إشارة: لقد تغيرت متغيرات فضاء حياة البشر في السنوات الأخيرة بشكل كبير لدرجة أن التنبؤ بالمستقبل التربوي للبشر أصبح أمرًا صعبًا للغاية. هذا الأمر جعل التنبؤ بمستقبل فقه التربية أيضًا يواجه صعوبات. يقوم الحجة الإسلام حسين أدبي چرامي، الأستاذ والباحث في الحوزة العلمية بخراسان، في هذه المقالة الحصرية، برسم ثلاثة سيناريوهات لمستقبل فقه التربية.
حول فقه التربية
يمكن الحديث عن ثلاثة مستقبلات لفقه التربية: المستقبل الممكن، المستقبل المحتمل، والمستقبل المطلوب.
- المستقبل الممكن يشمل الأحداث التي يُتوقع حدوثها بشكل طبيعي في فقه التربية. على سبيل المثال، التوجه الجديد للفقهاء نحو الفقه المضاف أصبح عاملاً للاهتمام بفقه التربية، مما يؤدي إلى دقة أكبر في تحديد القضايا وطرق حلها في هذا الفرع العلمي.
- المستقبل المحتمل يتعلق بالاتجاهات التي حدثت سابقًا ومن المتوقع أن تستمر في المستقبل، أو الاتجاهات التي تحدث في ظروف معينة، أو الاتجاهات الناشئة التي هي نتيجة مباشرة أو غير مباشرة للتكنولوجيات الحديثة. على سبيل المثال، مع ظهور أدوات لعب جديدة مثل الألعاب الحاسوبية والهاتفية وغيرها، تغيرت نظرة فقه التربية إلى اللعب كعنصر تربوي بشكل كامل. كما أن التعليم الافتراضي، الذي أجبرت جائحة كورونا المؤسسات التعليمية على استخدام الأدوات الإلكترونية والتعليم الافتراضي، أوجد اهتمامًا في فقه التربية بالتعليم الافتراضي وضرورة تحديد التكاليف الفردية والمجتمعية بدقة في هذا المجال. وفي الوقت الحاضر، ستؤثر الذكاء الاصطناعي على فقه التربية من حيث تصميم القضايا، والقضايا الناشئة، وطرق حل المشكلات، وإنتاج النماذج التربوية. يمكن أن يتأثر هذا الاتجاه في المستقبل بموضوع جديد آخر.
- المستقبل المطلوب هو المستقبل الذي لا يوجد حاليًا ولا يظهر في شكل أحداث أو اتجاهات متوقعة، ويتطلب بناؤه الإبداع والمبادرة. الصور الذهنية والتخيلات حول المستقبل، والإجراءات، والحلول، والخطط، والبرامج التنفيذية للمستقبل تندرج ضمن هذا النوع.
في المستقبل الممكن، يستسلم العلماء في هذا المجال بشكل سلبي للتغيرات القادمة ولا يلعبون أي دور في تصميم العلم بشكل شامل. أما في المستقبل المحتمل، فيظهر دور هؤلاء الأفراد النشط، وإن كان تأسيس العمليات المستقبلية ليس في أيديهم. أما في المستقبل المطلوب، فإن تصميم العلم بشكل شامل والاتجاهات والأحداث الكبرى ومسار حركة العلم يكون في يد العلماء، حيث يقومون بخلق هذا المجال بنشاط.
من الممكن أنه مع توضيح أبعاد الفقه المضاف ورفع الغموض عن هذه الفروع الفقهية، قد يحدث اندماج بين بعض الفروع. على سبيل المثال، يمكن أن تكون فقه التربية، وفقه الأسرة، وفقه الطفل مجالات قابلة للاندماج بسبب الاشتراكات الكثيرة بينها.
المستقبل المحتمل لفقه التربية هو الحضور في مجال التطبيق العملي، أي أن فقه التربية يتجه نحو التفعيل والتجسيد من خلال التطبيق العملي وإنتاج نماذج ميكانيكية مثل المدرسة النموذجية، ورياض الأطفال النموذجية، والمراكز النموذجية، وغيرها، إلى جانب نماذج تعليمية نموذجية مثل التعليم القائم على التربية، والبحث القائم على التربية، وبشكل عام الحياة بأسلوب تربوي. معايير التعليم القائم على التربية، والمدارس والمراكز ورياض الأطفال النموذجية، وغيرها، يمكن أن تكون نتائج فقه التربية في المستقبل المحتمل.
إضافة إلى ذلك، الاهتمام الخاص بمجال اللعب والتربية يوفر أرضية لإنتاج ألعاب تربوية وليست تعليمية فقط، تعتمد على أسس فقه التربية. يمكن لفقه التربية أن يؤثر على تصميم الألعاب، والدمى، والألعاب الحاسوبية، والألعاب الحركية، والرياضات. كما يمكن لفقه التربية أن يتجه نحو إنتاج معايير للألعاب والألعاب، ومعايير جودة مصنفة للألعاب ومنتجيها.
من الناحية المنهجية، الاهتمام الخاص بالأساليب الاجتهادية وإعادة تعريفها وتطويرها نحو تعميق أكبر هو أمر متوقع في مستقبل فقه التربية. كما يبدو أنه يمكن توقع أن تؤدي منهجية فقه التربية إلى إنتاج أساليب جديدة في البحث والتحقيق وحل المشكلات في هذا الفقه المضاف. قد يقتصر الاهتمام بمجال المنهجية على التعرف على المدارس ونقدها ودراستها، وإعادة النظر في الأساليب الحالية، ولكن في المستقبل المحتمل، يمكن أن يؤدي إلى إنتاج أساليب جديدة لحل المشكلات والبحث في هذا المجال.
المستقبل المطلوب لفقه التربية هو التحرك نحو فقه حضاري، بمعنى أن يتقدم فقه التربية نحو لعب دور فعال في بناء الحضارة الإسلامية الجديدة، وكلما تقدمنا، يصبح هذا النهج أقوى وأكثر واقعية وملموسية، حتى يتحول فقه التربية إلى عامل لبناء وتطوير الحضارة الإسلامية الجديدة. إضافة إلى ذلك، يجب أن يكون فقه التربية في تفاعل مع المدارس التربوية الأخرى لتوسيع نطاقه الحضاري؛ لذا فإن تعزيز النظرة التقريبية بين المدارس الفقهية الإسلامية وبين الأديان الإلهية هو أمر يمكن أن يؤخذ في الاعتبار في مستقبل فقه التربية.
في هذا السياق، يبرز الاهتمام بالقوانين المستمدة من فقه التربية والتشريع التربوي بدلاً من التشريع دون مراعاة التربية بشكل متزايد.
في الهيكلية الكبرى، ستُعزز في المستقبل المطلوب البنى التحتية التربوية بدور فعال من فقه التربية؛ بمعنى أن فقه التربية، كعلم يركز على التكليف، سيؤكد على واجب المنظمات والمؤسسات والحكومات في توفير البنية التحتية التربوية، وإذا تم ذلك بشكل صحيح، فإن مدن الألعاب الحالية في البلاد ستتغير بالكامل.
لتحقيق المستقبل المطلوب، هناك حاجة إلى خلق حوار ضروري بشأن التحول المنهجي والمعرفي في هذا العلم. كما يجب أن تؤخذ مهمة علم فقه التربية في الاعتبار على المستوى العالمي الكبير، وفقًا لنطاق مهمة الدين الإسلامي، حتى يمكن تقديمه والدفاع عنه في مواجهة النماذج التربوية المنافسة.