الدكتور رمضان علي بذرافشان في حوار خاص مع فقه معاصر:

فقه الحكم في الفضاء الافتراضي/20

وجود عبارات كيفية وغير كمية مثل «المصلحة»، «العدالة», «حسن التنفيذ» وما شابه ذلك، يمكن أن يشكل أرضية لتطبيق الآراء الشخصية في طريقة الإشراف. لتقليل هذا الخطر والتحرك نحو إشراف أدق وأكثر موضوعية، يمكن النظر في حلول مثل صياغة مؤشرات كمية، إنشاء آليات شفافة ومساءلة، والتعاون بين المؤسسات الفقهية وغير الفقهية.

إشارة: ربما يمكن القول إن مطلع كلام الذين يعملون في المؤسسات التشريعية أو السياسية، هو الشكوى من عدم الالتفات إلى السياسات والقوانين من قبل المسؤولين التنفيذيين. هذه الشكوى نفسها موجودة فيما يتعلق بالفضاء الافتراضي أيضًا، والمشرعون والسياسيون، يرون أن المسؤول عن عدم الحكم السليم في الفضاء الافتراضي هو منفذو القوانين والسياسات. لكن في الواقع، كيف يجب الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات في الفضاء الافتراضي؟ د. رمضان علي بذرافشان، عضو هيئة التدريس في الجمعية العلمية للإعلام والدعوة في الحوزات العلمية، يرى أن أحد أهم الطرق هو التركيز على إقرار قوانين وسياسات تستخدم فيها عبارات كمية وغير كيفية؛ أمر يجعل الإشراف على تنفيذها أدق وأسهل. تفاصيل الحوار الخاص للفقه المعاصر مع هذا الباحث والناشط الإعلامي، كالتالي:

الفقه المعاصر: هل للفقه توصيات وأقوال خاصة حول كيفية الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات فيما يتعلق بالفضاء الافتراضي؟

بذرافشان: الفقه الإسلامي، كونه نظامًا شاملاً يهتم بجميع أبعاد حياة الإنسان، يقدم بالتأكيد توصيات وأقوال خاصة حول كيفية الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات فيما يتعلق بالفضاء الافتراضي. هذه التوصيات مبنية على مبادئ فقهية عامة مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حفظ المصالح العامة، ومنع المفاسد وما إلى ذلك.

على سبيل المثال، يؤكد الفقه الإسلامي على ضرورة منع نشر المحتوى الضار، مثل المحتوى الخلافي للأخلاق، الترويج للعنف، ونشر المعلومات غير الصحيحة. يمكن أن يتم الإشراف على المحتوى المنشور في الفضاء الافتراضي من خلال آليات مختلفة مثل التصفية، تقارير الانتهاكات من قبل المستخدمين، والإشراف على المنصات عبر الإنترنت.

كما يؤكد الفقه الإسلامي على ضرورة مراعاة الأخلاق والآداب الإسلامية في الفضاء الافتراضي. يمكن أن يتم الإشراف على سلوك المستخدمين من خلال التعليم والتوعية، وكذلك تطبيق عقوبات مناسبة للانتهاكات.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد الفقه الإسلامي على ضرورة مساءلة المنصات عبر الإنترنت عن المحتوى المنشور وسلوك المستخدمين. يمكن أن يتم الإشراف على المنصات عبر الإنترنت من خلال إلزامها بمراعاة القوانين واللوائح، وكذلك إنشاء آليات شفافة لمعالجة شكاوى المستخدمين.

أخيرًا، يؤكد الفقه الإسلامي على ضرورة المشاركة العامة في الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات فيما يتعلق بالفضاء الافتراضي. يمكن أن تتم هذه المشاركة من خلال تقديم الردود والاقتراحات، تقارير الانتهاكات، وكذلك المشاركة في صياغة القوانين واللوائح.

