إشارة: كتاب فقه التربية نتيجة ساعات من تدريس الأستاذ الأعرافي، الذي تناوله في السنوات الماضية في الحوزة العلمية خلال دروسه الخارجية. ما هي التربية؟ هل الإنسان قابل للتربية أو للتربية الدينية؟ ما هي المعايير التربوية؟ هل يمكن التأثير في تربية الإنسان بمعايير فقهية؟ يمكن العثور على هذه الأسئلة وإجابات المؤلف عليها في هذا الكتاب. فيما يلي تقرير مختصر عن محتوى الكتاب:
في هذا المقال، الذي هو تقرير عن كتب فقه التربية، ستجد أن الشريعة وبعدها العملي أي الفقه له مكانة خاصة في حياة الإنسان، وهو مجموعة من الواجبات والمحظورات. الفقه والتربية أيضًا لهما دور مهم في حياة كل مسلم، والتربية والتنشئة الشاملة من الاحتياجات الأساسية له. يصل الإنسان في ضوء التربية الصحيحة إلى الكمال. هذان الموضوعان مع تقدم حياة البشر والتغيرات الثقافية والاجتماعية، أخذا شكلاً جديدًا واكتسبا رسالة حديثة. تصميم التعليم والتربية الإسلامي وتنظيم النظام التربوي الإسلامي كان من هموم المهتمين والمتخصصين المخلصين في مجال التعليم والتربية منذ زمن، والتي تشكلت منذ عشرين عامًا على يد آية الله علي رضا الأعرافي ووصلت إلى المجامع العلمية. هذا الكتاب نتيجة جزء من سلسلة نقاشات «فقه التربية» التي أُلقيت في إطار دروس الخارج الفقهية له. المشاركون في هذا الدرس كانوا طلابًا فاضلين ومتمرسين، غالبًا ما درسوا وبحثوا أكاديميًا في تخصص علوم التربية. لهذا الغرض، يُقدم ملخص لنقاشات الكتاب المذكور.
سيرة المؤلف
ولد آية الله الأعرافي عام ۱۳۳۸ شمسي في مدينة ميبد بمحافظة يزد. والده محمد إبراهيم الأعرافي كان من رجال الدين في ميبد وصديقًا مقربًا لقائد الثورة الكبير. دخل الحوزة العلمية في سن المراهقة، وفي فترة قصيرة حضر دروس الخارج في الفقه والأصول لكبار الحوزة واستفاد منهم. له شرف التلمذة على أساتذة مثل آية الله العظمى الفاضل اللنكراني (ره)، آية الله العظمى الشيخ مرتضى الحائري (ره)، آية الله العظمى الوحيد الخراساني (دامت بركاته)، وآية الله العظمى جواد التبريزي (ره).
من أنشطته الثورية يمكن ذكر النضال ضد الطاغوت والجهاد في جبهات القتال ضد البعث. شغل لفترة إمامة الجمعة في مدينة قم المقدسة، مدير الحوزات العلمية في البلاد، مجمع المصطفى العالمي، إمامة الجمعة في محافظة ميبد (محافظة يزد)، عضوية مجلس خبراء القيادة، وعضوية مجلس صيانة الدستور، وقدم خدمات قيمة للبلاد والشعب.
علي رضا الأعرافي له تأليفات متعددة، بعضها بقلمه وبعضها الآخر نتيجة تحرير محاضراته وتدريساته في المحافل الحوزوية والجامعية. معهد الإشراق والعرفان التابع له، وينشر أعماله. مجموعة فقه التربية في عناوين مختلفة نتيجة جهود كبيرة في هذا المعهد. من أعماله الأخرى يمكن ذكر كتاب تربية الولد، السيرة التربوية للنبي وأهل البيت (عليهم السلام)، كتاب آراء العلماء المسلمين في التعليم والتربية ومبانيها. يؤكد على ولاية الفقيه، ويعتبر الحفاظ على القيم الإلهية والإنسانية من الأولويات. احترام الديمقراطية الدينية والقانون وصوت الشعب، معالجة الاضطرابات الاجتماعية مثل البطالة والتضخم، والالتزام بالأخلاق والآداب الإسلامية في ساحة السياسة و… من المباني والهموم السياسية والاجتماعية الأخرى له.
