الحجة الإسلام والمسلمين الدكتور سيد حسين هاشمي والدكتور حجت الله فتحي يشرحان المباحث القانونية والفقهية للنضج الجنائي

عُقدت الجلسة العلمية الـ216 لمجموعة الفقه القضائي والجزائي في معهد دراسات الفقه المعاصر تحت عنوان "دراسة الأبعاد الفقهية والقضائية للنضج الجنائي" يوم الأربعاء 12 سبتمبر 2025، بحضور نخبة من الأساتذة البارزين في مجال الفقه والقانون الجنائي. أُقيمت هذه الجلسة بالتعاون مع الجهاز القضائي العام لمحافظة قم، وتحت إدارة الحجة الإسلام والمسلمين الدكتور غلام رضا بيوندي، حيث تناولت الجلسة الأبعاد القانونية والفقهية المختلفة للنضج الجنائي، والغموض القانوني، والروايات المرتبطة بهذا الموضوع.

إشارة: يُعتبر موضوع النضج الجنائي من الموضوعات المثيرة للجدل في النظام القضائي الإيراني، حيث توجد العديد من الغموض حول سن المسؤولية الجنائية، ومفهوم النضج ومعاييره. في هذه الجلسة، قام أساتذة بارزون مثل الدكتور سيد حسين هاشمي والدكتور حجت الله فتحي بتحليل دقيق لهذا الموضوع، واستعرضا المباحث الفقهية والقانونية والروائية المرتبطة به.

عُقدت الجلسة العلمية الـ٢١٦ لمجموعة الفقه القضائي والجزائي في معهد دراسات الفقه المعاصر، بالتعاون مع الجهاز القضائي العام لمحافظة قم، يوم الأربعاء ١٢ سبتمبر ٢٠٢٥، في مقر المعهد بمنطقة دورشهر في قم. كان موضوع الجلسة “دراسة الأبعاد الفقهية والقضائية للنضج الجنائي”، وقد حضرها أساتذة وباحثون ومديرو القضاء في المحافظة.

في بداية الجلسة، قدم الحجة الإسلام والمسلمين الدكتور غلام رضا بيوندي، أمين الجلسة، التهنئة بمناسبة أيام شهر ربيع الأول وذكرى إمامة الإمام المهدي (عج)، وشكر الجهاز القضائي العام لمحافظة قم على تعاونه في إقامة هذه الجلسة العلمية، مؤكداً على أهمية موضوع النضج الجنائي في النظام القضائي الإيراني، ومشيراً إلى أن هذا الموضوع يعاني من غموض وتحديات كثيرة تتطلب دراسة دقيقة.

في الجلسة المتخصصة، بدأ الحجة الإسلام والمسلمين الدكتور سيد حسين هاشمي، الأستاذ المشارك في جامعة مفيد، عرضه بالإشارة إلى خلفيته البحثية في مجال النضج الجنائي منذ أواخر التسعينيات الهجرية الشمسية، موضحاً أن الدراسات الواسعة في هذا المجال لم تكن قد أُجريت قبل ذلك.

وأكد على أهمية سن النضج في القوانين الجنائية الإيرانية، مشيراً إلى المادة ١٤٦ من قانون العقوبات الإسلامي التي تنص على أن الأفراد غير البالغين لا يتحملون المسؤولية الجنائية، وحددت سن البلوغ للإناث بـ٩ سنوات وللذكور بـ١٥ سنة قمرية. وأضاف الدكتور هاشمي أن علامات البلوغ الأخرى مثل الحيض وغيرها من المعايير لم تُؤخذ بعين الاعتبار بشكل صريح في القانون، مما تسبب في تحديات في تحديد المسؤولية الجنائية.

ثم انتقل إلى دراسة الجذور الفقهية والروائية لمفهوم النضج، موضحاً أن بعض الفقهاء مثل العلامة الحلي عرفوا النضج بمعناه العام على أنه نقيض الجنون، لكن هذا التعريف يختلف عن المعنى الحالي للنضج الجنائي. وذكر الأستاذ المشارك في جامعة مفيد أن روايات مثل “ضعيف” و”أبله” استُخدمت بمعنى عدم النضج الجنائي، وهي تشكل أساساً لبعض الآراء الفقهية.

كما أشار إلى نسبية مفهوم النضج من وجهة نظر الفيض الكاشاني، موضحاً أن النضج يختلف بحسب الشخص والظروف المختلفة، ويظهر في التفريق بين سن المسؤولية في العبادات والأمور الجنائية. لكن استدلالات فقهية لصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري أكدت على عدم التفريق بين السن في التكاليف العبادية والجنائية، بينما اعتبر آخرون مثل الشيخ الصدوق وآية الله العظمى مكارم الشيرازي أن هناك سنوات مختلفة للتكاليف.

