعه٠

من يميز بين هذين النوعين؟ الحاسم يعتبر نفسه بائسا؛ ولكن من يدرك مما تشتق المقاطعة؟

الأستاذ شفيعي : الفرق بينهما واضح، وهو حاسم ويمكن للآخرين أن يفهموا أي نوع هو. والانفصال المعرفي له طرق وأساليب ويختلف عن الانفصال النفسي. وكل مواردنا تهدف إلى الوصول إلى القطيعة المعرفية، لكن الانفصال النفسي هو اكتشاف وحدس، ولذلك فلا منهج والحدس دليل على الإنسان؛ ولكن ليس هناك مبرر للآخرين. ويجب توثيق طريقة فهم الدين في الظاهر للوصول إلى المعرفة، لكن الانفصال النفسي غير قابل للمنهجية على الإطلاق، ولا يمكن نقله إلى الآخرين٠

ألا يمكن علاج الانفصال النفسي؟

الأستاذ شفيعي: بين هذين النوعين من القطيعة فروق

الفرق الأول: الانفصال النفسي هو ينتج عن أسباب، ومنها يؤدي إلى الانفصال النفسي، وهو شخصي لا يمكن إدارته. بالطبع، يمكن أن تكون هناك أسباب مشتركة ويمكن أن تحدث لعدة أشخاص وتسبب سلطة شخصية لكل فرد من هؤلاء الأشخاص، لكن الانفصال المعرفي هو نتاج العقل، وليس السبب٠

الفرق الثاني: الاستنباط المعرفي، لأنه نتاج العقل، فلا يكون شخصيا عادة، وبما أنه كذلك فلا فرق بين الاستنباط والشك؛ لأن في الشبهة أشياء لا يمكن إدراكها٠

الفرق الثالث: الانقطاع المعرفي، لأنه موثق، يمكن أن يكون حجة للمقلدين٠

مع هذا التقسيم والنقطة التي لا يستطيع الإنسان أن يحلف بها، فإن حالة اليقين هذه لا تقوم إلا على العقل ولا تدخل فيها أي مشاعر أو عواطف أو حالة عقلية، فلا فرق بين الشك واليقين. وهذه المشكلة تسبب مشاكل لنظامنا الفقهي ويجب مراعاة الشبهة كما يؤخذ في الاعتبار الإنهاء. لأنه حتى الانفصال المعرفي لا يخلو من المشاعر والعواطف والحالات العقلية، وإن كان له سبب؛ لكنه ليس نتاجه بنسبة 100%، وهو بالتأكيد مستمد من مشاكل نفسية، ولكن تم توثيقه٠

يبدو أن الاختلاف بين الفقهاء يمكن التحكم فيه في بعض الأحيان، مثل الأمور العلمية والتربوية والمعرفية، حيث يعرف شخص القواعد، وشخص يعرف المفردات، وآخر له تاريخ تطور الفقه، والآخر لديه مبادئ قوية للغاية. وهذه يمكن التحكم فيها. ولكن هناك أشياء في الفقه لا يمكن إدارتها، يمكن أن تكون فعالة في القطع. ومن حيث الشهامة فإن الفقيه الذي هو مجازف يكون أقل حرصا من الفقيه الذي ليس مجازفا. فالفقيه الذي يهمه الأخلاق يؤثر ذلك على فتاواه، ومخرجات اجتهاده ضمانة للأخلاق أكثر من الفقيه الذي لا يرى أن الأخلاق ذات أهمية كبيرة٠

لذلك، فإن الانفصال المعرفي أيضًا يحمل غموضًا لأنه يمكن أن يكون غير مُدار وغير معقول، ولذلك فإن الفصل بين الشك العقلاني والشك القابل للتحويل سيكون أمرا لا يمكن الدفاع عنه. وإذا أدخلنا الفكر العقلاني في الجهاز فسوف يحل العديد من التحديات٠

المرحوم شمس الدين له مقال في كتابه عن حقوق المرأة ذكر فيه أن لدينا نوعين من البديهيات: البديهيات التشريعية والبديهات الفقهية. وقد رأى البعض أن وزن هذين الاثنين هو نفسه، ولكن هذا خطأ. ومن الواضح أن الأمر واضح لدرجة أنه لا يحتاج إلى دليل. ويرى أنه ينبغي النظر أيضا في البديهيات الفقهية، بخلاف البديهيات التشريعية التي لها حجية ولا تحتاج إلى بحث٠

مثلا، لقد تم الحديث عن عدم ولاية المرأة في الفقه حتى أصبح أمرا مفروغا منه، لكنني تحققت ورأيت أنه يمكن تقويض جميع الأدلة ولا يحتاج إلى أي تحقيق٠

ولذلك، يجب علينا توفير طريقة لإدارة كليهما. فلا ينبغي التخلي عن الشك الفكري منذ البداية. ويمكن القول أن الشبهة المعقولة هي حجة في هذه الأحوال، ولا يجوز صرفها عن الشبهة٠

هذه المقالة جزء من ملف “الأدلة الجديدة في الفقه المعاصر” وسيتم إعدادها ونشرها بالتعاون مع شبكة الاجتهاد.