تنبيه
يعمل الأستاذ السيد علي رضا الحسيني في الشؤون القضائية منذ عدة سنوات. بالإضافة إلى تدريس الفقه القضائي لسنوات عديدة، فقد عمل باحثًا في مركز الدراسات القضائية لعدة سنوات. وتحدثنا معه عن مواضيع وشبكة قضايا الفقه القضائي. يرى سماحته أن أهم خطوة في الفقه القضائي المعاصر هي فصل القضايا الجنائية عن القضايا المدنية، على غرار علم القانون. وفيما يلي تفاصيل الحوار الحصري مع هذا الباحث في مركز أبحاث القضاء حول الفقه المعاصر؛
الفقه المعاصر: ما هو الفقه القضائي؟ وما الفرق بينه وبين أبواب الفقه المشابهة، مثل “فقه القانون الجنائي”، و”فقه الأحوال الشخصية”، و”فقه الحقوق الخاصة“؟
السيد صدر الحسيني: يتناول الفقه القضائي في كتب الفقه المتعارف عليها والمتداولة، باب العداوة بين المتخاصمين؛ أي أن عمل الفقه القضائي هو باب العداوة والتحكيم. ويختلف الفقه القضائي عن فروع الفقه الأخرى، كالفقه الجنائي، والفقه الشخصي، والفقه الخاص، في أن الفقه القضائي يتناول الأدلة بشكل شامل، بينما يتناول في فروع أخرى كالفقه الجنائي، والفقه الشخصي، والقانون الخاص، مسائل الإثبات. لذا، من أهم المسائل التي يجب مراعاتها بدقة في تأليف كتب الفقه الحديث، ضرورة الفصل التام بين مسائل الإثبات ومسائل الإستدلالي، أي مسائل الأدلة لإثبات القوانين العامة في حالات محددة، ومسائل الإثبات٠
في الفقه القضائي، تُطرح مسألة إجراءات المحاكمة والفقه الإجرائي، بينما تُناقش مسائل الإثبات في الفقه والقانون الخاص والفقه الجنائي٠
في كتب الفقه القديمة، نادرًا ما نجد هذا التمييز. فعلى سبيل المثال، في كتابي الإيجارات والحدود، عندما يُناقش موضوع الإثبات، يُثار موضوع الإثبات أيضًا؛ بينما الآن في كتابي الفقه والمرافعات، تكون مواضيع الإثبات منفصلة تمامًا عن مواضيع الإثبات. ينبغي أن يكون الفقه هو نفسه. ونتيجة لذلك، تحديدًا، فإن مناقشة فقه الأحوال الشخصية وفقه الحقوق الخاصة هي مناقشة للإثبات، بينما تُناقش فقه القضاء أدلة الإثبات٠
الفقه المعاصر: ما هي طرق تقسيم مواضيع فقه القضاء، وأيها أفعل؟
السيد صدر الحسيني: لكي نُفصل مواضيع فقه القضاء بكفاءة، يجب أن نفصل المواضيع المدنية والخاصة عن المواضيع الجنائية، استنادًا إلى الاجتهاد والأدلة الفقهية. كما فصلنا الإجراءات المدنية والجنائية في القانون وقانون الإجراءات، يجب علينا أن نفعل الشيء نفسه في الفقه؛ أي أن لدينا فقهًا جنائيًا وفقهًا مدنيًا. بالطبع، في الفقه، تدور معظم المناقشات حول القضايا الجنائية، وقليل منها يتناول القضايا المدنية؛ ولكن أينما وُجدت هذه القضايا، يجب التمييز بين أبعادها الجنائية والمدنية، ومناقشتها بشكل منفصل٠
الفقه المعاصر: ما هي عناوين الفقه؟
السيد صدر الحسيني: يشمل الفقه الأدلة القطعية، ومناقشات حول باب العداوة، وصفات القاضي، وآداب المحاكمة وكيفيتها، وأحكام التحكيم. وتحديدًا، يتناول فقه المحاكمة والقاضي؛ أي التحكيم والمحكم. أما مناقشات التحكيم فتشمل نوعية المحاكمة وأحكام المحكم، مثل صفات القاضي٠
الفقه المعاصر: ما هي أهم المسائل في كل باب من أبواب الفقه؟
السيد صدر الحسيني: من أهم المسائل في الفقه اكتشاف الطرق التي تقودنا إلى الحقيقة بسرعة ودقة. ولكي يكون لدينا فقه جيد وفقه جنائي ومدني جيد، يجب علينا اكتشاف الأدلة التي تقودنا إلى الحقيقة بسرعة ودقة. في فترة من الفترات، كان إثبات الحق باليمين ممكنًا، أما الآن، فقد تغير هذا، وهناك طرق أفضل لكشف الحقيقة أمام القاضي. وبالطبع، يجب أن تكون هذه الطرق قابلة للاستشهاد بها ونسبها، لا أن تكون مثالًا للغيبة، أو إن جاز التعبير، لا لكشف الحقيقة، إن شاء الله. ما نحتاجه اليوم هو طرق مفهومة ونسبية للجميع، تكشف الحقيقة للقاضي بدقة ووضوح٠
من أولى الخطوات التي يجب اتخاذها في هذا الطريق الفصل بين مسائل الفقه الجنائي والمدني في الفقه. فإزالة التشابك والالتباس بينهما يجعل طريق الحكم أفضل وأدق، مع ضرورة اتخاذ خطوات أخرى بعد ذلك٠