هناك رأي يرى أنه لا فرق بين الفيلم وغيره، أي كما أن مبدأ التشبه بالرجل بالمرأة محرم، فإن وقوع مثل هذا التشبه في الفيلم محرم أيضاً، ولا يهم ما إذا كان الشخص يراعي قواعد اللباس الشرعي أم لا. والرأي الثاني هو أن التشبه بالرجل بالمرأة محرم في العالم الحقيقي، أما في عالم المسرح والسينما فله حكم آخر. ووفقاً للرأي الأول، إذا لعب الرجل دور المرأة فلا يجوز ذلك عموماً، ولكن إذا قبلنا القاعدة الثانية فلا إشكال في الأساس٠
ملحوظة: كان حجة الإسلام والمسلمين السيد حميد ميرخندان ناشطاً في مجال فقه الإعلام لسنوات عديدة. وخلال هذه السنوات كتب العديد من المؤلفات في هذا المجال كما قام بالتدريس في مراكز أكاديمية مختلفة. فبالإضافة إلى دراسته الحوزوية، حصل على الدكتوراه في الثقافة والاتصالات من جامعة باقر العلوم. وهو أستاذ مساعد في كلية الإذاعة والتلفزيون في قم، وقد قام بتحليل جواز أو عدم جواز تصوير النساء الإيرانيات وغير الإيرانيات بدون حجاب أو بحجاب رديء. ووفقاً لأحد أعضاء مجموعة فقه الفن والإعلام والاتصالات في مركز فقه أئمة قم، هناك أسباب مختلفة تشير إلى جواز تصوير النساء بدون حجاب أو بحجاب رديء. تفاصيل المحادثة مع هذا الأستاذ في الحوزة والجامعة هي كما يلي؛
نظراً لاختلاف الآراء بين الفقهاء بشأن حدود الحجاب، من ضرورة تغطية الوجه واليدين إلى عدم وجوب تغطية الرأس والرقبة، ما هو الحد المطلوب لارتداء الحجاب في الفنون المسرحية؟
السيد مير خندان: في قضية الحجاب وملابس المرأة، في رأيي، لا يوجد فرق بين الصور (بما في ذلك الصور الفوتوغرافية والأفلام) والملابس في العالم الخارجي؛ أي كما أن لباس المرأة في العالم الحقيقي محدد من منظور ديني، كما ينعكس في فتاوى المجتهدين، يجب مراعاة نفس الحدود في عالم الصور٠
ما حكم إظهار المرأة بدون حجاب في وسائل الإعلام؟ هل ينطبق هذا الحكم أيضًا على إظهار المرأة غير المحجبة؟ ما هو السبب في ذلك؟
السيد مير خندان: إذا قبلنا المقدمة القائلة بأنه في النظام الاجتماعي يجب أن تلتزم المرأة بحد الحجاب كمسألة اجتماعية، فإن هذه المسألة تنطبق أيضًا على الصور. كما ذكرت في الرد على السؤال السابق، لا يوجد فرق بين الصور الفوتوغرافية والأفلام والعالم الحقيقي في هذا الصدد. علاوة على ذلك، وفقًا لهذه المقدمة، تصبح قضية الحجاب مسألة قانونية يجب على الجميع اتباعها، وهي مسألة ضرورية ولا مفر منها؛ لذلك لم يعد الأمر مسألة فردية يريد شخص ما مراعاتها أو عدم مراعاتها، بل يجب على الجميع مراعاتها دون أي اعتبار٠
من الحجج التي تؤيد هذا الادعاء القاعدة التي تنص على أنه إذا ارتكب شخص فعلًا محرمًا في العلن وترتب على ذلك عقوبة، فإن الحاكم الإسلامي يمكنه معاقبته٠
يوجد سبب آخر هو حماية مصالح النظام. فمثلاً النظام الإسلامي يتطلب من الأفراد مراعاة قانون معين. وإذا لم نعتبر بقية الحجج مكتملة، فيمكننا اعتبار الحجاب قانونًا فرضه النظام الإسلامي، ملزمًا قانونًا، بناءً على هذه الحجة
في هذه الآية الله سبحانه وتعالى يقول:
«وَلَا یُبْدِينَ زِینَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُیُوبِهِنَّ وَلَا یُبْدِينَ زِینَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَیْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَیْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ». “وفي نهاية هذه الآية يحرم على المرأة أن تلمس الأرض بحيث يظهر خلخالها وزينتها الخفية، وهذا التعبير يستعمل عندما يحرم التزين الصوتي، والزينة البصرية محرمة شرعا بالدرجة الأولى، فضلا عن أن جسد المرأة نفسه يعتبر زينة، والآية القرآنية تحرم صراحة إظهار الزينة.