نظام المواضيع والقضايا المتعلقة بالتوصيات والأقوال الفقهية حول كيفية الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات في الفضاء الافتراضي هي:

  1. الإشراف على المحتوى المنشور: منع نشر المحتوى الضار (خلاف الأخلاق، الترويج للعنف، معلومات غير صحيحة)، آليات الإشراف (التصفية، تقارير الانتهاكات، الإشراف على المنصات)
  2. الإشراف على سلوك المستخدمين: مراعاة الأخلاق والآداب الإسلامية في الفضاء الافتراضي، آليات الإشراف (التعليم، التوعية، العقوبات)
  3. الإشراف على المنصات عبر الإنترنت: مساءلة المنصات عن المحتوى وسلوك المستخدمين، آليات الإشراف (إلزام بمراعاة القوانين، معالجة الشكاوى)
  4. الإشراف على حفظ الخصوصية: حماية البيانات الشخصية، آليات الإشراف (القوانين واللوائح، الإشراف على الشركات التكنولوجية)
  5. الإشراف على المعاملات عبر الإنترنت: مراعاة المبادئ الشرعية في المعاملات عبر الإنترنت، آليات الإشراف (القوانين واللوائح، الإشراف على منصات التجارة الإلكترونية) المشاركة العامة في الإشراف: تقديم الردود والاقتراحات، تقارير الانتهاكات، المشاركة في صياغة القوانين واللوائح و. .
  6. المبادئ الفقهية العامة المتعلقة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حفظ المصالح العامة، منع المفاسد
  7. أمور أخرى: حرية التعبير، حقوق المستخدمين، المسؤولية في الفضاء الافتراضي أو حتى المسؤولية لأنواع الروبوتات الذكاء الاصطناعي أو المنصات الذكاء الاصطناعي

الفقه المعاصر: ما هي أهم القضايا الفقهية حول الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات في الفضاء الافتراضي؟

بذرافشان: الفقه الإسلامي الشيعي، مع النظر إلى مبادئه وقواعده الشاملة، يطرح قضايا متعددة في مجال الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات في الفضاء الافتراضي.

واحدة من أهم هذه القضايا، مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هذا المبدأ الفقهي الأساسي، يضع مهمة الإشراف الجماعي على عاتق المؤمنين. في الفضاء الافتراضي، يمكن تطبيق هذا المبدأ بأشكال مختلفة، بما في ذلك تقرير المحتوى الخلافي للشرع والقانون، التذكير والإرشاد للمستخدمين المخطئين، والمشاركة في صياغة وتنفيذ القوانين والسياسات المتعلقة بالفضاء الافتراضي.

حفظ المصالح العامة، من القضايا المهمة الأخرى الفقهية في هذا المجال. يرى الفقه الشيعي حفظ المصالح العامة من الوظائف المهمة للحاكم الإسلامي. في الفضاء الافتراضي، يمكن أن يؤدي هذا المبدأ إلى تبرير إشراف الحكومة على هذا الفضاء. أمور مثل حفظ الأمن السيبراني، منع نشر المعلومات غير الصحيحة والضارة، ودعم خصوصية الأفراد، من بين المصالح العامة التي يجب الالتفات إليها في الفضاء الافتراضي.

منع المفاسد، من القضايا المهمة الأخرى الفقهية في هذا المجال. يرى الفقه الشيعي منع المفاسد من الوظائف المهمة للحاكم الإسلامي. في الفضاء الافتراضي، يمكن أن يؤدي هذا المبدأ إلى تبرير الإشراف على المحتوى المنشور وأنشطة المستخدمين. أمور مثل الترويج للعنف، نشر الفحشاء، وسوء استخدام الأطفال، من بين المفاسد التي يجب منعها في الفضاء الافتراضي.

الخصوصية، من القضايا المهمة الأخرى الفقهية في هذا المجال. يحترم الفقه الشيعي خصوصية الأفراد. في الفضاء الافتراضي، يمكن أن يؤدي هذا المبدأ إلى تقييد الإشرافات غير الضرورية وحماية بيانات المستخدمين الشخصية.

العدالة والإنصاف، من القضايا المهمة الأخرى الفقهية في هذا المجال. يؤكد الفقه الشيعي على ضرورة مراعاة العدالة والإنصاف في جميع الأمور. في الفضاء الافتراضي، يمكن أن يؤدي هذا المبدأ إلى تبرير الإشراف غير المتحيز وغير التمييزي على تنفيذ القوانين والسياسات.

حقوق الملكية الفكرية، من القضايا المهمة الأخرى الفقهية في هذا المجال. يعترف الفقه الشيعي بحقوق الملكية الفكرية. في الفضاء الافتراضي، يمكن أن يؤدي هذا المبدأ إلى تبرير حماية الأعمال الفنية والأدبية والعلمية ضد النسخ غير المصرح به.