مسألة الكتاب
المسألة الرئيسية في الكتاب هي دراسة إمكانية الارتباط والتفاعل بين علمي «الفقه» و«التربية»، وضرورة إنشاء معرفة بين-تخصصية أو باب فقهي جديد يُدعى «فقه التربية»؛ ودراسة مكانة وواجبات ومسائل وآفاق نقاشات «فقه التربية»، وتصميم النظام التربوي الإسلامي.
هيكل الكتاب وتقرير المحتوى
يتكون الكتاب من مقدمة وأربعة فصول. المقدمة تعطي نظرة عامة على التغييرات والتطورات في الحوزة وتوسع العلوم الإنسانية فيها، خاصة علوم التربية وعلاقتها بالعلوم الحوزوية. هذا القسم يذكر هدف تأسيس فقه التربية كمقدمة لبناء أسس علوم التربية الإسلامية، وإنتاج نظرية في مجال التربية الإسلامية.
الفصل الأول يناقش تعريف الفقه، موضوع الفقه (السلوكيات الاختيارية للمكلف)، ومحمول الفقه (التشريع الإلهي لتنظيم حياة الإنسان)؛ وفي النهاية يعرف الفقه بـ«العلم المتعلق بالسلوك الاختياري للمكلف من حيث اتصافه بأحد الأحكام الخمسة».
الفصل الثاني يناقش النقاشات التالية:
تعريف التربية لغويًا؛ تعريف التربية اصطلاحيًا بـ«إحداث تغيير تدريجي وإزهار الاستعدادات للمتربي في جوانب الشخصية والسلوك الذهنية والروحية والجسدية من قبل المربي»؛ بيان تقسيمات التربية؛ توضيح النظام التربوي الذي يشمل المباني والأهداف والمبادئ والطرق؛ تعريف علوم التربية بـ«العلم المسؤول عن البحث والدراسة في عملية التربية وموضوعه عملية التعليم والتنشئة»؛ علاقة التربية بالمفاهيم المشابهة، مثل «التعليم» الذي داخل في التربية، «التبليغ» الذي خارج عن التربية بسبب سرعة زواله، «التأديب» الذي داخل في التربية، «الأخلاق» الذي خارج عن التربية بسبب تغيير الآخر في التربية.
الفصل الثالث يناقش علاقات العلوم، علاقة الفقه والتربية، تأثير التربية على الفقه والعكس، وتأثير علوم التربية على الفقه والعكس. في النهاية يذكر أن «التربية» بسبب وجود تدفق خارجي، تؤثر على «الفقه» في عدة مجالات: «توسيع نطاق الفقه»، «نظامسازی التربوي»، و«تقديم تحليل تربوي»؛ وهي نفسها، كموضوع جديد لعلم الفقه، تتأثر بآراء الفقه في مجالات التأثير في المباني والأهداف والمبادئ والطرق والأبعاد والأركان والمراحل لعلم الفقه.
كما يعتبر تأثيرات المعرفة المسؤولة عن هذا التدفق، أي «علوم التربية» على «الفقه» قابلة للدراسة في ثلاثة نطاقات: «طرح مواضيع جديدة»، «تشخيص المواضيع»، و«طرح طرق حديثة». في المقابل، يذكر دور «الفقه» على «علوم التربية» في حالات التوجيه، التقييد والضبط، طرح الطرق والمبادئ الحديثة، وإنشاء مسألة للبحث. بناءً على مثل هذه العلاقة العميقة والوثيقة بين الفقه والتربية وبين الفقه وعلوم التربية، تبرز ضرورة التعاون بين هذين التخصصين وتأسيس معرفة بين-تخصصية، أو إنشاء باب وكتاب فقهي جديد في الفقه السائد.
الفصل الرابع يقدم مفهوم «فقه التربية» وآفاق نطاقه؛ ومن خلال مراجعة النماذج المقدمة لتصنيف الفقه ودراسة تاريخ تصنيف نقاشات الفقه، يناقش في النهاية مكانة «فقه التربية» في الفقه السائد وفي منظومة المعارف الإسلامية. يشير الكتاب في المتابعة إلى أن من تفاعل ومواجهة علمي الفقه والتربية، ينشأ باب جديد في الفقه. يمكن لهذا الباب الجديد أن يشمل نطاقًا واسعًا من النقاشات التربوية مثل التعليم، التعلم، التربية وعواملها وموانعها. كما يمكن أن يشمل إنجازات تخصصات علوم التربية المختلفة مثل الإدارة التعليمية، التخطيط الدراسي، التكنولوجيا التعليمية و… جميع هذه الحالات، بما أنها في مقام التربية والتأثير والتأثر، وبما أنها سلوك من سلوكيات المكلف الاختيارية، تُؤخذ في موضوع «فقه التربية»، وتحديد حكمها مسؤولية الفقيه.
