دليل: في الماضي كانت هناك مدن وتحضر ايضا، لكن هذه العملية لم تكتمل. وبطبيعة الحال، تصبح الحقوق ذات معنى عندما ينتبه إليها الإنسان. والحقيقة أن عدم إثارة مسألة الحقوق عموماً وحقوق المواطنة في الفقه الإسلامي وعدم وجود فكرة لدى الفقهاء عن هذه الحقوق هو أنهم لم يمروا بهذه المرحلة من الاعتراف بالسلوك المتبادل ووجوب مراعاة الحقوق. والفقهاء يأخذون قضاياهم دائما من المجتمع، وحتى ان لم تكن هناك قضية أو سؤال، لم يبحث عنها الفقيه أيضا. اليوم عندما تطرح مسألة المواطنة، تذكر في المحضر قضايا غير مسبوقة، ولذلك مطلوب من الحقوقي أن ينظر فيها.
المتطلبات الفقهية لحقوق المواطنة
للتعرف على فقه حقوق المواطنة سنتناول أولا مفهوم المواطن وأبعاده المفاهيمية٠
١.تعريف المواطنة
المواطن هو الشخص الذي يتم قبوله كعضو في المجتمع، وله حقوق اجتماعية وسياسية، ويمكنه الاستفادة من فوائدها. ولذلك فإن المواطنة فكرة تعترف بحق الأفراد في التمتع بحقوقهم، وبمسؤولياتهم الجماعية التي تقوم على الإدارة المستقرة للشؤون٠
٢.تعريف فقه المواطنة
فقه المواطنة هو ما يجب وما لا ينبغي دراسته والتعليق عليه في ثلاثة مجالات: 1) المتطلبات، 2) الواجبات، 3) الحقوق، وهو أمر ضروري للمجتهد المعاصر لإثارة قضاياه
١.المتطلبات في فقه المواطنة: المتطلبات هي متطلبات يتفاعل المجتمع مع بعضها البعض لتوفير الأرضية المناسبة للاهتمام بالحقوق٠
٢.الواجبات: في فقه المواطنة، هناك قسم من الواجبات الشرعية والأخلاقية والقانونية والأمور القانونية. وهذه التكاليف، كغيرها من أبواب الفقه الاجتماعي، تعطي تعليمات للمكلف، كما أنه من الضروري احترام خصوصية الناس ويحرم انتهاكها٠
٣.حقوق المواطن: ويقصد بها تلك الأمور التي يمكن لكل مواطن أن يطالب بها، وإذا قام شخص ما بإمر يتوافق مع هذا الحق، فلا يؤاخذ عليه، مثل حرية التعبير وتملك الصحف والمجلات. وتشير حقوق المواطنة إلى مجموعة الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الأشخاص بسبب حالة مواطنتهم. ويُطلق عليها أيضًا مجموعة القواعد التي تحكم مكانتهم في المجتمع؛ ولذلك فإن “حقوق المواطنة” هي مفهوم واسع نسبيا تشمل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفردية٠
لذلك فإن هذا الاجتهاد يدخل في بنية الفقه الاجتماعي وتطرح فيه مسائل كثير منها لم يرد في الفقه الفردي، أو لا يتناسب مع تلك الصيغة، أو يتغير بسبب البنية الاجتماعية، مثل حماية الاجتهاد. والخصوصية، التي لم يتم ذكر مثل هذا العنوان في الماضي، كما أن موضوعات مثل مكانة المرأة في المجتمع، والإجماع في الحكم، وضرورة وجود محام للمتهم، الخ٠
حقوق المواطنة هي أحد الحقوق الذاتية والفطرية للإنسان. كما أن هذه الحقوق غير قابلة للانتقال وغير قابلة للتجزئة، بحيث تكون عناصرها ضرورية وملزمة لبعضها البعض٠
٣.متطلبات دراسة المشكلة
لم يرد فقه المواطنة في الكتب السابقة. وفي الكتب المدونة على أنها المدينة الفاضلة، يتم رسم نموذج لمجتمع يسير فيه المواطنون على الطريق الصحيح. كما أثيرت بعض قضايا المواطنة في أحكام الحسبة، وهي في الغالب احتياجات المواطن في النظام الحضري، أما الآن فقد ورد ذكره متفرقا في مختلف أبواب الفقه المعاصر٠
اما في الوقت نفسه، فهناك قضايا خارجة عن الاجتهاد ومدرجة في المناقشات الكلامية، مثل كرامة الإنسان والحق في الحياة والصحة ونوعية الحياة. كما استخرج بعض المواضيع من الأدلة العامة، لأنه ليس لها تاريخ في الفقه، مثل حق المشاركة في تقرير المصير، وحق الوصول إلى المعلومات، وحق الوصول إلى الفضاء الإلكتروني. ولهذا كان من الضروري أن يهتم الفقيه بهذه الحقوق، وأسس الفقه وفلسفته، وكذلك بعض قواعد الفقه الاجتماعي٠
في مثل هذه البيئة من الحياة الحضرية، يتم تلبية الاحتياجات العلمية والفقهية من خلال الحوار والتفاعل المتبادل بين الناس مع بعضهم البعض. ولذلك فإن ما يبدو ضروريا في عملية هذا النوع من الحياة هو تنظيم علاقات الناس في المجتمع الحضري على شكل واجبات وحقوق بمنهج فقهي. وهذا يساعد على منع الفوضى وعدم الاستقرار في المجتمع. كما أن احترام هذه الحقوق يجعل المجتمع مجتمعا أخلاقيا.
