إشارة: فقه العلاقات الدولية، سواء لحساسية موضوعه واتساعه أو لكونه باباً فقهياً حديث النشأة، يواجه تحديات كثيرة أمام باحثيه. بعض هذه التحديات شبه-تحديات وليست تحديات حقيقية، ولا ينبغي الوقوع في فخها. أمين رضائينژاد، باحث في مركز أفكار «پندار»، يمتلك معرفة واسعة في الفقه وفي العلاقات الدولية معاً. يرى أنه ليس من الضروري أن نعيد النظر في أحكامنا الفقهية بمجرد ظهور أي تحدٍّ. فمثلاً: للتواصل مع العالم لسنا مضطرين إلى تعديل أحكامنا الفقهية التي تتعارض مع بعض الاتفاقيات الدولية، بل يجب أن نكون أقوياء إلى درجة أن العالم لا يعبأ بتعارض قوانيننا وأحكامنا مع تلك الاتفاقيات، كما هو الحال بالنسبة للدول القوية. نص الحوار الشيق والممتع الذي أجرته «فقه معاصر» مع هذا الباحث في فقه العلاقات الدولية يمرّ أمام أنظاركم:
فقه معاصر: ما هي أهم التحديات التي تواجه البحث في فقه العلاقات الدولية؟
رضائينژاد: فقه العلاقات الدولية، كفرع ناشئ في الدراسات الإسلامية وفي تخصص العلاقات الدولية، يواجه تحديات عديدة على ثلاثة مستويات: مفهومي، منهجي، وعملياتي. هذه التحديات، بسبب تعقيداتها الجوهرية ومتطلبات العصر الحاضر، تحتاج إلى تأمل جاد ومناهج مبتكرة.
على المستوى المفهومي: إحداث تغيير في المفاهيم التقليدية عند مواجهة النظام الدولي الجديد أمر بالغ الأهمية. كثير من المفاهيم الفقهية المتعلقة بالعلاقات الدولية (مثل دار الإسلام، دار الكفر، الجهاد، الصلح) تشكلت في سياق تاريخي مختلف. ظهور الدولة-الأمة منذ معاهدة وستفاليا عام ١٦٤٨م، وما تبعها من أنظمة قانونية دولية جديدة، ونهاية الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأسس الحديثة في الساحة الدولية، وتغير طبيعة ممارسة السلطة وحتى مفهوم الحوكمة عالمياً، كل ذلك أوجد فجوة عميقة بين المفاهيم التقليدية التي تشكلت في سياق تاريخي وفي فوضى هوبزية، وبين المفاهيم الحديثة في القانون الدولي التي تعتمد أكثر على العقلانية الكانطية منها على التاريخ. هناك حاجة ماسة لإعادة تعريف المفاهيم التقليدية بحيث تحافظ على أصالتها الفقهية وتكون قابلة للتطبيق في النظام الجديد. كذلك، التوازن بين الأصول الثابتة والمتغيرات الزمنية من الهموم الكبرى؛ فكيف يمكن مثلاً أن تتوافق قاعدة حرمة العقود الجائرة مع الآليات المفروضة على الدول الضعيفة في النظام العالمي الجائر اليوم؟
من أبرز التحديات المنهجية: قضية التفاعل بين الفقه والعلوم الحديثة. عدم الانسجام في مناهج الاجتهاد مسألة مهمة. المناهج الاجتهادية التقليدية التي تركز أساساً على استنباط الأحكام من النصوص تواجه قيوداً عند التعامل مع قضايا معقدة متعددة الأبعاد مثل حقوق الإنسان، الإرهاب، المصالح الوطنية، أو الحرب السيبرانية. لذا فاستخدام المناهج متعددة التخصصات والتفاعل مع مفكري العلوم السياسية والقانون الدولي والاقتصاد العالمي ضروري، وربما ينبغي تخريج مجتهدين متخصصين في هذا المجال فقط. كما أن النصوص الفقهية الكلاسيكية نادراً ما تناولت العلاقات الدولية بالمعنى الحديث، فالباحثون يعانون غالباً من نقص المصادر الأولية، وهناك حاجة لإنتاج محتوى جديد، وتوصيتي مرة أخرى تخريج مجتهدين متخصصين. ومن الموضوعات المحورية: غموض مكانة العرف الدولي في الاجتهاد الفقهي، أي كيفية التعامل مع الأعراف والقواعد القانونية المقبولة عالمياً؟ وهل يمكن اعتبار هذه الأعراف بمنزلة السيرة العقلائية في استنباط الأحكام الشرعية؟
