حسين ادبي چرامي

مبادئ معرفة الموضوعات الفقهية في الموضوعات المستحدثة/20

يطرح بعض الفقهاء ضرورة الدخول في مجال معرفة الموضوعات تحت عناوين مثل الرجوع إلى الخبراء. هذا الأسلوب ترك في السنوات الأخيرة تجارب مريرة، منها أن بعض المؤسسات الكبرى استغلت الفقهاء الذين لا يملكون الاختصاص الكافي في الموضوع المعني وسعت لتحقيق أهدافها. وبالتالي، بدا هذا الأسلوب غير فعال، ويجب إنتاج أسلوب جديد في معرفة الموضوعات في الفقه المعاصر يتمكن من الإشراف على أداء المتخصصين في كل علم عند دخولهم في معرفة الموضوعات الفقهية، لتجنب وقوعهم في لعبة الخداع أو استغلال بعض الأفراد المنتفعين.

إشارة: معرفة الموضوعات، خاصة في الموضوعات الناشئة، طرحت تحديات جديدة أمام الفقهاء. من جهة، لا يمكن لشخص واحد أن يفهم جميع الموضوعات الجديدة مع تنوعها وتعقيدها؛ ومن جهة أخرى، ترك الرجوع إلى الخبراء تجربة مريرة تمثلت في استغلال بعض الشركات الكبرى لبعض الفقهاء. الحجة الإسلام والمسلمين حسين ادبي چرامي، أستاذ المستويات العليا في الحوزة العلمية بمشهد ورئيس المدرسة الافتراضية عالم آل محمد (ع)، يطرح في هذه المذكرة الخاصة نقاطاً قلما تُذكر حول تحديات معرفة الموضوعات:

ما يحتاج إلى دراسة دقيقة في الفقه المعاصر هو الوضع الحالي للعوامل المكونة للموضوعات والمسائل، وفي المرحلة التالية، عملية تطوير وتوسيع هذه العوامل. يعتمد أداء الفقه في مجال حياة الإنسان على الموضوعات والمسائل التي تُنتج في الحياة. كلما اتسع نطاق الموضوعات، اتسع مجال نشاط الفقه أيضاً. تعتمد معرفة الموضوعات في الفقه المعاصر على دور الفقه في الحياة المعاصرة. بناءً على اعتبار الفقه «مديراً لحياة الإنسان اليوم للوصول إلى النجاة» أو مجرد «مقدم للتكليف الأدنى للناس»، ستختلف الموضوعات التي تُنتج في سياق الفقه المعاصر.

يمكن دراسة معرفة الموضوعات في الفقه المعاصر من خلال نهجين؛ النهج الأول هو النهج الانفعالي، بمعنى أن الفقه يتفاعل مع ما يجري في الحياة، فيحدد طريقة تعامله معه ووجوده في مجال الحياة كمسألة وموضوع لتحديد الحكم. في هذا النهج، يكون للفقه أداء دفاعي، حيث ينتظر حتى تواجه حركة حياة الإنسان المعاصر، بأي اتجاه كانت، مسائل معينة، فيقدمها إلى الفقه، ويقوم الفقه بالرد عليها. في هذا النهج، تؤدي التغيرات في أنماط الحياة وعناصرها إلى إنتاج مسائل وموضوعات جديدة. أنماط الحياة هي نتاج القيم النابعة من المعتقدات والإيمانيات، التي قد تكون دينية أو عرفية. كلما قلّ سيطرة الدين على حياة الناس، زاد التوجه العرفي للناس؛ ونتيجة هذا التغيير هي تغيير في الموضوعات والمسائل التي لم يقدم الفقه إجابات لها. أحياناً لا تتغير العادات والسلوكيات والأفعال الفردية والاجتماعية، بل تتغير أدواتها. هذا أيضاً يؤدي إلى ظهور مسائل فقهية ناشئة. على سبيل المثال، كانت التواصل بين الناس، كسلوك اجتماعي، موجوداً في الماضي وما زال مستمراً من خلال اللغة دون تغيير؛ لكن أدوات التواصل مثل التواصل الصوتي عبر الهاتف أو التواصل المرئي عبر الشبكات الاجتماعية أو الهواتف ذات تقنية التواصل المرئي قد تغيرت. لذا، بناءً على المتطلبات التي تخلقها هذه الأدوات في التواصل، تظهر موضوعات فقهية جديدة.

أحياناً يؤدي التغيير من الشخصية الفردية والحقيقية إلى الشخصية التنظيمية والقانونية إلى ظهور مسائل جديدة. يمكن تصور هذه المنظمات والمؤسسات في إطار العلاقات بين منظمتين داخل الحكومة أو بين منظمتين دوليتين أو عالميتين.