من النقاط المهمة في عرض الدكتور هاشمي تقسيم البلوغ إلى مراحل عدة: بلوغ سن التكليف (الواجبات والمحرمات مثل الصلاة)، بلوغ الاستعداد للصيام بشرط الحفاظ على الصحة، البلوغ الجسدي والنفسي للزواج الصحي، والبلوغ والنضج للأمور الاقتصادية والمالية والجنائية. هذا التقسيم مستمد من رأي المرحوم آية الله مكارم ويتماشى بشكل كبير مع الروايات الفقهية.

وتابع مناقشة دور كمال العقل أو النضج العقلاني في المسؤولية الجنائية، معتبراً إياه من المباحث المهمة، ومستنداً إلى الأدلة القرآنية والروائية، وآراء فقهاء كبار مثل الشهيد الثاني وآية الله الخوئي، أظهر أن النضج الجنائي يعني القدرة على تمييز الخير من الشر وتفهم طبيعة الجريمة. كما أن الجنون وعدم التمييز العقلاني من الأمور التي تنفي العقوبة الجنائية.

وفي هذا السياق، فإن مصطلح “كمال العقل” الوارد في المواد القانونية، بما في ذلك المادة ٩١ من قانون العقوبات الإسلامي، لا يشمل فقط البلوغ والنضج العقلاني في سن التكليف، بل يشمل أيضاً الأشخاص ذوي القدرات العقلية المحدودة. ومع ذلك، فإن تفسير سن النضج بدقة لا يزال محل نقاش وخلاف.

من المحاور الأخرى التي نوقشت، النضج المعرفي والنفسي الذي أثاره متخصصون في العلوم التجريبية؛ وفقاً لهذا الرأي، يكتمل النضج المعرفي حتى سن ١٦ عاماً تقريباً، بينما يستمر النضج النفسي والعقلاني حتى سن ٢٢ عاماً تقريباً. وقد تسببت هذه الفروق في تحديات تواجه المشرع والفقهاء في تحديد معيار دقيق لسن المسؤولية الجنائية.

وفي سياق الجلسة، قدم الحجة الإسلام والمسلمين الدكتور حجت الله فتحي، عضو الهيئة العلمية لمعهد الثقافة والفكر الإسلامي، شرحاً لقانون الإجراءات الجنائية لعام ١٣٩٢ هـ.ش، وأشار إلى المادة ٣١٥ منه التي تنص على أن المحكمة الجنائية في المحافظة، إلى جانب النظر في جرائم الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ١٨ عاماً، مسؤولة أيضاً عن النظر في جرائم الأحداث دون ١٨ عاماً. واستعرض تجاربه في قضايا الأحداث الجنائية، موضحاً العوامل الرافعة للمسؤولية الجنائية مثل الدفاع الشرعي، صغر السن، الجنون، والسكر.

وأشار الدكتور فتحي إلى صغر السن، الجنون، والسكر، موضحاً أن السكر في القانون الجديد لا يرفع المسؤولية الجنائية إلا إذا كان الفرد مسلوب الإرادة إلى درجة فقدان القدرة على تحمل المسؤولية. واستشهد بأمثلة من قضايا القتل التي ادُّعي فيها السكر أو تعاطي المخدرات، وقال إن الخبراء الطبيين القانونيين يجرون فحوصات دقيقة في هذا الصدد.

كما كان من الموضوعات المهمة في الجلسة مناقشة المادة ٩١ من قانون الإجراءات الجنائية والتزامات إيران تجاه اتفاقية حقوق الطفل. وأكد عضو الهيئة العلمية في معهد الثقافة والفكر الإسلامي أن هذه المادة تتناول بوضوح مسائل مثل فهم طبيعة الجريمة، حرمة الفعل، ونضج وعقل الأحداث. وأضاف أن النضج الجنائي يختلف عن النضج المدني، ومنذ عام ١٣٩٢ هـ.ش أصبح معيار النضج الجنائي أساساً لتحديد المسؤولية الجنائية.

وفي الجزء الأخير، تناول الخلافات الفقهية والقانونية حول معايير النضج العقلاني للأحداث، وأكد أن إثبات النضج وفهم طبيعة الجريمة في بعض القضايا يتم من قبل القاضي، وفي بعض الحالات يتطلب رأي الخبراء الطبيين القانونيين. واستشهد بأمثلة من قضايا قضائية تم تأييد أحكامها من قبل المحكمة العليا في البلاد.

Source: External Source