كما جاء في كتاب علل الشرايع رواية عن الإمام الرضا (ع) عن عبد الله بن سنان، حيث بينت سبب تشريع الحجاب.«حُرِّمَ النَّظَرُ إِلَی شُعُورِ النِّسَاءِ الْمَحْجُوبَاتِ بِالْأزْوَاجِ وَ غَیْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ لِمَا فِیهِ مِنْ تَهْیِیجِ الرِّجَالِ وَ مَا یَدْعُوا التَّهْیِیجُ اِلَی الْفَسَادِ وَ الدُّخُولِ فِیمَا لَا یَحِلُّ وَ لَا یَحْمِلُ [یَجْمُلُ] وَ کَذَلِکَ مَا أشْبَهَ الشُّعُورَ إِلَّا الَّذِی قَالَ ﷲُ تَعَالَی وَ الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِی لَا یَرْجُونَ نِکَاحاً فَلَیْسَ عَلَیْهِنَّ جُنَاحٌ أنْ یَضَعْنَ ثِیَابَهُنَّ غَیْرَ الْجِلْبَابِ وَ لَا بَأسَ بِالنَّظَرِ إِلَی شُعُورِ مِثْلِهِنَّ».”في هذا عيب، وهو ناتج عن الاضطراب والانفعال، فمن رأى الفساد ودخل مكاناً محرماً وفعل ظلماً؛ وفيه حكم غير الحكم غير ذلك. فإن رجت الزواج فلا إثم عليها، وإن ولدت ورجعت بزوجته فإنها تتزوج زواجاً سيئاً ولا تلبس غير ذلك. وفي مثل هذا عيب، مثلاً إن كان فيه زنا.
وفقاً لهذه الرواية فإن سبب تحريم النظر إلى شعر المرأة الذي يثير الشهوة موجود أيضاً في النظر إلى صور النساء من صور فوتوغرافية وأفلام، وبالتالي فإن حكم الستر في الخارج والصور لا يختلف.
هل يختلف الحكم إذا قام الممثلون الرجال بدور المرأة غير المحجبة أو غير المحجبة؟
السيد مير خندان: جوهر الموضوع هو تحريم تشبه الرجل بالمرأة. وأيضاً فإن التشبه يعني أن يظهر الرجل بصورة تجعل المشاهد يتخيل أن ذلك الشخص امرأة بالفعل. والسؤال الآن هل يحرم أيضاً تحقيق هذه الشبهه في الفيلم؟
هناك وجهان للإجابة على هذا السؤال. وجه يرى أنه لا فرق بين الأفلام وغير الأفلام؛ أي كما يحرم على الرجل أن يشبه المرأة، فإن حدوث مثل هذا الشبهه في الأفلام يحرم أيضاً، ولا يهم إن كان الشخص يلتزم بالزي الديني أم لا.
وجهة النظر الثانية هي أنه يحرم على الرجل أن يشبه المرأة في العالم الحقيقي، أما في عالم الدراما والسينما فالحكم مختلف. فوفقاً للوجه الأول، إذا قام الرجل بدور المرأة فلا يجوز ذلك عموماً، أما إذا قبلنا القاعدة الثانية فلا إشكال في ذلك شرعاً؛ لأن قصد الشارع هو المحافظة على التمييز بين الجنسين في العالم الحقيقي، أما في عالم الدراما الذي هو عالم مصطنع وخيالي فلا قصد من ذلك إلا إذا وجدت عناوين أخرى مفسدة، فحينئذ بناء على حكم ثانوي ودليل يصبح اللقب الجديد جائزا.
هل هناك فرق بين البث المباشر وغير المباشر للنساء وهن يظهرن حجابهن ونقابهن؟
السيد مير خندان: من حيث الصورة، يبدو أنه لا فرق بين البث المباشر وغير المباشر، كما ذكرنا في الرد على الأسئلة السابقة.
[1] . علل الشرائع، الشيخ الصدوق، اصدارات داوري، قم، المجلد الثاني، ص 565.
هذا الحوار جزء من المجلة الإلكترونية “أصول الفقه المسرحي”، والتي تم إنتاجها بالتعاون مع مدرسة فقه الفنون وموقع شبكة الاجتهاد.