حجة الإسلام والمسلمين محمد قطبي في حوار خاص مع الفقه المعاصر:

اصول الفقه الإعلام/25

الإعلام يمتلك مجالاً اجتماعياً واسعاً؛ فقد كان في يوم من الأيام يقتصر على التلفاز والراديو مع بضع مئات أو آلاف من الأشخاص على الأكثر، وكنا حينها قادرين على القول لهم: هذا حرام وهذا حلال، افعل هذا ولا تفعل ذاك. لكن اليوم، أصبح الإعلام في متناول جميع أفراد المجتمع. في وسائل الإعلام الحديثة، لم يعد الناس مجرد مستهلكين، بل أصبحوا، من خلال الإعجابات، المتابعة، النشر، وكتابة التعليقات، منتجين للمحتوى أيضاً، وبالتالي يجب عليهم مراعاة أحكام الإعلام. لا يمكننا أن نأتي ونبين أحكام كل هذه المصاديق الكثيرة، بل يجب أن نُعرّف الناس بالقواعد الفقهية. ينبغي أن نروج لأحكام الإعلام في المجتمع باستخدام نموذج القاعدة الفقهية حتى يتمكن الناس بأنفسهم من إيجاد المصاديق بقدراتهم.

إشارة

معرفة القواعد الفقهية، مقارنة بالمعارف القريبة منها كالفقه وقواعد الأصول، لها تاريخ أقل قدمًا، وبالتالي فإن التعامل معها ليس بالأمر السهل. وهذا الأمر يزداد صعوبة فيما يتعلق بالفقهيات الحديثة. لاستكشاف قواعد فقه الإعلام، توجهنا إلى حجة الإسلام والمسلمين محمد قطبي. لقد كان الإعلام دائمًا أحد أهم اهتماماته خلال عقود من الأنشطة المتنوعة. رئيس مركز الإشراق للإبداع والابتكار، أكد دائمًا على الأهمية الإعلامية لأنشطته في جميع مناصبه، من نائب المحافظ إلى رئاسة مكتب الإعلانات في أصفهان وإدارة مركز الإشراق. سنوات من الإدارة والبحث جعلته أحد المنظرين في مجال الإعلام. وعلى الرغم من أنه لم يركز كثيرًا على علم الفقه، إلا أنه عندما تحدث عن قواعد فقه الإعلام، قدم قواعد لم تُطرح كثيرًا في الأوساط الفقهية، بغض النظر عن صحتها أو خطأها. رئيس لجنة الفنون والصناعات الإبداعية في مركز البحوث الإسلامية للمجلس، أشار في هذا الحوار الخاص إلى حوالي ٢٠ قاعدة مخصصة أو شائعة الاستخدام في فقه الإعلام، وبيّن بعض مصاديق كل منها.

الفقه المعاصر: ما هي قواعد فقه الإعلام؟

قطبي: موضوع القواعد الفقهية في تاريخ الفقه الشيعي وجهاز الفقاهة يمتلك منطقًا رفيعًا ونطاقًا دقيقًا وعمقًا كبيرًا. لدينا نوعان من القواعد: القواعد الأصولية التي تمثل مرحلة من مراحل الاستنباط، والقواعد الفقهية. ما يطرحه العلماء الأعاظم في المباحث العلمية كقاعدة فقهية هو قواعد تحتوي على حكم كلي يشمل مصاديق متعددة.

فيما يتعلق بالقواعد الفقهية، للعلماء آراء مختلفة؛ فمنهم من يقول بأكثر من ٣٠٠ قاعدة فقهية، كالشيخ البهائي، ومنهم من يقبل بـ ٥٠ إلى ٦٠ قاعدة فقهية. على سبيل المثال، لدى آية الله المظاهري ١٤ قاعدة فقهية في كتابه عن القواعد الفقهية. بعضهم تعامل مع هذا الأمر بحذر شديد وحاول إحضار قواعد دقيقة وعمقية وقطعية، مما أدى إلى تقليل عددها، بينما ذكر آخرون قواعد أكثر. هذه القواعد تختلف أيضًا من حيث المصاديق، فبعضها يحتوي على مصاديق أكثر وبعضها أقل.