في النهاية، يعرف المؤلف المحترم «فقه التربية» كالتالي: العلم الذي يناقش السلوكيات الاختيارية الصادرة من المربين والمتربين في مقام التربية، من حيث اتصافها بأحد الأحكام الخمسة. في المتابعة، تُناقش مسائل فقه التربية بشكل أكثر تفصيلاً.
هذه المجموعة المكونة من ثلاثين جزءًا تشمل عناوين مختلفة في مجال فقه التربية، ومن هذه الثلاثين مجلدًا، تم كتابة ونشر أربعة عشر مجلدًا حتى الآن من قبل كتاب معهد الإشراق. في هذه الثلاثين جزءًا يمكنك رؤية عناوين مختلفة مثل: (قواعد فقه التربية، تعليم وتعلم القرآن والحديث، تعليم وتعلم العلم والدين، تعليم وتعلم العلوم والمعارف العقلية، تعليم وتعلم العلوم والمعارف الشهودية، تعليم وتعلم العلوم التجريبية، العلوم الغريبة والمهارات والمهن، واجبات مؤسسة العلماء والنخب الدينية في التربية، آداب خاصة بالتعلم، آداب مشتركة للتعليم والتعلم، كفاءات أخلاقية-شخصية التدريس، مبادئ عامة للتربية، التربية الجسمانية، التربية العقلانية، التربية العقائدية، التربية العبادية، التربية الأخلاقية، التربية الجنسية، التربية الاجتماعية السياسية، التربية الاقتصادية الفنية والفنية، واجبات مؤسسة الأسرة في التربية، طرق وفنون التدريس، واجبات مؤسسة الحكومة في التربية، طرق عامة للتربية، واجبات مؤسسة المراكز التعليمية في التربية، واجبات مؤسسة عامة الشعب والمكلفين). مجلدات هذه المجموعة متاحة الآن في مكتبة متخصصة بيت الأخلاقيين في قم.
كما يتضح من هذا الكتاب، يعتقد المؤلف المحترم أن «فقه التربية» ليس نقاشًا إضافيًا على الفقه الموجود، بل جمع المواد المتفرقة لهذا الموضوع من المصادر والنصوص الفقهية. يقول في مقابلة مع مجلة معرفت:
«فقه التربية رغم أنه قد يُعتبر عنوانًا جديدًا، إلا أن جذوره موجودة في الفقه التقليدي والسائد؛ على سبيل المثال، النقاشات حول تعليم العلوم، أنواع العلوم وما شابه في المكاسب المحرمة، هي في الحقيقة جزء من فقه التربية، ولهذا السبب لا يمكن القول إن فقه التربية موضوع فقهي جديد تمامًا، بل هذا الموضوع كان موجودًا دائمًا في حياة البشر، وتم نقاش أجزاء منه في الفقه؛ لكن بسبب عدم وجود تحديد وتشخص مستقل لهذه النقاشات بشكل عام، لم يكن لدينا كتاب تعليم وتربية أو فقه التربية. من جهة أخرى، بسبب أن هذه المسائل كانت تُناقش غالبًا في علم الأخلاق، لم تُشعر بحاجة إلى هذا الباب في الفقه».
يبدو أنه رغم الاشتراكات بين علمي الفقه والتربية في الموضوع (الأعمال والسلوكيات الإنسانية)، الهدف (الحركة نحو الكمال)، النطاق (جميع مراحل حياة الإنسان)، المسائل والطبيعة (التطبيقية)، إلا أن الاختلافات مثل الاختلاف في المباني والأهداف والطرق والمباني، تبرز ضرورة صياغة مبادئ فقهية أكثر كمالاً؛ وهذه المبادئ الفقهية يجب أن تُستمد من مبادئ الفقه السائد ونقاشات أصولية خاصة بفقه التربية.
