1. تتشكل الحكومات بشكل أساسي من ثلاثة عناصر أساسية: “الشعب” و”الحكام” و”الأرض” بمعنى أن الحكومة إذا لم يكن لديها أرض، فإنها لا تصلح؛ وبنفس الطريقة، إذا لم يكن للحكومة وكيل أو مواطن، فإن حقيقة عنوان الحكومة لا يزال فيه إشكالية. ولكي تشكل هذه العناصر الثلاثة “النظام السياسي”، من الضروري أن يتفاعل الفاعلون مع الناس في سياق الأرض. و ان في الماضي، كانت المشاركة السياسية الشاملة للشعب تتم بموجب آليات مختلفة مثل عزل الحاكم وتنصيبه من قبل الملك، أو الولاء أو الانقلاب، وما إلى ذلك؛ لكن في المجتمع الحديث وفي العصر الحاضر تذكر فئة تسمى “المشاركة السياسية”، والتي بموجبها يشارك الناس في فئة الحكم كمواطنين مستقلين وحكيمين ومتفهمين.
ان “المشاركة السياسية” تتشكل بشكل رئيسي في ظل الحكومة القائمة والتي إما أن يختار المواطنون حكامهم ووكلاءهم أو يشرفوا على عملهم وأدائهم أو يشكلوا عملية يمكنهم من خلالها أن يكون لهم حضور فعال في مجال صنع القرار ويمكنهم أن يكونوا قرارا صناع في المجالات السياسية بطرق مختلفة.
لكننا نرى بشكل رئيسي المظهر الواضح للمساهمات السياسية في الانتخابات. وعلى الرغم من أنه يُعتقد في كثير من الأحيان أنه إذا لم تكن هناك “انتخابات” في مجتمع ما، فلن تكون هناك “مشاركة سياسية”؛ ولكن يجب أن نعلم أن المشاركة السياسية لا تقتصر على الانتخابات فقط، بل يمكن أن تتم المشاركة السياسية أيضًا بالتعاون مع الأحزاب وغيرها من المجالات التي يكون للناس فيها حضور واضح.
2. السؤال الرئيسي هنا هو: لماذا يجب على الناس المشاركة في العملية الانتخابية وتعيين شخص ما لمنصب الرئيس؟
الوضع السياسي لا يخرج عن دولتين؛ أو أن هناك حكومة استبدادية ولا تدعو الناس للمشاركة، وهو ما يعتبر نظاماً استبدادياً. أو أن الحكومة منظمة بـ “الإدارة التشاركية”، وفي هذه الحالة تدعو الحكومة الشعب إلى اختيار وكلائه والناس أنفسهم يقررون من أو ما المنطق والتفكير الذي سيدير الأمور لفترة معينة من الزمن، فهم يرون المجتمع على أنه أكثر ملاءم ومفتوح. لذلك، عندما تتاح الفرصة للناس ليتحكموا في مصيرهم ويختاروا وكلائهم ويتخذوا القرارات المتعلقة بمستقبلهم وأرضهم، فإن عدم استغلال هذه الفرصة أمر غير معقول وخاطئ.
اما الآن إذا لم يشارك بعض الأشخاص في عملية المشاركة السياسية، فإن معنى عدم ظهورهم في الانتخابات لا يعني أنهم لم يختاروا، بل عدم الاختيار في مساحة اختيارات الآخرين؛ يعني أولاً أن يكتفي باختيار الآخرين، ثانياً أن يكتفي باختيار شخص غير كفؤ، وثالثاً أن يتسامح مع شخص ووجهة نظر ليس له دور في اختيارها، وعليه أن يتقبلها. هذا اختيار الآخرين لنفسه لفترة معينة من الزمن. لذلك، عليه إما أن يتخذ قراره بنفسه أو أن يكتفي بقرار الآخرين؛ لذلك، عدم اتخاذ القرار هو وسيلة لاتخاذ القرار.
