نظرة على كتاب «مشروعية التداوي بالخلايا الجذعية من منظور الفقه الإسلامي»:

البحث الفقهي في الخلايا الجذعية/3

يخلص المؤلف إلى أن استخدام الخلايا الجذعية من منظور الفقه الإسلامي يعتمد على نوع الخلايا وطريقة استخدامها. فاستخدام الخلايا الجذعية البالغة لعلاج الأمراض يُعتبر مشروعاً بشكل عام، بينما يتطلب استخدام الخلايا الجذعية الجنينية دراسات فقهية وأخلاقية دقيقة. وفي النهاية، يؤسس الفقه الإسلامي، استناداً إلى مبادئ «الضرورة» و«عدم الضرر»، جواز استخدام هذه الطرق العلاجية إذا كانت تهدف إلى حفظ الحياة وعلاج الأمراض المستعصية.

إشارة: إن النقاش حول الخلايا الجذعية واستخداماتها المتزايدة والمذهلة في علاج الأمراض والوقاية منها وتجديد شباب الإنسان، يزيد من الحاجة إلى تناولها من الناحيتين الفقهية والقانونية. وقد حاولت الدكتورة نجلاء لبيب حسين عبد الرحمن، الباحثة الفقهية الناطقة بالعربية، في كتابها «مشروعية التداوي بالخلایا الجذعیة من منظور الفقه الإسلامي» مناقشة الأبعاد الفقهية للعلاج بالخلايا الجذعية.

في مقدمة الكتاب، تشير الدكتورة نجلاء لبيب حسين عبد الرحمن إلى أهمية الأبحاث في مجال العلاجات الطبية الحديثة واستخدام الخلايا الجذعية لعلاج الأمراض المختلفة. وتؤكد المؤلفة على أن التقدم العلمي والطبي السريع في العالم الحديث يتطلب دراسة دقيقة للمسائل الفقهية والدينية من حيث مشروعية هذه الطرق.

تكتسب الخلايا الجذعية أهمية كبيرة بفضل قدراتها الفريدة في تجديد الأنسجة وعلاج أمراض متنوعة مثل السرطان، والأمراض العصبية، والعيوب الجينية؛ لذا فإن دراسة مشروعية استخدام هذه الخلايا في العلاج تُعد مسألة مهمة في الفقه الإسلامي.

مفهوم الخلايا الجذعية وتطبيقاتها

تتناول المؤلفة في الفصل الأول من كتابها شرح وتفسير مفهوم الخلايا الجذعية. وتُعرف الخلايا الجذعية بأنها خلايا لديها القدرة على التمايز إلى أنواع مختلفة من خلايا الجسم. وتنقسم هذه الخلايا إلى نوعين رئيسيين:

  • الخلايا الجذعية الجنينية: التي تُستخلص من أجنة الإنسان، ولها القدرة على التمايز إلى أي نوع من خلايا الجسم.
  • الخلايا الجذعية البالغة: التي تُستخلص من أنسجة الجسم البالغة مثل نخاع العظم أو الدم المحيطي، ولها قدرة محدودة على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا.

تطبيقات الخلايا الجذعية

يتناول الفصل الثاني من الكتاب خصائص وتطبيقات الخلايا الجذعية المتنوعة، ويؤكد على أن هذه الخلايا فعّالة في علاج العديد من الأمراض مثل السرطان، وأمراض القلب، والسكري، والأمراض العصبية، وإصابات الأنسجة.

المبادئ الفقهية في دراسة مشروعية استخدام الخلايا الجذعية

يُعد الفصل الخاص بدراسة المبادئ الفقهية من الفصول الرئيسية في الكتاب، حيث يتم تحديد مشروعية استخدام الخلايا الجذعية في العلاج بناءً على هذه المبادئ. تشير المؤلفة أولاً إلى المبادئ الفقهية العامة مثل «الضرورة»، «فطرية العلاج»، «عدم الضرر»، و«حفظ الحياة البشرية».

  • الضرورة: في الإسلام، يُعد مبدأ «الضرورة» أحد المبادئ الأساسية في تحديد مشروعية أي عمل. إذا كان استخدام الخلايا الجذعية علاجاً ضرورياً للحفاظ على حياة الإنسان أو علاج الأمراض المستعصية، فإن مشروعيته تتأسس.
  • فطرية العلاج: بما أن علاج الإنسان ضرورة فطرية، يدركها جميع البشر بفطرتهم النقية، فإنها لا تحتاج إلى دليل أو برهان آخر.
  • عدم الضرر: من المبادئ الأخرى التي يُعتنى بها في الفقه الإسلامي مبدأ «عدم الضرر»، بمعنى أن أي علاج أو طريقة طبية يجب ألا تُسبب ضرراً لصحة الفرد. إذا تسبب استخدام الخلايا الجذعية بأي شكل من الأشكال في ضرر للفرد، فإن مشروعيتها ستكون موضع تساؤل.
  • حفظ الحياة البشرية: يدعم الإسلام بشكل عام كل ما يؤدي إلى حفظ حياة الإنسان؛ لذا فإن استخدام الخلايا الجذعية كأداة لحفظ حياة البشر مشروع، شريطة ألا ينشأ أي مشكلة أخلاقية أو شرعية في العملية.

