المقدمة

 

ان مجلة “جاووش” الثقافية تناولت في أحد برامجها الأخيرة مسألة الفقه الفني، وكان في ضيافتها آية الله على دوست عضو مجلس أمناء المعهد الفقهي المعاصر، وكذلك حجة الإسلام والمسلمين مصطفى الدري رئيس هذا المعهد.  وعن ضرورة تناول مسألة فقه الفن في البرنامج التلفزيوني وأيضا المناقشات الجانبية لهذا البرنامج فقد أجرينا حوارا مع محمد جواد الاستادي رئيس تحرير هذا البرنامج كما يلي:

في البداية المطاف ارجو ان تعطون مقدمة لبرنامج “جاووش” وكيف توصلت إلى ضرورة تناول موضوع “الفقه الفني” وهل شعرت أن الفقه الفني يمكن أن يكون أحد مواضيع هذا البرنامج؟

ان مجلة “جاووش” الثقافية هي أحد البرامج التليفزيونية المخططة والمبرمجة على القناة الرابعة، والتي تبث كل ليلة على القناة الرابعة من يوم الأحد إلى يوم الخميس.  وكما يظهرعلى عنوان البرنامج، فإن مجلة “جاووش” الثقافية هي مجلة تحاول أن تتناول مختلف المجالات والقضايا الثقافية.  لأننا نعلم أن العديد من القضايا المحيطة بنا يمكن بالتأكيد مناقشتها من خلال النهج الثقافي. و تتم اليوم محاولة مراجعة الاحتياجات الموجودة في البلاد، والقضايا المهمة التي تحظى بالاهتمام، من وجهة نظر ثقافية في برنامج “جاووش” .  نهج البرنامج هو أيضًا برنامج موجه نحو المحادثة.  أي أنه يتم توفير ارضية يناقش فيها النخب والخبراء المختصون في هذا المجال، أي في مجال موضوع البرنامج، ويحاولون تقديم صورة صحيحة لتلك المشكلة ومناقشة انتقاداتهم الصعبة حول هذا الموضوع.

فمن الممكن إثارة مشكلة في مكان واحد وتقديم حل في مكان واحد.  أي أن هناك طرقًا مختلفة في هذا النوع من هذه الارضية.  وكما ذكرت، بما أن برنامجنا عبارة عن مجلة، فإنه يتم تناول مواضيع مختلفة. و من القضايا المتعلقة بالفن ومجال الأدب وقضايا في مجال العلوم الإنسانية وعلم الاجتماع وحتى الاقتصاد، تماما مثل المجلة التي لديها أقسام مختلفة ولكن لها محور مشترك وهو الأسلوب الثقافي والنظرة الثقافية للقضايا في برنامج “جاووش” .  و كل ذلك يتعلق ببرنامج “جاووش” بأكمله.

بناءً على ذلك، يبحث الزملاء في “جاووش” ويحاولون معالجة القضايا المهمة والتي تسبب إشكالية إلى حد ما في البلاد.  لأننا نعيش في نظام إسلامي ومجتمعنا كله له علاقة مباشرة بالشريعة المقدسة، وسواء كانت الهياكل الحكومية أو أسلوب حياتنا أو أعمالنا، فكل شيء تحت إطارالدين، والمذهب له علاقة مباشرة بالدين و جميع مكوناتنا وأفعالنا.  وبطبيعة الحال، يعد الفن أحد القضايا التي لها دور خاص جدًا في المجتمع.  أي أنه لا يوجد جدل كبير حول أهمية الفن.  إن أهمية الفن واضحة جدًا، ويتدفق الفن في حياة الناس، ويركز حكامنا كثيرا على ذلك، والمرشد الأعلى لديه تصريحات حول المكانة التي يمكن أن يحتلها الفن في تعزيز المجتمع أو توجيهه.  ومن ناحية أخرى، فإن حجم الاستهلاك الجاد للفن في المجتمع، الفنون المختلفة، من الفنون الجديدة مثل السينما إلى فنون الرسم والموسيقى، وهذا يدل على أن الفن قضية مهمة.

هذا وبطبيعة الحال، عندما نعيش في النظام الإسلامي، نتوقع أن تتضح العلاقة بين الدين والفن.  أي أنه كما أن القوانين الموضوعة في أي مجال تكون مرتبطة بالشريعة ومناسبة لها، كذلك الأمر في مجال الفن.

و نظرا لأهمية هذه القضية والقضايا الموجودة اليوم، أي أنه ظهرت اليوم قضية جديدة في مجال الفن بالنسبة للفنانين ومستهلكي الفن، وهي أن الدين يجب أن يحدد منهجه وزواياه تجاه هذه القضايا. القضايا من أجل التصرف، ما يفعله الفنان واضح.  مثل التاجر، مثل المتسوق، مثل الطبيب الذي يجب أن تكون أفعاله وسلوكه تتوافق مع الشريعة الإسلامية، و الفنان لديه نفس التوقع ويحب أن يكون ما يفعله متوافقًا مع الشريعة الإسلامية والروح الإسلامية، والعياذ بالله ليس هناك مشكلة وهذا الواجب هو واجب الفقه والفن.  ونظرا لأهمية هذه القضية، أي أن الفقه يوجه مسار أعمالنا الفنية، فقد أصبح همنا أن نتناول مسألة الفقه والفن. و من ناحية أخرى، في السنوات الستة أو السبعة الماضية، كان لدينا امرا من المرشد الأعلى على أهمية فقه الفن، والمؤتمرات التي عقدت بناء على أوامره والتركيز على مجال فقه الفن، جعلتنا نأخذ بعين الاعتبار هذا كمسألة على الأقل في برنامج “جاووش” ، دعونا نناقش ونبين أهمية هذا الموضوع للجمهور وما يحدث في البلاد في هذا المجال الآن وما هي الخطوات التي تمت وما هي أهميتها.  في رأيي، كانت مجرد خطوة أولية لكي نتمكن من تناول مسألة فقه الفن ومكانته في الإعلام الوطني أو الفضاء الإعلامي بشكل جدي، و لنتمكن من تعزيز وتوسيع العلاقة بين الفنانين ومجتمعنا الديني والفقهي.

