صرح عضو مجلس البحوث بمعهد الدراسات الفقهية المعاصرة بانه يجب على الفقه الإسلامي أن يتكيف مع قضايا العصر لأن جميع الأنظمة القانونية لها تطور تاريخي وتأخذ في الاعتبار قضايا العصر.
عقد معهد الدراسات الفقهية المعاصرة، اليوم الأحد 15، بهمن 1402/ فبراير 2024، لقاء بعنوان “أسلوب تحويل المقترحات الفقهية إلى مواد قانونية”.
لقد القى محمود حكمت نيا عضو مجلس البحوث في معهد البحوث الفقهية المعاصرة كلمة في هذا اللقاء، ويمكن للقاريء الكريم ان يقرأ مقتطف من كلمته أدناه:
في النظام القانوني الإيراني، اعتمدنا هيكلًا بعد الثورة مفاده أن لدينا قانونًا موضوعيًا. ولم يرد في الدستور أن نحول الفقه إلى بيان قانوني، بل تمارس الحكومة السيادة بما يتماشى مع حقوق الشعب وفي إطار النظام السياسي. لذلك، المهم في الدستور شرعية القوانين، وليس أن تكون الحكومة ملزمة بتحويل الاجتهاد القضائي إلى مقترحات قانونية.
يوجد وجهان لتحويل القضايا الفقهية إلى قضايا قانونية
لتحويل المقترحات الفقهية إلى مواد قانونية، هناك جانبان إجرائي ونظري. علينا أن نناقش جانب العملية الذي وافق عليه مجلس صيانة الدستور والجانب النظري. ولتسهيل العملية التشريعية، يمكننا تحويل إنجازاتنا الحضارية في المجال القانوني إلى قانون. هذه مهمة بسيطة كما أنها تسهل الطريق لأنه تم إجراء استنتاجات منطقية عبر التاريخ، وعلى سبيل المثال، هناك العديد من الحجج في مجال المبيعات والمعاملات التي يمكن استخدامها.
في الأنظمة القانونية، لكي يكون النظام القانوني مفهومًا ومعقولًا، يجب مراعاة الجانب المعرفي والحوكمة السياسية للنظام القانوني. والمقصود بالسيادة السياسية هو أنه يقال، على سبيل المثال، إنه من المفترض أن يُكتب قانون لإطار النظام السياسي والإقليمي في إيران. وبطبيعة الحال، لا ينبغي الخلط بين السيادة والجماعة السياسية، لأنه في الجماعة لا تؤخذ في الاعتبار إلا مصالح الجماعة، أما في الحكم السياسي لبلد ما، هناك اختلافات واختلاف في الرأي واختلاف الأديان. ولذلك يحتاج هذا النظام إلى قواعد تأخذ في الاعتبار نسبة الأشخاص والأرض والجنسية والقيم الأخلاقية.
هل للإسلام نظام قانوني؟
هناك بعض الطروحات والقواعد الأساسية في القانون متوفرة أيضا في الفقه، ولكن هناك أيضا بعض الطروحات مثل حرية التعبير وحرية الصحافة التي لا وجود لها في الفقه تحت هذا العنوان بالضبط. ولذلك لا بد أن نطرح سؤالا أمام الفقه، هل تقبل المؤسسة حرية التعبير أو حرية الصحافة أم لا؟ وفي هذا السياق، نحتاج إلى إجابات عقلانية. كما ينبغي أن نبين خصائص القضايا الفقهية، وخصائص القضايا الشرعية، ثم نقول ما هي متطلبات تحويلها؟
فمثلاً، الفقهاء في كثير من الأحوال، لعدم وجود أدلة كافية للفتوى، يحكمون بالحذر. والسؤال هنا: كيف يمكن تحويل هذه التحذيرات إلى مقترحات قانونية؟ ولذلك، في رأيي، ينبغي أن نضع نصب أعيننا دائمًا طريقة تحويل القضايا الفقهية إلى قضايا قانونية. ولكن هناك أيضا مسألة كيفية إثبات ضرورة هذه الطروحات الفقهية. على سبيل المثال، في مجال الحجاب، رغم عدم وجود جدل حول ما إذا كان جيدا، فإن السؤال هو هل إذا لم ترتدي المرأة الحجاب هل يسبب ضررا شرعيا أم لا؟ أي هل يمكن أن نحول ذلك إلى قاعدة شرعية مفادها أن من لم تلبس الحجاب يجب معاقبته؟ ولذلك فإن هناك بعض المسائل الفلسفية العميقة التي يجب أخذها بعين الاعتبار لتحديد جوهر القواعد القانونية والتمكن من حلها.
مسألة أخرى هي ما إذا كان الإسلام لديه نظام قانوني أم لا. أعتقد أن الإسلام لديه نظام قانوني يسمى الفقه. كما أن هذا الفقه يجب أن يتكيف مع قضايا العصر لأن جميع الأنظمة القانونية لها تطور تاريخي وتأخذ قضايا العصر بعين الاعتبار.