يمكن تقسيم القواعد الفقهية إلى قواعد فقهية عامة وقواعد فقهية مخصصة. القواعد الفقهية العامة هي تلك القابلة للتطبيق في أبواب فقهية مختلفة، مثل قاعدة “لا ضرر”، التي إذا اعتبرناها قاعدة فقهية، فإنها تنطبق على مجالات الصحة، الاقتصاد، العمارة والتخطيط العمراني وغيرها. وفي مقابلها، هناك قواعد مخصصة تنطبق فقط على باب فقهي واحد.

الفقه المعاصر: ما هي القواعد المخصصة لفقه الإعلام؟ اذكر بعض هذه القواعد؟

قطبي: أعتقد أن الإصرار على تصميم قواعد مخصصة للإعلام أو لموضوعات ذات نطاق محدود قد لا يكون ناجحًا جدًا. السبب في ذلك هو أنه عندما نستخرج قاعدة من النصوص والمصادر الدينية، يمكن أن تجد مصاديق في مجالات مختلفة وتُستخدم فيها. لذا، تخصيصها لباب واحد قد يكون غير ممكن أو صعب. ومع ذلك، يمكن القول إن هناك قواعد يكون مصداقها البارز والأساسي في مجال معين أكثر وضوحًا، مثل قاعدة “لا ضرر” التي تكون بارزة في الصحة والاقتصاد، لكن هذا لا يعني أنها لا تنطبق على أبواب فقهية أخرى. أو على سبيل المثال، قاعدة نفي السُّلطة ونفي السبيل، التي تكون أكثر دلالة في مجال السياسة الخارجية والاتصالات بين الأديان والأقوام، على الرغم من أنها يمكن أن تجد مصداقًا في الحياة الشخصية أيضًا. على سبيل المثال، إذا تزوجت فتاة مسلمة من شخص كافر، فإنها لم تلتزم بهذه القاعدة، لأنها أدخلت كافرًا رسميًا في منطق الزواج إلى حياتها. أو حتى على نطاق أصغر، إذا وضعت ابني تحت إشراف معلم غير مسلم، فقد تمنعني هذه القاعدة من ذلك، ويكون هذا الفعل حرامًا إذا تحقق السُّلطة أو السبيل فعلاً. ولكن في بعض الحالات، لا يوجد سبيل أو سُلطة، مثل أن أكون طالب دكتوراه في الطب وأستاذي غير مسلم. قد يقال هنا إن هذا الأستاذ، في هذا التخصص، لا يملك تأثيرًا كلاميًا عميقًا على الطالب، وبالتالي يجب التصرف بناءً على قاعدة أخرى، وهي قاعدة “اطلبوا العلم ولو بالصين”، أي عدم تقييد العلم والتعلّم وفتح المجال أمام المعرفة، وهي عنوان جيد يمكن أن يكون من القواعد الجيدة في عصرنا الحالي.

لذا، ألخص رأيي بأنه قد لا نتمكن من التركيز كثيرًا على القواعد المخصصة، ولكن القاعدة التي يكون مصداقها البارز في فقه الإعلام تُعتبر من قواعد فقه الإعلام. في رأيي، هناك بعض القواعد المهمة جدًا في فقه الإعلام، وسأشير إلى بعضها:

قاعدة التسنين: إحدى قواعد فقه الإعلام هي قاعدة صناعة السنن أو التسنين والتسنن، وهي موجودة في القرآن وسيرة الأئمة المعصومين (ع). المعنى الصحيح لهذه القاعدة هو أن من يصنع سنة ويروج لقيمة دينية، ينتفع من ثواب أعمال الناس بهذه السنة على مر السنين. هذه القاعدة لها مصاديق في العبادات، في العادات، في صناعة الطقوس، في التربية، وفي بناء المجتمع، وفي مجالات أخرى متعددة. في الإعلام اليوم، نحن بحاجة ماسة إلى هذه القاعدة. على سبيل المثال، منذ بضع سنوات، أصبح من المعتاد إرسال صلوات على محمد وآل محمد في بداية الأخبار، وهذا نوع من صناعة السنن الإعلامية. بل يمكننا أن نقول إن برامج مثل “محفل” و”معلّي” وغيرها، التي تخلق نوعًا من الطقوس الإعلامية، تندرج تحت هذه القاعدة.