كيف تم اختيار ضيوف هذا البرنامج؟

بالنظر إلى الظاهر الحوزوي فأنا شخصيا لدي هذا الظاهر، وقد عملت في المجموعات الحوزوية سنوات طويلة، وشخصياً لدي وجهة نظر فقهية حوزوية، وقد تابعت مجال الفقه والفن لسنوات عديدة، كما أنني تابعت أيضاً مؤتمر الفقه والفن و آية الله على دوست الذي كنا نعرفه، وبما أنني كنت مسؤولاً عن دورة على موقع الاجتهاد، فقد كنت أعرف السيد الدري الذي كان أحد أصدقائنا القدامى، وكنت على علم بأنشطة الفقه الإضافية ومن بعده فقه الفن، وهذا ما جعلنا ننتقل إلى هذين الوجهين، وخاصة آية الله على دوست الذي هو من أبرز الشخصيات التي قامت بأعمال فقهية في هذا المجال.  والحقيقة أن عدد الشخصيات التي تعمل في الفقه الفني محدود للغاية.  ربما لو ذهبنا إلى الفقه الطبي لكانت الشخصيات أكثر بكثير، لكن في الفقه الفني الشخصيات التي لديها المؤهلات اللازمة وتعمل بجدية هي محدودة.

و كما جنابكم صرحتم آن خلفيتكم هي في المناقشات الحوزوية الفقهية واضحة وربما كان لك مدخلات في هذا الموضوع من الفقه الفني، ولكن بشكل عام أود أن أعرف تقييمكم للأجواء التي كانت في البرنامج، أو ربما ردود فعل الجمهور قبل وبعد هذا البرنامج كيف نشأ فقه الفن؟  وبطبيعة الحال، تقدم لنا هنا مقدمة لهذا الموضوع باختصار  وكيف كان الأمر قبل ذلك وبعده؟

في رأيي أن أكبر ما ساعد هذا البرنامج هو ردود الفعل الإيجابية وكان عرض مناقشة الأصدقاء واضحًا وشفافًا وفعالًا للغاية، والنقطة المهمة في رأيي أكبر مساهمة لهذا البرنامج هو أنه كان في الأساس فهم خاطئ في الشائعات وجماهير الناس، بل إن هناك نخبنا في الفقه ليس لديهم معرفة دقيقة بالفقه وينظرون إلى الفقه نظرة متوارثة وتقليدية.

أو حتى يشعر بأنه عقبة

صحيح.  أي أنهم إذا لم يكن لديهم أي اعتراض فإنهم ينظرون إلى الفقه نظرة بسيطة جداً وليس لديهم علم صحيح على الإطلاق، وقد يرى البعض أيضاً عائقاً كما قلت.  هذا البرنامج والمناهج الواضحة التي أعتقد أن السيد علي دوست والسيد الدري استخدمها في البرنامج أظهرت صورة أكثر دقة وصحة وكفاءة، وهذا ما تم تصويبه في أذهان الجمهور.  أي إذا تمت مناقشة مثل هذا البرامج حتى على هذا المستوى بشكل عام. وهذا هو ما يدور حوله الفقه.  هذه هي الطريقة التي يرتبط بها حياتنا.  في رأيي، كان هذا التعديل في الموقف هو أكبر مساهمة حدثت في هذا البرنامج، وكان السؤال الأول الذي طرحناه على السيد علي دوست عندما بدأنا البرنامج هو:  تقديم عرض تفصيلي وتعريف للفقه نفسه ووظائفه للناس وإظهار حقيقة الفقه.  وأعتقد أن هذه هي أعظم وظيفة له.

اشكر سماحتكم. اما السؤال الأخير هو في نظرك أن القدرة على الاستمرار في مثل هذه البرامج في فقه الفن موجودة بالتأكيد، أليس كذلك؟

ونظرا لأهمية ذلك، أعتقد أننا فعلا بحاجة إلى برنامج مستقل في مجال فقه الفن.  وأؤكد مرة أخرى أن تصريحات المرشد الأعلى الأخيرة حول الفن واضحة وشفافة للغاية، والتي كان يتحدث بها طوال هذه السنوات، وخطابه الأخير إلى مجموعة من المبلغين الحوزويين، وأن الفن هو أهم أداة ولغة نشر للدين. و إن موقف الفن واضح، وعلى الفقه أن يحدد نسبته لذلك.  و في رأيي أن مجالات مثل إشكاليات على الفقه الفني ومجالاته ومن ثم الدخول في الفقه الفني نفسه هي مجالات مهمة جدا، وبناء على معرفتي الخاصة فإن هناك حاجة إلى برنامج مستقل، ويمكن أن يكون برنامج مستقل يعد في مجال فقه الفن من خلال مايلفت الانظار في الإعلام.

شكرا على ما تفضلت به.  إذا كان هناك أي نقطة اخرى تحبون الإشارة اليها.

أنني سعيد جدًا أيضا وأتمنى أن يتابع أصدقاؤنا في الحوزة بالتأكيد تلك المرفقات الإعلامية في التخطيط لهذه المواضيع ونشرها.