٤.عملية المواطنة
وفقا لأفكار بعض الخبراء، عندما تثار مسألة ما يجب على هؤلاء الخبراء فعله وما لا يجب فعله قانونيا، ويصلون إلى مرحلة فهم السلوك المتبادل حيث يعتبرون أنفسهم ملزمين باحترام حقوق بعضهم البعض والوفاء بمسؤولياتهم تجاه المجتمع، يتم ترقيتهم إلى مواطن. ولهذا السبب، فإن التحول إلى مواطن هو عملية حضارية وتحول من الفردية إلى الجماعية والوعي الذاتي الجماعي٠
في الماضي كانت هناك مدن وتحضر ومدنية، لكن هذه العملية لم تكتمل بعد. وبطبيعة الحال، تصبح الحقوق ذات معنى عندما ينتبه إليها الإنسان. والحقيقة أن عدم إثارة مسألة الحقوق عموماً وحقوق المواطنة في الفقه الإسلامي وعدم وجود فكرة لدى الفقهاء عن هذه الحقوق هو أنهم لم يمروا بهذه المرحلة من الاعتراف بالسلوك المتبادل ووجوب مراعاة الحقوق. والفقهاء يأخذون قضاياهم دائما من المجتمع، وحتى اذا لم تكن هناك قضية أو سؤال، لم يبحث عنها الفقيه أيضا. اليوم عندما تطرح مسألة المواطنة، تذكر في المحضر قضايا غير مسبوقة، ولذلك المطلوب من الفقيه أن ينظر فيها٠
٥.قواعد فقه المواطنة
يقصد بفقه المواطنة تلك المبادئ والقواعد التي هي أصول الفقه. وتستخدم هذه المبادئ تارة من نصوص الآيات (الكرامة، العدل، الحق في الحياة) والأحاديث (مبدأ البراءة من الجرم، إلا إذا كان باثبات والاهتمام بماء الوجه) وتارة من المبادئ المقبولة التي يستشهد بها الفقهاء (مثل مبدأ البراءة) وسلطة الإنسان على الممتلكات وحق الحياة: (الناس مسلطون على اموالهم) وتعبر عن المبادئ التي تحكم العلاقات بين المواطنين٠
بطبيعة الحال، فإن هذه المبادئ والقواعد مرتبة، مثل: 1) مبدأ الكرامة، 2) مبدأ العدالة، 3) مبدأ التوافق، 4) مبدأ الاعتراف بالمخالفين، 4) مبدأ تجنب العنف. 5) مبدأ المسؤولية المتبادلة. 6) مبدأ حظر التمييز. 7) الحق في الحياة٠
فعلى سبيل المثال، للكرامة الإنسانية مفهوم واسع جدًا في حقوق المواطنة، والذي يحتل مكانة مهمة في وثائق حقوق الإنسان وفي مؤسساتنا الدينية. ومن الأمثلة المهمة على هذه القضية في حقوق المواطنة احترام إنسانية الإنسان، بغض النظر عن المعتقد أو اللغة أو العرق أو المهنة، وهو ما يجد مظاهر عديدة في الواجبات والحقوق٠
٦.الانقسامات في فقه المواطنة
يمكن تقسيم فقه المواطنة إلى ثلاثة أقسام: ١. متطلبات. ٢. الأحكام ٣. حقوق٠
٧.نموذج من فقه المواطنة
إن من مقتضيات حقوق المواطنة الانتباه إلى أن قبول هذا النظام له علاقة بالفقه الواجب. إذا ما هي الملحقات التي يجلبها قبوله؟ على سبيل المثال، هل يتمتع المواطنون من مختلف الديانات بنفس الحقوق؟ هل يمكن للزردشتي أن يصبح رئيسًا؟ هل يمكن لليهودي أن يصبح رئيساً؟ هل للكردي نفس الحق في طهران الذي يتمتع به الطهراني؟ هل يتمتع السنة بنفس حقوق الشيعة في المدن الإيرانية؟ ومن المتطلبات الأخرى لهذا الفقه قبول الحرية الدينية، على الرغم من أن غالبية سكان البلاد مسلمون. ونتيجة لذلك، فإن الشخص كونه مسلمًا في بلادنا ليس شرطًا للحصول على حقوق المواطنة، وبالتالي سيكون للمسلم نفس الحقوق التي يتمتع بها البهائي أو اليهودي٠
