إشارة: إن سن القوانين المتعلقة بالفضاء الافتراضي مهما كان صعبًا، فإن تنفيذ هذه القوانين، إن لم يكن أصعب، فليس أسهل بالتأكيد. يتطلب تنفيذ القوانين المتعلقة بالفضاء الافتراضي، إلى جانب الخبرات الفنية اللازمة، مراعاة الأبعاد الاجتماعية والثقافية للقانون أيضًا. قد تؤثر الملاحظات التنفيذية لقانون ما أحيانًا على القانون نفسه وتؤدي إلى تغييره. تحدثنا حول الأبعاد المختلفة لتنفيذ القوانين في الفضاء الافتراضي مع الدكتور عابدين مؤمني، عضو هيئة التدريس بجامعة طهران. يرى أستاذ مجموعة الفقه ومبادئ القانون بجامعة طهران أنه لا ينبغي إقرار أي استثناءات فيما يتعلق بتنفيذ القوانين، وأن مخالفة القوانين غير مشروعة للجميع، بما في ذلك المسؤولون. واعتبر أحد أمثلة ذلك هو حضور المسؤولين في المنصات المحجوبة، وهو ما يراه غير صحيح. تفاصيل الحوار الخاص مع الفقه المعاصر مع هذا الأستاذ والباحث المخضرم في الفقه تأتي كالتالي:
الفقه المعاصر: هل هناك ملاحظات فقهية لتنفيذ القوانين المتعلقة بالفضاء الافتراضي؟
مؤمني: الفقه يتناول أفعال المكلفين، أي أن موضوعه هو أفعال المكلفين التي يجب على الفقه بيان حكمها. لذلك، لا يُحدث فرقًا ما إذا كانت هذه الأفعال تتم في الفضاء الحقيقي أو في الفضاء الافتراضي. سواء قام الإنسان بفعل ما في العالم الحقيقي أو في عالم آلي ومؤتمت يُطلق عليه اسم “الافتراضي”، فلا فرق في المسألة.
كلمة «الافتراضي» هي نوع من الاصطلاح تم وضعه بدلاً من الآلي والمؤتمت، بينما تتم الأنشطة في الفضاء الافتراضي بواسطة أشخاص حقيقيين، وبالتالي فإن كلمة «افتراضي» لا تنطبق عليه.
الفقه المعاصر: هل يمكن أن نأمل في تنظيم الفضاء الافتراضي بقوانين مع وجود فتاوى تضع تفصيلات وقيودًا على الالتزام بالقوانين الحكومية ولا تجعلها واجبة بشكل مطلق؟
مؤمني: في رأيي، يجب قبول القانون بشكل مطلق. إن وضع قيود وتفصيلات على وجوب الالتزام بالقوانين يُعد في الحقيقة رفضًا لسيادة القانون ونوعًا من الالتفاف عليه، مثل ما يحدث في الحيل الشرعية في قضايا مثل الربا. في الربا القرضي، على سبيل المثال، يقوم البعض ببيع علبة كبريت بسعر مرتفع بشكل صوري للطرف الآخر لتشريع أخذ الربح منه. كما أن الحيل الشرعية تُعد في الحقيقة التفافًا على حكم الله وتؤدي إلى إلغائه، فإن عدم قبول الالتزام المطلق وغير المشروط بالقانون يؤدي عمليًا إلى الفوضى والالتفاف على القانون.
الفقه المعاصر: من الناحية الفقهية، إذا اعتبر منفذ القانون أن قانونًا ما يتعارض مع الشرع أو فتوى مرجع تقليده، هل يمكنه الامتناع عن تنفيذه؟
مؤمني: أعتقد أنه في المسائل الحكومية، فإن أوامر ولي الفقيه ملزمة. إذا كان من المفترض أن يعمل كل شخص في هذه القضايا ذات الطابع الاجتماعي والحكومي وفقًا لفتوى مرجع تقليده، فإن البلاد ستواجه الفوضى وسيسود انعدام القانون. لذا، لمنع الفوضى والحفاظ على النظام الاجتماعي، من الضروري أن يعمل الجميع وفقًا لفتوى شخص واحد، وهو ولي الفقيه. أما في المسائل الفردية والشخصية التي لا تتطلب وحدة نهج بين المسلمين أو المواطنين، فلا يوجد التزام طبعًا بالالتزام برأي شخص واحد، ويمكن لكل فرد أن يعمل وفقًا لفتوى مرجع تقليده، كما كان الحال حتى الآن.
الفقه المعاصر: من الناحية الفقهية، ما حكم عدم التزام منفذي القانون والمسؤولين في البلاد بالقوانين المتعلقة بالفضاء الافتراضي، مثل استخدام المنصات المحجوبة؟
مؤمني: عندما يتم حجب شبكة اجتماعية قانونيًا وتمنع الحكومة التواجد فيها، فمن الطبيعي ألا يدخلها أحد، ولا فرق في هذا الأمر بين المسؤولين الحكوميين وباقي المواطنين. أعتقد أن هذا الفعل ليس جائزًا فحسب، بل يجب على السلطة القضائية أن تكون حساسة تجاهه وتتعامل مع المخالفين قانونيًا دون تردد أو تأخير.
ومن ناحية أخرى، من الضروري أن يتم التعامل مع مسألة الحجب بدقة وحنكة؛ هل من الضروري حقًا حجب شبكة اجتماعية معينة؟ وإذا تم حجبها، هل ستكون هناك فائدة، أم أن عدم الأمان سيظهر بشكل أكثر شدة من خلال برامج كسر الحجب؟ هذه مسألة يجب على الحكومة والبرلمان التعامل معها بدقة.
وهناك نقطة يجب ذكرها، وهي أنه حتى لو قامت الحكومة بحجب منصة ما بشكل خاطئ، فإن خطأ هذا الإجراء لا يعني جواز عصيان القانون والتواجد في تلك المنصة؛ لأن القانون الخاطئ هو قانون أيضًا، وإذا كان من المفترض أن يقرر كل فرد صحة أو خطأ القوانين بنفسه ويعمل بناءً على ذلك، فإن ذلك سيؤدي إلى الفوضى. لذلك، عندما قلت إن على الحكومة والبرلمان التعامل بدقة مع صحة أو خطأ حجب منصة ما، فهذا لا يعني أنه إذا رأى شخص ما أن الحجب غير صحيح، يمكنه عصيان القانون والتواجد في تلك المنصة.
