الحجة الإسلام والمسلمين محمد صادق ليراوي في حوار خاص مع فقه معاصر:

اصول الفقه الإعلام/18

فيما يتعلق بالجمل العاطفية التي يتبادلها الممثلون، فإنه أحيانًا تكون هذه الجمل حقيقية، حيث يتبادلها الرجل والمرأة فعلًا، وفي هذه الحالة لا شك أن ذلك محظور. لكن في أحيان أخرى، يكونون يؤدون أدوارًا تمثيلية وينقلون مجرد الألفاظ دون أن يكون لديهم نية حقيقية وراء تلك الجمل. في هذه الحالة، لا أقول إن ذلك بالتأكيد لا إشكال فيه، لكن يجب على المراجع التقليد أن يأخذوا في الاعتبار أن هذه الجمل هي في الحقيقة مجرد حكاية وليست نية أو قصدًا حقيقيًا، ولذا قد لا يكون في ذلك إشكال من هذه الجهة.

إشارة

الحجة الإسلام محمد صادق ليراوي، يعمل منذ سنوات في مجال البحث الإعلامي. كان لسنوات مدير مكتب البحوث الأساسية في مركز البحوث الإسلامية للإعلام، وهو الآن منذ بضع سنوات يتولى رئاسة هذا المركز. تحدثنا معه حول تحديات فقه الإعلام. وهو يرى أن الأمور التي تُطرح كتحديات لفقه الإعلام يمكن حلها من خلال موضوع‌شناسی دقيق. وفيما يلي نص الحوار الخاص مع رئيس مركز البحوث الإسلامية للإعلام:

فقه معاصر: ما هو فقه الإعلام وما الموضوعات التي يتناولها؟

ليراوي: لقد تم الحديث كثيرًا عن فقه الإعلام وقُدمت تعريفات مختلفة له. ولكن إذا أردنا تقديم تعريف بسيط، يمكن القول إن الإعلام هو ما ينقل رسالة إلى شخص أو شيء، وله أشكال متنوعة، من الكتب والنشرات إلى الوسائط الحديثة البصرية والسمعية التي يُستخدم منها الكثير اليوم. لذا، فإن فقه الإعلام يعني استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية بناءً على الوسائط الحديثة، أي أنه يتناول دراسة المسائل الموجودة في الوسائط الحديثة البصرية والسمعية لاستخلاص حكمها الشرعي.

عند دراسة المسائل الفقهية للإعلام، يجب ملاحظة أن فقه الإعلام لا يقتصر على المسائل الفردية فقط، بل إن جزءًا منه يتعلق بالمسائل الفردية وجزءًا آخر يرتبط بالآثار الاجتماعية. على سبيل المثال، فيما يتعلق بالسؤال عن حكم عرض رسومات أو أفلام كرتونية تُبث عبر الإعلام تظهر فيها حيوانات مؤنثة بدون حجاب، فما هو الحكم؟

من الناحية الظاهرية والفردية، الحكم هو أنه لا إشكال في ذلك، لأن الحيوان ليس مكلفًا! لكن قد يُحول هذا الأمر إلى فيلم كرتوني يُعرض في المجتمع ويراه أطفالنا، مما قد يؤثر عليهم ويجعلهم غير مبالين بالحجاب. فهل يمكن القول، مع الأخذ في الاعتبار هذه الآثار الاجتماعية، إن عرضه لا إشكال فيه؟ هنا، الانتباه إلى الآثار الاجتماعية يغير حكم المسألة. لذا، في فقه الإعلام، يجب النظر إلى الفقه الاجتماعي وآثاره إلى جانب الفقه الفردي.

كما أنه من الضروري وضع نظام مسائل منقح لفقه الإعلام يتاح لجميع من يعملون في هذا المجال، حتى يتمكنوا من دراسة أحكام فقه الإعلام بناءً على هذا النظام.

فقه معاصر: هل يمكن استنتاج من فتاوى الفقهاء حول استخدام الأقمار الصناعية، الفيديو، الاتصال المرئي وغيرها أن هناك نوعًا من النظرة التشاؤمية لديهم تجاه هذه المسائل أم لا؟

ليراوي: انظر، فقهاؤنا واقعيون، أي أنهم لا يحملون نظرة تشاؤمية غير واقعية. إذا ظهرت نظرة تشاؤمية، فإن ذلك يعود إلى أن التركيز الأساسي للفقهاء يكون على الاستخدامات والتطبيقات التي تُستخدم فيها هذه الأدوات. عندما تكون الاستخدامات الرئيسية لأداة ما محرمة، فإن الفقهاء يتخذون موقفًا تجاهها بشكل طبيعي. لذا، لا يمكن استنتاج من الأحكام التي يصدرها الفقهاء تجاه هذه الأدوات أنهم متشائمون. بل إنهم إذا رأوا أن الاستخدام الأكبر لأداة ما، سواء كانت قمرًا صناعيًا أو اتصالًا مرئيًا، معقول، فلن يكون لديهم أي نظرة تشاؤمية تجاهها. ولكن عندما يرون أن الاستخدام الأكبر لهذه الأداة يتم بطرق غير معقولة، فإنهم يحكمون بحرمتها لمنع انتشارها في المجتمع. وبالتالي، نظرتهم ليست تشاؤمية، بل هي متعلقة باستخدامات تلك الأداة في المجتمع.