في الوقت الحالي في بلادنا، إذا لم نشارك في الانتخابات، فمن الطبيعي أن العملية الانتخابية لن تتوقف. إذًا كم سيكون من الأفضل أن يتم اختيار الشخص بناءً على تصويتي ورأيي، وأن أشارك على الأقل في هذه العملية؛ لأنه من الممكن أن يحدث شيء ويتم اختيار شخص لا يرضيني، لكن عمليا، علي أن أتحمل عواقبه في حياتي ومصيري السياسي والاجتماعي لمدة 4 سنوات.
3. في أجواء المشاركة السياسية، ليس الحال دائماً أننا على استعداد للمشاركة بشرط الرضا عن الوضع الراهن؛ ربما العكس، لإن عدم الرضا عن الوضع القائم يضاعف من ضرورة مشاركتنا في الانتخابات؛ يعني المنطق الذي يقول: “أنا تعيس؛ ولذلك لن أشارك في الانتخابات”، هذا غير صحيح. وفي حالة عدم الرضا عن الوضع القائم، يتم تفسير الصمت وعدم الحركة على أنه “رضا”. ولذلك يجب على جميع المواطنين، بغض النظر عن تفكيرهم وتوجهاتهم، أن يشاركوا في الانتخابات حتى يتمكنوا من جعل النتيجة أقرب ما يمكن إلى تصويتهم وآرائهم.
4. وفيما يتعلق بمبدأ المشاركة في الانتخابات والمشاركة السياسية، هناك نقطة أخرى مهمة لا ينبغي الغفلة عنها. في أي نظام سياسي، إذا شارك الناس في العملية الانتخابية وفي أي مسألة تتطلب مشاركة الناس، فهذا يعني أنهم قبلوا منطق حكومتهم الكلية.
لذلك فإن المشاركة في الانتخابات نفسها تعني أن هذا النظام يحظى بتأييد وقاعدة الشعب، وهذا سيضمن الأمن القومي، ولن يكون لدى أي عدو الشجاعة والقوة لمواجهة حكومة تحظى بدعم أغلبية مجتمعها. ولذلك فإن المشاركة في الانتخابات أمر مهم؛ حتى لو كانت النتيجة ضئيلة بالنسبة لنا وتلبي الحد الأدنى من توقعاتنا، لأنه يوفر الأمن العام للمجتمع.
لذلك فإن عدم المشاركة في الانتخابات لا يحل المشكلة فحسب، بل سيخلق مشكلة أمنية والشخص الذي لا يشارك سيكون راضيا عن اختيار الآخرين وسيضطر عمليا إلى تحمل 4 سنوات من الاختيار الذي لم يشارك فيه.
لذلك فإن «العقل» و«الاقتباس» و«التجربة الإنسانية» تملي علينا أن نشارك في الانتخابات بفعالية، والاستهتار بمساحة المشاركة السياسية هو في الواقع إعطاء الذرائع لعديمي الضمير وإتاحة الفرص لأعداء الأمن القومي. وينبغي أن نعلم أنه في مجال السياسة وفي فضاء المشاركة السياسية؛ إن التواجد في الوقت المحدد وفي المكان المناسب هو أمر فعال وحاسم للغاية؛ لأنه في بعض الأحيان لن يكون هناك طريق للعودة ويجب استغلال هذه الفرصة.
إذا اختار الإنسان الخيار الصحيح في الوقت المناسب وفي الفرصة المناسبة، فإنه سيستفيد من فوائد تلك السنوات، وإذا ضاعت هذه الفرصة، فقد يكون لذلك عواقب وخيمة على نفسه مجتمعة، لأنه هو نفسه غير راضٍ عنها. ومن المهم بالنسبة له أن يحسب مع نفسه ما هي عواقب عدم المشاركة في الانتخابات وما هي الفوائد التي سيحصل عليها من المشاركة في الانتخابات؛ إذا تمكنا من الحصول على النتيجة الصحيحة من هذه المعادلة، فإننا بالتأكيد سنمارس حقنا التصويت.