إشارة: عُقدت الجلسة السابعة والستون من سلسلة «أیام الأحد: مناقشة المنهج» في معهد دراسات الفقه المعاصر بعنوان «عملية ومناهج إصلاح القوانين الحقوقية استناداً إلى الموازين الإسلامية». قدّم في هذه الجلسة حجة الإسلام والمسلمين الدكتور السيد عبد المطلب أحمد زاده – الأستاذ المساعد في قسم الحقوق بجامعة مفيد – شرحاً لمناهج إصلاح القوانين ومصادر معرفة القوانين التي تحتاج إلى إصلاح، ثم قدّم الدكتور مسعود إمامي والدكتور منصوري – بصفتهما ناقدين – نقديهما وتحليلاتهما. وكان قسم الأسئلة والأجوبة فرصة لدراسة القضايا المتعلقة بمطابقة قوانين البلاد مع الموازين الإسلامية ومصادر معرفتها.

بحسب التقرير الصادر عن الموقع الإعلامي لمعهد دراسات الفقه المعاصر، عُقدت الجلسة السابعة والستون من سلسلة «أیام الأحد: مناقشة المنهج» بعنوان «عملية ومناهج إصلاح القوانين الحقوقية استناداً إلى الموازين الإسلامية». وهي الجلسة الثامنة في الدورة الخريفية من سلسلة ندوات منهجية الحوكمة التشريعية على أساس الموازين الشرعية، بدعم من «مكتب تطوير وتمكين العلوم الإسلامية» في مؤسسة الإعلان الإسلامي، وبالتعاون مع «مجموعة الفقه والحقوق في مركز البحوث الإسلامية لمجلس الشورى».

في بداية الجلسة، هنّأ حجة الإسلام والمسلمين محمد كاظم حقاني فضل الحاضرين بمناسبة قرب ذكرى استشهاد الصديقة الطاهرة (سلام الله عليها)، ثم بيّن أن العنوان العام لجلسات «أیام الأحد: مناقشة المنهج» في فصل الخريف هو «منهجية الحوكمة التشريعية على أساس الموازين الإسلامية».

وأوضح مدير موسوعة الفقه المعاصر أن الهدف من عقد هذه الجلسة هو بيان مناهج إصلاح قوانين البلاد في إطار الموازين الإسلامية، وأكد ضرورة تنقيح المناهج للوصول إلى التناسق وتجنب التفسيرات الشخصية.

وأضاف: إن معهد دراسات الفقه المعاصر قد أخذ دأب المنهج على محمل الجد في «أیام الأحد: مناقشة المنهج»، ودخل في هذا الفصل إلى قضية مطابقة قوانين البلاد أو القوانين الحكومية والحوكمة على أساس الموازين الإسلامية. وسنركز في هذه الجلسة على مسألة إصلاح القوانين، لأن كثيراً من القوانين قد صدرت ونُفّذت على مر السنين ثم واجهت تحديات أخرى؛ لذا فموضوع إصلاح القوانين يحتاج إلى دراسة دقيقة وتحليل علمي.

في قسم العرض، بدأ حجة الإسلام والمسلمين الدكتور السيد عبد المطلب أحمد زاده – الأستاذ المساعد في قسم الحقوق بجامعة مفيد – بتوضيح الفرق بين قراءتين لعنوان الجلسة: «يمكن قراءة العنوان بطريقتين: إما إصلاح القوانين المصدَّقة سابقاً استناداً إلى الموازين الإسلامية، أو إصلاح القوانين التي صدرت بعد الثورة. وأنا سلكت الطريق الثاني».

ثم أكد على دور إصلاح القوانين في رفع مستوى العدالة والأمان القضائي وضمان الحقوق الفردية، ورأى أن تفاعل الشريعة مع القانون يتطلب مراعاة أربع نقاط: قابلية قوانين البشر للخطأ، أهمية المصادر الأقل خطأً مثل فقه الإمامية، ضرورة الفهم الصحيح للمصادر مع مراعاة مقتضيات الزمان والمكان، وعكس ذلك بشكل مناسب في القوالب القانونية.

وأضاف الأستاذ المساعد في قسم الحقوق بجامعة مفيد: «المادة الرابعة من الدستور تنص على أن القوانين يجب أن تكون وفق الموازين الإسلامية؛ وهذا يدل على أن الموازين الإسلامية أوسع من الفقه، وأن عمل مجلس صيانة الدستور لا يقتصر على مراجعة الفقه فقط. الفقه مصدر للقانون، وليس القانون نفسه». ونقل عن الدكتور إمامي كاشاني قوله: «نحن في مجلس صيانة الدستور نضع نظارة الفقه على أعيننا، أما في مجمع تشخيص مصلحة النظام فالأمر مختلف».

ثم شرح حجة الإسلام والمسلمين أحمد زاده عملية إصلاح القانون في مرحلتين: سابقة ولاحقة: • في المرحلة السابقة: أهمية الثقافة وبناء القبول للقيم الدينية؛ مثال ذلك قانون العمليات المصرفية بدون ربا. • في المرحلة اللاحقة: تحديد مصادر معرفة القوانين التي تحتاج إلى إصلاح ومناهج الإصلاح.

