آية الله أبو القاسم علي دوست:

صرح آية الله أبو القاسم علي دوست في يوم 24 من كانون الثاني في الملتقى العلمي “منهجية العلوم الإسلامية و ماهيتها وأبعادها وأعمالها وتحدياتها” والتي عقدها معهد البحوث الفقهية المعاصرة في قم، وجاء فيها أن الفلسفة ليست من العلوم الإسلامية، في حين أن أصل أصول الفقه وذريتها إسلامية، وقال: في الأساس ، أصول الفقه التي هي علوم إسلامية صحيحة، لكن العروض والنحو والبلاغة وغيرها كانت موجودة قبل الإسلام. ولذلك عندما نتحدث عن منهج العلوم الإسلامية، فإننا نعني منهج العلوم التي كانت موجودة في الحضارة الإسلامية.

لقد بين عضو مجلس أمناء معهد أبحاث الفقه المعاصر: إذا صح هذا القول فإن في الحضارة الإسلامية أيضا الرياضيات والطب والفيزياء والكيمياء، وفي هذه الحالة هي العلوم التجريبية والرياضيات، والعلوم الإنسانية المدرجة في هذه المناقشة وإذا ذهبنا أبعد من ذلك إلى العلوم الإنسانية مثلاً، فإن البعض يعتبر الاقتصاد أحد هذه العلوم، فيجب توضيح مهمة هذه الأشياء؛ وفي رأيي أنه إذا اعتبرنا العلوم الإنسانية الإسلامية هي العلوم الموجودة في الحضارة الإسلامية، ففي هذه الحالة سيتم النظر إلى العلوم الإنسانية الإسلامية بالمعنى الخاص، وبالطبع يكون تركيزنا على الفقه اولا.

أشار مدرس البحث الخارج في الفقه أننا أحيانا نتحدث عن الفقه كعلم وأحيانا يشار إلى عملية الاستدلال فيه، وهذه المسألة تختلط أحيانا ويقصد البعض الحديث عن علم الفقه ولكنهم يخلطون بينه بعملية الاستدلال، وأضاف: توجد مسألة أخرى هي طبيعة وأبعاد منهجية العلوم الإسلامية. وفي بعض الأحيان نلقي نظرة وجودية وفلسفية على منهجية العلوم الإسلامية، مما يعني أن الفلسفة مضافة ولا تنوي النظر إلى المشكلة بطريقة أيديولوجية وكسرية.

اضاف آية الله على دوست: من أراد تحليل منهج الفقه، فالمنهجية تكون اجتهادا أو فقها، أما إذا قصد تحليل ما هي عليه، يصبح عنده نقاشا فلسفيا، وفي الحقيقة تحليل ما كان وما يكون. و سيتم تحليلها، على الرغم من أنه من الممكن عدم الحكم بذلك.

اهتمام الشهيد مطهري بالمنهجية

اشار أستاذ الحوزة أن الشهيد مطهري يشرح في بعض كتاباته العلوم الإسلامية من كلام وتصوف وأنواع من الفلسفة وغيرها، وقال: لم يتناول هنا معياريا وعقائديا، لكنه تناول وله أيضاً منهجية وما معنى المنهجية، وقد تمت مناقشة أبعاد الفلسفة وأنواعها و…، لكن أحيانًا ينظر الناس إلى بعض العلوم بنظرة معيارية وقيمية، فيقعون في الحكم ويحكمون، وبالتالي لم تعد المسألة منهجية.

صرح سماحته: عندي كتابان في المنهج، تناولت في الأول منهما الملاحظة والمقارنة بين مدارس الاجتهاد؛ وقد ناقشت في هذا الكتاب وجهة النظر المعيارية بحيث تؤخذ بعين الاعتبار الأضرار ونقاط القوة الموجودة، أما في الكتاب الآخر فقد كانت وجهة النظر الأنطولوجية هي السائدة.

اشار على دوست ذكرى عن الأعمال المنهجية وأضاف: في الخمسينيات، عندما كنت أقوم بتدريس المكاسب لبعض الأساتذة، رأيت أن الشيخ في جزء من المكاسب يعرض حجج الأطراف ويرفض رأيًا واحدًا وأخيراً أعطى رأيه. الرأي، يطلق ويكرر استخدام مصطلح “الأنصاف” وبالطبع موقف الشيخ لا يسمح بمهاجمة الشيخ الأنصاري، على سبيل المثال، أعطى عدة أسباب بخصوص التجسيم. لو سألنا الأساتذة عن سبب ذلك لن يكون لديهم إجابة، لكنني عندما مضى بعض الوقت وتعرفت أكثر على هذا الصنف، أدركت أن هذه المشكلة سببها منهجيته، وإذا عرفناها، لن نلومه مرة أخرى..

