إشارة
يحتل الإعلام، كأحد أدوات التواصل المجتمعي، مكانة لا مثيل لها في الحياة اليومية للمجتمعات المعاصرة، ونظراً لدوره البنّاء في تشكيل الرأي العام وتوجيهه، يمكن استخدامه كأداة لتحسين الأمور العامة في المجتمع في مختلف المجالات، بما في ذلك الثقافية، السياسية، الاجتماعية، وحتى الاقتصادية.
في هذا السياق، يسعى علم الاتصالات، من خلال دخوله هذا المجال، إلى نقل الإعلام من فضائه التقليدي في الماضي إلى العالم الحديث، مع ظهور وسائل إعلام جديدة، ليؤدي دوره في هذا المجال على أكمل وجه.
إحدى الأدوات التي يمكن لعلم الاتصالات الاعتماد عليها لإتمام عملية هذا التحول والتكامل الحالي هي تأليف وتدوين وكتابة كتب جديدة، وتقديم نتائج جديدة في هذا المجال، وقد أثمر وجود خريجي هذا التخصص في بلادنا عن إصدار كتب جديدة في هذا المجال.
أحد هذه الكتب الجديدة التي أُلّفت في هذا السياق هو كتاب بعنوان «مستقبليات الإعلام»، والذي كتبه باحثون متميزون هما هادي الأبرزي، باحث في هيئة الإذاعة والتلفزيون، وأحمد كوهي، باحث في مجال الإعلام والاتصالات. وفي هذا الصدد، أجري حوار مع هادي الأبرزي، أحد مؤلفي هذا الكتاب، وفيما يلي تفاصيله:
كباحث ونشط في مجال الإعلام، كيف دخلت هذا المجال، وما هي خلفيتك في مجال الإعلام والاتصالات؟
الأبرزي: حصلت على درجة الماجستير في إدارة الإعلام، وأنا حاليًا طالب دكتوراه في إدارة الإعلام، وأعمل على كتابة أطروحتي في هذا التخصص في جامعة العلوم والبحوث.
منذ عام ٢٠١٠، أعمل كباحث في أقسام التقييم والبحث في هيئة الإذاعة والتلفزيون، وفي عام ٢٠١٤، تم اختياري كباحث متميز في الهيئة. كتبت أطروحة الماجستير بعنوان «مستقبليات تواجد هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية في فضاء الإنترنت».
أنا مهتم بمجال مستقبل الإعلام، ودراسة الاتجاهات والمحركات في مجال التقنيات الحديثة والإعلام، وقد أُلّف الكتاب الحالي في إطار هذا الاهتمام ودراسة الاتجاهات والمحركات المستقبلية للإعلام في بلادنا.
أما زميلي أحمد كوهي الإصفهاني، فهو في مرحلة إتمام الدكتوراه في مستقبليات، وحصل على درجة الماجستير في إدارة الإعلام من جامعة طهران. اهتمامه أيضًا ينصب على مستقبل التكنولوجيا والإعلام. وقد أكمل أطروحته بعنوان «دراسة العلاقة بين الإنتاج التشاركي للمحتوى الإلكتروني من قبل المستخدمين وطريقة استخدام تلفزيون الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مدينة طهران» في جامعة طهران.
الاهتمام بمجال مستقبليات الإعلام دفعنا إلى اختيار تخصص مستقبليات لمرحلة الدكتوراه بعد إتمام دراسة الماجستير.
ما الضرورة من تأليف كتاب عن مستقبليات الإعلام، وما الهدف الذي سعيتم إليه من كتابته؟
الأبرزي: الحاجة إلى مستقبليات وفهم المستقبل تتمتع بأهمية كبيرة في جميع المجالات. من ناحية أخرى، تتغلغل وسائل الإعلام في عصر المعلومات في جميع جوانب حياتنا، وسرعة ابتكار التقنيات الجديدة كبيرة لدرجة أن البشر لم يتمكنوا بعد من استيعاب تكنولوجيا معينة حتى يواجهوا تكنولوجيا جديدة.
لذلك، يبدو أن هناك حاجة لمزيد من العمل في مجال مستقبليات الإعلام لإنتاج محتوى نظري وعملي، ويجب على النشطاء في مجال الإعلام ومستقبليات أن يبذلوا جهودًا علمية أكثر جدية في هذا الصدد. آمل أن يساعد هذا الكتاب المهتمين بهذا المجال في تحديد مسار مستقبل الإعلام.