في الفضاء الافتراضي أيضًا، اقترحت بعض الأفكار. أرى أنه يمكن خلق بعض الطقوس الإعلامية في هذا الفضاء. على سبيل المثال، إحدى هذه الطقوس هي الإمساك الإعلامي، أي تخصيص يوم في الأسبوع للامتناع عن استخدام الشبكات الاجتماعية إلا في الحالات الضرورية المتعلقة بالعمل، وتجنب التجول في الفضاء الافتراضي. هذا الفعل بحد ذاته يمثل طقسًا وسنة إعلامية.

قاعدة الدعوة إلى الخير: هذه القاعدة لها أهمية كبيرة في الإعلام. بما أن الإعلام بمثابة مكبر صوت وفضاء اتصالي، فإنه يمكن أن يحقق ترويجًا كبيرًا، مما يجعل هذه القاعدة ذات أهمية خاصة في الإعلام.

قاعدة التبيين: هذه القاعدة وردت في الآية ١٨٧ من سورة آل عمران، ومعناها أننا مكلفون بتبيين الدين. كلمة “مبين” في تعابير مثل الكتاب المبين، الإمام المبين، والدين المبين، تعني البيان. هذه القاعدة لها دور أساسي في الإعلام.

قاعدة تنظيم الشعائر: هناك العديد من الآيات والروايات في هذا المجال، ودور تعظيم الشعائر في الإعلام بارز ومهم جدًا.

الفقه المعاصر: ما هي القواعد العامة ولكن الشائعة الاستخدام في فقه الإعلام؟

قطبي: قاعدة الأهم والمهم: إحدى القواعد التي يمكن أن تُستخدم كثيرًا في الإعلام اليوم، وأرى أنه يجب تطبيقها حتى بشكل جماعي، هي قاعدة الأهم والمهم، أي إعطاء الأولوية للأهم على المهم، وعدم إعطاء الأولوية للمهم على الأهم. على سبيل المثال، رغم أن العديد من المباحث الدينية والمعرفية والاجتماعية مهمة، إلا أن في يوم عاشوراء، تكتسب مباحث شهادة الإمام الحسين (ع) أهمية أعلى. أو في ليلة القدر، يمكننا أن نبث تلاوة القرآن من بداية الليل إلى الصباح، وهو أمر مهم، ولكن الأهم من القرآن هو بث دعاء القرآن حتى يتمكن الأشخاص في بيوتهم من أداء هذه الشعائر مع الإعلام.

قاعدة وجوب دفع الأفسد بالفاسد: إلى جانب قاعدة الأهم والمهم، هناك قاعدة أخرى تُسمى وجوب دفع الأفسد بالفاسد، وهي ذات أهمية كبيرة في الإعلام. على سبيل المثال، إذا بثثنا فيلمًا يحتوي على بعض الإشكاليات، ولكننا متأكدون أنه يمنع فعلاً أسوأ ويخلق قيمة إيجابية، فهذا يندرج تحت دفع الأفسد بالفاسد.

قاعدة النظم والانتظام: على سبيل المثال، يبث التلفاز والراديو الأذان في الأوقات الشرعية عبر جميع قنواتهما، ويصبح هذا الأذان أساسًا لأداء الصلاة، الإفطار، وغيرها من الأمور العبادية. أو عند إعلان يوم الفطر، يفطر الجميع صيامهم. هذا الأمر يمثل نظمًا وانتظامًا يجب أن يكون موجودًا في الإعلام.

قاعدة الاستحكام في العمل: أو بعبارة أخرى، قاعدة الاستقامة في العمل. معنى هذه القاعدة أن كل من يقوم بعمل يجب أن يؤديه بجدية ودقة وانتظام. هذا الأمر مهم جدًا في الإعلام.

قاعدة التكريم والتوقير: أن نكرم كبارنا ونوقر شيوخنا وكبار السن ونحافظ على وقارهم، وهذا له دلالة كبيرة في الإعلام. على سبيل المثال، في قسم الأخبار الإعلامية، تطبيق هذه القاعدة يتطلب البدء بالأخبار المتعلقة بالأشخاص الأكبر سنًا قبل الانتقال إلى أخبار الأطفال، أو من باب احترام الأطفال، البدء بالأخبار المتعلقة بهم. في الأفلام والمسلسلات، يكون هذا المعنى أكثر وضوحًا.