أما التحديات العملياتية فاثنان أساسيان: الأول صعوبة مطابقة النظرية مع التطبيق، أي ترجمة النظريات الفقهية إلى سياسات عملية. كيف يمكن تطبيق نظريات العدالة في العلاقات الدولية على صياغة العقود التجارية أو السياسات الخارجية؟ الثاني الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارسها القوى الكبرى ضد المسلمين، مما يحد أحياناً من إمكانية تنفيذ المبادئ الفقهية، ويخلق تحديات مثل مراعاة العدالة أو الحفاظ على الاستقلال في السياسة الخارجية للدول الإسلامية. التحدي الثالث: غياب الإجماع الفقهي بين الدول الإسلامية، والعلمانية واللائيكية السائدة في بعضها، فالخلافات بين الدول والمذاهب والتيارات الفكرية تعيق تشكيل خطاب إسلامي موحد ومؤثر عالمياً لتخفيف ضغوط النظام الحديث على الفقه الإسلامي.
فقه معاصر: هل يمكن تنظيم فقه علاقات دولية يقوم على الحقوق والمصالح المتساوية بين الدول والأمم بقواعد مثل «نفي السبيل» وأحكام مثل الجهاد الابتدائي، جواز هتك الكافر وغيبته وأذيته… التي تدل على تفوق المسلم على الكافر والشيعي على أهل السنة؟
رضائينژاد: هذا السؤال من القضايا الأساسية والصعبة في فقه العلاقات الدولية، ويتعلق بالتعارضات الظاهرية بين بعض القواعد والأحكام الفقهية ومبادئ القانون الدولي المعاصر. الجواب يتطلب نهجاً شاملاً يحافظ على الوفاء للمبادئ الفقهية ويراعي مقتضيات العالم الحديث معاً.
أولاً: طبيعة وقَدْر هذه القواعد والأحكام. قاعدة نفي السبيل المستندة إلى قوله تعالى ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ تعني نفي أي سيطرة للكفار على المؤمنين. في البعد الفردي والاجتماعي تدل على حفظ عزة المسلمين واستقلالهم أمام الأعداء، لكن «السبيل» هنا هو السيطرة الظالمة القهرية، لا كل علاقة قد تكون لمصلحة الطرفين. لذا لا يبدو أن العقود والتفاعلات المتبادلة القائمة على المصالح المشروعة تتعارض بالضرورة مع هذه القاعدة، وإن واجهنا في التطبيق خلافات نظرية كثيرة، أحدثها وأبرزها مسألة البرجام. فمن جهة كان قائد الثورة يتحدث عن «المرونة البطولية» ويرى في مفاوضات البرجام تكتيكاً للخروج من مشكلة مؤقتة، بينما كانت حكومة الدكتور روحاني تعتقد أن البرجام النووي يمكن أن يكون بداية لمفاوضات في المجالات الإقليمية والصاروخية وغيرها، للوصول إلى تهدئة مع الغرب عبر تقليص بسط يد إيران.
أما الجهاد الابتدائي وأحكام تفوق المسلم على الكافر فتشكلت أكثر في سياق تاريخي ونظام اجتماعي خاص في عصر التنزيل، وهي تحتاج إلى إذن المعصوم (عليه السلام). في زمن لم تكن فيه الدولة-الأمة موجودة، وكانت الشرعية السياسية والدينية تُعرَّف غالباً بتوسيع الرقعة الإسلامية. بعض ملوك إيران مثل نادر شاه أفشار هاجموا الهند مرات بهذا الحكم، لكن في عالمنا اليوم، مع قبول مبدأ السيادة الوطنية وحرمة الحرب العدوانية في القانون الدولي، فإن هذه الأحكام قابلة للتطبيق في سياقات أضيق، ويمكن استخدام الحكم نفسه (الذي هو خاص بزمن ظهور المعصوم) في حالات مثل «الحرب الاستباقية» التي تكررت من الولايات المتحدة، أو هجوم روسيا على أوكرانيا الذي بدأ بنفس المنطق.