ضرورة الاهتمام بضمان تطبيق النظام القانوني
حجة الإسلام والمسلمين علي رضا بيرزماند؛ وانتقد أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة الدفاع الوطني العليا المواد المقدمة، يمكنكم قراءتها أدناه:
أعتقد أنه يجب أولاً جعل الموضوع أكثر تحديدًا وتركيزًا، ويجب النظر في ضمان تنفيذ النظام القانوني في قلب هذا النظام. شيء آخر هو أن النظام القانوني مناسب عندما تنوي الحكومة التدخل وتنفيذ القوانين القانونية. ولكن لجعل الوضع أكثر تحديدًا، يجب أن نضع في اعتبارنا أنه في مكان ما، ربما أصبحت القاعدة الفقهية قاعدة قانونية، لكن الحكومة ليس لها أي دور فيها؛ على سبيل المثال، يقال في الفقه الإسلامي أن المهر هو مسؤولية العاقل، لكن اليوم، مع انتشار التأمين، لم يعد هذا القانون ذا أهمية كبيرة، وقد ضمنت الحكومة نفسها دفع المهر من خلال إنشاء تأمين.
لكن في بعض الدول الإسلامية كالعراق لا تزال تمارس وفق هذا الحكم التقليدي، ولا يدخل فيها التأمين والحوكمة. ولذلك، ليس من الضروري إلزام النظام القانوني بضرورة تدخل الحكومة فيه. ونقطة أخرى هي أننا عندما نتحدث عن تحويل القضايا، يجب علينا أولا أن نطرح سؤال ما هي النسبة بين الفقه والقانون التي هي افتراضنا للحديث عن التحويل. فهل نعتقد أن القانون في الأصل مسألة عرف ما لم يدخله الفقه، أو أن القانون هو مسألة فقه ما لم يسند الفقه العرف في مكان ما؟ مثل هذه الآراء تغير الوضع تماما.
وإذا قيل: يجب استخدام الفقه في النظام القانوني، فيجب أن نحدد هل المقصود أن الفقه دليل أم شيء أكثر من ذلك. ولذلك، ينبغي تحديد العلاقة بين الفقه والقانون بشكل جيد. مشكلتنا في تحويل القضايا الفقهية إلى قضايا قانونية تأتي من أننا، من ناحية، لدينا بعض الأحكام في كتبنا الفقهية، ومن ناحية أخرى، في التجربة العالمية، فإن المبدأ هو أن النظام القانوني يقوم على جمارك. وقبل الثورة الإسلامية، تطور نظامنا القانوني أيضًا على هذا الأساس.
مفهوم النظام القانوني
ويثار النظام القانوني في مكان نحدد فيه حدًا للناس ونقول إذا تجاوزت هذه الحدود فقد فقدت حقوق الآخرين؛ على سبيل المثال، يقال إن رجل الأعمال يمكنه استيراد السيارات الأجنبية بقدر ما يريد، ولكن يجب عليه دفع مبلغ معين من الضرائب للمشرع، وإلا فسيتم معاقبته. وفي هذه الحالة يحق لكل من المستورد والمستهلك والحكومة، ولكن السؤال هو، ما هي العلاقة بين الفقه وبين هذه الأنواع من القوانين، وهي شديدة التنوع؟ هذا سؤال جوهري ينبغي النظر فيه. أعتقد أن هناك فرضيتين هنا. إحدى الفرضيات هي القول بأنه ليس من المفترض أن يعبر الفقه عن جميع العلاقات القانونية، ولكن يجب أن نعطي سلطة للفقه في إطار الشريعة.
والافتراض الثاني هو أن العرف يجب أن يلعب دورا في إطار الفقه حتى يمتد الفقه في مختلف الأزمنة والأمكنة وتغير الأحوال، ولكن هذا العرف الذي نتحدث عنه ليس عرفا حرا يعمل على أساس المصلحة فقط، بل إنها عادة شرعية تقول إننا لكي نتوسع في الفقه ونبني حضارة مبنية على الفقه نحتاج إلى سلسلة من القوانين الدنيا التي ليست بالضرورة منصوص عليها في الفقه. وفي رأيي أن الحالة الثانية هي الأفضل، رغم أنها بعيدة عن عقلية محامينا. وفي هذا الافتراض يجد تحول الفقه إلى قضايا قانونية معناه الخاص، ولم يعد الفقه قدرة على إنتاج قواعد قانونية، ولكن لأن الفقه، أو الفقه الكبير، يقف على رأس المجتمع، فلا بد بطبيعة الحال أن يكون له شمولية. أنها يمكن أن تغطي مجموعة العلاقات القانونية ولا يبقى تحت مظلتها شيء.