وفقًا لتقرير قاعدة المعلومات لمعهد دراسات الفقه المعاصر، عُقدت الجلسة العلمية لمجموعة فقه الموارد الطبيعية والبيئة بعنوان «ملكية المياه السطحية؛ نقد الرأي المشهور لدى الفقهاء» مساء الثلاثاء ۱۳ آبان ۱۴۰۴ شمسي (الموافق ۳۰ ربيع الآخر ۱۴۴۶ هـ) في مقر المعهد.
حضر في هذه الجلسة حجة الإسلام والمسلمين الدكتور يعقوب علي برجي، عضو المجلس العلمي لمجموعة فقه الموارد الطبيعية والبيئة كمقدم، وحجة الإسلام والمسلمين السيد حميد جوشقاني كأمين الجلسة.
في بداية الجلسة، قدم حجة الإسلام والمسلمين السيد حميد جوشقاني تعازيه بأيام الفاطمية وإحياء ذكرى الثالث عشر من آبان، وأعلن عقد الجلسة العلمية الثانية لهذا العام لمجموعة فقه الموارد الطبيعية والبيئة بحضور الدكتور برجي ومحور «ملكية المياه السطحية»، معبرًا عن أمله في أن تساهم هذه النقاشات في توضيح الرؤية الفقهية الإسلامية حول الموارد الطبيعية.
ثم بدأ حجة الإسلام والمسلمين برجي كلامه مشيرًا إلى أهمية قضية الماء المتزايدة في أعقاب الجفاف الأخير وانخفاض الموارد الجوفية، مؤكدًا أن النقاشات الفقهية يمكن أن توضح الواجبات الدينية والأخلاقية للإنسان تجاه هذه النعمة الإلهية، وتساعد في تعزيز ثقافة الاستهلاك المسؤول للماء.
أضاف عضو المجلس العلمي لمجموعة فقه الموارد الطبيعية والبيئة في معهد دراسات الفقه المعاصر أن الفقهاء المشهورين يعتبرون المياه السطحية من «المشتركات»، وقال: «في هذا البحث، نقدنا الرأي المشهور فعليًا، ونعتقد أن هذه المياه ليست من المشتركات، بل من الأنفال وفي تصرف الحكومة الإسلامية. لذا، يمكن للحكومة التصرف فيها وإدارتها وفقًا لمصالح المجتمع».
وفقًا للدكتور برجي، أكد فقهاء الشيعة من عصر الشيخ الطوسي إلى المتأخرين مثل الإمام الخميني، آية الله الفاضل اللنكراني، وآية الله المكارم الشيرازي، عمومًا على الاشتراك العام في المياه السطحية. ثم قدم تاريخًا لنقاشات الماء في الفقه، مشيرًا إلى دراسة واسعة للمصادر الفقهية من عصر الشيخ المفيد إلى اليوم، موضحًا أن أول تقسيم مفصل للماء قدمه الشيخ الطوسي في كتاب المبسوط، وقسّم المياه إلى ثلاث فئات: مملوكة، مباحة، ومختلف فيها.
أكد عضو المجلس العلمي لمجموعة فقه الموارد الطبيعية والبيئة في معهد دراسات الفقه المعاصر في المتابعة أنه لا حاجة لاجتياز ثلاث مراحل للدراسة، وقال: الروايات الأولية التي تدل على اشتراك المياه العامة بين الناس تواجه إشكالات سندية ودلالية، ولا تستطيع معارضة أدلة الأنفال.
أضاف حجة الإسلام والمسلمين برجي: قبل الوصول إلى مناقشة المرجحات، يجب دراسة ثلاث فئات من الروايات في هذا المجال ليتبين في أي قسم يثبت الادعاء. وفقًا له، الحكومة من باب الأحكام الأولية لا حق لها في التصرف في الأموال العامة، لكن من باب الحكم الحكومي يمكنها التدخل في الأملاك الخاصة أو العامة عند الضرورة؛ مع فارق أنه إذا كان المورد من مصاديق الأنفال، فلا حاجة للحكم الحكومي، لأن الأحكام الأولية نفسها تثبت ملكية الإمام.
أوضح المقدم الفرق بين «المشتركات» و«المباحات»، قائلاً إن المشتركات تنقسم إلى قسمين: المصالح المشتركة (مثل المسجد والطريق) والمباحات المشتركة (مثل الماء والمرعى) التي يمكن حيازتها وتملكها. لذا، تقع المياه العامة في زمرة المباحات المشتركة، رغم أن بعض الفقهاء استخدم تعبير «المشتركات» لكلا القسمين.
ثم أشار إلى ثلاث فئات من الروايات الدالة على الأنفال، وقال: في الفئة الأولى، مثل «صحيحة حفص البختري»، جاء أن جبرائيل أجرى خمسة أنهار وقال: كل ما يُسقى أو يُؤخذ منها للإمام، والبحار التي تحيط بالأرض أيضًا للإمام. هذه الرواية بسند صحيح وبدون غموض تثبت ملكية الإمام للمياه السطحية، لأن إنشاء هذه الموارد لم يكن بيد البشر وتُعد من الأنفال.
في الفئة الثانية، روايات مثل «الأرض وما فيها لنا» تدل على أن الأرض وكل ما فيها للإمام؛ لذا فالمياه العامة مصداق واضح لذلك. في الفئة الثالثة أيضًا روايات تشير إلى أن النبي الأكرم (ص) كان يتصرف ويدير في الموارد المائية العامة، ومن ثم فالحكومة لها الولاية في تخصيص واستغلال المياه.
في الخلاصة، أكد أن الأدلة المتعلقة باشتراك المياه العامة غير معتبرة سنديًا، وفي حال التعارض، فأدلة الأنفال أعلى اعتبارًا وأولوية.
أشار الدكتور برجي: «عندما نقول الأرض وما فيها للإمام، فالمياه العامة مصداق واضح لذلك؛ لأن حفرها وإنشاءها لم يكن بيد الناس وتُعد من الأنفال».
استنادًا إلى الآية «إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ…» والروايات الصحيحة للأنفال، خلص حجة الإسلام والمسلمين برجي إلى أن الملكية الحقيقية للأرض والموارد الطبيعية لله تعالى، وهي في تصرف الإمام والحكومة الإسلامية. وبإضعاف اعتبار روايات اشتراك المياه، أكد أن المياه العامة، بسبب أصلها الطبيعي غير البشري، من مصاديق الأنفال، والحكومة الإسلامية لها حق إدارتها وتخصيصها.
في الجزء الأخير من الجلسة، طرح الحاضرون أسئلة حول حدود الحكم الحكومي في ملكية الموارد المائية، معيار تشخيص الأنفال، وتوسع مصاديقه في العصر الحديث. أجاب المقدم موضحًا أن كل مورد لم يُنسب إنشاؤه إلى الإنسان، مثل المياه الجوفية، في حكم الأنفال وفي تصرف الحكومة الإسلامية. كما أكد أنه في الحالات التي يثبت فيها النص الشرعي ملكية الإمام، فتصرف الناس مشروط بإذن الحكومة، ويجب أن يتم الانتفاع بالموارد الطبيعية في إطار المصالح العامة مع مراعاة العدل بين الأجيال.