وقدّم ستة أسس رئيسية لإصلاح القوانين:

  1. الضرورات الاجتماعية
  2. الحاجات الاجتماعية للناس
  3. طريقة تعامل الناس مع القانون
  4. ردود الفعل الشعبية والخبراء
  5. الأحكام القضائية للمحاكم
  6. قرارات الهيئة العامة لمحكمة التمييز العليا

وأشار الدكتور أحمد زاده إلى ثلاثة مسارات رئيسية لإصلاح القوانين: مجلس الشورى الإسلامي، مجمع تشخيص مصلحة النظام، والهيئة العامة لمحكمة التمييز العليا. ثم أضاف أن مؤسسات أخرى يمكنها أن تلعب دوراً إيجابياً أو سلبياً في الإصلاح، منها: مجلس صيانة الدستور، المجلس الأعلى للأمن القومي، المجلس الأعلى للثورة الثقافية، والمجلس الأعلى للفضاء الافتراضي.

وفي الختام، ذكر أمثلة على إصلاحات ناجحة وغير ناجحة في القوانين، مثل قانون المدني بشأن سن الزواج، وقرارات توحيد الاجتهاد في محكمة التمييز العليا، وتحديد مصاديق العسر والحرج، وأكد أن التفسيرات المختلفة قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة وتحتاج إلى دقة.

في قسم النقد والمراجعة، بدأ الدكتور مسعود إمامي – باحث في الفقه والحقوق – كلامه بتذكير الحاضرين بأيام استشهاد السيدة الزهراء (عليها السلام) وشكر معهد دراسات الفقه المعاصر، ثم طرح ملاحظاته حول عنوان الجلسة «عملية ومناهج إصلاح القوانين الحقوقية استناداً إلى الموازين الإسلامية».

وبعد الثناء على جهود حجة الإسلام والمسلمين أحمد زاده، قال إن عبارة «استناداً إلى الموازين الإسلامية» لم تظهر بوضوح في البحث المقدم، وإن مصادر معرفة القوانين التي تحتاج إلى إصلاح ليست خاصة بالقوانين الإسلامية فقط، بل هي خصائص عامة للقوانين الحقوقية.

وراجع الدكتور إمامي المصادر الستة التي ذكرها الدكتور أحمد زاده، موضحاً أن:

  • الضرورات الاجتماعية، الحاجات الاجتماعية، وطريقة تعامل الناس مع القانون ليست دلائل إثباتية، بل هي أسباب للحاجة إلى الإصلاح فقط.
  • الأحكام القضائية وقرارات الهيئة العامة لمحكمة التمييز العليا دلائل إثباتية يمكن الاستناد إليها.

وأضاف أن قائمة المصادر تحتاج إلى استكمال، وأن مصادر أخرى مثل «الفتاوى الاستشارية للإدارة العامة للحقوق في السلطة القضائية»، «مركز البحوث الفقهية في السلطة القضائية»، «الندوات القضائية»، «شروح القوانين»، «المقالات العلمية»، «كتب وملازم أساتذة الفقه والحقوق»، و«استشارة القضاة والفقهاء والحقوقيين» يمكن أن تساعد في معرفة القوانين التي تحتاج إلى إصلاح.

كما شدد الدكتور إمامي على ضرورة تنظيم عملية إصلاح القوانين، وقال: «يجب أن يكون للمجلس هيئة ترصد القوانين السابقة وتعالج عيوبها».

ثم تناول مسارات إصلاح القوانين، وأشار إلى أن مؤسسات أخرى غير الثلاث الرئيسية يمكنها أن تلعب دوراً إيجابياً أو سلبياً، منها مجلس صيانة الدستور، المجلس الأعلى للأمن القومي، المجلس الأعلى للثورة الثقافية، والمجلس الأعلى للفضاء الافتراضي.

الدكتور منصوري – عضو الهيئة العلمية في قسم الحقوق بجامعة أصفهان – تحدث عن العلاقة بين الفقه والقانون فقال: «إذا اعتبرنا الفقه بيان الشارع، فالقانون المكتوب على أساس الفقه يدّعي أنه كاشف عن إرادة الشارع، ونقده يُعدّ نوعاً من المواجهة مع حكم الشارع. أما القانون فهو نتاج سياسي يحتاج إلى مرونة وحوار عام». وأضاف: «التشريع بطبيعته يرتبط بالإلزام؛ ردود فعل أفراد الناس لا يمكن أن تكون معياراً لقياس القانون، بل قبول النظام الحقوقي ككل هو المهم».

في قسم الأسئلة والأجوبة، طرح الحاضرون نقاطاً مهمة، منها: سؤال حول شمول معيار الموازين الإسلامية على الأوامر الحكومية وتعارضها مع الفتاوى، وسؤال عن إمكانية استخدام تغير الفتاوى حسب الزمان والمكان كمصدر معرفي في إصلاح القوانين. كما أُشير إلى ضرورة الاهتمام بشرعية القوانين ومصادر معرفتها إلى جانب كفاءتها.

في الختام، جمع الدكتور أحمد زاده بين القراءتين لعنوان الجلسة، وأكد ضرورة الاهتمام بالمصادر الأقل خطأً مثل فقه الإمامية، وأهمية الدقة في قرارات توحيد الاجتهاد في محكمة التمييز العليا. وشرح دور المؤسسات الأخرى قائلاً: «مؤسسات مثل المجلس الأعلى للأمن القومي أو المجلس الأعلى للثورة الثقافية عادة تلغي أو تبطل، ولا تُصلح. وهناك اختلاف في حدود صلاحيات مجلس صيانة الدستور في القوانين ما قبل الثورة».

هذه الجلسة – بعرضها العلمي ونقدها المتخصص وقسم الأسئلة والأجوبة – وفرت فرصة مناسبة لتحليل دقيق لمسار إصلاح القوانين الحقوقية استناداً إلى الموازين الإسلامية، وأبرزت ضرورة إنشاء هيئات مستقلة ومصادر موثوقة لإصلاح القوانين.

Source: External Source