هناك أيضًا مناقشات في مجال تخصيصات المواطنة. فعلى سبيل المثال، هل ارتداء الحجاب من واجبات الإسلام الدينية؟ فهل يفرض هذا الواجب الشرعي شرطا خاصا؟ (يعني مهمة داخل المدينة وليس في منظمة ومكتب والتي بموجب العقد بين الموظفين يجب استخدام الزي الرسمي مثل الجنود والأطباء في المستشفيات والعاملين في بعض المصانع والشركات وغيرها) وكذلك المهام المتعلقة بالمسؤوليات الفردية، مثل التصويت والخدمة في الجيش واحترام القانون وحقوق الآخرين ودفع الضرائب وغيرها. وبطبيعة الحال، المقصود بالواجبات، سواء الواجبات العامة أو الواجبات المستحبة، التي فسرها الفقهاء بأنها شؤون أخلاقية، وهناك حالات كثيرة مثل حسن معاملة الجيران، والعفو عن تجاوزات المواطنين، والمساعدة والتعاون مع ذويهم. المحتاجين، ومساعدة الناجين والجرحى٠
تحديات فقه المواطنة
يواجه اليوم فقه حقوق المواطنة تحديات عديدة ومتنوعة. فبعض هذه التحديات هي كما يلي
حداثة النقاش في كتب السلف؛ فمثلاً في مجال حقوق المواطنة، وهو مجال واسع جداً في المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا يمكن العثور على عنوان له في كتب السلف٠
الجنس؛ التحدي الآخر هو مسألة الجنس. هل يمكن للمرأة، مثل الرجل، الاستفادة من الفرص الحضرية، مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؟ وهل يمكن أن يكون لديها سيد حفل موسيقي؟ هل يمكن أن يكون لها غناء منفرد؟ هل يمكن تعيينها في وظائف إدارية حساسة؟ مثلا هل تستطيع أن تصبح قاضي أو وزيرة أو محامية؟
هذه أمثلة على تحديات فقه المواطنة مع الفقه التقليدي
الفرق بين حقوق المواطنة وحقوق الإنسان
على الرغم من أن أساس حقوق المواطنة هو إعلان حقوق الإنسان وأن المبادئ الواردة في إعلان حقوق الإنسان تحل محل حقوق المواطنة ونتيجة لهذين الاثنين، فإن لديهما أساسًا مشتركًا، لكن لديهم أيضًا اختلافات مع بعضهم البعض٠
أولاً: المحلية والدولية
حقوق الإنسان هي معاهدة دولية أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتحتوي على 30 مادة تصف وجهة نظر الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان. وقد حدد هذا الإعلان الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأساسية التي يجب أن يتمتع بها جميع البشر في أي بلد. وبطبيعة الحال، فإن لهذا الإعلان نطاقاً واسعاً يتجاوز حقوق المواطنة، لأن حقوق المواطنة هي حقوق محددة ومحددة بين أبناء الدولة، أما حقوق الإنسان فهي ميثاق دولي٠
ثانياً: اختلاف الجمهور
لما كانت حقوق المواطنة تتعلق بحقوق مواطني الدولة، فقد اتخذت هذه الحقوق صبغة وطنية. وفي الوقت نفسه، فإن المخاطب بإعلان حقوق الإنسان هو النظام الدولي والمجتمع الدولي. فعلى سبيل المثال، عندما يقول الدربندي من هذا الإعلان أنه لا ينبغي التمييز على أساس الوضع السياسي أو القضائي أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء كان مستقلاً أو تحت وصاية دولة أخرى أو غير مستقل أو من حيث السلامة الوطنية، أن تخضع لأية قيود. وأيضاً عندما جاء في المادة ١٤ : لكل شخص يتعرض للاضطهاد الحق في طلب اللجوء من دول أخرى للحصول على اللجوء، فإن المخاطب في هذه المادة هو النظام العالمي، وليس البلد الذي يعيش فيه الشخص٠
