باحث في فقه الاقتصاد في حوار خاص مع فقه معاصر:

تجليات الفقه في تسخير الاقتصاد لخدمة الشعب/4

الخطوة الأولى لتسخير الاقتصاد للشعب هي كسر الاحتكار في جميع مجالات الإنتاج، وأن يتحقق اقتصاد السوق بيد الشعب. شرط كسر الاحتكار هو القضاء على الامتيازات الخاصة في جميع قطاعات الاقتصاد. المرحلة الأولى للقضاء على الاحتكار هي توزيع الثروة بشكل عادل في المجتمع. شرط توزيع الثروة بشكل عادل هو اختيار نوع النقود وطريقة إصدارها. النقود الائتمانية، بسبب إمكانية خلق النقود ومنح التسهيلات من خلال عملية خلق النقود، تؤدي إلى خلق قمم ثروة في المجتمع، مما يسبب إعادة توزيع الثروة ويشكل العائق الأكبر أمام تسخير الاقتصاد للشعب.

إشارة: يعمل الحجة الإسلام والمسلمين السيد محمد حسين متولي إمامي منذ سنوات في الدعم النظري للحكومة الإسلامية من خلال الأنشطة التعليمية والبحثية، وأسس معهد الأبحاث الاستراتيجية للحضارة الإسلامية (متا). منذ سنوات، يجري أبحاثًا في الاقتصاد الإسلامي، ويطرح مصطلح «النقود الذهبية» بجدية في فضاء المعرفة الاقتصادية. تحدثنا معه حول ماهية وأبعاد تسخير الاقتصاد للشعب، حيث يرى أن هذا المفهوم، كما عبر عنه قائد الثورة، يختلف عن الخصخصة أو السوق الحرة في الاقتصاد الغربي، ويعتبر تغيير النقود الائتمانية إلى نقود ذهبية الحل الأساسي لهذا الهدف.

ما معنى تسخير الاقتصاد للشعب؟

السيد محمد حسين متولي إمامي: تسخير الاقتصاد للشعب يعني وضع الثروة وأدوات الإنتاج بيد الشعب. بعبارة أخرى، يجب أن تكون حاجات السوق وعملية الإنتاج بيد الشعب وغير محتكرة.

ما الفرق المفاهيمي بين تسخير الاقتصاد للشعب والخصخصة؟

السيد محمد حسين متولي إمامي: الخصخصة، بمعنى Privatization في الاقتصاد الغربي، تختلف عن تسخير الاقتصاد للشعب. في النظام الرأسمالي، تعني الخصخصة وضع الثروة والإنتاج بيد فئة من أصحاب رؤوس الأموال، حيث يُعتبر الشعب في هذه العملية مستهلكين وعبيدًا للنظام الرأسمالي.

ما هي الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومة والشعب لتحقيق تسخير الاقتصاد للشعب؟

السيد محمد حسين متولي إمامي: الخطوة الأولى لتسخير الاقتصاد هي كسر الاحتكار في جميع مجالات الإنتاج، بحيث يتحقق اقتصاد السوق بيد الشعب. شرط كسر الاحتكار هو القضاء على الامتيازات الخاصة في جميع قطاعات الاقتصاد. المرحلة الأولى للقضاء على الاحتكار هي توزيع الثروة بشكل عادل في المجتمع. شرط توزيع الثروة بشكل عادل هو اختيار نوع النقود وطريقة إصدارها. النقود الائتمانية، بسبب إمكانية خلق النقود ومنح التسهيلات من خلال عملية خلق النقود، تؤدي إلى خلق قمم ثروة في المجتمع، مما يسبب إعادة توزيع الثروة ويشكل العائق الأكبر أمام تسخير الاقتصاد للشعب.