قد اشارآية الله على دوست أنه ليس هناك مسألة اعتبرها الشيخ إجماعا، وقال: ولهذا قال بعض العلماء: نسي ما ذكره الشيخ في الأصول من الإجماع، أي قال شيئا في الأصول في الليل ونساها غدا، في حين أن هذا غير صحيح وطريقة الشيخ منطقية؛ طريقته ليست مدرسة ولا يفكر رياضيا، ولكنه جمع الشبهات ومن خلال ذلك يصل إلى الإجماع وعندما يصل إلى الإجماع يصدر فتوى، فيعتبر الإجماع عديم الفائدة من حيث المبدأ، ولكن إذا يريد أن نكون معًا في نظام دائري، فهو لا يتجاوز الإجماع.

وذكر أستاذ الحوزة أن الشيخ دخل المناقشات بشكل منهجي، وأضاف: إذا أراد أحد أن ينتقد الشيخ الأنصاري وآية الله الخوئي وغيرهما، فلكل واحد منهم منهجه الخاص؛ والذي يقول إن الشهرة ليست حجة وإذا وضعت بجانب الأخبار الضعيفة فلا فائدة منها، أما صاحب كتاب الجواهر فيعتبر الشهرة وثيقة ضعيفة ويقدم لها بعض الادلة. وهذا يدل على أن أحدهما يقف على قمة جمع الشبهات، والآخر يقف على قمة الفقه الرياضي ولم ير كبيرها وصغيرها.

ضعف الطريقة

تابع سماحته قائلا: بعض علمائنا غيرمتمكنين لقلة الأساليب الصحيحة، فأحياناً يكونون ضد المقاصد تماماً، لكن في حالة الربا يصبحون مقصودين تماماً، وكأن نصوص الإسلام كلها تخدم مقاصد الشريعة. ولدينا هذا السؤال: إذا كانت النية تلعب دوراً، فلماذا يعتبر في بعض الحالات في عين الاعتبار؟ ولذلك، هناك عملان يتعلقان بالمنهجية؛ الأول هو أن البشر يمكن أن يحكموا على أعمال الآخرين، والآخر هو أن رأينا الخاص يأتي محل إجماع، وليس الأمر كذلك، مثل الشيخ المفيد وغيره، فبينما نكون عقلائيين، نصبح فجأة موجهين للأخبارية في قضية ما؛ وحتى الآن لدينا من يتكلم بعقلانية ولكنه يفتي بالأخبارية.

اشار آية الله علي دوست أنني أدرجت في كتابي أعمالا أخرى للمنهجية، وأضاف: نحن عادة نضع الأخبارية كمفسر للقرآن، أما في الفقه فهو عكس ذلك، أي أن الروايات هي مفسرة للآيات. ، والآيات نفسها هي المفسرة لنفس الروايات، وأنا أستخدمها كثيراً، وقد ناقشت هذا الموضوع كثيراً؛ وقد أوردت حديث محمد بن مسلم أدناه “من يشتري…” مفسرا للقرآن، ونفس الآية أيضا تفسير لهذه الرواية، فهذا أيضا منهج و يسمى علم التفسير.

التحديات المنهجية

أشار آية الله على دوست إلى التحديات التي تواجه المنهجية، وأضاف مدرس البحث الخارج في الحوزة: التحدي الأول هو التكرار؛ أي أنهم يعتبرون شيئا من قبيل المنهجية زخرفيا وغير ضروري، ويقولون هل عرفت جهة معينة أو جهات سابقة هذه الأشياء التي أصبحت مراجع؟ هذا على الرغم من أن الإفراط في المنهجية، في رأيي، يؤذينا كثيرًا.

أضاف سماحته عضو مجلس أمناء معهد دراسات الدراسات الفقهية المعاصرة: البساطة هي أيضا من التحديات الأخرى، أي أنه قد لا يعتبر المنهج زائدا عن الحاجة، لكنه يراه بسيطا. هل يعتقد أحد أن الحديث عن الفقه المعاصر زائد عن الحاجة؟ بالطبع لا. إن أجواء الساحة تتجه نحو الفقه المعاصر، لكن هناك تحدي تبسيطه، وهذه البساطة يمكن أن تحمل لنا مخاطر كثيرة.

شرح آية الله علي دوست آن الفقه المعاصر يحتاج إلى خطاب، وليس مجرد محاضرة بموضوع محدد، وطبعا عرض ذو وجهين من قبل أستاذ الذي نسميه الفقه المعاصر. لقد قلت مرات عديدة أن أستاذ هذا المجال، عندما يتحدث عن فقه البورصة والعملات المشفرة، وما إلى ذلك، يجب أن يكون بجانبه خبير في هذا الموضوع، وليس أن يتولى مسؤولية ذلك بنفسه ويقوم بالمواضيع باستخدام الإنترنت؛ وهذا الأسلوب ليس من الفقه المعاصر.

Leave a Reply