آية الله أبو القاسم على دوست في لقاء يوم الاحد

آية الله أبو القاسم على دوست في لقاء يوم الاحد

قال آية الله أبو القاسم على دوست، أستاذ دروس خارج الفقه في الحوزة العلمية، يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر، في الندوة العلمية “طريقة اكتشاف المذاهب الفقهية من خلال النظر في كتاب منهج الاجتهاد” الذي أقامه معهد الدراسات الفقهية المعاصرة، إنه رأى مؤخراً مقطع لطالب يقول ما هي المنهجية الأخرى؟ فإذا كانت المبادئ هي التي تكفي، وإذا لم تكن كذلك فما حاجتنا اليها، قال: انظروا إلى ما يتم بعلم ومجال ضخم جداً، وطبعاً هذا الشخص ليس وحده، وأحياناً هذه المادة تأتي من بعض الدروس وهؤلاء الناس يعكسون ذلك٠

اما وجهة نظري أن الاجتهاد لا يتم بمنهجية، فلذلك يقول: إن منهج الفقه هو الاجتهاد، ولكن من أراد أن يكتب تعليقا وعلم الكلام والتعليم والفقه يحتاج إلى منهج، وإلا فهو بحاجة إلى منهج وسوف يضل جاحدا٠

ذكر هنا الأستاذ علي دوست مثالا في هذا الصدد وأضاف: “النقاش الساخن اليوم هو هل يمكن للمجتهد المجازي أن يكون مصدرا للتقليد؟” مع العلم ان الجمهور لا يوافق على ذلك، ومنهم من يختلف معه ويقول إن المتجزي إذا كان عالما ينبغي تقليده في تخصصه٠

أضاف: مناقشة المنهجية مناقشة مهمة وجادة جداً، على عكس ما ذكره أحد الطلاب وقال إذا كانت الطريقة هي المبادئ التي ندرسها، إذا ما هي؟

ذكر أستاذ الحوزة ایضا أنني أوصي الباحثين بقراءة هوامش المحقق الإيراني على كتاب الشيخ الأنصاري الاعظم ، وأضاف: كان سماحته في بعض الأحيان يهاجم الشيخ الأنصاري أكاديميا وكان يقول إنك قدمت آراء وحجج إيجابية وسلبية حول الشيخ الأنصاري. ولقد عززتم جانباً وأضعفتم جانباً آخر، لكنكم تستخدمون تعبير “لكن الإنصاف”. جيد، ما معنى هذا؟ إن شاء الله وما شاء الله. ما معنى كلمة اذا و كلمة لو؟ فإذا أبديت برأيك فما فائدة هذا الشك؟

ذكر الأستاذ على دوست أنه عند انتقاد أعمال العلماء الكبار مثل الشيخ الأنصاري، يجب الحذر لأنه طالب في مستوى عال جدا، وذات مرة قال: سألت آية الله الأنصاري عن تعبير لكن الإنصاف، فأجاب أن الشيخ الأنصاري بدل الأربعة موارد جاء بخمسة موارد، والمورد الخامس هو الانصاف. وتدريجياً، مع تقدمي في السن، أدركت أن عمل الشيخ الأنصاري هذا هو منهج. فمثلاً، بالنسبة لصورة التماثيل، فإن البعض يعتبرصنعها حراماً، ويختلفون في بيعها وشرائها، ولكن هناك اختلاف في الاحتفاظ بها. ويعرض الشيخ الأنصاري ثمانية أو تسعة أسباب لجواز الاحتفاظ بالتماثيل٠

منهج الشيخ الأنصاري امام الاجماع

أضاف سماحته : ان بعض ادلته بحد ذاتها أدلة، لكن بعضها تشبه الأدلة اي مثلاً إذا اتدل بالشهرة فهي تشبه الدليل، أو يقول إن ابن إدريس الذي لا يقبل حديثاً صحيحاً قد قبل رواية كذا وكذا، وفي رأينا أنه قبل أنه.. . فهو في علم الأصول يضرب الإجماع، لكنه ليس كذلك في الفقه. وشكك في الإجماع في الاصول، وليس في الفقه؛ ولذلك، فرغم أن الشيخ الأنصاري ليس معصوماً من الخطأ، إلا أن منهجه في رأيي هكذا، ولهذا السبب اتبعت المنهجية وكتبت كتاب منهج الاجتهاد عموماً، الذي لا يقتصر على الفقه٠

ذكر أستاذ البحث الخارج في الحوزة أنني أستخدم في كل أعمالي أمثلة حقيقية وملموسة تخص المجتمع، وأضاف: بدأت أعمل في هذا المجال تدريجياً منذ عام ١٩٧٩، وأصبحت أكثر نضجاً يوماً بعد يوم، وأعتقد أنه ينبغي علينا أن نناقش منهج الاجتهاد، وليس فقط منهج الاجتهاد، وهذا الكتاب بالطبع هو أحد الكتابين التوأمين اللذين سيصدران تحت عنوان منهج مدارس الاجتهاد المعاصرة٠