أعطيت مثال الجهاد الابتدائي لتوضيح أن الفجوة بين أحكامنا الفقهية (حتى التي لا نستخدمها حالياً) والواقع العالمي ليست كبيرة جداً. أما هتك الكافر وغيبته وأذيته فتعني أساساً مواجهة أعداء الإسلام الذين في حالة حرب أو مؤامرة ضد المسلمين، فلا يجوز تعميمها على كل القضايا في العلاقات الدولية.
ثانياً: التعارضات الظاهرية وإمكانية التأويل الجديد. يمكن التفريق بين الأصول الثابتة والمتغيرات الفقهية. من المبادئ المهمة في فقه الشيعة المرونة في مواجهة الموضوعات الجديدة. قواعد مثل نفي السبيل والجهاد الابتدائي لها طابع عام، لكن تطبيقها يعتمد على الظروف الزمانية والمكانية. في نظام دولي قائم على مساواة السيادات، فإن مراعاة هذه المبادئ تعني السعي لحفظ عزة المسلمين واستقلالهم ومصالحهم، لا العدوان أو الإهمال للآخرين. وإلى جانب قاعدة نفي السبيل، فإن قاعدة العدل من المبادئ المحورية في فقه الشيعة، ويمكن أن تكون أساساً لإعادة النظر في تطبيق الأحكام التقليدية على الظروف الجديدة، وهي تبدو حديثة جداً ومفيدة.
ثالثاً: بعض جوانب الفقه المقاصدي المقبول عند الشيعة، والتركيز على النتيجة في التفقه الشيعي، يتيح إعادة تأويل الأحكام التي قد تبدو متعارضة مع الأهداف الكبرى للإسلام (تحقيق العدل والتعايش السلمي) عبر أدوات مثل الأحكام الثانوية ودفع المفاسد.
وأخيراً: النظام الدولي الحديث، وإن كان ظاهرياً، يقوم على المساواة القانونية بين الدول. لذا يمكن لفقه العلاقات الدولية أن يؤوّل الأحكام التي تبدو دالة على تفوق المسلمين بأنها واجب دعوة إلى العدل ومقاومة الظلم، لا عدواناً أو سيطرة. وقاعدة نفي السبيل يمكن اعتبارها إطاراً لمنع السيطرة الظالمة وحماية استقلال المسلمين ومصالحهم، وهي تمنع قبول العقود الاستعمارية أو التبعية الاقتصادية والسياسية، لكنها لا تتعارض مع المشاركة في المؤسسات الدولية القائمة على «الاعتماد المتبادل» بالمعنى الإيجابي (أي الصداقة والتعاون). كما أن كثيراً من الأحكام مثل هتك الكافر وأذيته (التي قد لا تملك أساساً فقهياً قوياً أصلاً) تتعلق بالسلوك الفردي أو أحوال الحرب، ولا يمكن أن تكون أساساً لسياسة خارجية دولة إسلامية، التي يجب أن تُبنى على مصالح الأمة والمبادئ العقلانية.
فقه معاصر: مع عدم قبول الفقه التقليدي للحدود الجغرافية وتقسيمه العالم إلى دار الإسلام ودار الحرب، هل يمكن أصلاً تصوير «العلاقات الدولية» بالشكل الحالي داخل علم الفقه؟
رضائينژاد: للإجابة يجب أولاً بيان الأسس الفقهية التقليدية لتقسيم العالم، ثم النظر في إمكانية إعادة النظر أو التكييف مع الهياكل الحالية. في الفقه التقليدي، تقسيم العالم إلى دار الإسلام ودار الحرب نظام قانوني-سياسي. دار الإسلام هي المناطق التي تحكمها دولة إسلامية وتُنفَّذ فيها أحكام الإسلام، ودار الحرب هي التي خارج سيطرة الدولة الإسلامية وتُعتبر في مواجهة الإسلام.