قاعدة فضل الجماعة: هذه القاعدة تعبر عن أن تكوين الجماعات والتجمعات له فضيلة، والإعلام يمكن أن يساعد كثيرًا في هذا المجال. حتى وسائل التواصل الاجتماعي يمكنها إنشاء مجموعات تمثل مصداقًا لهذه القاعدة. قد نقول إن إنشاء مجموعة أفضل من القناة، لأن القناة تجمع الأفراد في مكان واحد فقط، بينما المجموعة تمنحهم أدوارًا أيضًا.

قاعدة الارتباط والتكامل: التي لها دلالة كبيرة في الإعلام.

قاعدة طلب النمو والتطور: التي تلعب دورًا رئيسيًا في صناعة البرامج.

قاعدة الحياء والاستحياء والاستعفاف: في الإعلام، تتعلق هذه القاعدة بكيفية تغطية السيدات أو مقدمي البرامج، أو طريقة تقديمهم وأدوارهم بحيث لا تتعارض مع الحياء.

قاعدة أصالة الصحة: في الإعلام، الذي قد يكون مصدرًا للعديد من المحرمات، تكون هذه القاعدة ذات تطبيق واسع.

قاعدة سوق المسلمين: يمكن تعميم هذه القاعدة على المباحث الإعلامية أيضًا.

قاعدة شأن النظام الإسلامي: في استفتاءات قائد الثورة الإسلامية، عندما سُئل عن الموسيقى، أفتى بحرمتها إذا كانت مضلة، وفيما يتعلق ببث الموسيقى عبر التلفاز، قال إن ذلك لا يليق بشأن النظام الإسلامي. هنا تُطرح قاعدة “شأن النظام الإسلامي” أو “لزوم مراعاة شأن النظام الإسلامي”. على سبيل المثال، قد لا يكون عرض آلات الموسيقى محرمًا بحد ذاته، ولكنه قد يكون حرامًا لأنه يتعارض مع شأن النظام الإسلامي.

قاعدة المرابطة: في الآية ٢٠٠ من سورة آل عمران، يُشار بدقة إلى الاتصالات والمرابطة. الإعلام اليوم يمثل مصداقًا بارزًا وكبيرًا للمرابطة، سواء على مستوى الحي أو داخل الأسرة أو على المستوى الدولي. اليوم، من خلال فضاءات مثل إنستغرام، نتحدث مع العالم ونقيم اتصالات معه. من الناحية الفقهية، تقول قاعدة المرابطة إنك مجاز بإقامة هذا الاتصال مع مراعاة شروطه، مثل نفي السبيل أو عدم إثارة الشهوة وما إلى ذلك.

قاعدة الزينة: هذه القاعدة من القواعد الجيدة جدًا في الإعلام. الآية “خذوا زينتكم عند كل مسجد” تعني أن عليكم مراعاة الزينة في الفضاءات العبادية والمعنوية والاتصالات المعنوية. وهذا ليس مقتصرًا على العبادة، بل يمكن اعتباره قاعدة عامة يمكن الاستفادة منها كثيرًا في الإعلام.

قاعدة تثبيت الفؤاد: أريد أن أذكر قاعدة أعتقد أن الإعلام يمثل مصداقًا بارزًا وجديًا لها، وهي قاعدة تثبيت الفؤاد. في الآية ١٢٠ من سورة هود، يخاطب القرآن النبي الأكرم (ص) قائلاً إننا أنزلنا القرآن عليك شيئًا فشيئًا لتثبيت فؤادك تدريجيًا: “لِيَثَبِّتَ بهِ فُؤادَك”. هذا يدل على أن التعليم التدريجي والتعرض المستمر لمعنى أو مفهوم أو تعليم عظيم مثل القرآن يؤدي تدريجيًا إلى تثبيت الفؤاد. إذا كان هذا ينطبق على النبي، فيمكن أن ينطبق علينا أيضًا. لذا، تثبيت الفؤاد يعني إرسال المعارف بشكل تدريجي ومستمر. كان بإمكان الله أن ينزل القرآن دفعة واحدة، لكنه أنزله على مدى ٢٣ عامًا ليكون “لِيَثَبِّتَ بهِ فُؤادَك”. يمكن للإعلام أيضًا أن يقوم بأنشطة تدريجية وصغيرة لتحقيق تثبيت الفؤاد. في علم نفس الإعلام، يقال إنه إذا قدمت المحتوى بشكل تدريجي للجمهور، فإنك تجذبهم تدريجيًا إلى فكرتك. قد يكون لديهم تحفظ في البداية أو نظرة سلبية، لكنهم بعد فترة يهدأون وينجذبون، ثم يصبحون في النهاية متعاونين، أي ينتقلون من التفاهم إلى التعاطف والتوافق.