مشروعية استخدام الخلايا الجذعية الجنينية

في هذا الفصل، تناقش المؤلفة مشروعية استخدام الخلايا الجذعية الجنينية من منظور الفقه الإسلامي. تُعد الخلايا الجذعية الجنينية التي تُستخلص من أجنة الإنسان موضوعاً معقداً وحساساً من الناحية الدينية، لأن الجنين في الفقه الإسلامي يتمتع بالحرمة بشكل عام، وأي إجراء يؤدي إلى إلحاق الضرر بالجنين أو إتلافه يتطلب دراسة دقيقة.

يرى بعض الفقهاء أن استخدام الخلايا الجذعية الجنينية يمكن أن يكون مشروعاً إذا كان لعلاج أمراض مستعصية ولم تكن مخاطره متوقعة. في المقابل، يرى آخرون أن أي تلاعب بالجنين، حتى لو كان بغرض العلاج، غير جائز نظراً لحرمة الجنين في الإسلام.

وفي النهاية، تؤكد المؤلفة أنه يمكن في بعض الحالات استخدام الخلايا الجذعية الجنينية إذا تم الحصول عليها من جنين تم إجهاضه بشكل قانوني.

مشروعية استخدام الخلايا الجذعية البالغة

في هذا الفصل، تناقش الدكتورة نجلاء لبيب حسين عبد الرحمن مشروعية استخدام الخلايا الجذعية البالغة في علاج الأمراض. تُستخلص الخلايا الجذعية البالغة عادة من أنسجة الفرد نفسه، وفي هذه الحالة، لا توجد مشكلة فقهية في استخدامها، لأن هذه الخلايا موجودة بشكل طبيعي في جسم الإنسان، واستخدامها لا يؤدي إلى إلحاق الضرر بحياة الإنسان، بل يمكن أن يساعد في علاج الأمراض.

وفقاً لاعتقاد المؤلفة، يُستخدم الخلايا الجذعية البالغة، مثل تلك المستخلصة من نخاع العظم أو الدم المحيطي، على نطاق واسع في علاج أمراض مختلفة مثل السرطان وفشل القلب. وفي هذه الحالة، لا يوجد أي مانع فقهي خاص، لأن استخدامها يساعد في حفظ الحياة وتحسين الحالة الصحية للفرد.

التحديات والمسائل الأخلاقية

في الفصل التالي، تشير المؤلفة إلى المسائل الأخلاقية المتعلقة باستخدام الخلايا الجذعية. أحد أكبر التحديات في هذا المجال هو طريقة جمع الخلايا الجذعية واستخدامها. يعبر بعض الأفراد عن قلقهم إزاء استغلال البشر لتوفير الخلايا الجذعية. كما أن المسائل المتعلقة باستخدام الأجنة لأغراض طبية وعلاجية تُعد من القضايا الأخلاقية المهمة التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في الفقه الإسلامي.

في ختام الكتاب، تخلص المؤلفة إلى أن استخدام الخلايا الجذعية من منظور الفقه الإسلامي يعتمد على نوع الخلايا وطريقة استخدامها. فاستخدام الخلايا الجذعية البالغة لعلاج الأمراض يُعتبر مشروعاً بشكل عام، بينما يتطلب استخدام الخلايا الجذعية الجنينية دراسات فقهية وأخلاقية دقيقة. وفي النهاية، يؤسس الفقه الإسلامي، استناداً إلى مبادئ «الضرورة» و«عدم الضرر»، جواز استخدام هذه الطرق العلاجية إذا كانت تهدف إلى حفظ الحياة وعلاج الأمراض المستعصية.

في نهاية الكتاب، تقدم المؤلفة توصيات للأطباء والباحثين والفقهاء لدراسة المسائل الفقهية والأخلاقية بشكل أدق، وتقديم حلول مناسبة لاستخدام الخلايا الجذعية في علاج الأمراض. كما تقترح المؤلفة أن يتعاون الفقهاء مع علماء الطب لتطوير الفقه الطبي وتقديم حلول تتماشى مع التطورات العلمية الحديثة.

Source: External Source