رغم أن هذا التقسيم نشأ في ظروف تاريخية خاصة، فإن جماعات مثل داعش استخدمته واعتبرت إيران وسوريا دار حرب، لكن هذه الفكرة لم تستمر، وانتهى الأمر حتى بدول داعمة لها مثل تركيا وبعض دول الجامعة العربية تسعى لإعادة العلاقات مع دمشق. هذه الفكرة تعود لزمن لم يكن فيه مفهوم الدولة-الأمة والحدود الجغرافية بالمعنى الحديث، والنظام العالمي كان قائماً على الإمبراطوريات والأقاليم الدينية أو القبلية، والحروب الفتحية قاعدة مقبولة.
يجب الاعتراف أن هذا الإطار لا يمكن أن يتوافق كلياً مع واقع النظام الدولي الحديث القائم على السيادة الوطنية والحدود المحددة والمساواة القانونية بين الدول. حتى مفهوم «الدولة الإسلامية» نفسه أصبح تحدياً اليوم. فهل أذربيجان التي تحكمها حكومة معادية للشيعة وتحارب الشعائر، دولة إسلامية لمجرد أن مسلمين يعيشون فيها؟ إنها عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي ولها حق الكلام، لكنها من الدول الرائدة في انتشار الإلحاد بين مواطنيها. أمام دولة عدوة لإيران كيف نصنفها: دار إسلام؟ دار حرب؟ دولة إسلامية؟
كما أن الفقه التقليدي لا يعترف بالحدود الجغرافية، لكن الدول الإسلامية اليوم تعمل عملياً وفق حدود وطنية معترف بها دولياً. إيران وتركيا والسعودية تنظم علاقاتها الخارجية على مبدأ السيادة الوطنية، رغم وجود روابط فكرية وأيديولوجية (وهي من روائع فقه الشيعة) مثل الارتباط الروحي العميق لأنصار الله في اليمن وحزب الله وحماس مع إيران. لكن في النظام الحديث، الدول-الأمم هي الفاعلون الرئيسيون، والفاعلون غير الحكوميين لا يملكون شرعية رسمية.
علاقات هذه الوحدات السياسية تُنظَّم على أسس المساواة واحترام السيادة والقانون الدولي، مما يستدعي إعادة نظر في المفاهيم الفقهية. بدلاً من التركيز على تقسيم العالم إلى دار الإسلام ودار الحرب، يمكن طرح مفهوم «الأمة الواحدة» الذي يركز على التضامن الديني بين المسلمين بدلاً من الجغرافيا، ويمكن تحقيقه عبر تعاون إقليمي ودولي. كما أن الفقه التقليدي يعرف إلى جانب دار الإسلام ودار الحرب مفهوم «دار المعاهدة» (البلاد التي لها عهد صلح مع المسلمين)، ويمكن توسيعه ليكون إطاراً للتعاون مع بقية الدول.
قاعدتا المصلحة ودفع الضرر (بمعنى حفظ المصالح الوطنية ودفع الضرر عن الأمة الإسلامية) يمكن أن يكونا أساساً للعلاقات الدولية، بل وبديلاً عن التقسيمات التقليدية. كما أن فقه الشيعة يقبل العرف الصحيح في استنباط الأحكام، والعرف الدولي اليوم هو أساس القانون الدولي، فيجوز للفقهاء أخذه بعين الاعتبار.
في النهاية، يستطيع الفقه الإسلامي تنظيم العلاقات الدولية على أساس مبدأ العدل ونفي الظلم، وهو مبدأ قرآني ونبوي، ويصلح بديلاً ممتازاً عن التقسيمات القديمة غير العملية.
