إشارة: تأميم الاقتصاد، الذي أعلنه قائد الثورة قبل سنوات كاستراتيجية اقتصادية للبلاد، لم يُفسر بعد بشكل صحيح ودقيق. يعتبر الكثيرون تأميم الاقتصاد بمعنى إحالة أقصى الشؤون إلى الشعب، وبالتالي تقليل دور الدولة في القرارات الاقتصادية. لكن الدكتور محمد جواد توكلي يعتقد عكس ذلك، فتأميم الاقتصاد لا يستلزم ذلك فحسب، بل يتطلب حتى زيادة دور الدولة كممثلين للأمة في القرارات الاقتصادية. يرى المباني والمقدمات الإسلامية مهمة في معنى التأميم. نص الملاحظة الشفوية والخاصة لهذا العضو في هيئة التدريس بقسم الاقتصاد في معهد الإمام الخميني، حول المباني والمقدمات لتأميم الاقتصاد، يمر أمام نظركم:
تأميم الاقتصاد مفهوم غامض. عندما نقول تأميم الاقتصاد، نضع الشعب مقابل ماذا؟ الفهم الذي يمكن استخلاصه من الاقتصاد الإسلامي هو أن نعتبر الاقتصاد الشعبي مقابل نوع من الاقتصاد التراكمي الذي يكون فيه الاقتصاد بيد قلة من الأفراد.
فهم آخر هو أن نقول إن الاقتصاد الشعبي مقابل الاقتصاد الحكومي؛ بمعنى أن يكون الشعب ذا مصلحة في الاقتصاد وله حصة فيه ويشارك فيه، لا أن يكون بيد مجموعة من الأثرياء والمحتكرين كما يُقال. الآية الشريفة «مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» تشير إلى هذه النقطة.
في النقاش الفقهي، لدينا عدة شرائح حول تأميم الاقتصاد:
شريحة واحدة حول ملكية الشعب للثروات الطبيعية، وهي العدالة التوزيعية. الشريحة الأخرى، التدخل والمشاركة الشعبية، التي تُطرح في القطاع العام للاقتصاد وتعني حكم الاقتصاد. عندما نتحدث عن الحكم الشعبي، المقصود هو أن ممثل الشعب القانوني، وهو الدولة أو ولي الفقيه، يمسك بزمام الاقتصاد.
في نقاش مشاركة الشعب في الاقتصاد، يجب تحديد علاقته بمفاهيم مثل الديمقراطية أيضًا. التأميم الاقتصادي الذي نطرحه يعني مشاركة الشعب تحت ولاية الفقيه؛ أي نوع من الحكم الولائي الذي لا يوجد فيه فوضى، والالتزام بالقانون يأخذ معناه تحت ولاية الفقيه.
مع مراعاة المطالب أعلاه، في مجال تأميم الاقتصاد، يجب مناقشة نقطتين: الأولى، مسألة ملكية الأموال، والثانية، مسألة مقدار تدخل المشرع وإذنه لمشاركة الشعب في الاقتصاد.
فيما يتعلق بملكية الأموال، في الدستور، ثلاثة أنواع من الملكية مطروحة: الملكية الحكومية، الملكية الخاصة، والملكية العامة.
لكن فيما يتعلق بالتشريع، يبدو أن المقصود من تأميم الاقتصاد ليس أن يكون الشعب نفسه المشرع؛ بل من الطبيعي أنه بما أن جميع الشعب لا يمكنهم التدخل في الحكم، يجب تسليم هذا الأمر إلى ممثليهم. من جهة أخرى، في الآيات والروايات مذكور أن الحكم لله ورسوله والأئمة (ع)، وهم قد عيّنوا ولي الفقيه كحاكم.
بالطبع، الحكم ليس أمرًا معقدًا وغريبًا. على سبيل المثال، ولاية الأب على الابن أيضًا نوع من الحكم، يجب أن يكون بالطبع بناءً على المصلحة. حكم ولي الفقيه على الشعب أيضًا كذلك، ويجب أن يكون وفق مصالح الشعب. فيما يتعلق بمقدار صلاحيات ولي الفقيه، يجب الرجوع إلى علم الفقه واستخلاص من مصادره، التي تشمل روايات متعددة وحتى مثل رسالة الحقوق للإمام السجاد (ع).
الحكم بالطبع لا يقتصر على الأبعاد الفقهية، بل له أبعاد سياسية وأخلاقية أيضًا.
في كل حال، لتقديم ردود فقهية فعالة حول الحكم، يجب تجاوز الفقه الفردي والتوجه نحو الفقه الحكومي. للرد على أسئلة مثل مقدار ملكية الشعب ومقدار تدخلهم في الاقتصاد، يجب أن يرد الفقه الحكومي، وإلا فإن الفقه الفردي لا يمكنه تقديم رد فعال على هذه الأسئلة.
مسألة الملكية، بناءً على آراء الأديان والمذاهب المختلفة، تُطرح بطرق متنوعة. على سبيل المثال، بناءً على مذهب الإسلام، وب تعبير أفضل، بناءً على الرؤية العالمية التوحيدية، الملكية التكوينية لله، والملكية التشريعية والاعتبارية التي تعود إلى الملكية التكوينية أيضًا له. هذه النقطة مع بعض المباني الأخرى في الأنطولوجيا والقيم، تلعب دورًا في تفسيرنا لتأميم الاقتصاد. كما أن طريقة استنباط الأحكام الاقتصادية مهمة أيضًا. واحدة من أفضل الطرق المقدمة لاكتشاف الأحكام الاقتصادية الإسلامية هي طريقة الشهيد الصدر في كتاب «اقتصادنا».
بعضهم يعتبر تأميم الاقتصاد بمعنى تصغير الدولة، بينما ليس الأمر كذلك على الإطلاق؛ بل بناءً على المباني والرؤى الإسلامية، يجب أن تكون للدولة حكم ولائي واسع حتى تتمكن من تنفيذ ميول الشعب نيابة عنهم. بينما إذا توجهنا نحو تصغير الدولة، فإننا في الحقيقة نقوم بنوع من إزالة السيادة، ونقلل عمليًا تدخل الشعب عبر ممثليهم في الشؤون الاقتصادية، وفي الحقيقة نعطي شرعية لنوع من الفوضى.
تصغير الدولة، بالإضافة إلى خلق الفوضى، يؤدي إلى أن يسعى كل شخص وراء مصالحه الخاصة، وهذه السعي للمصلحة يخل بالنظام الاجتماعي عمليًا.
تأميم الاقتصاد لا يعني تصغير الدولة فحسب؛ بل الدولة والشعب مالاقتصاد لا يعني تصغير الدولة؛ بل الدولة والشعب مكملان لبعضهما يديران الاقتصاد معًا، ولا يجوز تقليل حصة أحدهما مقابل الآخر. هذا الرأي يتوافق مع رأي بعض المفكرين المسلمين أيضًا. برأيهم، بخلاف الدول العلمانية والديمقراطية التي لا يتحمل فيها الشعب مسؤولية تجاه الدولة، ففي النهج الإسلامي، كلا الشعب والدولة يتمتعان بحقوق ويتحملان مسؤوليات تجاه بعضهما.
تأميم الاقتصاد تعبير آخر عن هذا النوع من التفاعل بين الشعب والدولة، الذي يؤدي من خلاله إلى تماسك اجتماعي أفضل أيضًا.