بعض القضايا الدقيقة للمواضيع أعلاه، كالتالي:

  1. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: تحديد مصاديق المعروف والمنكر في الفضاء الافتراضي، كيفية تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون انتهاك حقوق الآخرين، الوظائف والمسؤوليات للأفراد والجماعات والحكومة في هذا المجال.
  2. حفظ المصالح العامة: تحديد حدود وثغور المصالح العامة في الفضاء الافتراضي، التوازن بين المصالح العامة والحقوق الفردية، دور الحكومة في حفظ المصالح العامة في الفضاء الافتراضي.
  3. منع المفاسد: تحديد مصاديق المفاسد في الفضاء الافتراضي، كيفية منع المفاسد دون انتهاك حرية التعبير، دور المؤسسات المختلفة في منع المفاسد.
  4. الخصوصية: تحديد حدود الخصوصية في الفضاء الافتراضي، التوازن بين الخصوصية والمصالح العامة، حماية بيانات المستخدمين الشخصية.
  5. العدالة والإنصاف: الإشراف غير المتحيز وغير التمييزي على تنفيذ القوانين، الوصول المتساوي إلى المعلومات والفرص في الفضاء الافتراضي، تعويض الخسائر الواردة على الأفراد في الفضاء الافتراضي.
  6. حقوق الملكية الفكرية: تحديد مصاديق حقوق الملكية الفكرية في الفضاء الافتراضي، حماية الأعمال الفنية والأدبية والعلمية ضد النسخ غير المصرح به، التوازن بين حقوق الملكية الفكرية وحرية المعلومات.

الفقه المعاصر: في مجال الإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات، هل يمكن العمل بناءً على المصلحة أم يجب العمل فقط بناءً على القانون؟

بذرافشان: في الفقه الشيعي، النقاش حول العلاقة بين المصلحة والقانون، من النقاشات المعقدة ولها أبعاد متعددة. باختصار، يمكن القول إن في الحالة العادية، المبدأ هو تنفيذ القوانين الشرعية والقانونية. يؤكد الفقهاء على ضرورة الالتزام بالأحكام الإلهية والقوانين المعتمدة. القانون إطار محدد ومدون يمنع الهرج والمرج وتطبيق الآراء الشخصية.

مع ذلك، يأخذ الفقه الشيعي مبدأ المصلحة أيضًا كمبدأ مهم. في الظروف الخاصة، قد يؤدي تنفيذ قانون إلى ظهور مفسدة أكبر. في هذه الظروف، يمكن للحاكم الإسلامي، مع مراعاة المصلحة العامة، اتخاذ قرار آخر. يجب أن لا تتعارض المصلحة مع المبادئ العامة للشرع والقانون الأساسي.

بين فقهاء الشيعة، هناك اختلاف في الرأي حول حدود وثغور تطبيق المصلحة. بعض الفقهاء يرون نطاق المصلحة أضيق وبعضهم الآخر أوسع. يجب أن يتم تطبيق المصلحة تحت إشراف دقيق ومع مراعاة الضوابط الشرعية والقانونية لمنع سوء الاستخدام منها.

في مجال الفضاء الافتراضي أيضًا يطرح هذا النقاش. مع النظر إلى طبيعة هذا الفضاء المتغيرة والمعقدة، قد لا يكفي في بعض الحالات تنفيذ القوانين الحالية فقط وقد تكون هناك حاجة لتطبيق المصلحة. لكن هذا التطبيق للمصلحة يجب أن يتم مع مراعاة المبادئ الشرعية والقانونية ومع مراعاة حقوق المستخدمين.

الفقه المعاصر: هل وجود عبارات كيفية وغير كمية مثل «المصلحة», «العدالة», «حسن التنفيذ» وما شابه ذلك، لا يؤدي إلى تحويل طريقة الإشراف إلى أمر شخصي؟ ما هي الحلول لجعل هذه العبارات كمية، ويجب أن يتم هذا العمل من قبل أي مؤسسة (فقهية أو غير فقهية)؟

بذرافشان: نعم، وجود عبارات كيفية وغير كمية مثل «المصلحة», «العدالة», «حسن التنفيذ» وما شابه ذلك، يمكن أن يشكل أرضية لتطبيق الآراء الشخصية في طريقة الإشراف. لتقليل هذا الخطر والتحرك نحو إشراف أدق وأكثر موضوعية، يمكن النظر في حلول مثل صياغة مؤشرات كمية، إنشاء آليات شفافة ومساءلة، والتعاون بين المؤسسات الفقهية وغير الفقهية.