فقه معاصر: للحضور الفعّال في الساحة الدولية، ومن مستلزماته الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، إلى أي مدى يجوز التغاضي عن الأحكام الفقهية؟
رضائينژاد: أود أولاً تصحيح مقدمة السؤال. للحضور الفعّال في الساحة الدولية يجب أن نكون أقوياء، وليس من الضروري بالضرورة الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية. الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ليسا عضوين في NPT، والولايات المتحدة تنسحب بسهولة من بروتوكول كيوتو، وجورج بوش أصدر في الأمم المتحدة أمراً بتدمير أفغانستان والعراق، ولو لم تكن إيران قوية صاروخياً لما استطاعت مهاجمة الكيان الصهيوني، والغرب أدانها لكن لأن قوتهم لا تكفي فهم عاجزون.
أجيب على سؤالكم من منطق القوة والواقعية السياسية: يجب أن نصبح أقوياء إلى درجة لا نضطر معها إلى تغيير مبادئنا الفقهية لتوافق منطق الاتفاقيات الدولية الحالية، بل يجب أن نسعى في النظام العالمي الجديد (الذي بدأت ملامحه تظهر للجميع) إلى الوصول لمركز صانع النظام وواضع القوانين والاتفاقيات. قائد الثورة أشار إلى ذلك بحق في موضوع الذكاء الاصطناعي. وحتى في النظام الحالي هناك في القانون الدولي قاعدة «حق التحفظ»، فالدول تستطيع عند الانضمام إلى اتفاقية أن تستثني البنود المتعارضة مع قوانينها الداخلية أو الشرعية.
لكن يمكن إجابة أخرى: لو افترضنا أننا لن نصل أبداً إلى قوة صانعة للنظام، ماذا نفعل؟ حينئذٍ قواعد مثل العسر والحرج، والمصلحة، والأهم والمهم، والأحكام الثانوية يمكن أن تكون مخرجاً لفقه العلاقات الدولية، فكثير من الأحكام في هذا المجال مرتبطة بالظروف الزمانية والمكانية، وهناك مرونة أكبر للانضمام إلى الاتفاقيات.
فقه معاصر: مع كون المسلمين (والشيعة خصوصاً) أقلية في المجتمع العالمي، هل يمكن استنباط أحكام فقه العلاقات الدولية على أساس التقية؟
رضائينژاد: التقية من المبادئ المهمة في فقه الشيعة، وتعني الكتمان أو اللين أمام التهديدات والمخاطر الجدية لحفظ النفس أو المال أو الدين أو مصالح مهمة أخرى. تُستخدم في حال وجود خطر حقيقي على المسلمين أو المذهب الشيعي، أو عند الحاجة لمراعاة مصلحة أكبر. إذا وُجد المسلمون أو الشيعة في وضع لا يسمح بتنفيذ الأحكام الفقهية كاملة بسبب كونهم أقلية، فيمكن استخدام التقية لتنظيم أحكام العلاقات الدولية، خاصة إذا كان المجاهرة بالمخالفة للنظام الدولي تهدد مصالح حيوية للمسلمين. مثال: قبول عضوية منظمات تحتوي بنوداً لا تتفق مع الشريعة لكن العضوية فيها ضرورية للدفاع عن مصالح المسلمين.
لكن التقية لا يمكن أن تكون ذريعة للتغاضي عن الأصول الأساسية للدين مثل العدل ونفي الظلم، ويجب أن تظل مؤقتة وتُدار بحيث يبقى ممكناً العودة إلى تنفيذ الأحكام الإسلامية كاملة في النهاية، وألا تمس الهوية الإسلامية والمبادئ المحورية.
في وضع الأقلية يمكن إعادة النظر في الأحكام الفقهية على أساس مبادئ دفع الضرر وجلب المصلحة، وقد تُؤجَّل بعض الأحكام غير الضرورية مؤقتاً لحفظ الأحكام الأساسية الحيوية. كما يمكن للتقية أن تكون أداة لتعزيز سياسات التفاعل والتعاون السلمي، بشرط الحفاظ على عزة المسلمين.
