تأكيد آية الله نورمفيدي على إعادة قراءة علمية وعملية للسيرة الفاطمية

«البُعد الذي أخذته المجتمعات عن حقيقة شخصية السيدة الزهراء (عليها السلام) هو جذر كثير من مشاكلنا اليوم»

في أعتاب أيام الفاطمية، شدّد آية الله السيد مجتبى نورمفيدي على أن البعد الذي أخذته المجتمعات عن حقيقة شخصية السيدة الزهراء (عليها السلام) هو أصل كثير من المشاكل المعاصرة، واعتبر إعادة القراءة العلمية والتطبيقية للسيرة الفاطمية ضرورة جوهرية، وقال: «لا يمكن إصلاح نمط الحياة والهوية الدينية والأخلاق الاجتماعية وتقويتها إلا بترجمة فضائل تلك السيدة العظيمة إلى لغة يفهمها الجيل الجديد».

بحسب تقرير قاعدة الإعلام لمعهد دراسات الفقه المعاصر، تحدّث آية الله السيد مجتبى نورمفيدي في أعتاب ذكرى استشهاد السيدة الزهراء (عليها السلام) أمام جموع الدعاة في أيام الفاطمية، وكان اللقاء مساء الجمعة ٣٠ آبان في مدينة قم المقدسة، فقال: «اسم السيدة الزهراء (عليها السلام) يتردّد كثيراً في المجتمع، لكن فضائلها لا تجري في نسيج حياة الناس»، وأكد: «نحن اليوم أحوج من أي وقت مضى إلى معرفة السيرة الفاطمية والاقتداء بها».

وعدّد أبعاد شخصية الصديقة الطاهرة (عليها السلام) التوحيدية والاجتماعية والأخلاقية والأسرية، واعتبر إعادة القراءة وإعادة التفسير لهذه الفضائل للجيل الجديد من ضرورات العصر الحاضر.

وحدّد آية الله نورمفيدي في هذه المحاضرة أربعة محاور رئيسية في السيرة الفاطمية:

  1. تشكيل الهوية التوحيدية
  2. الشعور بالمسؤولية أمام الانحراف
  3. الزهد المبني على المعرفة
  4. الأخلاق الأسرية

وأكد أنه يجب إعادة تبيين هذه الفضائل بأدبيات مفهومة وتطبيقية لجيل اليوم حتى تستفيد الأمة الإسلامية من آثارها التربوية والاجتماعية والمعنوية.

أستاذ الدرس الخارج في الفقه في الحوزة العلمية بقم، وبعد أن شرح أبعاد شخصية السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، شدّد على ضرورة إعادة قراءة فضائلها وإبرازها لجيل اليوم، وقال: «نحن اليوم أحوج من أي وقت مضى إلى معرفة حياة السيدة الزهراء (عليها السلام) والاقتداء بها؛ إن كثيراً من مشاكلنا ناتج عن البعد الذي أخذناه عن هذه الحقيقة».

رئيس معهد دراسات الفقه المعاصر أشار إلى أن اسم السيدة الزهراء وذكراها حاضر جداً في المجتمع، لكن فضائلها قليلة التدفق في حياة الناس، وقال: «قد تُرفع رايتها في كل مكان، لكن سيرتها وفضائل هذه السيدة العظيمة ليست حاضرة في حياتنا كما ينبغي».

واعتبر آية الله نورمفيدي الهدف الأساسي من طرح هذه الموضوعات هو «إزالة النظرة التاريخية والرمزية» إلى السيدة الزهراء (عليها السلام)، وأكد أنها قدوة «حيّة، واقعية، قابلة للتطبيق» للإنسان المعاصر.

وحسب قوله، أحد أكبر العوائق في هذا المجال هو «انقطاع ذهنية الجيل الجديد عن القدوات الحقيقية» والبون بين عقلية اليوم ومفاخر الإسلام.

أستاذ الدرس الخارج في الحوزة العلمية بقم عدّ أبرز سمات السيرة الفاطمية «تشكيل الهوية التوحيدية»، وقال: إن السيدة الزهراء (عليها السلام) كانت في امتداد رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) تبعد المجتمع عن مظاهر الشرك الخفية والجلية. وأضاف مشيراً إلى خطبة الفدك: «كل عمل في حياة السيدة كان يبدأ بذكر الله وشكر النعمة والالتفات إلى التوحيد؛ وهذه الرسالة اليوم أحوج إليها من أي وقت مضى».

وفي بيان ضرورة هذا المحور في عصرنا، قال آية الله نورمفيدي: «الهويات الافتراضية، والرغبة في الظهور، والأنانية، صنعت إنساناً جديداً، والعودة إلى الهوية التوحيدية قادرة على علاج هذا الاضطراب».

كما أشار إلى مسؤولية السيدة الزهراء (عليها السلام) الاجتماعية والسياسية، وقال: إنها رغم كل القيود لم تقصّر لحظة في الدفاع عن الولاية والحق، وخاطبت المهاجرين والأنصار. هذا السلوك قدوة لكل رجل وامرأة اليوم كي يشعروا بالمسؤولية أمام الانحراف والظلم.

أستاذ الدرس الخارج في الحوزة العلمية بقم عدّ «الزهد مع المعرفة» من السمات البارزة الأخرى في السيرة الفاطمية؛ زهد لا يعني إنكار الدنيا، بل التحرر من التعلّقات غير الإلهية. وأشار إلى تبرّع السيدة الزهراء بقميص عرسها، وقال: «هذا السلوك يظهر عمق الحرية والكرامة الأخلاقية عندها؛ قدوة تحتاج إليها البشرية اليوم بشدة».

كما عدّ الأخلاق الأسرية عند السيدة الزهراء (عليها السلام) نموذجاً لا مثيل له، وقال: «رغم المسؤوليات الثقيلة، كانت قدوة كاملة في الزوجية، تربية الأولاد، احترام الضيف، وإدارة البيت، وهذا الجانب من السيرة الفاطمية يجب أن يُعاد قراءته لتقوية أسس الأسرة في عصرنا».

رئيس معهد دراسات الفقه المعاصر أكد أن إعادة قراءة هذه الفضائل يجب أن تتم «بأدبيات مفهومة وتطبيقية للجيل الجديد»، وقال: «علينا أن نعيد قراءة فضائل الصديقة الطاهرة ونترجمها إلى لغة اليوم حتى يتمكن الجيل الجديد من الارتباط بها، وتُستَخدَم هذه الفضائل في المجالات التربوية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية».

وفي ختام كلامه، شدّد آية الله نورمفيدي على أن إحياء السيرة الفاطمية الحقيقي لا يتحقق بمجرد تكرار الاسم والذكرى، بل يحتاج إلى قراءة علمية، تفسير واضح، وتقديم نماذج عملية من فضائلها لجيل اليوم.

وقال: إن المجتمع المعاصر وسط الهويات الافتراضية والأزمات الأخلاقية وتحديات الأسرة أحوج من أي وقت مضى إلى القدوة الفاطمية، وأكد: «إذا قُدّمت فضائل الصديقة الطاهرة بلغة اليوم وفي قالب تطبيقي، فإنها قادرة على إصلاح نمط الحياة، وتقوية الهوية الدينية، ورفع مستوى الأخلاق الاجتماعية».

وفي الختام، عدّ المهمة الأساسية للباحثين والروحانيين والمراكز العلمية «بيان السيرة الفاطمية بصورة صحيحة وتفسير هذه الفضائل عملياً للمجتمع».

Source: External Source