هل تسخير الاقتصاد للشعب يعني دعم الاقتصاد الحر وتقليص دور الحكومة، أم أنه لا يرتبط به؟

السيد محمد حسين متولي إمامي: تسخير الاقتصاد للشعب لا يعني اقتصاد السوق الحرة بمعناها الليبرالي. بل يعني كسر الاحتكار وخروج الحكومة كلاعب في السوق. يجب على الحكومة الحفاظ على دورها الرقابي على السوق. للإجابة بشكل أكثر اكتمالاً، يُرجى الاطلاع على مقال «عداء المدرسة النمساوية للدولة ونظرية ولاية الفقيه».
ملاحظة إضافية: نظرًا لأن المدرسة النمساوية تتبنى نهجًا ليبراليًا تجاه الإنسان والمجتمع، فإنها تعطي الأولوية لفردية الإنسان ورغباته الشخصية. وبما أن حكومة الدول تؤدي عادةً إلى سن القوانين وفرض قيود كثيرة على الأفراد، فإن عداء الدولة هو أحد التوجهات غير المكتوبة في المدرسة النمساوية. الليبراليون النمساويون ينفرون من تدخلات الحكام المتعددة والمتنوعة، ويميلون إلى نوع من الأناركية اليمينية. يصف الليبراليون المتطرفون في هذه المدرسة الدولة بأنها شر لازم، ويقتصر دورها على حفظ الأمن، على الرغم من أنهم في كثير من الحالات يعتبرون الدولة نفسها مصدرًا لعدم الاستقرار. إن منح الحرية المفرطة للإنسان ونزع الدولة من جميع قطاعات المجتمع جعل التوجهات السياسية لهذه المدرسة تأخذ طابعًا مثاليًا وغير واقعي.
في المصادر الإسلامية، تُعتبر مكافحة الاحتكار، والقضاء على الامتيازات الخاصة، ومكافحة الربا من أهم واجبات الحكومة الإسلامية في السوق. على النقيض، فإن تسعير السلع، وتركيز الثروة، والتمييز في توزيعها هي مناطق محظورة على الحكومة الإسلامية. لذلك، تم صياغة الاقتصاد السياسي لنظرية النقود الذهبية مع مراعاة هذه الأمور، ولا علاقة له بالمدرسة النمساوية ونهجها العدائي للدولة والأناركي. إن نظرية ولاية الفقيه هي من الأسس الأساسية للاقتصاد السياسي لنظرية النقود الذهبية.
يمكن اعتبار خطاب النقود الشعبية، واحترام الملكية الشخصية للأفراد، وضرورة أن تكون النقود سلعة، من القضايا المشتركة بين نظرية النقود الذهبية والمدرسة النمساوية، على الرغم من أن هذه القضايا تأخذ طابعًا مغايرًا في النظام المعنوي لولاية الفقيه، مما يخلق نهجًا مختلفًا في الاقتصاد مقارنة بالاقتصاد السياسي للمدرسة النمساوية.

هل تسخير الاقتصاد للشعب متوافق مع النظريات الاقتصادية المختلفة، أم أنه ينطبق فقط على بعضها؟

السيد محمد حسين متولي إمامي: بالتأكيد، تسخير الاقتصاد للشعب لا يتوافق مع الاقتصاد الرأسمالي، أو الاقتصاد الشيوعي، أو الاقتصاد النيوليبرالي، ويجب البحث عن أسسه في نصوص الاقتصاد الإسلامي.

هل تسخير الاقتصاد للشعب نظرية خاصة ببلادنا، أم أنها طُبقت في دول أخرى وأنظمة اقتصادية غير إسلامية؟ وما هي تجربة هذه الدول في هذا الصدد؟

السيد محمد حسين متولي إمامي: تسخير الاقتصاد للشعب، بالمعنى الذي عبّر عنه قائد الثورة، هو نظرية خاصة ببلادنا، لأنها يجب أن تُفسر في إطار أسس القرآن والروايات. لكن هناك نظريات مشابهة ظاهريًا في الاقتصاد الغربي تترجم تسخير الاقتصاد للشعب إلى عداء للدولة، وهي نوع من الأناركية اليمينية وتوجهات معادية للدولة، مما يؤدي إلى اقتصاد السوق الحرة.

ما هي مزايا وأضرار تسخير الاقتصاد للشعب؟

السيد محمد حسين متولي إمامي: لا يمكن اعتبار الاقتصاد الشعبي مضرًا، لأن طبيعة وواقع الاقتصاد والسوق يجب أن يكونا شعبيين. الاقتصاد الحكومي، والاقتصاد الريعي، والاقتصاد الرأسمالي قد أخلّت بطبيعة السوق وتسببت في الأضرار الحالية. تسخير الاقتصاد للشعب يؤدي إلى نمو طبيعي وحقيقي للإنتاج، وتدوير عادل للثروة في المجتمع، ودعم المنتج الحقيقي، والقضاء على الريع السياسي والاقتصادي.

Source: External Source