الجلسة العلمية لمعهد دراسات الفقه المعاصر حول العدالة والثقافة العامة

تناولت الجلسة 55 من "أيام الأحد المنهجية"، التي قدمها حجة الإسلام الدكتور مهدي شجريان وناقشها حجة الإسلام والمسلمين حسن علي علي أكبريان، التحديات المتعلقة بالعقلانية والمعايير الدينية في المجتمع المعاصر.

عقد معهد دراسات الفقه المعاصر، بالتعاون مع مكتب تطوير وتمكين العلوم الإسلامية التابع لمكتب التبليغ الإسلامي، الجلسة 55 من دورة صيف "أيام الأحد المنهجية" تحت عنوان "تأثير نظرية العدالة في منهج تحويل المعارف الإسلامية إلى ثقافة عامة". ناقشت الجلسة، التي حضرها أساتذة بارزون من الحوزة والجامعة، تحديات العقلانية الفقهية والفجوة بين المعايير الدينية والثقافة العامة، وقدمت حلولاً نظرية لسد هذه الفجوة.

إشارة: جلسة “أيام الأحد المنهجية”، التي ينظمها معهد دراسات الفقه المعاصر ومكتب التبليغ الإسلامي بشكل دوري، ركزت هذا الأسبوع على دور نظرية العدالة في نقل وتحويل المعارف الإسلامية إلى ثقافة عامة، متناولة إحدى القضايا الرئيسية والمعاصرة في العلوم الإسلامية. ركز حجة الإسلام والمسلمين الدكتور مهدي شجريان في عرضه على مفهومي العقل والعدالة، وناقش التحديات المنهجية في استنباط الأحكام الاجتماعية، فيما قدم حجة الإسلام والمسلمين حسن علي علي أكبريان، كناقد، وجهات نظر مختلفة وانتقاداته.

عقد معهد دراسات الفقه المعاصر، بالتعاون مع مكتب تطوير وتمكين العلوم الإسلامية التابع لمكتب التبليغ الإسلامي، يوم الأحد ٣٠ أغسطس ٢٠٢٥ الجلسة ٥٥ من دورة صيف “أيام الأحد المنهجية” تحت عنوان “تأثير نظرية العدالة في منهج تحويل المعارف الإسلامية إلى ثقافة عامة”.

افتتح حجة الإسلام والمسلمين حقاني فضل، أمين الجلسة، اللقاء بتقديم التعازي بمناسبة ذكرى شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ثم قدم تعريفاً وشرحاً لموضوع الجلسة المتخصصة. وقد قدم العرض حجة الإسلام والمسلمين الدكتور مهدي شجريان، أستاذ مساعد في قسم دراسات العدالة الاجتماعية بمعهد العلوم والثقافة الإسلامية، حيث أشار في البداية إلى اتساع وأهمية نظرية العدالة في العلوم الإسلامية، مؤكداً أن الموضوع سيتم تناوله في هذه الجلسة بشكل أكثر تخصصاً وتركيزاً.

أشار الدكتور شجريان إلى أحد التحديات الأساسية في المجتمعات المعاصرة، وهي الفجوة العميقة بين المعايير الفقهية، خاصة الأحكام الاجتماعية، والثقافة العامة. وأوضح أن هذه الفجوة ليست خاصة بمجتمع معين، بل هي نتاج تعقيدات العالم الحديث.

وأضاف حجة الإسلام والمسلمين شجريان أن أحد العوامل الرئيسية لهذه الفجوة هو الاختلاف في النظر إلى العقل في الفقه واستنباط الأحكام الشرعية. ففي الفقه الإسلامي، يُستنبط العقل “المحدود” بقطعية وكلية، بمعنى أن العقل يجب أن يحكم في العناوين العامة مثل العدالة والظلم، ولا يمتلك القدرة على اتخاذ القرارات في المصاديق التفصيلية والمصالح الواقعية. وأشار إلى أن هذا العقل المحدود يقيد قدرة تحويل المعايير الفقهية إلى ثقافة عامة.

من وجهة نظره، أحد العوامل الرئيسية لهذه الفجوة هو الاختلاف في النظر إلى العقل في الفقه واستنباط الأحكام الشرعية. ففي الفقه الإسلامي، يُستنبط العقل “المحدود” بقطعية وكلية، بمعنى أن العقل يجب أن يحكم في العناوين العامة مثل العدالة والظلم، ولا يمتلك القدرة على اتخاذ القرارات في المصاديق التفصيلية والمصالح الواقعية. وأشار إلى أن هذا العقل المحدود يقيد قدرة تحويل المعايير الفقهية إلى ثقافة عامة.

اقترح الدكتور شجريان، لحل هذه المشكلة، الانتقال نحو العقل “الواسع”، وهو عقل قريب من القطعية النفسية وقادر على إصدار الأحكام في المصاديق التفصيلية. وأعرب عن اعتقاده بأن العقل الواسع يمكن أن يكون ضامناً لتحويل المعايير الفقهية إلى ثقافة عامة، ولكن يجب إثبات حجيته.

واقترح لإثبات حجية العقل الواسع ما يلي:

  1. الدليل العقلي: العقل بطبيعته حجة، ولا يمكن نفيه إلا بدليل أقوى.
  2. الدليل النقلي: القرآن والروايات تؤكد على أهمية العقل وحجيته.
  3. دليل سيرة العقلاء: التجربة التاريخية تظهر أن العقل له دور مقبول ومعتمد في تحديد المعايير الأخلاقية والسلوكية.

وفي جزء آخر من الجلسة، طرح الدكتور شجريان نقاشاً مهماً حول معيار العدالة، وسأل: هل معيار العدالة “شرعي” أم “عرفي” أم “واقعي”؟ وأشار إلى وجهتي نظر:

  • وجهة نظر العدالة الشرعية: تُعرف العدالة وفق النصوص الشرعية.
  • وجهة نظر العدالة العرفية: تُعرف العدالة وفق فهم العرف في الزمان والمكان.

تحويل المعيار الديني إلى معيار اجتماعي: وجهتا نظر

في الجزء التالي، قدم حجة الإسلام والمسلمين علي أكبريان نقداً وتحليلاً لوجهة نظر الدكتور شجريان. وأعرب عن اعتقاده بأنه لا ينبغي السعي لإعادة صياغة المعايير الدينية وفق الفهم الاجتماعي الحالي للناس، بل يجب تعريف الناس بالمعايير الدينية من خلال التفسير والتبليغ والحوار، والعمل على تقريب المعايير الاجتماعية من المعايير الدينية.

وأوضح حجة الإسلام والمسلمين علي أكبريان، كناقد، مفهوم “قاعدة الملازمة”، مشيراً إلى أن العقل في الفقه يجب أن يحكم بقطعية وكلية حتى يكون حكمه نافذاً. وهذه القاعدة تحد من قدرة العقل المستقل في الفقه الإسلامي، مما يجعل العقل المستقل يفتقر إلى القدرة اللازمة لتفسير وتغيير الثقافة العامة.

وفي ختام حديثه، ذكّر بأن إحدى المشكلات في تقديم المواد العلمية هي الاعتماد على مصطلحات غير مألوفة، مما يؤدي إلى عدم قبول المشاريع البحثية والدراسات.

Source: External Source