ما هي المواضيع التي تشملها فصول الكتاب؟
الأبرزي: يتضمن الكتاب سبعة فصول. في الفصل الأول، بعنوان «المستقبل قادم؟»، تم السعي لشرح علم المستقبليات وفلسفة هذا العلم للسير نحو المستقبل، ولماذا وكيف يمكن إيجاد الطريق الصحيح للمستقبل، بالإضافة إلى توضيح وظائف المستقبليات.
الفصل الثاني، بعنوان «الإعلام المستقبلي، مستقبل الإعلام»، يستكشف تلاقي علم المستقبليات ومعرفة الإعلام، ويتناول الوسائل الإعلامية الحديثة وخصائصها مقارنة بالوسائل الإعلامية التقليدية.
في الفصل الثالث، بعنوان «نظريات الاتصالات في مجال الوسائل الإعلامية الحديثة»، تم تقديم ومناقشة النظريات الاتصالية التي تتلاقى بشكل مناسب مع المستقبل.
في الفصل الرابع، تم التركيز على الإنترنت كظاهرة ناشئة وتأثيرها على الوسائل الإعلامية الأخرى.
في الفصل الخامس، ونظراً لأهمية الاتجاهات القادمة في المستقبليات، تم دراسة الاتجاهات المستقبلية للإعلام في إيران خلال العشر سنوات القادمة.
الفصل السادس، المخصص لمستقبل الإعلام، يجيب في الواقع على الأسئلة حول ما إذا كان مستقبل الإعلام يتسم بالتكامل أم التفرق؟ وقد تم السعي لتناول أسباب متعددة في الإجابة على هذا السؤال.
في الفصل الأخير، تم تقديم نماذج من الأبحاث التي أجريت في مجال مستقبليات الإعلام داخل وخارج البلاد.
ما هو تلاقي المستقبل والإعلام؟
الأبرزي: للإجابة على هذا السؤال، يجب أولاً الإجابة على سؤال: هل الوسائل الإعلامية جزء من المستقبل، أم أن المستقبل جزء من الوسائل الإعلامية؟ بالتأكيد، الإجابة هي أن المستقبل أوسع بكثير من الإعلام، لكن الوسائل الإعلامية ليست عاملاً صغيرًا، بل إنها أحد اللاعبين المحددين للمستقبل الذين يلعبون دورًا في تشكيل غدنا. جميع القطاعات الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، وغيرها، تعتمد حاليًا وفي المستقبل على الإعلام. لذا، كما هو الحال الآن، سيكون للإعلام دور في المستقبل، ولا يمكن فهم المستقبل دون فهم دور الإعلام.
ما هي الأبحاث التي أجريت في مجال مستقبليات الإعلام في البلاد؟
الأبرزي: في هذا الكتاب، تم تقديم ومناقشة عدة أبحاث مستقبلية أجريت داخل وخارج البلاد، وهي تشمل: مستقبليات تواجد هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية في فضاء الإنترنت، ودراسة الفرص والتهديدات التي يمثلها البودكاستينغ للراديو والتلفزيون في إيران، ومن الأبحاث الأجنبية: الصحافة بعد الإنترنت، ومستقبليات مكانة جوجل في عالم الويب. بالتأكيد، هناك أبحاث أخرى لم يتسنَ الوقت لتناولها في هذا الكتاب.
الكلمة الأخيرة؟
الأبرزي: أعتقد أن أهم موضوع في الإعلام حاليًا هو التكامل، الذي، رغم أنه يبدو في الظاهر مسألة تكنولوجية، إلا أنه يشمل مجالات أخرى مثل الصناعات، الأسواق، الأنماط، الجمهور، والتكامل بين المنتج والمستهلك.
قبل سنوات، كان يُتوقع أن يصبح «الجمهور» أو «المستخدمون» قادرين على إنتاج الرسائل وإرسالها، وأن يبحثوا عن وسيلة إعلامية تلبي احتياجاتهم إلى أقصى حد. وكما نرى اليوم، لم يعد الجمهور مجرد مشاهد لمحتوى البرامج الإعلامية، بل يمكنهم أن يقدموا تعليقات فورية على أي محتوى، أو حتى أن ينتجوا محتوى بأنفسهم ويؤثروا في طريقة إنتاجه.
المصدر: فارس