الأستاذ حسن نظري شاهرودي في مذكرة شفهية:

مبادئ فقه الاقتصاد/4

يجوز أخذ الفائدة من الأموال التي تمتلكها الدول الإسلامية في بنوك الدول غير الإسلامية؛ على سبيل المثال، نبيع النفط إلى فنزويلا، وهم يودعون ثمنه في حسابنا في بنكهم. وبموجب قوانينهم، كلما طالت مدة بقاء المال في الحساب، يترتب عليه فائدة. وينطبق الأمر ذاته على التعاملات مع الدول الغربية والأوروبية التي غالبًا لا تكون مسلمة، حيث يجوز أخذ الربا منها. حتى لو كانت لهذه البنوك غير الإسلامية فروع في دولة إسلامية مثل العراق، فإن أخذ الربا منها يظل جائزًا.

نبذة

الأستاذ حسن نظري شاهرودي، المتخصص في فقه الاقتصاد والاقتصاد الإسلامي منذ سنوات طويلة. وُلد عام ١٣٢٨ هـ في شاهرود، وإلى جانب تدريسه لمواد متنوعة في الاقتصاد الإسلامي، ألف العديد من الكتب والمقالات في هذا المجال. من بينها كتاب «تكلفة وإيرادات الحكومة في الاقتصاد الإسلامي» الذي فاز في عام ١٣٨٢ هـ بالجائزة الأولى للاقتصاد الإسلامي، وفي عام ١٣٨٣ هـ بجائزة كتاب العام في الحوزة. كما كان عضوًا في المجلس الفقهي للبورصة والمجلس الفقهي للبنك المركزي لسنوات. في هذه المذكرة الشفهية، يتناول أستاذ درس خارج فقه الاقتصاد في حوزة قم العلمية بإيجاز موضوعين مهمين في فقه الاقتصاد، وهما خلق النقود والقرض الربوي. نص المذكرة الشفهية الخاصة بعضو المجلس العلمي لمجموعة فقه الاقتصاد في معهد الدراسات الفقهية المعاصرة كما يلي:

خلق النقود والسيولة

السؤال هو: ما هو المال، ومن الناحية الفقهية، ما هي الأحكام التي يجب أن تُبحث في الوضع الحالي والمستقبلي في الحوزة؟

فيما يتعلق بماهية المال، يجب أن ندرك أننا كنا نقول سابقًا إن المال هو شيء اعتباري على شكل أوراق نقدية وعملات معدنية؛ لكن اليوم، تغيرت طبيعة المال وأصبح عبارة عن رصيد. لذا، لم يعد موضوع السيولة النقدية يتعلق بحجم الأوراق النقدية أو العملات المسكوكة. اليوم، لم يعد المال بالمعنى التقليدي هو المطروح، بل الرصيد الاعتباري. وبمصطلحات فنية واقتصادية أكثر دقة، تحول المال الاعتباري إلى رصيد نقدي، بحيث إن ١٠% من المال في المجتمع هو أوراق نقدية، و٩٠% منه هو رصيد نقدي.

البنك أو الحكومة يمنحان الرصيد النقدي، ويصدر هذا الرصيد عن طريق البنك. من الناحية الفقهية، السؤال هو: إلى أي مدى يمكن للحكومة أو البنك التابع لها أن يمنح هذا الرصيد النقدي؟

إلى أي مدى يمكن أن يتوسع هذا الرصيد النقدي؟ في الاقتصاد، هناك مفهوم يُسمى خلق السيولة. فماذا يعني خلق السيولة الذي يتزايد اليوم على شكل رصيد نقدي؟ لذا، في الخطوة الأولى، يجب أن نفهم ما هو خلق النقود.

خمسون بالمئة من العمل يتعلق بفهم خلق النقود من الناحية العلمية، والخمسون بالمئة الأخرى تتعلق بمعرفة إلى أي مدى يمكن أن تتوسع السيولة النقدية عن طريق الرصيد. هل يمكن أن يزداد الرصيد النقدي بلا حدود، حتى لو واجه المجتمع مشكلات مثل التضخم، أم أن هذا الرصيد النقدي له حد معين وفقًا للقواعد العلمية يجب احترامه في كل مجتمع لتجنب التضخم؟

النقاش التالي هو: إذا حدث التضخم، فما هو الحكم الفقهي لهذا التضخم؟ هذا الموضوع مرتبط بمسألة زيادة السيولة.

من الناحية الفقهية، إذا أردنا الخوض في هذا الموضوع، فالخطوة الأولى هي فهم الموضوع بشكل علمي، وليس بمجرد قراءة الصحف أو الكتب. خصوصًا أن مسألة خلق النقود والسيولة في إيران معقدة للغاية. في رأيي، من لم يدرس الاقتصاد النقدي لا يمكنه فهم هذا الموضوع، تمامًا كما أن من لم يدرس الطب لا يمكنه فهم ماهية الميكروب أو فيروس كورونا.

القرض الربوي

في الوضع الحالي الذي تتواجد فيه علاقات تجارية بين البنوك، يكتسب القرض الربوي أهمية مضاعفة. التوضيح هو أن القرض الربوي محرم مطلقًا على المسلم؛ لذا لا يمكن للبنك الإسلامي أن يمنح قرضًا ربويًا. لكن أخذ الربا من الكافر الحربي جائز. تناول الفقهاء هذا الموضوع، من بينهم الإمام الخميني في كتابه “تحرير الوسيلة”، والمرحوم آية الله الأراكي في كتاب “المكاسب”، وخلصوا إلى أن أخذ الربا من الكافر الحربي جائز.

بناءً على هذا، يجوز أخذ الفائدة من الأموال التي تمتلكها الدول الإسلامية في بنوك الدول غير الإسلامية؛ على سبيل المثال، نبيع النفط إلى فنزويلا، وهم يودعون ثمنه في حسابنا في بنكهم. وبموجب قوانينهم، كلما طالت مدة بقاء المال في الحساب، يترتب عليه فائدة. وينطبق الأمر ذاته على التعاملات مع الدول الغربية والأوروبية التي غالبًا لا تكون مسلمة، حيث يجوز أخذ الربا منها. حتى لو كانت لهذه البنوك غير الإسلامية فروع في دولة إسلامية مثل العراق، فإن أخذ الربا منها يظل جائزًا.

هذا الموضوع مهم، ففي عالم اليوم، هل يمكن طرح هذه المسألة على المستوى العالمي وتمييز الربا من الدول غير المسلمة عن الدول المسلمة؟ ما هو المعيار في كون الطرف غير مسلم أو كافر حربي؟ هل هو الحكومة، أم أصحاب البنك، أم موظفوه، أم غير ذلك؟ هذه قضايا مهمة يجب أن تُناقش في الحوزات العلمية وفي فقه الاقتصاد.

Source: External Source