هناك قواعد أخرى مثل قاعدة المصلحة أو حرمة الإهانة للمقدسات، التي ذُكرت في كلام العلماء الأعاظم ولها ثمرات كثيرة في الإعلام.

الفقه المعاصر: ما هي الطريقة أو المنهج الذي تقترحه لاكتشاف القواعد المخصصة لفقه الإعلام؟

قطبي: أعتقد أنه يمكن الاقتراب من الموضوع من جهتين:

الأولى: أن نتوجه إلى استخراج القواعد أو نأخذ القواعد التي استخرجها علماؤنا، وهذا الباب لا يزال مفتوحًا وليس حصريًا عليهم، ثم نبحث عن مصاديقها في الإعلام. على سبيل المثال، قاعدة المرابطة، من حيث إمكانية إنشاء شبكة اجتماعية بها، ترتبط بالإعلام. أو قاعدة النظم، من حيث أهميتها الكبيرة في الأعمال الإعلامية، خاصة البث المباشر، ترتبط بفقه الإعلام.

الطريقة الأخرى: أن ندخل الموضوع من زاوية الإعلام، ومن خلال تحليل الإعلام وتفكيك أبعاده وجوانبه، نرى ما الذي له أهمية في الإعلام، وبالنسبة للأمور المهمة جدًا والتي تمثل أسئلة أساسية وجوهرية نواجهها في كل مكان في الإعلام، نذهب لصياغة قاعدة. إذا وجدنا قاعدة، فالحمد لله، وإذا لم توجد، نستعين بالقواعد العامة.

على سبيل المثال، عندما نرى في الإعلام أننا مضطرون لعرض أمور غير مرغوبة لمنع أمور أسوأ، نصل إلى قاعدة الأهم والمهم أو وجوب دفع الأفسد بالفاسد. أو عندما نرى أنه لا يمكن بث درس طويل، مثل ساعتين، في الإعلام، بل يجب تقسيمه إلى أجزاء صغيرة ونشره كمنشورات وتعليقات ليكون له تأثير أكبر ويُرى بشكل أفضل، نبحث عن حجة شرعية ونصل إلى قاعدة تثبيت الفؤاد، التي تُعرف في التعليم والتربية بالتعليم المصغر أو التعليم البلوري.

أضيف نقطة أخرى، وهي أنه في مجال الإعلام، ربما إذا عملنا على القواعد، سيكون نجاحنا أكبر من التركيز فقط على الأحكام المصداقية. الإعلام يمتلك مجالاً اجتماعياً واسعاً؛ فقد كان في يوم من الأيام يقتصر على التلفاز والراديو مع بضع مئات أو آلاف من الأشخاص على الأكثر، وكنا حينها قادرين على القول لهم: هذا حرام وهذا حلال، افعل هذا ولا تفعل ذاك. لكن اليوم، أصبح الإعلام في متناول جميع أفراد المجتمع. في وسائل الإعلام الحديثة، لم يعد الناس مجرد مستهلكين، بل أصبحوا، من خلال الإعجابات، المتابعة، النشر، وكتابة التعليقات، منتجين للمحتوى أيضاً، وبالتالي يجب عليهم مراعاة أحكام الإعلام. لا يمكننا أن نأتي ونبين أحكام كل هذه المصاديق الكثيرة، بل يجب أن نُعرّف الناس بالقواعد الفقهية. ينبغي أن نروج لأحكام الإعلام في المجتمع باستخدام نموذج القاعدة الفقهية حتى يتمكن الناس بأنفسهم من إيجاد المصاديق بقدراتهم. الناس اليوم، ولله الحمد، يمتلكون ثقافة جيدة ويمكنهم إيجاد المصاديق بشكل جيد، وإن كانوا لا يزالون بحاجة إلى المساعدة والتعليم.

Source: External Source