إشارة
الحجة الإسلام السيد حميد ميرخندان، أحد الأساتذة الذين أكملوا دراستهم في الفقه على أعلى مستوى في الحوزة العلمية بقم، وحصلوا على درجة الدكتوراه في تخصص فقه الاتصالات من الجامعة. هذا الأمر جعله من أفضل الأشخاص للحوار حول فقه الإعلام وماهيته. وفي هذا الحوار الخاص مع فقه معاصر، يعمل عضو هيئة التدريس في كلية الإذاعة والتلفزيون على استجلاء ماهية فقه الإعلام. ويرى أنه على الرغم من التفريق الدقيق بين الفن والإعلام، إلا أن هذا التفريق بين فقه الفن وفقه الإعلام لم يتحقق، وربما لا يكون ممكنًا. وفيما يلي نص الحوار الخاص لفقه معاصر مع عضو المجلس العلمي لقسم فقه الثقافة والفن والإعلام في مركز دراسات فقه معاصر:
فقه معاصر: ما هو فقه الإعلام وما الموضوعات التي يتناولها؟
ميرخندان: فقه الإعلام هو المباحث الفقهية التي تتشكل حول ظاهرة تُعرف باسم الإعلام. ومن الطبيعي أن يُجرى تحديد هذه الظاهرة بعض الشيء وتقديم تعريف موجز لها. والتوضيح أن الوسائط الإعلامية لها عمر يمتد إلى قدم الإنسان، ورسالة النبي (ص) كانت مرتبطة بالإعلام. والذي يُستخدم في فقه الإعلام ويجب قوله هو أنه عندما تُستخدم كلمة “إعلام” بشكل مطلق، فإن المقصود بها الوسائط الإعلامية الحديثة والجماعية، مثل الكتاب المطبوع، والصحيفة، والراديو، والتلفزيون، والسينما.
وهناك مصطلح أكثر تحديدًا للإعلام، وهو يعني التلفزيون. فعندما تُستخدم كلمة إعلام بشكل مطلق دون إضافة، قد يُراد منها التلفزيون على وجه الخصوص. لذا فإن فقه الإعلام له مصطلحان: عام وخاص. وبالطبع، هناك الآن وسائط إعلامية رقمية جديدة تُناقش أيضًا ضمن إطار فقه الإعلام.
فقه معاصر: ما الفرق بين فقه الإعلام والأبواب الفقهية المشابهة مثل فقه الفن، فقه الفضاء الافتراضي، فقه الثقافة وغيرها؟
ميرخندان: إذا اعتبرنا الإعلام بمعناه الخاص، أي الوسائط الإعلامية الحديثة، بمعنى أداة أو وسيلة للاتصال، واعتبرنا الاتصال بمعنى “نقل المعنى”، فإن الإعلام هو وسيلة لتبادل ونقل المعنى.
هذا التعريف للإعلام يفصله عن المجالات الأخرى التي قد يكون لها تداخل مع الإعلام. وبعبارة أدق، يُناقش فقه الإعلام في الفقه من حيث كونه وسيلة اتصال لتبادل ونقل المعنى. وبعبارة أخرى، فقه الإعلام هو المجال الذي يتناول المسائل الفقهية المتعلقة بوسائل الاتصال الجماعي القديمة والحديثة مثل الإنترنت والشبكات الاجتماعية التي تعمل اليوم. وهذا الجانب من نقل الرسالة وتبادل المعنى يفصل الإعلام عن التخصصات الفنية، كما يفصله عن فقه الثقافة. ومع ذلك، قد يندرج فقه الإعلام ضمن فقه الثقافة، لأن الوسائط الإعلامية تعمل على نقل الثقافة، والثقافة بمصطلح ما تتعامل مع المعنى.
فقه معاصر: هل هناك مسائل بين فقه الإعلام والأبواب الأخرى مثل فقه الفن تتداخل مع بعضها بشكل كامل؟ وفي هذه الحالة، في أي من هذه الأبواب الفقهية تُدرج هذه المسائل؟
ميرخندان: من المحتمل أن تتسبب وسائط مثل السينما، التي هي فن أيضًا، في تداخل مباحث فقه الفن وفقه الإعلام. ولكن إذا دُقق في الأمر وأُخذت المباحث بعين الاعتبار، فلن يحدث هذا التداخل. بعبارة أخرى، إذا كانت هذه المباحث تُطرح من حيث كونها فنية، فإنها تندرج ضمن فقه الفن، أما إذا نُوقشت من حيث نقل المعنى، فإنها تكون مصداقًا لفقه الإعلام.
فقه معاصر: إذًا، لا يوجد تداخل في الواقع؟
ميرخندان: المباحث الفنية والإعلامية مفصولة ومنفكة عن بعضها، وهناك في الواقع مجالان للنقاش: مجال المباحث الفنية ومجال المباحث الإعلامية. ولكن في المباحث الفقهية، أي فقه فن السينما أو فقه إعلام السينما، فإن هذا التفريق والتمييز ليس دقيقًا جدًا، أي أن المباحث الفقهية قد تتداخل.
فقه معاصر: ما هي الأبواب والعناوين والمسائل الأهم في فقه الإعلام؟
ميرخندان: إذا اعتبرنا الإعلام بمعنى التلفزيون، أي بمعناه الأخص، فإن عناوين فقه الإعلام ستكون في الواقع عناوين فقه التلفزيون. ولكن إذا اعتبرناه بمعنى الوسائط الإعلامية الجماعية، أي بمعناه العام، فإن كل وسيلة إعلامية مثل الكتاب، والصحيفة، والمجلة، والراديو، والتلفزيون، تشكل عنوانًا من هذا الباب الفقهي.
ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن هناك مباحث أكثر شمولًا في فقه الإعلام لا تتعلق بوسيلة إعلامية محددة، مثل المباحث المتعلقة بالوسائط المطبوعة التي تشمل وسائط إعلامية متنوعة. وإذا أردنا إدراج هذه المباحث ضمن فقه الإعلام، فقد يكون من المناسب تقسيم العناوين إلى وسائط مطبوعة، وسائط بصرية، ووسائط سمعية. ثم ضمن كل عنوان من هذه العناوين، هناك مباحث تتعلق بأنواع تلك الوسائط؛ على سبيل المثال، الوسائط السمعية تُقسم إلى مباحث تتعلق بالراديو، والبودكاست، والراديوهات الإنترنتية وغيرها.
وبالطبع، هذه التقسيمات هي في الواقع مجموعة من الاقتراحات التي ستُصقل وتتحسن مع مرور الوقت بعد النقد والمراجعة.