هذا النهج يعاني من عدة مشكلات؛ أولاً، ستتأخر الإجابات وتتسبب في تخلف الفقه عن المجتمع المتحول والمتغير. في هذا النهج، سيستمر الفقه في حياته لكنه، بسبب تخلفه عن المجتمع، سينسحب تدريجياً من الحضور الأقصى إلى الحضور الأدنى، وسيصل إلى نقطة يصبح فيها منعزلاً، وقد لا يبقى منه سوى قشرة. النهج الآخر هو النهج النشط؛ بمعنى أن الفقه، في مجال إدارة أنماط الحياة وكمنشور للحياة من المهد إلى اللحد، يجب أن يتمكن من إعادة إنتاج أنظمة الحياة الفردية والاجتماعية بطريقة تستجيب لمسائلها بناءً على المصادر الدينية وقواعد الفقه الأساسية، مع الحفاظ على مبادئه الأساسية دون تغيير في ماهيته أو الوقوع في العرفية أو التخلي عن مبادئه. بعبارة أخرى، لا ينبغي أن يحدث القلق الذي يعبر عنه بعض الفقهاء من تحليل بعض المحرمات أو تحريم بعض المباحات بحجة التحول في الفقه والاستجابة للمسائل. لأن الأساس الرئيسي لهذا العمل، الذي يؤدي إلى تغيير ماهية الفقه، هو معرفة الموضوعات ونوعية النظر إلى حياة الإنسان المعاصر. في هذا النهج، يتجاوز الفقه معرفة الموضوعات في الوقت الحاضر ويدخل في معرفة الموضوعات في المستقبل. هذا الأمر يطرح تحدياً جديداً أمام الفقه المعاصر يمكن تقسيمه وتفسيره في أربعة فروع:

أولاً، يجب على الفقهاء بالضرورة تجاوز الفقه الفردي، ليس إلى الفقه الاجتماعي بمستوياته الدنيا والمتوسطة، بل إلى الفقه الاجتماعي بأقصى طاقته، أي الفقه الحضاري الذي ينتج ويشرف على بناء نظام عالمي إسلامي.

ثانياً، لهذا التغيير الواسع، سيكونون مضطرين لإعادة قراءة إجابات الفقه على المسائل القديمة؛ لأن هذه المسائل تلقت إجابات من نوع الفقه الفردي، وفي النطاق الجديد، لا يمكن بالتأكيد تحقيق الهدف الحضاري بإجابات الفقه الفردي.

الفرع الثالث هو التغيير في المنهج؛ يجب على الفقهاء إجراء التغييرات في معرفة الموضوعات أو إعادة قراءة الموضوعات السابقة بناءً على مناهج مستقبلية متوافقة مع النظرة الحضارية، وهذا يعني التغيير في مناهج استنباط الأحكام. إن نتاج مناهج استنباط الأحكام في الوقت الحاضر هو تحديد التكاليف الفردية دون مراعاة الظروف الاجتماعية بامتداد الحضارة الإسلامية الحديثة؛ وبالتالي، لا تملك القدرة على حل مسائل الفقه الحضاري. لذا، بالإضافة إلى الحاجة إلى مناهج استنباط الأحكام وتغيير وإعادة قراءة القواعد الفقهية وتحديد قواعد فقهية جديدة تتناسب مع نطاق الحاجة، هناك حاجة أيضاً إلى أصول فقه جديدة. علاوة على ذلك، ستحتاج جميع العلوم المتعاونة في استنباط الحكم الشرعي مثل علوم الحديث وعلوم القرآن وغيرها إلى تحول وإعادة قراءة.

رابعاً، إن النظرة المستقبلية في الفقه تتطلب إنشاء موضوعات فقهية ولن تكتفي بمعرفة الموضوعات. يحدث إنشاء الموضوعات عندما يكون للفقيه دور كبير في رسم مستقبل النظام الإسلامي. لذا، بينما ينشغل بتصوير الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والعلمي والأخلاقي وغيرها للمجتمع الإسلامي، يجب أن يأخذ في الاعتبار العلاقات الفقهية بين هذه الأنظمة والأفراد داخل هذا النظام، ويقوم بإنشاء الموضوعات والمسائل ثم يتناول الرد عليها.

إذا كان التوقع هو تغيير المناهج الفقهية وتحولها، فإن الأنماط الجديدة للفقاهة ستتطلب مناهج جديدة لمعرفة الموضوعات والمسائل، والتحدي الكبير في هذا المجال هو إنشاء الموضوعات والمسائل. سيكون من المتوقع التوجه إلى استخدام العمومات والإطلاقات في سياق وضع الاستراتيجيات، والاهتمام الخاص بالارتكازات العقلائية وسيرة العقلاء، والاهتمام بالمجالات متعددة التخصصات بين الفقه والعلوم الأخرى في سياق معرفة الموضوعات وحل المسائل الفقهية.

أحد التحديات الموجودة في هذا المجال هو عدم قدرة المناهج الحالية على مواجهة الموضوعات الجديدة. في الوقت الحاضر، يعبر الفقهاء عن الحكم العام عند الرد على المسائل الجديدة ولا يدخلون في مجال معرفة الموضوعات وتطبيق الفقه عليها، بل يتركون ذلك للمكلف. هذا الأمر يتسبب في إحباط المكلفين تجاه استجابة الفقه، ويجعل أداء المكلفين الفقهي عرضة لتفسيرات سطحية في تطبيق ومعرفة الموضوع وأداء الواجب. يطرح بعض الفقهاء ضرورة الدخول في مجال معرفة الموضوعات تحت عناوين مثل الرجوع إلى الخبراء. هذا الأسلوب ترك في السنوات الأخيرة تجارب مريرة، منها أن بعض المؤسسات الكبرى استغلت الفقهاء الذين لا يملكون الاختصاص الكافي في الموضوع المعني وسعت لتحقيق أهدافها. وبالتالي، بدا هذا الأسلوب غير فعال، ويجب إنتاج أسلوب جديد في معرفة الموضوعات في الفقه المعاصر يتمكن من الإشراف على أداء المتخصصين في كل علم عند دخولهم في معرفة الموضوعات الفقهية، لتجنب وقوعهم في لعبة الخداع أو استغلال بعض الأفراد المنتفعين.

Source: External Source