فقه معاصر: بالنظر إلى فتاوى الفقهاء حول الموسيقى، النظر إلى غير المحرم، النحت، عرض الآلات الموسيقية وغيرها، هل يمكن أصلاً أن يكون لدينا إعلام إسلامي فعال؟ على سبيل المثال، هل يمكن إنتاج عمل درامي بدون موسيقى، أو بدون جمل عاطفية بين الممثلين الرجل والمرأة، أو بدون نظر الممثلين غير المحرمين لبعضهم؟

ليراوي: الجواب العام هو أن الإعلام الإسلامي، في مجتمعنا اليوم، ضروري. لا يمكننا أن نقول إنه بسبب وجود بعض المشكلات الفقهية، ننكر الموضوع أو نشكك فيه ونتخلى عن الإعلام الإسلامي.

نعيش الآن في عالم تُبيّن فيه الكثير من المسائل عبر الإعلام، وهو يغير أفكار الناس وحياتهم ويؤثر في جميع جوانب حياتهم. لذا، لا يمكننا أن نترك هذا الميدان للآخرين ونقول إننا بسبب هذه المسائل لن يكون لدينا إعلام ولن نشارك فيه. إذا كان الأمر كذلك، فسيكون ذلك أول هزيمة لنا ولن يكون لدينا أي كلام لنقوله في العالم. لذلك، يجب أن يكون لدينا إعلام إسلامي وأن نتابعه. وبالنسبة للمشكلات والتحديات التي توجد في هذا الطريق، يجب أن نحلها، لا أن نلغي الموضوع من الأساس أو نتجاهله.

بالطبع، هناك مشكلات في هذا الطريق. إحدى هذه المشكلات هي مسألة الموسيقى. فيما يتعلق بالموسيقى، باستثناء مرجع أو اثنين، يرى جميع الفقهاء أنها جائزة بشروط معينة. استخدامها في الأفلام، إذا لم تحمل الصفات المحرمة، لا إشكال فيه على الإطلاق. الموسيقى تلعب دورًا لا يمكن إنكاره في نقل الرسالة في الفنون الدرامية، ولا يرى الفقهاء غالبًا أي إشكال في ذلك.

المسألة الأخرى هي النظر إلى غير المحرم. لم يقل أحد بشكل مطلق إن ذلك حرام، بل إن النظر إلى بعض أجزاء الجسم مثل الشعر أو ما فوق المعصم محظور، لكن النظر إلى الوجه أو معصم اليد، إذا كان بدون ريبة أو قصد لذة، فهو جائز بنظر جميع الفقهاء. لذا، إذا كان في فيلم يلعب فيه رجل وامرأة معًا، وبمقتضى سير الفيلم يجب أن ينظروا إلى بعضهم، فلا إشكال في نظرهم إلى بعضهم. وما إذا كان لديهم قصد لذة أم لا، فهذا أمر لا يمكن التأكد منه ويتعلق بنواياهم الشخصية، فقد يكون لديهم قصد وقد لا يكون.

فيما يتعلق بالجمل العاطفية التي يتبادلها الممثلون، فإنه أحيانًا تكون هذه الجمل حقيقية، حيث يتبادلها الرجل والمرأة فعلًا، وفي هذه الحالة لا شك أن ذلك محظور. لكن في أحيان أخرى، يكونون يؤدون أدوارًا تمثيلية وينقلون مجرد الألفاظ دون أن يكون لديهم نية حقيقية وراء تلك الجمل. في هذه الحالة، لا أقول إن ذلك بالتأكيد لا إشكال فيه، لكن يجب على المراجع التقليد أن يأخذوا في الاعتبار أن هذه الجمل هي في الحقيقة مجرد حكاية وليست نية أو قصدًا حقيقيًا، ولذا قد لا يكون في ذلك إشكال من هذه الجهة.

أما بالنسبة للنحت، فلا توجد مشكلة تقريبًا الآن، ويفتي الفقهاء عادةً بجوازه.

الخلاصة أن الأمور التي تُطرح كعوائق أمام وجود إعلام ديني ليست في الحقيقة عوائق. لذا، يمكننا أن يكون لدينا إعلام ديني، لأن ضرورته أمر مسلم به، وهذه المشكلات يمكن حلها من خلال موضوع‌شناسی دقيق وتوضيح محل النزاع بدقة.

فقه معاصر: ما هي أهم التحديات التي تواجه البحث في فقه الإعلام؟

ليراوي: في رأيي، كما أُشير خلال النقاشات، أهم تحدي يواجه فقه الإعلام هو عدم وجود موضوع‌شناسی دقيق. لقد قيل في المباحث السابقة إن عدم الموضوع‌شناسی الدقيق قد يغير حكم مسألة ما، بينما مع موضوع‌شناسی دقيق، قد يتغير الفتوى أصلاً.

Source: External Source