ربما إذا قلنا إن فقه الإعلام هو أحد أكثر أبواب الفقه المعاصر غموضًا، لم نكن مبالغين. وربما إذا قلنا إن تصور المعرفة في فقه الإعلام يفوق غيره من أبواب الفقه المعاصر، لم نكن قد أتينا بقول بعيد عن الصواب. فقه الإعلام ينتمي إلى فئة الأمور السهلة والممتنعة؛ ففي البداية يبدو واضحًا وجليًا لدرجة أن تعريفه وبيان متطلباته يبدو سهلاً للغاية، ولكن عندما نصل إلى بيان اختلافاته عن الأبواب المشابهة وأبعاده غير المعلنة، يصبح الأمر صعبًا لدرجة يبدو معها تعريفه وتبيينه بدقة أمرًا ممتنعًا.
يتميز فقه الإعلام بتداخل كبير مع أبواب مثل فقه الفن، فقه الثقافة، وفقه الفضاء الافتراضي. وقد تم اقتراح حلول متنوعة لهذا التداخل. في المقابلات القادمة، اعتبر البعض أن هذه الأبواب تختلف من حيث المنظور؛ فالفن ينظر إلى المسائل من زاوية الجماليات، والإعلام من زاوية نقل الرسالة، والثقافة من زاوية أسلوب الحياة والعادات والتقاليد، والفضاء الافتراضي من حيث البيئة السيبرانية التي تحدث فيها الأحداث. وأرجأ البعض الآخر الإجابة إلى وقت لاحق عندما تتسع أدبيات هذه الأبواب الفقهية وتصبح حدودها واضحة، بينما اكتفى آخرون ببيان كليات. إذا سألتني، سأقول لك إن بعض المسائل في هذه الأبواب لا يمكن فصلها بأي وسيلة معرفية. مسائل مثل العلاقة العاطفية بين رجل وامرأة غير محرمين في العرض الدرامي، هل تندرج تحت فقه الفن أم فقه الإعلام؟ هل نُظر إلى هذه المسألة من حيث “الجماليات” أم من حيث “نقل الرسالة”؟ الجواب هو: من كلا الحيثين! إنهم يقومون بفعل يندرج تحت نشاطهم الفني وفي الوقت نفسه ينقلون رسالة إلى الجمهور. إجابتي على هذه المسألة، في الحالات التي لا تكون فيها “الحيثيات” مفيدة، هي الالتزامات الإدارية. كما أن الفقهاء تناولوا أحكام السفر التي تؤثر على الصلاة والصوم في باب الصلاة، وأحالوا قراء كتاب الصوم إلى ذلك الباب، يجب هنا أيضًا أن تُسند هذه الأسئلة بقرار إداري إلى أحد هذين البابين، مع الإشارة في الباب الآخر إلى إدراجه في ذلك الباب.
فقه الإعلام، بقدر ما هو مؤثر، يحمل أبعادًا وجوانب غير معلنة. ولهذا السبب، خصصنا هذه المجلة لبيان الكليات وأبعاد فقه الإعلام الكبرى.
في الفصل الأول من هذه المجلة، ناقشنا ماهية فقه الإعلام واختلافه عن الأبواب المشابهة، وقد ألقينا نظرة مختصرة عليه أعلاه. أستاذ درس خارج فقه الإعلام في الحوزة العلمية بطهران، وأستاذ فقه الإعلام في كلية الإذاعة والتلفزيون، وباحث في فقه الإعلام في الحوزة العلمية بمشهد، تناولوا هذا الموضوع في حوارين ومقال.
يتحدث الفصل الثاني عن العناوين الرئيسية وشبكة المسائل في فقه الإعلام لاستكشاف أبعاده كباب فقهي بشكل أعمق وأكثر جدية. أستاذ كلية الاتصالات في جامعة الإمام الصادق ونائب العميد التعليمي لمدرسة فقه الفن، عبّرا عن آرائهما حول هذا الموضوع في حوار ومقال.
قواعد فقه الإعلام تبدو في النظرة الأولى موضوعًا أصعب من تعريف فقه الإعلام، لكن رئيس معهد دراسات الفقه المعاصر ورئيس لجنة الفنون والصناعات الإبداعية في مركز بحوث المجلس، قدّما تبيينًا وتدقيقًا لهذا الموضوع بما يتجاوز توقعاتنا. الأول تناول الكليات ومتطلبات قواعد فقه الإعلام، بينما شارك الثاني حوالي ٢٠ قاعدة مهمة وغالبًا مبتكرة في فقه الإعلام مع قراء هذه المجلة.
تُعد تحديات فقه الإعلام أحد أكثر فصول هذه المجلة جاذبية. عبر كل من المدير السابق لمجموعة الفقه في مركز البحوث الإسلامية للإعلام، ورئيس هذا المركز، ومدير مدرسة فقه الفن، عن هذه التحديات من وجهة نظره.
في النظرة الأولى، قد يُعتقد أن منهجية فقه الإعلام، مثل منهجية الأبواب الفقهية الأخرى، لا تحمل أكثر من كليات حول الفقه المعاصر، لكن الأستاذ علي نهاوندي، أستاذ درس خارج فقه الإعلام، وحجة الإسلام محمد عشايري، الذي يبحث في مجال المنهجية منذ سنوات، قدما نقاطًا لم تُطرح كثيرًا في هذا السياق، مما جعل حوارهما جديرًا بالقراءة. كما شارك خريج دكتوراه في الاتصالات ومستوى ٤ في الحوزة آراءه حول منهجية فقه الإعلام في مقال.
يناقش الفصل السادس أبعاد فقه الإعلام الدولية والمزايا التنافسية لفقه الإعلام الإسلامي للتواجد في الساحة الدولية. كان الدكتور راعي، أستاذ القانون الدولي في جامعة نجف آباد، والدكتور قانع، عضو هيئة التدريس في كلية الاتصالات بجامعة الإمام الصادق (ع)، من أفضل الأشخاص الذين تم اختيارهم للحوار حول موضوع هذا الفصل. كما أضاف عضو هيئة التدريس في كلية محلاتي بقم آراءه إلى وجهات نظر هذين الأستاذين في مقال.
مبادئ ومقدمات فقه الإعلام هي عنوان الفصل السابع، الذي تم تناوله في حوارين ومقال.
المستقبليات هي قسم ثابت في المجلات الإلكترونية لمعهد الفقه المعاصر، ولم تكن هذه المجلة استثناءً. عبر حجة الإسلام محمودي ومدير مدرسة فقه الفن، في حوار ومقال، عن توقعاتهما لمستقبل فقه الإعلام، وهما توقعان يختلفان كثيرًا عن بعضهما.
يتناول الفصل الأخير، وفقًا لتقليد المجلات الإلكترونية للمعهد، تاريخ فقه الإعلام. يشمل هذا الفصل فهرس المقالات الفقهية حول الإعلام، فهرس المقالات القانونية حول الإعلام، تقريرًا عن كتابين مهمين في فقه الإعلام، ببليوغرافيا فقه الإعلام، وتقريرًا عن أهم الدروس التي عُقدت في فقه الإعلام.
إضافة إلى المحتوى أعلاه، تم إدراج مقالين مقتبسين يتعلقان بموضوع المجلة لزيادة غنى المحتوى المعرفي للمجلة.
في النهاية، تسعى هذه المجلة إلى مناقشة أبعاد فقه الإعلام الكلية بنظرة من الدرجة الثانية، وتكون خطوة أولية لأبحاث جادة ومستمرة في هذا الباب المهم والمؤثر من الفقه المعاصر.