على سبيل المثال، لمفهوم «العدالة» في الفضاء الافتراضي، يمكن تعريف مؤشرات مثل «الوصول المتساوي إلى المعلومات», «التصرف المتساوي مع الانتهاكات», و«مستوى رضا المستخدمين عن طريقة معالجة الشكاوى».

كما أن جمع وتحليل البيانات المتعلقة بأنشطة المستخدمين، المحتوى المنشور، وأداء المنصات، يمكن أن يساعد في تقديم صورة أدق عن حالة الفضاء الافتراضي وقياس مستوى تحقيق الأهداف الإشرافية.

استخدام التكنولوجيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات يمكن أن يلعب دورًا فعالاً في تحديد الأنماط، قياس مستوى مراعاة القوانين واللوائح، وتقديم تقارير دقيقة وموثقة.

أخيرًا، التعاون والتفاعل البناء بين المؤسسات الفقهية والقانونية أمر ضروري للوصول إلى إشراف شامل وفعال. يمكن للمؤسسات الفقهية، من خلال تقديم إطارات أخلاقية وقيم إسلامية، المساعدة في تحديد المؤشرات الكمية ومعايير الإشراف. يمكن للمؤسسات القانونية والمتخصصة مثل المتخصصين في الحقوق، علوم الحاسوب، والعلوم الاجتماعية أيضًا أن تلعب دورًا في صياغة المؤشرات الكمية، تصميم آليات الإشراف، وتقييم أداء نظام الإشراف.

نظام المواضيع والقضايا المتعلقة بالكلمات “المصلحة”، “العدالة” و”حسن التنفيذ” في الفضاء الافتراضي

مع النظر إلى أهمية المفاهيم الثلاثة «المصلحة»، «العدالة» و«حسن التنفيذ» في الحكم والإشراف على الفضاء الافتراضي، أشير إلى بعض المواضيع المتعلقة بهذه الثلاث:

  1. المصلحة:

المواضيع: تعريف ومفهوم المصلحة في الفضاء الافتراضي، أنواع المصالح المتعلقة بالفضاء الافتراضي (مثل الأمن الوطني، حفظ الخصوصية، التنمية الاقتصادية)، التعارض بين المصالح المختلفة وكيفية تفضيلها، دور المصلحة في تفسير وتنفيذ القوانين والسياسات، قيود تطبيق المصلحة ومنع سوء الاستخدام منها.

القضايا: هل تصفية بعض المواقع بسبب تهديد الأمن الوطني، متوافقة مع المصلحة العامة؟/ هل جمع وتحليل بيانات المستخدمين من قبل الشركات التكنولوجية، بسبب مصلحة التنمية الاقتصادية، قابل للتبرير؟/ كيف يمكن إنشاء توازن بين مصلحة حفظ الخصوصية ومصلحة مكافحة الجرائم السيبرانية؟

  1. العدالة

المواضيع: تعريف ومفهوم العدالة في الفضاء الافتراضي، أبعاد مختلفة للعدالة في الفضاء الافتراضي (مثل الوصول العادل، توزيع عادل للفرص، التصرف العادل مع المستخدمين)، دور العدالة في تصميم وتنفيذ القوانين والسياسات، دور المؤسسات الإشرافية في تحقيق العدالة.

القضايا: هل يصل جميع الأفراد بشكل متساوٍ إلى الإنترنت والخدمات الرقمية؟/ هل تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي بدون تمييز وعادلة؟/ كيف يمكن الدفاع عن حقوق المستخدمين أمام الشركات التكنولوجية الكبيرة؟

  1. حسن التنفيذ

المواضيع: معايير حسن التنفيذ في الفضاء الافتراضي (مثل الشفافية، المساءلة، الكفاءة)، دور المؤسسات الإشرافية في تقييم حسن التنفيذ، حلول تحسين حسن التنفيذ في القوانين والسياسات.

القضايا: هل تنفذ قوانين وسياسات الفضاء الافتراضي بشكل صحيح؟/ هل تقوم المؤسسات الإشرافية بواجباتها بشكل صحيح؟/ كيف يمكن منع الفساد وسوء الاستخدام في الفضاء الافتراضي؟

Source: External Source