ثالثاً: الفرق في النظام القانوني
حقوق المواطنة هي حقوق في النظام القانوني والمدني للبلاد، لكن حقوق الإنسان هي حقوق أقرتها الأمم المتحدة؛ ولذلك قد تكون هناك اختلافات وفجوات بين الاثنين، فعلى سبيل المثال، جاء في الفقرة ١ من المادة ١٣ ما يلي: لكل فرد الحق في التنقل والإقامة بحرية داخل حدود أي بلد. فلهذا على الرغم من حقيقة أن الدولة قد لا ترغب في سفر مواطني الدول الأخرى إلى بلادها. وبطبيعة الحال، يوصى دائما بتحقيق الانسجام بين إعلان حقوق الإنسان والقوانين المحلية٠
الفرق بين حقوق المواطنة والحقوق المدنية
حقوق المواطنة هي حقوق متبادلة توجد مسؤوليات وحقوق لكل مواطن فيما يتعلق بالآخرين، لكن الحق في العيش في المدينة له جانبان: الأول، المدينة مقابل غير المدينة والآخر، المدينة مقابل الحكومة٠
الموضوعات الفقهية لحقوق المواطنة
يمكن تعريف المواطنة وحقوقها في الفقه السياسي في الفصول الثلاثة التالية
١.الحقوق المدنية للمواطنين
الحقوق المدنية تعني الحقوق مثل الحق في الأمن، وحماية كرامة الأفراد وحياتهم وممتلكاتهم وإسكانهم، أو الحقوق المتعلقة بالحفاظ على الطبيعة الإنسانية واتساع نطاقها. ومن حقوق المواطنة، ولعل أهم الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الجميع، وخاصة من يشار إليهم بـ “المستأمنين” في الفقه: (السائحون والسياح) والأقليات الدينية والعرقية، حقوق مثل الحق في الأمن، وحرمة الكرامة وحياة الأفراد وممتلكاتهم وإسكانهم وإدارة شؤونهم الشخصية؛ من كل دين ومذهب وجنس وعرق٠
٢.الحقوق السياسية للمواطنين
مثل الحق في حرية التعبير والرأي والمشاركة السياسية والصحافة والتعبير٠
٣.الحقوق الاجتماعية للمواطنين
مثل الحق في العمل وتأمين الوظيفة واختيار وسيلة مشروعة لكسب العيش، وإقامة التجمعات الاجتماعية والأنشطة العامة والمساعدة (المنظمات غير الحكومية)، والحفلات الموسيقية، والاحتفالات، والبرامج الترفيهية٠
أهم مسائل فقه الحقوق المدنية
قلنا أن حقوق المواطنة بمعناها العام تشمل مجالاً واسعاً من الحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاجتماعية والقضائية للإنسان. وبمعنى آخر، هي مجموعة الحقوق المتبادلة بين الأفراد والمواطنين، والتي تعتبر الحقوق المتبادلة بين أفراد المجتمع ومديري شؤون الحكم والإدارة، والتي تعد من المطالب المهمة للدولة والحكومات والمواطنين تجاه بعضهم البعض٠
في تقسيمات أخرى، تشمل حقوق المواطنة المسؤوليات الفردية والاجتماعية للمواطنين بالإضافة إلى مسؤوليات الحكومة تجاه المواطنين، ولذلك فإن حقوق المواطنة، في الواقع، تعبر عن بعض الحقوق وبعض الواجبات والمسؤوليات٠
من أهم المسائل الفقهية لحقوق المواطنة ما يلي
١.الحق في الحياة والصحة ونوعية الحياة؛
٢.الحق في الكرامة والمساواة الإنسانية؛
٣.الحق في الحرية وأمن المواطنة؛