خصائص المدرسة الفقهية

ذكر الاستاذ علي دوست أن المدرسة ظاهرة بارزة ولها أتباع، وأضاف: لذلك، إذا لم يكن للمنهج أتباع، فهو ليس موضوع اهتمامي في هذه الكتب. وإذا استخدم الشيخ الأنصاري الإنصاف فهو في الحديث يجمع الشبهات، فيعطي السبب و شبيه الدليل ليزداد في اليقين. فإن كان قد توصل إلى الإجماع في أصوله، لأن المناظرة في الادلة الأربعة، أما في الفقه فيتخذ الإجماع كمؤيد، واستخدامه للإجماع في الفقه والأصول مختلف. وهذا هو منهج الاجتهاد عند الاعاظم٠

ذكر أستاذ الحوزة أن بعض الكبار لهم أسلوب مدرسي وقال: في أسلوب تجميع الظنون ان السمعة تعوض عن ضعف الأدلة والبراهين، أما في المناقشة المدرسية فالشهرة ليست معوضة لشيء ، وعند آية الله الخوئي فإن الشهرة والخبر الواحد صفراً وبدون حجة، وربطهما معاً لا يأتي بحجة، لكن الشيخ الأنصاري يقول: بمشيئة الله تحصل الحجة بجمعهما٠

ذكر الاستاذ علي دوست أنني لم أدرج المذاهب الفقهية الماضية مثل أهل الرأي والأخبارية والأصولية وغيرها في كتاب المنهجية، ولكني بحثت عن مدارس جديدة مثل تجميع الظنون، فقال: المدارس الفقهية الممنهجة، والمدارس الفقهية الأصولية، من بين الموضوعات الأخرى أيضًا، يقول البعض إن لدينا سلسلة من الأحكام الاصولية في الجعالة والإجارة وغيرها، وليس لدينا نظام في هذه المسائل، لكن البعض يقول إن لدينا نظاماً وراء هذه المسائل الاصولية، والذي من المهم اكتشافها في هذا النظام٠

ذكر أستاذ الحوزة أن النظام هو الوسيط بين الأحكام والمقاصد، وأضاف: انه من يدرس مدارس الاجتهاد المعاصرة ويشرح مشاكلها ومزاياها، فمن الطبيعي أن يكون هناك توقع أن هذا الشخص سوف يعطي أيضا النظرية، فأنا أبحث عن كتب في منهج الاجتهاد؛ وقد ذهبت إلى نظرية الاطمئنان لبيان احتياجات الاجتهاد وأضراره، لأن الضرر إذا صحح صار حاجة٠

أضاف مشيراً إلى أجزاء من هذا الكتاب: ينبغي أن يكون لدينا أساليب عمل علمية أكثر بكثير مما هو موجود الان. ألا ينبغي لنا أن نفكر في أساليبنا؟ يقول البعض إن وراء قواعد النجاسة والطهارة نظام، ونظرة النظام لها آثار كثيرة. فمثلاً إذا رأى شيء ناراً وحرارة فإنه يطهر، أو يقولون: الأرض طاهرة ولكن الإسفلت ليس كذلك، وهذا مخالف لكلامهم، لأن الأرض هي الأرض، سواء بالإسفلت أو بدونه٠

فتاواى قاسية

حدثنا الاستاذ على دوست ذكرى عن آية الله الخوئي في امام طبيب قال له إذا أردت أن تقتبس شيئا من كلامي فقل إن طالب علم قال هكذا وليس الإسلام، و اظاف: إذا كانت هناك فتوى غير سارة في مكان ما، ينبغي أن نفكر فيها لأن بعض الفتاوى ظلم فادح. فمثلاً قال البعض إن من ذهب إلى مكان مغصوب فلا يحق له أن يرفع يده، ولو أراد أن يحك بدنه. وبرأي صاحب كتاب الجواهر فإن هذا النوع من الفتوى ظلم٠

تابع أستاذ الحوزة قائلا ان في الجزء الثاني من الكتاب يذكر 20 مدرسة فكرية، وهذه المدارس تكون في بعض الأحيان توائم. ومنها فقه القناعة، أو تجميع الظنون، ومذهب الصنعة الفقهي، أي الكبرى و الصغرى والنتيجة لا علاقة لها بالإقناع ويقول إن القاعدة تقتضي ذلك، لكن آية الله الخوئي قال ذلك وتقتضي القاعدة أنه لا داعي للاقتناع باستخدام الماء، أي إذا كان في الماء بول و غائط، ولكن لم يتغير طعمه ورائحته، مما يعني أنه ليس له ما يقنع الجمهور٠

أهمية مقاصد الشريعة

أضاف الأستاذ قائلا: توجد مدرسة أخرى هي الثقة والتوكل، وهي فرع من مدرستي الرضا والصناعة، وقد راعى الشيخ الأنصاري مسألة الوثوق، ففقه اصطياد القواعد من النصوص هي مدرسة فكرية أخرى والتي يقتصر الفقه عليها على النص. وهناك مدرسة فقهية أخرى هي الفقه النصي والموجه نحو النص مع مراقبة المقاصد٠

في الختام أكد الأستاذ انه كتب مقالاً بعنوان “كفاية النص” قبل عقدين من الزمن، وكان له الكثير من التداعيات. وكان رأيي أن النص له غاية وهدف ويجب أن نأخذ في الاعتبار مقاصد الشريعة، لكن بعض المنتقدين قالوا إن المقاصد إذا ذكرت أفسدت الدين، وهذا التبرير غير قابل للهضم بالنسبة لي٠