٤.الحق في المشاركة في تقرير المصير؛
٥.الحق في الإدارة المختصة والتخطيط الجيد؛
٦.الحق في حرية الفكر والتعبير؛
٧.الحق في الوصول إلى المعلومات؛
٨.الحق في الوصول إلى الفضاء المجازي؛
٩.الحق في الخصوصية؛
١٠.الحق في التنظيم والتجمع والمسيرة؛
١١.الحق في المواطنة والإقامة وحرية التنقل؛
١٢.الحق في تكوين الأسرة والتمتع بها؛
١٣.الحق في المحاكمة العادلة؛
١٤.الحق في التمتع باقتصاد شفاف وتنافسي؛
١٥.الحق في السكن؛
١٦.حق الملكية
١٧.الحق في العمل والعمل اللائق؛
١٨.الحق في الرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي؛
١٩.الحق في المشاركة الثقافية؛
٢٠.الحق في التعليم والبحث؛
٢١.الحق في بيئة صحية وتنمية مستدامة؛
٢٢.الحق في السلام والأمن والسلطة الوطنية٠
هذه من أهم المسائل في هذا الفقه
أساسيات فقه المواطنة
كما ذكرنا سابقا فإن فقه المواطنة هو مزيج من الفقه وعلم الأصول وعلم الكلام والقانون وعلم الاجتماع. ولهذا السبب، بالإضافة إلى ارتباطه بالفقه، فإنه يحتاج إلى معرفة مختلفة لمراجعة هذا الموضوع. فينبغي لفقيه هذا العلم أن يعرف كيف يمكن الاستشهاد بمبدأ براءة المواطن من أي جريمة إلا في حالة إثبات الجريمة٠
يستخدم علم الكلام أيضا في هذا العلم. فمثلاً هل يجب أن ننظر إلى مسألة العدل قبل الدين وفي سلسلة أسباب الأحكام، أم أن نعتبر العدل أمراً خاضعاً للشريعة؟ وأيضاً مبدأ العدالة الذي ورد في الكلمة، كيف يمكن استخدامه في العدالة الاجتماعية لنفي أي تمييز بين المواطنين مهما كان رأيهم؟ وفي القانون، تم تسليط الضوء على العديد من القضايا، مثل الحق في الحياة، والذي يستخدم في فقه المواطنة لعدم استبعاد العودة إلى الدين في جميع الأحوال٠
إن العلوم الاجتماعية مهمة لأن الفقيه يحتاج أحيانا إلى استخدامها لحل مشاكل المواطنين وفهم تحدياتهم. فعلى سبيل المثال، في الفقه التقليدي، تعتبر الدعارة جريمة، لكن في علم الاجتماع يتم ترتيب ذلك على أساس الأسباب والسياقات، ويعتبر مرضا يحتاج إلى علاج. ولهذا السبب، ينبغي لفقه المواطنة أن يتعامل مع هذه المشكلة بشكل عملي وجوهري، وينظر إلى الأحكام التي تساعد في علاج هؤلاء المرضى وعدم تجريمهم، بدلاً من إصدار الفتاوى دون الالتفات إلى ما إذا كانت هذه الفتوى تحل المشاكل والجرائم أم لا؟
بحسب تعبير الشهيد مطهري ان هناك منطق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالمنطق العلمي يمكن تنفيذ هذا الأمر. وقد أولى هذا الموقف للأستاذ مطهري الاهتمام بوظيفة هذا الواجب. وخلافاً للموقف المعروف من الفقهاء الذين يعتبرون طاعة هذا الواجب في الكلام، فإن الاستاذ ينتبه إلى نتيجة الحكم وينظر إلى الوفاء بهذا الواجب بطرق تؤدي في النهاية إلى مكافحة الفساد٠
تختلف هذه الأسس عن قواعد ومبادئ فقه المواطنة، وهي في الحقيقة فرضيات الفحص الاستنباطي التي يجب تحديدها في علم آخر، ومن الطبيعي أن يحكم فيه جمهور علماء ذلك العلم٠
هذه المذكرة جزء من المجلة الإلكترونية “أساسيات فقه الحقوق المدنية” التي تم إصدارها بالتعاون مع موقع شبكة الاجتهاد٠